الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في عقود الدولة ذات الطابع الدولي وسلطة الادارة في انهاء العقد بإرادة منفردة / تقرير مبدأ اتفاق استقلال التحكيم

  • الاسم

    صالح شوقي عبدالعال حافظ
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    446
  • رقم الصفحة

    326

التفاصيل طباعة نسخ

تقرير مبدأ اتفاق استقلال التحكيم

مبدأ استقلال اتفاق التحكيم نصت عليه العديد من القوانين الوطنية كما اكدته المعاهدات الدولية ولوائح التحكيم وقضت به احكام التحكيم وهو ماسنعرض له تباعا كما يلي :

المطلب الأول موقف القوانين الوطنية :

اخذت معظم التشريعات الوطنية الحديثة بمدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي .

من ذلك قانون التحكيم الفرنسي الصادر في ١٢ مايو ۱۹۸۱ و الخاص بالتحكيم الدولي و الذي جاء خاليا من أي نص يقرر الاخذ بمدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي . بيد ان تقرير رئيس الورزاء المتعلق بهذا القانون قد أوضح بأن النصوص الجديدة بشأن التحكيم الدولي لا تنال من المبادئ التي قررتها محكمة النقض الفرنسية فيما يخص النظام القانوني للتحكيم الدولي . و بصفة خاصة فيما قضت به من حيث استقلال اتفاق التحكيم و عدم تأثره ببطلان العقد الاصلي .

وكما يري جانب من الفقه ان استقلالية شرط التحكيم يمثل الان قاعدة مادية من قواعد القانون الفرنسي بشأن التحكيم الدولي فوفقا لهذا القانون فان اتفاق التحكيم الدولي يعد اتفاقا مستقلا عن العقد الاصلي بصرف النظر عن الحل الذي يتبناه القانون واجب التطبييق علي اتفاق التحكيم ذاته .

وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في حكم شهير في قضية ( Gosset ) الصادر في 7 مايو ١٩٦٣ الي انه " في مجال التحكيم الدولي فأن اتفاق التحكيم سواء كان مبرما علي نحو منفصل أو كان مدرجا في التصرف القانوني المتعلق به ، فانه يتمتع باستقلال كامل ، يستبعد معه ان يتأثر بما قد يلحق هذا التصرف من بطلان محتمل يلحق بهذا التصرف .

ثم توالت بعد هذا الحكم الاحكام الصادرة عن القضاء الفرنسي و التي تؤكد هذا المبدأ و منها .

قضية : Impex في ۲۹ نوفمبر ١٩٦٨ :

و التي أثيرت بسبب بطلان العقد المبرم بين الطرفين لعدم مشروعية السبب و بالتالي بطلان اتفاق التحكيم ، الا ان محكمة النقض الفرنسية قررت ان هذا الدفع لا يؤثر علي اتفاق التحكيم . حيث ان هذا الاخير هو اتفاق مستقل من الناحية المادية .

قضية: Hecht في 4 يوليو ۱۹۷۲

وقد اتيحت الفرصة لمحكمة النقض للتاكيد علي هذا المبدأ في هذه القضية حيث قضت " بأن اتفاق التحكيم في مسائل التحكيم الدولي ، يتمتع بالاستقلال الكامل عن العقد الاصلي".

 

وقد ذهب القفه الفرنسي الي القول بأن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي يعد قاعدة موضوعية في القانون الفرنسي للتحكيم الدولي ، وليس قاعدة تنازع وذلك استقلالا عن الحل الذي يتبناه القانون الأجنبي المحتمل التطبيق علي هذا العقد وايا كان الحل الذي يتبناه القانون الواجب التطبيق علي اتفاق التحكيم ذاته .

وقد تبنى هذا الموقف أيضا قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ صراحة علي استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي حيث نصت المادة ٢٣ منه علي انه " يعتبر شرط التحكيم اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الاخري . ولا يترتب علي بطلان العقد

أو فسخه أو انهائه أي أثر علي شرط التحكيم الذي يتضمنه . إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته

ومن القوانين التي نصت علي مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي القانون السويسري حيث نص القانون السويسري الجديد بشأن التحكيم الدولي الصادر۱۹۸۷ في الفقرة الثالثة من المادة ١٨٧ من انه " لا يجوز المنازعة في صحة اتفاق التحكيم بدعوي ان العقد الاصلي ليس صحيحا " وبذلك يكون القانون السويسري قد نص بشكل صريح علي استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي .

