الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / تأصيل مبدأ " استقلالية شرط التحكيم" ونتائجه في قانون التحكيم المصري الجديد

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    326

التفاصيل طباعة نسخ

تأصيل مبدأ " استقلالية شرط التحكيم" ونتائجه في قانون التحكيم المصري الجديد

   أدى تطور التحكيم التجاري الدولي وتأكيده لأصالته واستقلاله كقضاء لحل المنازعات التي تثيرها التجارة الدولية، وبالتالي أصبح شرط التحكيم يتمتع بهذه الأصالة والاستقلالية.

    وكما سبق القول كانت ظلال العقد، الذي تنشأ المنازعة بسببه، تمتد لتشمل شرط التحكيـم هذه العلاقة. وكما رأينا أن هذه المسألة كانت محل تردد فقها وقضاء علـى وتربط مصيره بمصير المستوى الداخلي والدولي على السواء.

ويتضح من النص السابق ما يأتي:

   ( أ ) تصدى المشرع المصرى صراحة وحسم الجدل القائم وقطع دابـر الشـك حـول استقلالية أو عدم استقلالية اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) في علاقته بالعقد الأصلي الذي يربط بيـن الأطراف.

    (ب) أتى المشرع بموضوع جديـد مـن موضوعات التحكيم حيث أصبح شرط التحكيـم مستقلاً تماما عن العقد الوارد به الشرط ، ويترتب على ذلك القول ان بطلان العقد أو نسخه أو انفساخه، لايكون له أي أثر على شرط التحكيم الذي يبقى قائما ويجب اعماله ما دام أن الشرط صحيح، وفي هذه الحالة ، يحال النزاع الى التحكيم بالرغم من أن العقـد كـكـل باطل أو تم ذاته نسخه.

   (جـ) لا يؤدي بطلان شرط التحكيم الى بطلان العقد الأصلي الذي ورد به الشرط، خاصـة إذا كان وجود شرط التحكيم ليس مسألة جوهرية دفعت المتعاقدين الى التعاقد، أما إذا كان الشرط جوهرياً في التعاقد فإنه قد يؤدى الى ابطال العقد الذي ورد به.

   (د) أنت صياغة المبدأ على نحو يعطيه طابعا ذاتيـا مطلقـا مـؤداه الاعتراف بصحة شرط التحكيم بغض النظر عن الأسباب التي تؤدى الى بطلانه وفقا للقانون المصرى حتى ولو كان هذا الأخير هو القانون الواجب التطبيق وفقا لقواعد الاسناد المصرية.

   (هـ) سمح مبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلى بالنسبة للتحكيم الدولي أن يخضع العقد الأصلى لقانون وشرط التحكيم لقانون آخر.

   (و) ساير المشرع المصرى الاتجاهات التشريعية والقضائيـة الحديثة بخصـوص الاعتراف باستقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي في المعاملات الداخلية والدولية على السواء نظراً لما يحققه هذا الحل من إقتصـاد فـي الوقت والإجراءات فبدلاً من أن يوقف المحكـم نـظـر النزاع حتى يفصل القضاء العادي في صحة العقد ، فإن المحكم يتولى بنفسه الفصل في هذه المسألة، وهو ما يعرف إصطلاحاً "الإختصاص بالإختصاص"، فإذا قضى بصحـة العقـد ظـلـت الإجراءات سائرة في طريقها المرسوم، وإذا قضى بالبطلان إنهار العقد وفي بعض الحالات التحكيم أيضاً، والواقع أن مبدأ استقلالية شرط التحكيم يمنع التداخلات الإجرائية بحيث لا يستطيع . أطراف النزاع أن يعطل إجراءات التحكيم بسوء نية.

   (ز) لم يعالج المشرع المصرى مسألة بطلان شرط التحكيم في عقد صحيح كما فعل نظيره الفرنسي الذي اعتبر أنه اذا كان شرط التحكيم باطلا فانه يعتبر كـان لـم يكـن (المادة ١٤٤٦) مـن قانون المرافعات الفرنسي الجديد وهو حل منطقى لا نه يجب بقاء العقد الأصلى صحيحـا ويسترد القضاء العادي ولايته للفصل في المنازعات التي تثور بشأنه بدلا من المحكمين.

