اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / خصومة التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية / استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي
لا خلاف في بطلان شرط التحكيم إذا لم تتوافر فيه الشروط العامة اللازمة لوجود العقود وصحتها، وهي الرضا والأهلية والمحل، كما يبطل في حالة تجاوز النطاق الذي حدده القانون لتطبيقه كما لو تعلق بالأحوال الشخصية أو تعارض مع النظام العام، فضلاً عن بطلانه إذا لم تتوافر فيه الشروط الشكلية كشرط الكتابة. وفي هذه الأحوال يثور تساؤل عن أثر بطلان شرط التحكيم على العقد الأصلي فهل يترتب على بطلان شرط التحكيم بطلان العقد الأصلي أو يستقل كل منهما عن الآخر سواء صحة أو بطلان؟
يترتب على استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي أنه في حالة بطلان العقد الأصلي فإن شرط التحكيم يظل صحيحاً ولا يتأثر بهذا البطلان، ومن ثم فإن شرط التحكيم لا يتوقف صحته أو فسخه أو إنهاؤه في ما يشوب العقد الأصلي من عوارض كالبطلان أو الفسخ أو الإنهاء. كما لو كان العقد باطلاً لسبب يتعلق بالنظام العام مثل البطلان لعدم مشروعية السبب . وهذا ما نصت عليه القوانين الوطنية ماعدا القانون الكويتي والإماراتي صراحة وكذلك القانون النموذجي وقواعد اليونسترال. ومن جهة أخرى فقد يكون شرط التحكيم باطل رغم صحة العقد الأصلي فلا يؤدي بطلان الشرط إلى بطلان العقد الأصلي الذي تضمن الشرط بالتبعية، كذلك قد يتصور بطلان العقد الأصلي وشرط التحكيم الذي تضمنه العقد، كما لو كان العقد المتضمن شرط التحكيم قد أبرم بواسطة شخص عديم الأهلية أو ناقصها.
أما الوضع في فرنسا فإن مبدأ استقلال شرط التحكيم أثار جدل فقهي وقضائي، فقد فرقت محكمة النقض الفرنسي بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، وكذلك بعض الفقه و الذي أخذ بهذه التفرقة بين عقود التجارة الدولية وعقود التجارة الداخلية، من حيث استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في عقد التجارة الدولية فلا تأثير لبطلان العقد على شرط التحكيم على خلاف الحال في عقود التجارة الداخلية فبطلان العقد الأصلي يؤدي إلى بطلان الشرط فيؤثر على استقلاله، واستند هذا الرأي إلى أن التحكيم في منازعات التجارة الدولية يتمتع بأصالة تامة تجعل شرط التحكيم يستقل تماماً عن العقد الأصلي الذي ورد فيه أو اقترن به. وهو استقلال مستمد من اعتبار الشرط عقداً مستقلاً داخل العقد الأصلي، مما يعني عدم تأثير بطلان أي منهما على الآخر.
كذلك يترتب على استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي تخويل هيئة التحكم وحدها سلطة الفصل في الادعاءات المتعلقة بأساس اختصاصها ونطاق وحدود هذا الاختصاص، وهي ما عرفت في الفقه بمشكلة الاختصاص بالاختصاص . وبهذا فإن المحكم يفصل في مدى صحة أو بطلان العقد الأصلي حتى يتمكن من السير في إجراءات التحكيم دون حاجة إلى وقف هذه الإجراءات إلى حين الفصل من القضاء في مسألة صحة العقد الأصلي . ومن جهة أخرى فإن هيئة التحكيم هي سلطة بحث فقط دون أن يكون لها سلطة إصدار حكم بصحة العقد أو بطلانه لخروج ذلك عن اختصاصها . وهو ما أكدته القوانين الوطنية، ماعدا القانون الكويتي والإماراتي، والقانون الفرنسي وكذلك القانون النموذجي وقواعد اليونستيرال .