وكذلك الامر أيضا بالنسبة للقانون الايرلندي الجديد الصادر في ١٩٨٨ المادة ١٠٥٣ منه حيث قررت ان اتفاق التحكيم يعد اتفاقا مستقلا عن العقد الوارد فيه أو المتعلق به و ذلك بنصها على ان " يعتبر اتفاق التحكيم بمثابة اتفاق مستقل . ولمحكمة التحكيم سلطة الفصل في مسألة صحة العقد الاصلي الذي يكون اتفاق التحكيم جزءا منه أو مرتبطـا به .

اما القانون الانجليزي فأنه لم يكن يسلم بقاعدة الاستقلالية هذه الا إذا ادخلها الأطراف في صلب اتفاقية تحكيم مستقلة .

وقد واجه الفقه الانجليزي هذا الموضوع في قضية Harbour/ Kansa اذ راجع المدعون المحكمة القضائية بحجة ان عقد التأمين المتضمن شرطا تحكيميا هوباطل لان المؤمن عليهم اخلوا بشروط عقد التأمين .

وقد اعتبرت المحكمة العليا سنة ١٩٩٢  وكذلك محكمة الاستئناف سنة ١٩٩٣ ان الشرط التحكيمي يبقى صالحا رغم ذلك واحالت النزاع على التحكيم وهوما يؤكد اعتراف المحكمة باستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في انجلترا .

ثم كان قانون التحكيم الانجليزي الجديد الصادر في ۱۹۹۷ فتبني بشكل صريح وواضح استقلالية الشرط التحكیمی Separability of Arbitration Clause – وذلك في المادة  من القانون الجديد والتي تنص على انه :

" إذا كان عقدا تحكيميا منصوصا عليه كجزء من عقد آخر أو كان مهينا ليذكر في عقد اخر (مكتوب أوغيرمكتوب ) لا يعتبر باطلا غيرموجودا أوفاقدا لفاعليته إذا كان هذا العقد باطلا ، لم يرالنور أو فقد فاعليته . ولهذا الغرض يعتبرهذا العقد اتفاق مستقلا وذلك مالم يكن هنالك اتفاق مخالف من الأطراف .

موقف المعاهدات و الاتفاقيات الدولية

اتفاقية نيويورك ١٩٥٨:

لم تتضمن اتفاقية نيويورك أي نص صريح يشير لمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي .

معاهدة جنيف 1961 :

لم تتخذ الاتفاقية الأوربية بشأن التحكيم التجاري الدولي ، و التي تم التوقيع عليها في جنيف في ٢١ ابريل ١٩٦١ موقفا صريحا من مسألة استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي .

ومع ذلك ذهب جانب فقهی الي ان الاتفاقية قد نصت صراحة علي مبدأ استقلال اتفاق التحكيم في المادة ( 3/5 )

حيث تنص على سلطة المحكم في الفصل في وجود أو صحة شرط التحكيم أو العقد الذي يعتبر جزء منه ، وبذلك تكون الاتفاقية قد كرست مبدأ استقلال التحكيم بصورة صريحة وليست ضمنية.

حيث أكد هذا النص علي ان للمحكمة سلطة الفصل في وجود اتفاق التحكيم أو صحته أو العقد الذي يتضمنه وهو ما يعني ان وجود أو صحة كلا منهما تقدر علي نحو منفصل وهو ما يؤكد مبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد الاصلي 319

موقف لوائح التحكيم الدولية

لائحة التحكيم الصادرة عن لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري ١٩٧٦:

نصت الفقرة الثانية من المادة (٢١) من لائحـة التحكيم الصادرة عن لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري عام 1976 على انه " يعامل شرط التحكيم الذي يكون جزء من العقد وينص علي إجراء التحكيم وفقا لهذه الانحة بوصفه اتفاقا مستقلا عن شرط العقد الأخرى . كما ان تقرير بطلان العقد من قبل محكمة التحكيم لايترتب عليه بقوة القانون بطلان شرط التحكيم

