قبل صدور قانون التحكيم الإنجليزى الجديد سنة ٩٦ ، كانت هنـاك اتجاهات فقهية وقضائية مختلفة بصدد مبدأ استقلال شرط التحكيم . فذهب بعضها إلى الأخذ بالمبدأ . وذهب البعض الآخر إلى مناهضة الأخذ بــه بينما ذهب البعض إلى التوسط ، بحيث يعامل الشرط معاملة متميزة عن باقي بنود العقد . ولقد تغير هذا الموقف تماما ، بعد صدور قانون التحكيم الإنجليزى الجديد سنة ٩٦ ، حيث نص صراحة على الأخذ بالمبدأ . لذلك سوف أقسم هذا المبحث إلى مطلبين أتكلم فى الأول عن موقف النظام القانونى الانجليزى من المبدأ قبل صدور قانون ٩٦ ، ثم المطلب الثاني أتعرض فيه للموقف بعد صدور قانون التحكيم الجديد وذلك على النحو التالي :
استقلال شرط التحكيم قبل صدور قانون التحكيم الإنجليزي سنة ٩٦
تعددت الاتجاهات الفقهية والقضائية في النظام القانوني الإنجليزي بصدد مسألة استقلال شرط التحكيم . فذهب بعضها إلى رفض الأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم . والبعض الآخر الأخذ به . وهناك اتجاه وسط بين الرأيين ذهب إليه القانون الإنجليزي - وذلك قبل قانون التحكيم الجديد الصادر سنة ١٩٩٦ مقتضاه ، تبنى فكرة معاملة شرط التحكيم ، معاملة متميزة ، بعيدا عن فكرة استقلال شرط التحكيم . وعلى ذلك سوف نتكلم عنه هذه الاتجاهات الثلاثة ، كما يأتي :
أولا : الاتجاه المناهض لفكرة استقلال شرط التحكيم
«إذا لم يوجد عقد فلا يمكن أن يوجد اتفاق تحكيم لأنه جزء من العقد، فالأكبر يشمل الأقل» .
ويتضح وفقا لهذا الرأى ، أنه يجب أن تتجه إرادة الأطراف صراحة، إلى تخويل سلطة الفصل في اختصاصه ، كأثر لمبدأ استقلال شرط التحكيم . فإذا لم تكن هذه الإرادة موجودة ، فإن القضاء العادى حينئذ مختصا بالفصل في اختصاص المحكم ، ولا يكون لهذا الأخير الصلاحية للفصل في موضوع اختصاصه .
ونعتقد أن ما ذهب إليه الأستاذ/ Schmitthoff من وجوب أن تتجه إرادة الأطراف ، إلى تخويل المحكم الفصل في اختصاصه ، يبدو أنــه محل نظر ، لأنه يترتب عليه ، إذا دفع بعدم اختصاص المحكم أمامه ، ولم تكن هناك إرادة للأطراف لتخويله هذا الحق ، أن يوقف النزاع ، لحين عرض الموضوع على القضاء العادى ، مما يترتب عليه تأخر الفصل في النزاع . وإن كان هذا الرأى يعلى من إرادة الأطراف، إلا أنه يبدو فيما نعتقد ناتج من اتجاه الفقه والقضاء الإنجليزيين ، إلى فرض هيمنة القضاء العادى على التحكيم
ويعقب الأستاذ/ Samuel Adam قائلا ، بأن هناك اتجاها جديدا متفقا مع ما هو سائد ، يذهب فيه القضاء الإنجليزى والفقه ، إلى تبنى قاعدة استقلال شرط التحكيم ، واعتباره موازيا للعقد الذي يتضمنه . ثم أورد مثالا عمليا على ذلك فى قضاء اللورد / ديبلوك في القضية المشار إليها آنفا .