الصورة الثانية التي يرد فيها اتفاق التحكيم هي المشارطة، والتي لا يتم الاتفاق عليها إلا بعد حدوث النزاع وليس قبله.
فالمادة التاسعة من نظام التحكيم السعودي قررت أنه: "... يجوز أن يكون اتفاق التحكيم لاحقاً لقيام النزاع...".
هي هنا تقصد مشارطة التحكيم التي يتم الاتفاق عليها لاحقاً لقيام النزاع.
وتتابع المادة التاسعة توضيح معالم هذه المشارطة، فتضيف: إن المشارطة جائزة وإن ".... كانت قد أقيمت في شأنها دعوى أمام المحكمة المختصة..." بغض النظر عن الدرجة المنظور أمامها النزاع، ما دام أن الدعوى لم يصدر بها حكم حائز لقوة الأمر المقضي به.
فيجوز للأطراف أن يعقدوا مشارطة للتحكيم بينهم في ذات النزاع المعروض على المحكمة.
إلا أن المادة اشترطت في هذة الحالة أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم، وهو أمر مفترض؛ لأن النزاع قد وقع بالفعل وتحددت مواطنه، وأصبح واضح المعالم، بل رتبت البطلان في حال خلو مشارطة التحكيم من تحديد المسائل التي يشملها التحكيم.
وقررت المادة التاسعة (فقرة 2) شكل هذا الاتفاق بأن يكون مكتوباً، وإلا كان باطلاً.
وتأتي المشارطة غالباً في شكل محَّرر مستقل عن العقد الأصلي، بحسبان أنها تبرم بين الأطراف في مرحلة بعد حدوث النزاع، وهذه المشارطة تفترض أن الأطراف لم يذكروا في العقد الأصلي شرط التحكيم، ووقع بعد ذلك نزاع بينهما.
ويذكر عادة فيها بيان بموضوع النزاع وتحديده، وأسماء المحكَّمين وتوقيعاتهم، وأسماء الخصوم وتوقيعاتهم، أو وكلائهم الرسميين المفوضين، نيابةً عنهم، وتكمن الفائدة في ذكر موضوع النزاع في المشارطة في تحديد مهمة المحكمين.