 وبذلك وطبقا لهذا النص فان الائحة قد اقرت بنص صريح مبدا استقلال اتفاق التحكيم وأيضا اقرت ان بطلان العقد لايترتب عليه اعتبارالتحكيم باطلا

القانون النموذجي الصادر عن لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي ١٩٨٥ :

تضمن هذا القانون نصا مشابها للنص سالف الذكرفي المادة (١/١٦) والتي نصت على انه " شرط التحكيم الذي يعد جزا من العقد كما لو كان اتفاقا مستقلا عن بقية شروط العقد كما ان تقرير محكمة التحكيم بطلان العقد لايترتب عليـه بـقـوة القانون بطـلان شرط التحكيم" وبذلك يكون القانون النموذجي قد اقر صراحة طبقا للنص بمبدا استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي وما يترتب عليه من ان بطلان العقد الأصلي لا يستتبع بالضرورة بطلان هذا الشرط .

كما ان التعديلات التي تمت اخيرا في يوليو۲۰۱۰ على القانون النموذجي للامم المتحدة ۲۰۱۰uncitral قد تضمنت نصا مشابها للنصوص سالفة الذكروذلك في المادة ١/٢٣ حيث نصت علي انه " يجوز لهيئة التحكيم البت في اختصاصها بما في ذلك البت في أي اعتراضات تتعلق بأتفاق التحكيم أو بصحته ولهذا الغرض ينظر الي شرط التحكيم الذي يشكل جزءا من العقد كما لو كان اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الاخري ، و أي قرار يصدر عن هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بطلان شرط التحكيم و بذلك يكون نص صراحة علي استقلال اتفاق التحكيم .

الجمعية الامريكية للتحكيم AAA:

اخذت لائحة التحكيم النافذة لدى الجمعية الامريكية للتحكيم American Arbitration)

(Association(A.A.A منذ أول مايولعام ۱۹۹۲ بمبدا استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي في المادة (٢/١٥) والتي نصت على ان " ويعتبرشرط التحكيم كما لو كان شرطا مستقلا عن بقية شروط العقد " .

وهذا النص يؤكد علي ان الائحة قد اقرت بمبدا استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي . وعدم تأثره بما قد يلحق العقد من بطلان أو إنهاء.

غرفة التجارة الدولية بباريس (ICC):

نصت الفقرة الرابعة من المادة الثامنة من لائحـة التحكيم التي اعددتها غرفة التجـارة الدولية بباريس والمعدلة بالمادة(١٢) من قواعد الغرفة ٢٠٠٨ على انه " لايترتب على بطلان العقد الأصلي بطلان اتفاق التحكيم " وهذا يدل بوضوح على استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ، فالمحكم يظل مختصا حتى في حالة عدم وجود أو بطلان العقد . وذلك بغرض تحديد الحقوق المتبادلة للأطراف والفصل في طلباتهم .

ويترتب على ذلك أن المحكم يظل مختصا حتى في حالة ثبوت انعدام العقد أو بطلانه من اجل تحديد الحقوق المتبادلة للأطراف . ومن ثم فان المحكم لايجب عليه تقرير عدم اختصاصه والتخلى عن القضية الا إذا اثبت عدم وجود أو بطلان اتفاق التحكيم ذاته . وهوما يزيد مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد وعدم تأثره بما قد يلحق بالعقد من انعدام

أو بطلان

محكمة لندن للتحكيم(L.C.I.A):

اخذت لائحة التحكيم في غرفة لندن للتحكيم London Court of International) (Arbitration في المادة ( ١٥) بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي

المطلب الرابع : احكام التحكيم :

تعرض قضاء التحكيم لمسألة استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في قضايا عديدة تعلقت بسلطة الجهة الإدارية في إنهاء عقودها مع مستثمر أجنبي بإرادة منفردة ، ولبحث أثراستقلالية اتفاق التحكيم على سلطة الدولة في إنهاء العقد الأصلي بإرادة منفردة وسوف نقوم بعرض أحكام التحكيم الآتية

قضية Losinger ضد الحكومة اليوغسلافية ١٩٣٦:-

تم اعمال مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي الذي تم انهاؤه بإرادة منفردة من قبل الدولة المتعاقدة في العقد المبرم بين الحكومة اليوغسلافية ضد Losinger حيث تمسكت الحكومة اليوغسلافية أمام محكمة التحكيم بأن شرط التحكيم الوارد في العقد المبرم بينها وبين losinger قد أصبح غير نافذ المفعول بناء على قرار الحكومة اليوغسلافية بإنهاء العقد بإرادة منفردة .

