الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم / مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي

  • الاسم

    هشام محمد ابراهيم السيد الرفاعي
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    332
  • رقم الصفحة

    131

التفاصيل طباعة نسخ

نشأ مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي في بداية الأمر، لدرء ما قد يثار من شبهة حول تأثر شرط التحكيم الذي يرد كبند في العقد الأصلي - بما يوصف به هذا العقد من أوجه البطلان – ومن ثم يبطل شرط التحكيم الوارد به، ولا تختص هيئة التحكيم بنظر النزاع بموجب هذا البطلان.

إلا أن التطور قد لحق هذا المبدأ ليتقرر استقلال "اتفاق التحكيم" - على أي صورة ورد (شرط أومشارطة) - عن حكم العقد الأصلي الذي يتعلق هذا الاتفاق بحل المنازعات الناشئة عنه.

وقد تأثر القضاء الفرنسي بهذه الأحكام، فأصدر بدوره حكماً هاماً في السابع من مايو 1963 يقضي باستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، وذلك في دعوى شهيرة تعرف باسم Gosset .

ومفاد ذلك : "في مجال التحكيم الدولي، فإن اتفاق التحكيم سواء أبرم منفصلاً عن التصرف القانوني، أو متضمنا إياه، يمثل دائماً – عدا أحوال استثنائية استقلالاً قانونياً متكاملاً، مما يستبعد إمكان تأثره بعدم الصحة المحتمل لهذا التصرف".

وقد تضمنت معظم تشريعات القانون المقارن تقرير مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، مثل قانون أسبانيا في المادة 8 ، وقانون بلجيكا في المادة ٢/٦١٩٧ ، وقانون سويسرا في المادة 178/أ ، وقانون هولندا في المادة 1053 ، وقانون انجلترا في المادة 7 ، وقانون إيطاليا في المادة 808 ، وقانون الجزائر في المادة 4/458 ، وقانون تونس في المادة 1/61.

وقد تبناه القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي "أونسترال" لعام 1985، بالنص عليه في المادة 1/16 بقوله: "ينظر إلى شرط التحكيم الذي يشكل جزءا من عقد كما لو كان اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطن العقد، لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم".

أما بالنسبة لأحكام التحكيم، فقد صدر أول حكم عن غرفة التجارة الدولية بباريس عام ١٩٦٨، حيث قرر هذا الحكم صراحة: إن هذا المبدأ قد أصبح قاعدة مقبولة في التحكيم الدولي، وفي طريقه ليكون مبدأ عاماً، ثم أورد الصياغة الكاملة السابق ذكرها لمحكمة النقض الفرنسية في حكم جوسيه Gosset .

ومبدأ استقلال اتفاق التحكيم من أهم المبادئ التي تحكم "اتفاق التحكيم" .. كما أنه من خلال هذا المبدأ تبرز بوضوح الخصوصية التي يتسم بها اتفاق التحكيم في شأن القانون واجب التطبيق عليه.

ويقصد بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي أنه حينما يأتي اتفاق التحكيم في صورة شرط أو بند في العقد الأصلي، فإنه يستقل عن هذا العقد، فلا يسري على شرط التحكيم الأحكام التي تسري على العقد الأصلي.

بحيث لا يتأثر شرط التحكيم بما قد يصيب العقد الأصلي من بطلان أو فسخ أو إنهاء أو غير ذلك.

باعتبار أن اتفاق التحكيم – وإن ورد في صورة شرط أو بند في العقد الأصلي، إلا أنه تصرف قانوني مستقل بذاته.

وقد تضمن قانون التحكيم المصري مبدأ استقلال شرط التحكيم فنص في مادته رقم ٢٣ على أنه: "يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته".

وإذا كان المشرع المصري قد حرص على النص في قانون التحكيم على استقلال شرط التحكيم الوارد ضمن شروط العقد الأصلي – ربما لأن هذه الصورة في التي يمكن أن تحدث لبساً – إلا أنه من المستقر عليه ان هذا الاستقلال أيضاً يتوافر بالنسبة لشرط التحكيم الذي يبرم في اتفاق مستقل عن العقد الأصلي.

كما أنه يتوافر كذلك بالنسبة لاتفاق التحكيم الذي يبرم في صورة مشارطة، ويبرر هذا الاستقلال من الناحية القانونية؛ أن لكل من الشرط والعقد الأصلي محلاً مختلفاً فمحل الشرط هو وسيلة الفصل في منازعة يمكن أن تنشا بشأن العقد، أما محل العقد فهو أمر يختلف حسب نوع العقد .

ويعتبر مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، قاعدة مادية أو موضوعية من قواعد التحكيم التجاري الدولي، بصرف النظر عن القانون واجب التطبيق على اتفاق التحكيم والعقد الأصلي، وبالتالي لا تعد هذه القاعدة من قواعد تنازع القوانين التقليدية، التي تشير إلى القانون واجب التطبيق، في شأن مسألة يمكن أن ينطبق عليها أكثر من قانون.

ويؤيد هذا التفسير الاتجاه الفقهي الراجح في فرنسا، الذي يرى أن استقلال شرط التحكيم ليس قاعدة إسناد ولكن قاعدة مادية في القانون الدولي الخاص، وهي قاعدة خاصة بالتحكيم الدولي، ولا تترك أي مكان لتطبيق قانون أجنبي.

