اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / الأختصاص بالتحكيم في عقود التجارة الدولية / مبدأ الاستقلالية من اتفاق التحكيم الى الاختصاص التحكيمي
مبدأ الاستقلالية من اتفاق التحكيم الى الاختصاص التحكيمي
أن المقصود بمبدأ استقلالية اتفــــاق التحكيم عن العقد الأصلي هو المعني القانوني .
أهمية مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم
ترجع أهمية مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ، إلي أن القول بعكس ذلك أي إنكار استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، بمعني أن ارتباط شرط التحكيم وجودا وعدما بالعقد الذي يتضمنه يؤدي ذلك إلي عدم إمكان السير في إجراءات التحكيم حتى يفصل القضاء في المنازعات المتصلة باختصاص هيئة التحكيم أو بانعدام ولايتها ، وبعبارة أخري يترتب علي ارتباط شرط التحكيم بالعقد إلي رفع يد المحكم . عن التحكيم ، بمجرد أن يطرح أي طرف عدم صحة العقد الأصلي، ويصبح الحكم عندئذ ملزما بإعلان عدم صلاحيته ، لأن الموضوع المطروح أمامه يجعله في وضع ينظر في آن واحد في صحة النقد الأصلي وفي صحة شرط التحكيم ، إذا من غير المعقول أن يا على المحكم في صحة عقد هو مصدر سلطته .
النتائج المترتبة علي مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم
عدم ارتباط مصـــیر اتفاق التحكيم بمصير العقد الاصلي ، يرتب استقلال الاختصاص التحكيمي :-
من أهم النتائج المترتبة علي مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ، أن اتفاق التحكيم لا يرتبط مصيره بمصير العقد الأصلي فوجود وصحة وسريان اتفاق التحكيم لا يتوقف ولا يتأثر بمصير العقد الأصلي ، فالادعاء بأن العقد الأصلي لم يتم إبرامه في الفرض الذي يكون فيــــه العقد المتضمن شرط التحكيم تم توقيعه ولكن لم يدخل في مرحلة النفاذ ، أو أنه باطل أو أنه تم فسخه أو أن الالتزامات الناشئة . عن العقد الأصلي تم تجديدها لا يؤدي إلى عدم فعالية اتفاق التحكيـــــــم أو المساس به ، وذلك إعمالا لمبدأ الاستقلالية .
وتعتبر مسألة عدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي ، كنتيجة وآثر من آثار مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم . عن العقد الأصلي ، تعد من النتائج الحتمية التي تترتب علــي مبدأ الاستقلالية بحيث لا يمكن إنكار هذه النتيجة في حالة والإقرار بها في حالة أخري بمعني أنه أيما كان ما أصاب العقد الأصلي. بطلان فلا ينسحب هذا إلى اتفاق التحكيم لأن استقلال هذا العقد الأصلي يجعله بمنأى عن أي آثر من آثار البطلان الذي تعرض له العقد الأصلي ، وذلك حيث أن مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي يسمح بالإبقاء علي اتفاق التحكيم طالما أن هذا الاتفاق لم يكن قد لحقه أي عيب من عيوب الإرادة التي لحقت بالعقد الأصلي ، وطالما لم يكن محله أو سببه مخالفا للنظام العام الدولي.
وعلي ذلك وطبقا لما جاءت به الاتفاقية الأوربية - جنيف ١٩٦١ – من النص علي أن محكمة التحكيم أن تفصل في مسألة وجود وصحة العقد الذي يشكل اتفاق التحكيم جزءا منه ، ما يؤكد رفضها للتفرقة بين البطلان والانعدام ، وهو الأمر الذي رفضته كذلك لائحة التحكيم الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في مادتها رقم ۲/۲۱ ، وكذلك الأمر بالنسبة للقانون النموذجي للتحكيم الذي أعدته اللجنة السابقة قد نص في المادة ١/١٦ علي أن تقرير محكمة التحكيم لبطلان العقد الأصلي لا يؤدي بقوة القانون إلى بطلان شرط التحكيم .
وإذا كان عدم ارتباط مصـير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي كما سلف ، يعد
أحد النتائج المترتبة علي مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، فإن هذا المبدأ ، نعتقد أنه يرتب مبدأ آخر يتمثل في استقلال الاختصاص التحكيمي الناشئ عن هذا الاتفـــــاق الـــذي يتمـــيز بالاستقلالية ، فالاختصاص التحكيمي الذي يفرزه هذا الاتفاق يضحي مستقلا بمجرد تحققه وانعقاده ، ولا يتأثر كذلك هذا الاختصاص الذي نشأ وانعقد بشأن التراع موضوع العقد الأصلي ، لا يتأثر بما يشوب العقد الأصلي من أوجه بطلان ، وبالتالي يكون الاختصاص التحكيمي مستقلا أيضا شــــأنه شأن اتفاق التحكيم الذي أفرزه ، بل يظل الاختصاص التحكيمي قائما مستقلا لا يتأثر كذلك بمــــــا يشوب اتفاق التحكيم ذاته من أوجه بطلان حيث ان الاختصاص التحكيمي الذي نشأ عـــــن هـذا الاتفاق ، تكون له القدرة على الفصل في أوجه البطلان المدعاة بشأن اتفاق التحكيم من قبل أحـــــد أطراف هذا الاتفاق ذاته ، باعتبار أن ما يوجه من مطاعن علي اتفاق التحكيم يهدف إلي النيل مـــــــن الأختصاص التحكيمي ، وبما أن المحكم كما سوف نري يختص بالفصل في مسائل الاختصاص ، فبالتي يكون الاختصاص التحكيمي مستقلا لا يتأثر.
