يجد مبدأ استقلال شرط التحكيم أساسه في العديد من الأحكام، ومن ذلك محكمة النقض الفرنسية في مايو 1963 في قضية "غوسي" "Gosset" حيث أشارت إلى أنه في إطار التحكيم التجاري الدولي، فإن اتفاق التحكيم أيا كانت صورة إدراجه في العقد، أي سواء كان منفصلاً ومستقلاً عن التصرف القانوني الأصلي أو تم إدارجه به فإنه يتمتع دائما باستقلال قانوني كامل، وذلك ما لم تظهر ظروف استثنائية تخالف ذلك، وهذا ما يستتبع عدم تأثر اتفاق التحكيم بأي بطلان قد يلحق بالعقد الأصلي.
اعترفت المحاكم الإنجليزية أيضا بافتراض فصل شرط التحكيم بينما توضح تاريخيا مقاومة خاصة في أي صياغة متعلقة بمبدأ عام للاستقلال، تلك المقاومة تم الإحجام عنها في التعديلات التشريعية الحديثة والأحكام القضائية التي تتبنى نظرة موسعة لافتراض الفصل.
ففي خلال أوائل القرن العشرين ومنتصفه اعترفت المحاكم الانجليزية بأن شرط التحكيم الدولي يستمر حتى مع إنهاء الاتفاق الرئيسي المدرج به بينما أثاروا بعض الشكوك المتعلقة بشرط التحكيم المدرج في اتفاق غير مشروع أو باطل أو قابل للإبطال، وأوضح أحد القضاة الإنجليز ذلك كالآتي:
"إذا كان النزاع يتعلق بما إذا كان الاتفاق المتضمن شرط التحكيم قد أبرم من الأساس من عدمه فإن تلك المسألة لا يمكن أن ينظرها التحكيم حيث إن الطرف المنكر لإبرام الاتفاق الرئيسي ينكر أيضا إبرام شرط التحكيم، وبالمثل إذا ادعى أحد الأطراف بطلان الاتفاق من البداية (بسبب عدم مشروعية الاتفاق على سبيل المثال) فلا يمكن تنفيذ شرط التحكيم لبطلانه هو ذاته."
وبالرغم من ذلك فعلى مدار الزمن فقد تبنت المحاكم الإنجليزية نظرة أن شرط التحكيم يشكل اتفاقا قائما بذاته مكملا أو تابعا لاتفاق موضوعي فذكر في حيثيات أحد الأحكام الرائدة ما يلي:
وعلى الرغم من ذلك وإلى حد أكبر، فالعديد من المحاكم المحلية الأخرى، قد عبرت الأحكام القضائية الإنجليزية الصادرة منها قديما عن الحذر المتعلق باستقلال شرط التحكيم عن الاتفاق الرئيسي، وقد أكدت الأحكام القضائية الإنجليزية بشكل خاص ومتكرر أن مبدأ الفصل هو نتاج التفسير التعاقدي استنادا إلى اتجاه نية الأطراف وأنه توجد بعض المواقف التي لن ينفذ فيها شرط التحكيم لعدم وجود الاتفاق الرئيسي أو عدم مشروعيته أو عدم صحته.
فقد قضت محكمة الاستئناف الإنجليزية بأن عدم مشروعية شرط إعادة التأمين لا يؤثر بالضرورة على صحة شرط التحكيم المدرج في ذلك الاتفاق أو مشروعيته، ووصولًا لتلك النتيجة تبنت المحكمة تسبيباً مماثلاً لما اتجهت إليه المحكمة الأمريكية العليا في قضية بريما باينت والمحكمة الألمانية العليا في حكمها القديم في عام 1970 بشأن افتراض فصل شرط التحكيم ذاكرة في حيثياتها .
وفي 2007 تبنت المحاكم الإنجليزية ومجلس اللوردات النظرة الأكثر توسعا لمبدأ الفصل عن ذلك الوارد في القانون الإنجليزي، فقد قضت المحاكم الإنجليزية في قضية شركة فيونا تراست القابضة ضد بريفالوف بعدم إخلال الادعاءات المتعلقة بالغش في الاتفاق الرئيسي (بما في ذلك رشوة وكيل أحد الأطراف) بشرط التحكيم المدرج بالاتفاق الرئيسي، وقضت محكمة الاستئناف ضمن أشياء أخرى واستنادا إلى السلطة القضائية الأمريكية المقارنة .
