اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم / مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن سائر القوانين الوطنية
تطورت فكرة استقلال شرط التحكيم الدولي عن العقد الأصلي، ومن ثم عن القانون واجب التطبيق عليه، إلى فكرة استقلال اتفاق التحكيم الدولي عن سائر القوانين الوطنية القابلة لحكم هذا الاتفاق استقلالاً كاملاً.
وقد عد هذا الاتجاه أن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن أي قانون وطني هو التجسيد الأمثل لإعمال المنهجية الموضوعية في شأن القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم، إذ يرى أن خروج اتفاق التحكيم من بوتقة القوانين الوطنية لا يعني خروجه عن كل نطاق قانوني فهو خاضع لنظام قانوني مادي أو موضوعي يتمثل في المبادئ العامة للتجارة الدولية وعاداتها، التي تشكل الآن قانوناً معترفاً به. وهو قانون التجار الدولي lex Mercatoria
وعلى ذلك فإن قانون التجار الدولي هو المنوط به تقدير صحة اتفاق التحكيم على اعتبار أن التحكيم نفسه يعد من عادات وأعراف التجارة الدولية.
وعلى ذلك يكتسب اتفاق التحكيم الدولي قيمة قانونية ذاتية يستمدها من قانون التجار الدولي. بحيث ينظر إلى اتفق التحكيم على كونه ذا فاعلية خاصة أو يفترض له الفاعلية المحضة بمجرد وجوده في عقد من عقود التجارة الدولية.
ويستتبع القول بذلك أن يؤخذ في تفسير اتفاق التحكيم بمبادئ قانون التجار الدولي:
بحيث إذا ورد اتفاق التحكيم في صورة غامضة أومبهمة مثلاً. ونازع أحد الأطراف في صحته. فإن مبدأ حسن النية الذي يقوم عليه قانون التجار يلزمه بهذا الاتفاق.
وقد أكد ذلك حكم النقض الفرنسي الصادر في ٢٢ من أكتوبر ۱۹۹۱، حيث قرر أنه ينتج عن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم في المجال الدولي، أن يتم تقدير شروط تكوين هذا الاتفاق بالرجوع فقط إلى عادات التجارة الدولية أو كما يقول الحكم:
كما أكد قضاء التحكيم التجاري الدولي هذا الحكم مرات عديدة، من ذلك حكم التحكيم الصادر في الدعوى رقم 5065 لسنة 1986، إذ قضى هذا الحكم بأن القانون الأكثر ملاءمة لحكم مسألة وجود اتفاق التحكيم ليس قانوناً وطنياً خاصاً، وإنما يتمثل في المبادئ العامة للقانون والعادات المتبعة في التجارة الدولية .
كما تقرر في حكم التحكيم الصادر في الدعوى رقم ۸۷۲۱ لسنة ١٩٩٠، أن مبدأ استقلال الاتفاق المعترف به على نطاق واسع اليوم، هو وحده الذي يبرر اللجوء إلى عادات التجارة الدولية دون الاستناد إلى قانون وطني .
قد وجه لهذا المبدأ – وبحق - الانتقادات التالية:
أن فكرة الصلاحية الذاتية لاتفاق التحكيم في نظر جانب من الفقه هی خیال ووهم يمنحان التحكيم حصانة مطلقة ضد ما قد يصيب اتفاق التحكيم من عيوب، فهو عقد كسائر العقود ويخضع لأحكام النظرية العامة للعقود:
- فأحد الأطراف قد يكون عديم الأهلية.
- وقد يكون هناك عيب من عيوب الإرادة مثل الغلط أو الإكراه.
وقد يكون التحكيم في مسألة من المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم.
فهل يمكن في مثل هذه الحالات أن يتحصن اتفاق التحكيم وراء هذه الفكرة ، التي تجعله طليقاً من الارتباط بأي قانون، ونعترف بصحة اتفاق التحكيم رغم ما قد يوجد من عيوب تستوجب بطلانه!
إن حكم الواقع يفرض نفسه من حيث ضرورة البحث عن القانون واجب التطبيق لصحة اتفاق التحكيم .