خضوع اتفاق التحكيم لقانون آخر يختلف عن القانون الخاضع له العقــــد الأصلي ، يؤكد استقلال الاختصاص التحكيمي:-
ومن النتائج أيضا التي تترتب علي الأخذ بمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ، قبول عدم خضوع اتفاق التحكيم بالضرورة إلي ذات القواعد التي تحكم العقد الأصلي . فإذا كانت مسألة تقرير وجود اتفاق التحكيم وصحته يتعين الفصل فيها في ضوء نظام قانوني وضعي ، إلا أن استقلالية اتفاق التحكيم تحتم قبول إن هذا القانون - الذي يطبق للفصل في وجود وصحة اتفاق التحكيم لا يشترط بالضرورة أن يكون هو ذلك القانون الذي يخضع له العقد الأصلي ، فشرط التحكيم يعد جزءا مستقلا عن العقد الأصلي ، وللأطراف وأيضا للقضاء الذي قد يعــــــرض عليه الأمر للفصل في مسألة وجوده وصحته ، إخضاعه لقانون يختلف عن القانون الذي يخضع له باقي العقد . وعلي ذلك ذهبت محكمة استئناف باريس إلي أن تنفيذ اتفاق التحكيم لا يخضع بالضرورة إلي القانون الذي يخضع له العقد الأصلي الذي يوجد اتفاق التحكيم بين ثناياه" "وفي حكــــــم آخــــر لذات المحكمة رفضت فيه الدفع ببطلان حكم التحكيم المستند إلي أن هيئة التحكيم لم تطبق للفصل في مسألة اختصاصها ، القانون الذي يحكم موضوع العقد الأصلي وذلك بملاحظتها ان مسألة القانون الواجب التطبيق علي الموضوع ، تم تمييزها علي الأقل بشكل ضمني في وثيقة المهمة ، عن القــــــانون الذي يتعلق بتحديد القواعد التي تنظم مسألة الاختصاص " " " . وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في أحد أحكامها إلي تأييد قضاة الموضوع فيما ذهبوا إليه من عدم تطبيق القانون الذي يخضع له العقد الأصلي بصدد تفسير شرط التحكيم المدرج به ، وفي حكم آخر ذهبت محكمة النقض الفرنسية كذلك إلى تأييد محكمة استئناف باريس فيما ذهبت إل ، من تقرير وجود اتفاقات التحكيم محل المنازعة دون الاهتمام بالقانون الذي يخضع له العقد من حيث الموضوع وذلك بالإشارة إلي أنه ليس محكمــة الاستئناف من أجل أن تفصل ، في موضوع شكل واثبات هذه الاتفاقات، أن يتم الفصل في ظـــــل قانون ، لا ينطق عليها ، بالنظر لاستقلالية هذه الاتفاقات عن العقد الأصلي في التحكيم الدولي هذا بالإضافة إلى أن قضاء التحكيم الدولي ، يقر أيضا أنه إعمالا لمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم ، يكون القانون الواجب التطبيق علي هذا الاتفاق مختلفا عن ذلك الذي يحكم موضوع العقد الأصلي .
ومن النتائج التي تترتب أيضا علي مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي ، نتيجة أخــــــري وهي مسألة اختصاص الحكم أو هيئة التحكيم بالفصل في اختصاصه ه وهي مسألة الاختصاص بالاختصاص هذا وقد طرأت علي اتفاق التحكيم في عقود التجارة الدولية ، فيما يتعلق بالحكم علي هذا الاتفاق بالصحة أو البطلان أو الوجود ، بعض التطورات التي نري معها أن نفرد لها مطلبا مستقلا ، لنتبين مدي هذه التطورات ، التي نعتقد أنها تؤدي إلى ظهور فكرة اتفاق التحكيم الدولي الطليق " وهو عنوان المطلب الثالث الذي نتناوله فيما يلي وهذه الفكرة - " فكرة اتفاق التحكيم الدولي الطليق " - سوف نجد أنها تساهم في التأكيد علي مبدأ استقلال الاختصاص التحكيمي"" الذي نراه من إفرازات استقلال اتفاق التحكيم ، حيث نجد أن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم قد تطور إلي ما هو أبعد من الاستقلال عن العقد الأصلي ، فيما يتعلق بالقانون الذي يخضع له اتفاق التحكيم للحكم علي صحته أو مشروعيته ، بل نجد أن فكرة اتفاق التحكيم الدولي الطليق ، تؤدي إلي عــــــدم خضوع اتفاق التحكيم ، من حيث الحكم علي صحته أو مشروعيته ليس فقط لقانون العقد الأصلي ، بل عدم خضوعه في ذلك لأي قانون لدولة معيـ سنة فهو يعـــــد طليقاً من الخضوع لأي قانون وضعي وبالتالي نجد أن الاختصاص التحكيمي الناشئ عن مثل هذا الاتفــــــاق الطليق ، قد أضحي اختصاصا تحكيميا مستقلا ""، لاسيما وإذا كان المحكم أو هيئة التحكيم قـــد انعقد لهم الاختصاص بالفصل في مسائل الاختصاص ، وقد بات هذا المبدأ ، مبدأ الاختصاص بالاختصاص - كما سنري من المبادئ المستقرة في مجال التحكيـم . وقد أقرته مختلف التشريعات الوضعية ، فضلا عن المعاهدات الدولية والفقه والقضاء في هذا الشأن .