يجد مبدأ استقلال شرط التحكيم أساسه في العديد من الأحكام، ومن ذلك محكمة النقض الفرنسية في مايو ١٩٦٣ في قضية "غوسي" "Gosset"، حيث أشارت إلى أنه في إطار التحكيم التجاري الدولي، فإن اتفاق التحكيم أيا كانت صورة إدارجه في العقد .
تتلخص وقائع قضية (GOSSET) في نزاع حول تنفيذ حكم صدر في إيطاليا بناء على شرط تحكيم ورد في عقد بين مستورد فرنسي ومُصَدّر إيطالي، حيث قضى هذا الحكم بالتعويض لصالح المصدّر الإيطالي، نظرا لخطأ المستورد الفرنسي في تنفيذ التزاماته التعاقدية، وقد تمسك هذا الأخير بعدم جواز تنفيذ حكم التحكيم، وذلك على أساس أن العقد الذي يتضمن شرط التحكيم باطل بطلانا مطلقا لمخالفته النظام العام الفرنسي، لعدم مراعاته للقواعد الآمرة الخاصة بالاستيراد وتأسيسا على بطلان هذا العقد الأصلي فإن الأمر يستتبع تقدير بطلان شرط التحكيم وإهدار حكم التحكيم الذي صدر بناء عليه.
حيث منح المدعون - كون شركة بول سميث ذات المسئولية المحدودة مصممة ومنتجة للملابس الرياضية - بموجب اتفاق كتابي مؤرخ الأول من مارس ۱۹۸۸ المدعى عليهم شركة أتش أند أس الدولية رخصة لتصنيع الملابس الرياضية - التي تصممها شركة بول سميث - وتعديلها وتوزيعها وبيعها في أمريكا الشمالية والجنوبية والوسطى وذلك حتى شهر ديسمبر ۱۹۹۷، وقد ورد في الاتفاق المبرم أن تسدد شركة أتش أند أس الدولية حقوق الملكية لشركة بول سميث، ويحق لسالفة الذكر وفقًا للبند العاشر من الاتفاق إنهاء الاتفاق بموجب إخطار كتابي في حانة إخفاق شركة أتش أند أس الدولية في سداد أي من المبالغ المستحقة لشركة بول سميث، وتتضمن البندين ١٣ و ١٤ من الاتفاق المبرم شرط تحكيم والقانون الواجب التطبيق. وقد ورد في البند ۱۳ ما يلي:
فض المنازعات: يتعين على الأطراف - في حالة نشوء أي نزاع أو اختلاف بينهما فيما يتعلق بصياغة هذا الاتفاق أو حقوق أحد الأطراف أو التزاماته - اللجوء إلى التسوية الودية، وفي حالة الإخفاق في الوصول إلى تسوية يتم فض النزاع وفقًا لقواعد الصلح والتحكيم الخاصة بغرفة التجارة الدولية عن طريق تعيين محكم أو أكثر وفقًا للقواعد المشار إليها.
وادعت شركة بول سميث إخفاق شركة إتش أند إس الدولية في سداد حقوق الملكية عن شهور أبريل ومايو ويونيو ۱۹۹۰ في الوقت المحدد وعليه أكدت صحة إنهاء الاتفاق المبرم بينهما، بينما أنكرت شركة أتش أند إس الدولية حق شركة بول سميث في إنهاء الاتفاق استنادا إلى سابقة الأعمال بين الطرفين بما يثير الاختلاف أو التنازل أو التوقف، وطلبت شركة أتش أند إس الدولية بعد مبادلات ومفاوضات التحكيم وفقًا لقواعد غرفة التجارة الدولية في ۲۸ سبتمبر ۱۹۹۰.
وأن النزاع يتعين معه تعيين ثلاثة محكمين يقترح كل طرف أحد المحكمين وتوافق عليه محكمة التحكيم، كما أكدت المحكمة على أن القانون الإنجليزي هو القانون الواجب التطبيق وحددت لندن كمقر للتحكيم.
وعليه طعنت شركة بول سميث على صحة إجراءات غرفة التجارة الدولية استنادًا إلى :
(۱) عدم صحة اتفاق التحكيم استنادًا إلى وجود تضارب بين البندين ١٣و١٤ من الاتفاق المبرم؛
(۲) تطبيق اتفاق التحكيم فقط في حالة المنازعات السابقة على الإنهاء بينما يتعلق النزاع الماثل بصحة إخطار الإنهاء ؛
(۳) أن إقامة أحد الأطراف الدعوى التحكيم هو شرط سابق لصحة طلب التحكيم.
وفيما يتعلق بالادعاء الأول من وجود تضارب بين البندين ۱۳ و ۱٤ من الاتفاق المبرم فقد قضى جاستيس ستين بعدم وجود تضارب بين هذين البندين في الواقع لكون البند ۱۳ يتضمن شرط التحكيم بينما يحدد البند ١٤ القانون الواجب التطبيق على التحكيم والذي سيطبق على هذا التحكيم، والقانون الواجب التطبيق على التحكيم لا يتعارض مع قانون الاتفاق أو القانون الواجب التطبيق على التحكيم أو القواعد الإجرائية التي ستطبق على التحكيم، فتلك الأنظمة الثلاثة تعتمد على الاختيار أو تعبير الأطراف أو افتراضهم، وفي الحالة الماثلة فإن الأساس المعتاد أن يكون القانون الإنجليزي هو القانون الواجب التطبيق على كل من الاتفاق الرئيسي وشرط التحكيم، والقواعد الإجرائية واجبة التطبيق على التحكيم ليست القواعد المستقاه من القانون الإنجليزي، بل بالعكس فإن النظام الإجرائي يشمل قواعد غرفة التجارة الدولية الشاملة والمعقدة التي اتفق عليها الأطراف.
أما إذا قُرئ البند ١٤ كونه المحدد للقانون الواجب على التحكيم فليس هناك تضارب بين البندين ١٣ و ١٤ ، ولا يمكن إنكار أن صياغة غير محددة حيث تنص على الاختصاص الحصري للمحاكم الانجليزية على الاتفاق المبرم بين الأطراف، وكان ينبغي الإشارة إلى القانون الواجب التطبيق على التحكيم، هذا الغموض أضعف الصياغة بالنظر إلى بند التحكيم في اتفاق تجاري غير محلى.