المشرع المصرى يخرج عن المألوف

     استقرت المفاهيم التقليدية على عدم استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي المتضمن لهذا الشرط ، فما دام العقد ككل باطلا مثلا ، فان ذلك يعني بطلان شرط التحكيم بالتبعية الذي يعتبر جزءا من عقد باطل ، وما كان من المتصور حسب النظريات التقليدية غير ذلك، فاستقلالية شرط التحكيم عن العقد يعد خروجاً عن القاعدة العامة بما فيها القاعدة العامة الإسلامية التي تقضى بأنه إذا بطل الشئ بطل ما في ظنه، جاء المشرع المصرى بنص (المـادة ٢٣) من القانون الجديد مخالفاً لهذه المفاهيم وقال ان من مصلحة التحكيم وتشجيعاً له أن يفصل شرط التحكيم عن الاتفاق المتضمن فيه هذا الشرط وبالتالي يبطل العقد أو يفسخ ومع ذلك يبقى شرط التحكيم قائماً صحيحاً. وأصبح بذلك القانون المصرى الجديد متفقاً مع متطلبات التجارة الدولية في مجال التحكيم بل عمـم ذلك ليشمل حتى التحكيم الداخلي.

 آثار مبدأ استقلالية شرط التحكيم في التحكيم الداخلي

- يمكن بطلان شرط التحكيم مع بقاء العقد الأصلي صحيحا، وفي هذه الحالة يجب رفع الأمر الى قضاء الدولة للفصل في العلاقات القانونية الناشئة عن العقد الأصلي الذي لم يؤثر في وجـوده وبقائه اهدار شرط التحكيم ، حيث أنه في هذه الحالة يتعذر اللجوء الى التحكيم.

- يحكم صحة أو بطلان شرط التحكيم قواعد النظام القانوني الداخلي المصري.

- يمكن التمسك ببطلان العقد الأصلي أو بفسخة أو بانهائه مع بقاء شرط التحكيم صحيحا وقائما قانونا ، بحيث يجوز اللجوء للتحكيم رغم الادعاء بأن العلاقة القانونية الأصلية لم يعد لها وجود أو كانت غير قائمة على نحو صحيح أصلا ، وعلى سبيل المثال عقود السمسرة أو العمـولات أو ما يعرف باستغلال النفوذ.

- أحقية هيئة التحكيم في أن تنظر هي ذاتها الادعاءات التي يتقدم بها الأطراف حتى ولو كـان أحد أطراف العلاقة ينازع في إختصاصها على أساس التمسك ببطلان العقد الأصلى بطلاناً مطلقاً أى حول بطلان العقد الأصلي أو فسخه أو انهائه، وفقاً لأحكام القانون المصرى الجديد الواجب التطبيق ومدى تأثير ذلك على شرط التحكيم، وهو ما يعرف اصطلاحا تحت اسم "الاختصاص بالاختصاص" وسوف نتناول هذا الموضوع تفصيلا في المبحث التالي.

آثار استقلالية شرط التحكيم في التحكيم التجاري الدولي و(التحكيم الأجنبي)

    الى جانب ما سبق من آثار بالنسبة للتحكيم الداخلـي فـان مبدأ "استقلالية شرط التحكيم" بالنسبة للعلاقات الدولية أو ذات الطرف الأجنبي تستوجب الخروج بـه مـن اطـاره الداخلي أو الوطني الى مفهوم أوسع ومفهوم مغاير يتفق مع مقتضيات العلاقة الدولية الخاصة وهو:

- تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم العقد الأصلى والذي قد يمتد ليشمل اتفاق التحكيـم ذاته، وحيث يكون مناط صحة أو بطلان هذا الأخير القواعد التي يتطلبها القانون الواجب التطبيق. فاذا كان قانونا أجنبيا تحددت شروط أو صحة اتفاق التحكيم على هدى أحكامه بغض النظر عن القواعد الواردة في القانون المصري.