ولكن محكمة التحكيم رفضت هذا هذا الادعاء واكدت في حكمها على ان " من الثابت قضائيا ان فسخ العقد من جانب واحد يبقى بدون أثر تجاه شرط التحكيم والذي يظل قائما على الاقل الى حين الفصل في بواعث هذا الفسخ الذي لامبرر له "

قضية شركة lend gold filds الانجليزية ضد الاتحاد السوفيتيك:-

  تم تطبيق مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في قضية lend gold filds ضد الاتحاد السوفيتي عام ١٩٣٠ والذي رفضت فيه حكومة الاتحاد السوفيتي المشاركة في إجراءات التحكيم بحجة إنهاء عقد الإمتياز المبرم بينهما عام ١٩٢٥ وبالتالي فان شرط التحكيم الوارد في العقد يكون غير ذي جدوى .

ولكن محكمة التحكيم رفضت وجهة نظر الحكومة السوفيتية واكدت في حكمها بتاريخ ۲ سبتمبر۱۹۳۰ انه رغم أن الحكومة السوفيتية رفضت المشاركة في إجراءات التحكيم الا انها تظل ملزمة بالالتزامات الواردة في عقد الإمتياز . وخاصة شرط التحكيم الوارد في العقد تطبيقا لمبدأ استقلال شرط التحكيم الوارد في العقد عن العقد الأصلي الذي تم فسخه .

قضية رقم ١٥٢٦ بين إحدى الدول الافريقية واحد الرعايا البلجيكين :-

تتلخص وقائع هذه القضية والتي نظرت امام غرفة التجارة الدولية بباريس عام ١٩٦٨ بين احدي الدول الافريقية و التي قد منحت احد الرعايا البلجكيين المقيمين فيها حق إمتياز في شراء المنتجات المعدنية علي اقليمها الوطني .

ثم حدث ان قامت الدولة المتعاقدة بإنهاء العقد المبرم بإرادتها المنفردة قبل حلول الأجل المتفق عليه ، وتقدم ورثه صاحب الإمتياز لمحكمة التحكيم الدائمة لدي غرفه التجارة الدولية مطالبين بالتعويض وفقا لشرط التحكيم الوارد في العقد.

بيد أن الدولة الافريقية المتعاقدة قد رفضت المشاركة في إجراءات التحكيم ، وقام المحكم المعين من قبل محكمة التحكيم بالغرفة بأثبات اختصاصه .

وقد ذهب المحكم الي ان هناك قاعدة مسلما بها الآن في مجال التحكيم الدولي مفادها ان شرط التحكيم سواء أكان قد ابرم علي نحو منفصل عن التصرف القانوني المتعلق بـه أو كان واردا فيه يتمتع باستقلال قانونی کامل ، ويترتب علي ذلك عدم تأثره بما قد يلحق بهذا العقد من إنهاء أو بطلان .

قضية شركة Texaco ضد الحكومة الليبية :-

ثارت قضية Texaco ضد الحكومة الليبيـة بسبب قيام الحكومة الليبية بإنهاء عقـود الإمتياز المبرمة بينها وبين شركة Texaco حيث تمسكت الحكومة الليبية بأن إنهاء العقد بشكل انفرادي من جانبها يمتد لشرط التحكيم الوارد في العقود المبرمة بينها .

و قد أصدر المحكم الوحيد الاستاذ ( Dupuy ) في هذه القضية حكمـا تـمـهـيـديا بشأن اختصاصه في ٢٧ نوفمبر١٩٥٧ ورفض وجهه نظر الحكومة الليبية .

وقد استند في ذلك علي استقلال اتفاق التحكيم الوارد في العقد بين الشركة Texaco و الحكومة الليبية وعدم تأثير إنهاء الحكومة الليبية للعقد علي شرط التحكيم الوارد فيه وعدم امتداد هذا الإنهاء علي اتفاق التحكيم الوارد في العقد .