وفي انجلترا حصل مبدأ الفصل على استحسان قضائي بطيء ، وينظر لشرط التحكيم حالياً كونه عقداً مستقلاً مكملاً للعقد الرئيسي الذي يتضمن شرط التحكيم الذي لا ينتهي بإنهاء العقد الرئيسي للإخلال بشروطه أو البطلان اللاحق أو عدم التنفيذ وسواء كان العقد الرئيسي المتضمن شرط التحكيم يحدد النية الحقيقية للأطراف أو يحتاج إلى تعديل فقد قضي حديثاً بأنه يقع في نطاق اتفاق التحكيم الواسع، وعلى الرغم من ذلك فإن النظرة التقليدية للقانون الانجليزي تفرق بين المنازعات الناشئة عن عقد يتضمن شرط التحكيم وكون هذا العقد باطلاً من البداية ليقع خارج نطاق شرط التحكيم بغض النظر عن صياغته.
فض المنازعات: يتعين على الأطراف - في حالة نشوء أي نزاع أو اختلاف بينهما فيما يتعلق بصياغة هذا الاتفاق أو حقوق أحد الأطراف أو التزاماته اللجوء إلى التسوية الودية، وفي حالة الإخفاق في الوصول إلى تسوية يتم فض النزاع وفقاً لقواعد الصلح والتحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية عن طريق تعيين محكم أو أكثر وفقاً للقواعد المشار إليها.
كما ورد في البند 14 ما يلي:
اللغة والقانون الواجب التطبيق: لغة هذا الاتفاق هي الإنجليزية ويفسر هذا الاتفاق وفقاً للقانون الإنجليزي، وللمحاكم الانجليزية الاختصاص الحصري بما ينشأ عن الاتفاق.
وادعت شركة بول سميث إخفاق شركة إتش أند إس الدولية في سداد حقوق الملكية عن شهور أبريل ومايو ويونيو 1990 في الوقت المحدد وعليه أكدت صحة إنهاء الاتفاق المبرم بينهما، بينما أنكرت شركة أتش أند إس الدولية حق شركة بول سميث في إنهاء الاتفاق استناداً إلى سابقة الأعمال بين الطرفين بما يثير الاختلاف أو التنازل أو التوقف، وطلبت شركة أتش أند إس الدولية بعد مبادلات ومفاوضات التحكيم وفقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية في ۲۸ سبتمبر ۱۹۹۰.
وادعت شركة بول سميث عدم صحة شرط التحكيم وطالبت بحكم تمهيدي يفيد ذلك، وقضت محكمة التحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية بداية بوجود شرط تحكيم صحيح وأن النزاع يتعين معه تعيين ثلاثة محكمين يقترح كل طرف أحد المحكمين وتوافق عليه محكمة التحكيم، كما أكدت المحكمة على أن القانون الإنجليزي هو القانون الواجب التطبيق وحددت لندن كمقر للتحكيم.
وفيما يتعلق بالادعاء الأول من وجود تضارب بين البندين 13 و14 من الاتفاق المبرم فقد قضى جاستيس ستين بعدم وجود تضارب بين هذين البندين في الواقع لكون البند 13 يتضمن شرط التحكيم بينما يحدد البند 14 القانون الواجب التطبيق على التحكيم والذي سيطبق على هذا التحكيم، والقانون الواجب التطبيق على التحكيم لا يتعارض مع قانون الاتفاق أو القانون الواجب التطبيق على التحكيم أو القواعد الإجرائية التي ستطبق على التحكيم، فتلك الأنظمة الثلاثة تعتمد على الاختيار أو تعبير الأطراف أو افتراضهم، وفي الحالة الماثلة فإن الأساس المعتاد أن يكون القانون الإنجليزي هو القانون الواجب التطبيق على كل من الاتفاق الرئيسي وشرط التحكيم، والقواعد الإجرائية واجبة التطبيق على التحكيم ليست القواعد المستقاة من القانون الإنجليزي، بل بالعكس فإن النظام الإجرائي يشمل قواعد غرفة التجارة الدولية الشاملة والمعقدة التي اتفق عليها الأطراف.
وكما أوضحنا عاليه فإن أغلب التشريعات الكبرى المتعلقة بالتحكيم الدولي اتفقت على هذه النظرية ومن المستحسن اتساق القانون الإنجليزي مع ذلك، وعليه يكون اتباع توصيات جاستيس ستين - بغية توحيد القواعد وقابلية التوقع وتقوية تأسيس التحكيم التجاري الدولي - من الخطوات الهامة نحو التطور التدريجي لتوسيع نطاق مبدأ تفسير شرط التحكيم المبرم من الأطراف القانون الإنجليزي، وعليه يكون من الأفضل للمحاكم الإنجليزية الأخذ به.