وأية صدق ذلك أن استقلال شرط التحكيم ، معناه تحرره من الارتباط بالعقد الأصلي ، ومقدرته على أن يحيا ، ويستمر ، حتى لو فسخ ، أو أبطل العقد الأصلي ، إلا إذا اعترى البطلان كلا من الشرط والعقد الأصلي خذ مثلا : إذا قام شخص ناقص الأهلية ، بإبرام عقد يتضمن شرط تحكيم ، ففي هذه الحالة يبطل الإثنان .
كما أن إعمال مبدأ استقلال شرط التحكيم ، يؤدي إلى اختصاص المحكم نفسه بالفصل في اختصاصه ، إذا دفع ببطلان العقد الأصلي . ولا يختص بذلك القضاء العادي ، مما يساهم بالتالي في تيسير السبل ، أمام الأطراف ، لإبرام العقد الأصلي.
ويلاحظ أن عبارة القواعد القانونية ، تشمل أي قانون وطني ، كما تشمل أيضا تطبيق قواعد أي منظمة ، أو هيئة من هيئات التحكيم الموجودة خارج مصر ، إذا اتجهت الإرادات عند إبرام اتفاق التحكيم إلى ذلك ، بالإضافة إلى أن القواعد السارية في الدولة ، التي يجري على أرضها التحكيم ، هي التي تطبق على موضوع صحة ، أو بطلان اتفاق التحكيم ، ولا يعتد بالقواعد الموجودة في القانون الوطني في هذا الصدد.
ويلاحظ أن ، استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي ، لا يعنى مطلقا عدم تأثره به كلية . فالتحكيم يد وسيلة لفض المنازعات الناشئة عن العقد الأصلي ، كما أن وصف اتفاق التحكيم الدولية - كما س بق أن تكلمنا -، يكون مستعدا من دولية العقد الأصلى نفسه . ونضيف إلى ذلك أيضا ، أن اتفاق التحكيم ، يستمد من العقد الأصلي أيضا صفة التجارية ، أو المدنية .
ونظرا للفوائد الجمة - السابق الإشارة إليها - ، التي يمكن جنيها من جراء إعمال مبدأ استقلال شرط التحكيم ، عمل الفقه وتبعه المشرعون في دول أوربا الغربية قاطبة والولايات المتحدة الأمريكية، على تبني مفهوم المبدأ كاملا ، بالرغم من ، التردد الفقهي في الأخذ به بداية. كما أن هذا المبدأ أخذ يجتذب قوانين دول أخرى كثيرة ، وحل محل الفكرة التقليدية . التي تعتبر شرط التحكيم جزءا لا يتجزأ من العقد، الذي يتضمنه . كما أن هذا المبدأ ، شجع القضاء ، على تبنيه والعدول عن فكرة عدم استققلاله عن العقد .