وهذه القاعدة تقابل اعترافاً وقبولاً من قبل رجال الأعمال، نظراً لأنها تستجيب لاحتياجات التجارة الدولية.

وقد أيد القضاء الفرنسي تكييف قاعدة استقلال اتفاق التحكيم بأنها قاعدة موضوعية من قواعد القانون الدولي للتحكيم.

وفي هذا الشأن قضت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ۱۹ ديسمبر ۱۹۹۱ بأن: في مجال التحكيم الدولي فإن لمبدأ استقلال شرط التحكيم تطبيقا عاما، باعتباره قاعدة مادية دولية تقرر مشروعية اتفاق التحكيم، دون أي نظام وطني لتنازع القوانين".

وقد تقرر هذا المعنى في حكم محكمة النقض الفرنسية، الصادر في ٢٠ ديسمبر ١٩٩٣، في قضية داليكو والذي قضى بأنه:

وفقاً لقاعدة مادية للقانون الدولي للتحكيم، فإن لشرط التحكيم استقلالا قانونيا عن العقد الأصلي الذي يتضمنه صراحة، أو إحالة، ويتم تقدير وجوده وفعاليته طبقاً للإرادة المشتركة للأطراف، دون أن تكون هناك ضرورة للرجوع إلى أي قانون وطني".

كما قضت محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في 13 ديسمبر ١٩٧٥ بانه:

"في القضية المعروضة يتوافر العقد الطابع الدولي، حيث أن العقد قد أبرم في الواقع، ويتصل بمصالح التجارة الدولية، ومن ثم لا يكون هناك محل في هذه الحالة للبحث عن القانون واجب التطبيق على موضوع العقد، ومع الأخذ في الاعتبار استقلال شرط التحكيم المنشئ للتحكيم في العقد الدولي، فإنه يكفي أن يكون هذا الشرط صحيحاً استقلالاً عن الرجوع إلى قانون آية دولة.  

وقد قضت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في ٢٢ أكتوبر ۱۹۹۱ بأن:

"استقلال شرط التحكيم في مجال التحكيم الدولي، يستخلص منه أنه يجب تقدير شروط تكوين هذا الشرط، بالرجوع فقط إلى عادات التجارة الدولية، وذلك بصرف النظر عن شروط العقد الأصلي.

وتطبيقاً لمبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، قضت محكمة النقض المصرية في حكم حديث لها بأنه:

تطبيق الحكم المطعون فيه قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس دون قانون التحكيم استناداً لاختيار طرفي النزاع إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الإجرائية المصري الخاصة بهذه الغرفة وإلى أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الذي تضمنه.

النعي عليه في هذا الشأن لا أساس له مثال: إذ اشترطت المادة 18 من القواعد الإجرائية لغرفة التجارة الدولية بباريس بمجرد تلقي الملف من الأمانة العامة تقوم محكمة التحكيم بإعداد وثيقة المهمة استنادا إلى المستندات المقدمة أو بحضور الأطراف وفي ضوء آخر ما قدموه، وتتضمن الوثيقة ما يلي:

أ- أسماء وألقاب وصفات الأطراف .

ب- عناوين الأطراف التي توجه إليها أي إخطارات أو سير التحكيم، ج- ، د-.....، هـ- أسماء وألقاب وصفات وعناوين المحكمين... و....،ز- توقع وثيقة المهمة من الأطراف ومن محكمة التحكيم.." لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق وحكم التحكيم أن الطرفين وافقا على تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء قام السكرتير العام بتاريخ ۲۰۰۳/١١/٤ بتثبيت تعيين البروفيسور والمستشار... كمحكمين معينين بواسطة المحتكمة والمحتكم ضدها على التوالي، وفي ۲۰۰۳/۱۲/۲ تم تثبيت تعيين البروفيسور.... المحامي كرئيس لهيئة التحكيم بواسطة السكرتير العام بناء على ترشيح مشترك من المحكمين المعينين من الطرفين، وبعد تشكيل هيئة التحكيم تمت الموافقة على الشروط المرجعية وتم التوقيع على وثيقة المهمة في القاهرة بتاريخ ٢٠٠٤/٣/١ وقد تضمنت بياناً بأسماء وألقاب وصفات وعناوين المحكمين إعمالاً لنص المادة ١٨ من القواعد الإجرائية لغرفة التجارة الدولية بباريس سالفة البيان، ومفاد ذلك أن طرفي التداعي اختارا - بصفة نهائية - إخضاع إجراءات التحكيم بينهما للقواعد الإجرائية الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس عملاً بشرط التحكيم الوارد في المادة 1/13 من عقد الإدارة – محل النزاع – والمادة ٢٥ من قانون التحكيم المصري رقم ٢٧ لسنة 1994 كما وإن شرط التحكيم يعتبر اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى الذي يرد فيه ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته على مؤدى نص المادة ٢٣ من قانون التحكيم المصري سالف الذكر، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس دون قانون

التحكيم المصري وأطرح بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتتفق مع صحيح القانون كل ما تذرعت به الطاعنة ركيزة لهذا الوجه من سبب النعي فإن النعي في هذا الشأن يضحى على غير أساس .