قضية شركة Liamco ضد الحكومة الليبية :

و في قضية (Liamco ) ضد الحكومة الليبية و الذي قامت فيه الحكومة الليبية و هي بصدد اتخاذها لإجراءات التأميم بينها وبين الشركات الأجنبية ، بإنهاء العقد المبرم بينها وبين شركة Liamco بإرادتها المنفردة ، ودفعها بأنسحاب أثر هذا الإنهاء بإرادة منفردة من جانبها على شرط التحكيم الوارد في العقد المبرم بينها وبين Liamco.

وقد ذهب المحكم الوحيد " Sobhi Mahmassani " في حكمه الصادر في ١٢ أبريل عام ١٩٧٧ الي انه:

"من المسلم به سواء في الممارسات العملية أو في القانون الدولي ان شرط التحكيم يظل باقيا بعد إنهاء العقد الذي يتضمنه بالإرادة المنفردة من قبل الدولة المتعاقدة " "

قضية شركة B.P ضد الحكومة الليبية :

قامت الحكومة الليبية بتوقيع عقدا بينها وبين شركة B.P بهدف البحث و التنقيب عن البترول ، الا ان الحكومة الليبية قد قامت بتأميم هذه الشركة ، وقد قامت الشركة الأجنبية باللجوء للتحكيم طبقا لشرط التحكيم الوارد في العقد.

وقد ادعت الشركة بأن قانون التأميم لا أثر له علي إنهاء عقد الإمتياز المبرم بينها وبين الحكومة الليبية و الذي يظل صحيحا وواجب التطبيق وقد قام المحكم الوحيد في هذه القضية " Glagergren " في حكمها الصادر في 10 اكتوبر ١٩٧٣ وهو في معرض الرد علي الدفع المقدم من شركة B.P الي القول بأن القانون الصادر بتأميم شركة B.P قد وضع نهاية لعقد الإمتياز الممنوح لهذه الشركة .

الا انه إستثناء من ذلك اتفاق التحكيم الوارد في العقد يظل قائما ونافعا ويحق للشركة المدعية بالتعويض امام هذه المحكمة رغم إنهاء الدولة للعقد المبرم بينها بإرادة منفردة بناء علي القانون الصادر بالتأميم في الدولة المتعاقدة "

قضية الشركة الفرنسية EIF-Aqutaine ضد الشركة الوطنية الايرانية :.

تتلخص وقائع هذه القضية في ان الشركة الوطنية الايرانية للبترول قد ابرمت عقدا مع شركة " ايراب " في عام 1966 بهدف البحث والتنقيب عن البترول ثم تنازلت شركة " ايراب " عن كامل حقوقها للشركة الفرنسية " ElF-Aqutaine "

وفي 8 يناير ١٩٨٠ اصدر مجلس الثورة الاسلامية الايرانية قانونا من مادة واحدة نص علي انشاء لجنه خاصة تملك ابطال كافة عقود البترول التي تري هذه اللجنة وفقا لتقديرها المطلق انها غير مطابقة لحكام قانون التأميم الايراني الصادر في عام ١٩٥١.

وفي 11 اغسطس أخطـر كـل مـن وزير البترول الايراني ورئيس مجلس إدارة الشركة الايرانية الشركة الفرنسية بأن العقد المبرم معها قد تم ابطاله من قبل اللجنة الخاصة التي انشأها مجلس الثورة الاسلامية، وفي 6 اكتوبر ١٩٨٠ أخطرت الشركة الفرنسية كلا من وزير البترول الايراني و رئيس مجلس إدارة الشركة الايرانية بانها تنوي اللجوء للتحكيم و امتنعت الشركة الايرانية عن تعيين محكم لها ، فلجأت الشركة الفرنسية الي رئيس المحكمة العليا بالدانمارك و طلبت منه ممارسة السلطات المخولة له وفقا لنص المادة (41) من العقد . وقام رئيس المحكمة العليا باخطار الشركة الايرانية بضرورة تعيين محكم لها وحدد اجلا لذلك ولكنها لم تقم بتعيين محكم فقام رئيس المحكمة العليا بتعيين محكم وحيد للقضية وهو" B,Gamard " وتم تحديد أول جلسة في 30 سبتمبر ۱۹۸۱ و تمسكت الشركة الايرانية بأن العقد المبرم بينها وبين الشركة الفرنسية يعتبر باطلا لعدم مطابقته لقانون التأميم الصادر في ١٩٥١ و بالتالي يكون اللجوء للتحكيم مستحيلا ، واضاف ممثلو الشركة الوطنية بأن حضورهم هذه الجلسة الهدف منه بيان موقف القانون الايراني وكذلك قرار اللجنة الخاصة ولا ينبغي بأي حال من الاحوال تفسيره علي انه قبول من جانب ايران للتحكيم .