   وبالتالي ، يمكن أن يعد اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) صحيحا وملزما رغم مخالفته لبعض الشروط التي يقتضيها القانون الداخلي المصري.

    اذا كان محل التحكيم في الخارج أو كان اتفاق التحكيـم (شرط التحكيـم) يشير الى تطبيـق قواعد هيئة تحكيم دائمة موجودة في الخارج فأن القواعد المعمول بها في بلد محل التحكيم أو تلك الواردة في نظام هيئة التحكيم الدائمة تكون هي واجبة التطبيـق فـي شـأن صحة أو بطلان اتفاق التحكيم دون حاجة الى الرجوع لأحكام القانون المصري في هذا الخصوص.

- لا تسرى على العلاقات المتعلقة بمعاملات دولية القيود الواردة في القانون المصرى بالنسبة لشروط صحة اتفاق التحكيم (شرط التحكيم)، فاتفاق التحكيم يستمد قوته الالزامية من مبدأ سلطان الارادة" مباشرة بوصفه مبدأ دوليا ينطبق استقلالا دون تقيـده بـای اسناد الـى قـانون وطنی داخلی او اجنبي.

- يكون اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) كذلك محكوما ابتداء بالقاعدة التي أوردتها اتفاقية دولية ولا تسرى في شأنه القيود التي يفرضها القانون المصرى ولا أي قانون دولة من الدول الأطراف في اتفاقية جماعية أخرى.

- يمكن أن يؤدى التسليم بمبدأ الاستقلالية الى اخضاع العقد الأصلي لنظـام قـانوني يختلف عن ذلك الذي يحكم اتفاق التحكيم فقانون العقد الأصلي قد يكون مثـلا القانون الفرنسـى وقـد يـكـون قانون اجراءات التحكيم هو القانون المصرى فليس من الضروري أن يكون القانون المطبق على العقد الأصلي هو القانون المطبق على شرط التحكيم.

    كذلك يمكن أن يكون قانون العقـد مثـلاً القانون الفرنسي وقانون اجراءات التحكيـم هـو القانون السويسري ونظام إجراءات التحكيم لهيئة تحكيم دولية دائمة، في هذا الفرض تصبح هناك ثلاث قوانين يمكن تطبيقها على نزاع التحكيم.

- امكان خضوع اتفاق التحكيم (شرط التحكيم) من منظور مبدأ استقلالية شرط التحكيم لقاعدة اسناد خاصة تشير الى تطبيـق نـظـام قـانوني يختلف عن القانون الوطني الذي يحكم العقد الأصلى ومن ناحية أخرى، فان مبدأ الاستقلالية قد يؤدى كما كشف التطبيق العملي الى تجاوز اللجوء الى قواعد الاسناد كأسلوب فني لحل مسألة تنازع القوانين.

   ويثور السؤال هل إذا قام طرفان بإبرام أحد العقود وقام أحدهما بفسخ العقد فهل يمكـن الرجوع الى اتفاق التحكيم بالنسبة لهذا الموضوع بالرغم من فسخ العقد؟

   نقول نعم لأن مبدأ استقلالية شرط التحكيم يسمح أن نستخدم شرط التحكيم رغم إنفسـاخ العقد الذي يتضمنه كما سبق القول.

    وفي هذه الحالة يثور في الاذهان سؤال هو ما أهمية استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي الذي أبرم التحكيم بشأنه اذا أبطل أو فسخ هذا العقد أو انتهى؟

    قد يتصور صحة شرط التحكيم وبطلان العقد الأصلى لأى سبب من الأسباب أو فسخه او انتهائه، وقد لايكفي ذلك لتسوية موقف الطرفين بل قد يكون هناك حقوق مترتبة على بطلان العقـد أو فسخه أو انتهائه ويحتاج الأمر الى رفع دعوى أمام القضاء لتصفيتهـا، فاذا وجـد شـرط تحكيـم بهذا الخصوص، فانه يظل معمولا به ولا يلحقه البطلان أو الفسخ أو الانتهاء ومـن خـلال التحكيـم يتم تصفية مراكز الأطراف.