وقـام المـحكـم بـأيـضـاح ان اتفاق التحكيم يتمتع باستقلال عن العقد الاصلي وان هذه الاستقلالية تعد من المبادئ المستقرة في القانون الدولي وتم تطبيقه في الاحكام الصادرة في التحكيمات الدولية ، وقرر أيضا ان هذا المبدأ معترف به على نطاق واسع من قبل الفقهاء و المختصين في التحكيم الدولي وتأخذ به لوائح التحكيم الدولية و المعاهدات الدولية و المعاهدات الدولية المتبطة بالتحكيم كما ان هذا المبدأ يعد جزءا من القانون الوطني للعديد من الدول وانتهي المحكم بأن شرط التحكيم يلزم الطرفين ويرتب کا آثاره القانونية بصرف النظر عن إنهاء العقد أو ابطاله

الخلاصة :

يتضح لنا من العرض السابق ان مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الاصلي الذي * يتضمنه أو المتعلق به أصبح من المبادئ الثابته و المستقرة في التحكيم الإداري ذو الطابع الدولي وقد نصت عليه معظم التشريعات الوطنية كما نصت عليه قواعد التحكيم ذات الطابع الدولي و طبقته احكام التحكيم الصادرة في المنازعات ذات الطبيعة الدولية .

وقد رأينا مـدي سلطة الدولة في إنهاء عقودها ذات الطبيعة الدولية بإرادة منفردة رغم تضمين هذه العقود لشرط التحكيم ، وان هذا الإنهاء ان كان يترتب عليه إنهاء لعقود الدولة ذات الطابع الدولي بإرادة منفردة من جانبها الا انه ليس له أي أثر علي شرط التحكيم المدرج في العقد و الذي يعتبر من السمات الواضحة في عقود الدولة .

فمبدأ استقلال اتفاق التحكيم يقوم بأحداث نوع من الموازنة بين حق الدولة في إنهاء عقودها ذات الطبيعة الدولية وحق الطرف الأجنبي المتعاقد مع الدولة في الاستفادة من مزايا التحكيم، والذي سبق ادراجه في العقد المبرم بينه وبين الدولة المتعاقدة وما يترتب علي هذا التحكيم من مزايا تهم الطرف الأجنبي والتي كانت من أهم العوامل التي دفعته مع الدولة رغم سبق علمه بسلطتها في إنهاء العقد بإرادة منفردة ، حيث يمثل مبدأ استقلال اتفاق التحكيم حصن امان للطرف الأجنبي وهو المعتبر طرفا ضعيفا في العلاقة بينه وبين الدولة صاحبة الإمتيازات و السلطات الإستثنائية و غير المتوافرة للطرف للتعاقد المتعاقد معها

وقد لاحظنا في القضايا التحكيمية السالف ذكرها كيف ان إستخدام الدولة لسلطتها في إنهاء عقودها ذات الطابع الدولة بإرادتها المنفردة لم تؤثر على لجوء المتعاقد للتحكيم وطلبه التعويض عن هذا الإنهاء ، وكيف أن محاكم التحكيم قد قامت بنظر القضايا المعروضة عليها و الحكم للمستثمر الأجنبي وذلك كنتيجة لأستقرار مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الذي تم ابطاله أو إنهاءه بإرادة منفردة من قبل الدولة المتعاقدة سواء كتطبيق لقوانين التأميم أو لأي داعي من دواعي المصلحة العامة و المبررة لإنهاء العقد بإرادة منفردة من جانب الدولة المتعاقدة .