الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في العقود الإدارية في الكويت / استقلال التحكيم ( الطبيعة المستقلة للتحكيم )

  • الاسم

    خالد فلاح عواد العنزي
  • تاريخ النشر

    2007-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة القاهرة
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    53

التفاصيل طباعة نسخ

استقلال التحكيم ( الطبيعة المستقلة للتحكيم ) :

   نظرية استقلال التحكيم من النظريات الحديثة التي قيلت في تحديد طبيعة التحكيم، وهي نتيجة استقرار قواعد ومبادئ التحكيم سواء في التشريعات القانونية أو في أنظمة ولوائح الهيئات ومراكز التحكيم.

ويبرز أنصار هذه النظرية ما ذهبوا إليه بالآتي :-

 1- إن الطبيعة الحقيقية للتحكيم تنحصر في أنه نظام أصيل سبق في النشأة القضاء واستمر رغم ظهور الأخير لأنه يشبع حاجة اجتماعية مختلفة بل تطور بصورة كبيرة، فهو يتميز بخصائص تميزه وتختلف عن الوسائل الأخرى لحل المنازعات، فالتحكيم يقدم عدالة خاصة، تختلف عن عدالة القضاء.

  2 - الطبيعة التعاقدية للتحكيم، لا تمثل جوهر التحكيم بدلیل وجود تحكيم إجباري، وليس اختياريا فقط، وأن المحكمين لا يعينون دائما باتفاق الأطراف. إنما قد يتم تعيينهم بواسطة المحكمة المختصة أحيانا أو بواسطة مركز من مراكز التحكيم الدائمة.

 3- أن نظام التحكيم يختلف عن القضاء - كما سبق بيانه - في نواحي عدة، سواء من حيث الهدف أو البناء الداخلي، أو حتى من حيث حجة أحكام كل منهما: -

  أ- يهدف القضاء - هو سلطة من سلطات الدولة - إلى تحقيق سيادة القانون على المصالح المتنازعة في العلاقات الاجتماعية، أما التحكيم فيقصد تحقيق وظيفة اجتماعية واقتصادية متميزة في التعايش السلمي بين أطراف النزاع في المستقبل فضلا عن العدل. 

  ب- لا يمكن اعتبار المحكم قاضيا، فقواعد القانون الوضعي تخضع المحكم لنظام قانوني يختلف عن ذلك الذي يخضع له القاضي، من حيث صلاحيته ومسئوليته وسلطاته. فلا يشترط فيه ما يشترط في القاضي من صفات ولا يخضع لقواعد المخاصمة إذا أخطأ ولا يعد منكرا للعدالة إذا امتنع عن أداء عمله ولا يملك سلطة الجبر والأمر التي يملكها القاضي.

  ج- أن التحكيم يختلف عن القضاء في بنائه الداخلي، فقاتون المرافعات ينظم القضاء المدني عضوا وإجرائيا عن طريق قواعد عامة مجردة تحدد قواعد النظام القضائي والمحاكم المختلفة.

   واختلاف التحكيم في بنائة الداخلي عن القضاء ليس فقط اختلاف مصدر كل منهما - التحكيم طريق اتفاقي والقضاء طريق قانوني - لأن التحكيم الإجباري يدحض ذلك، ولا في شخص من يتولى التحكيم - فرد عادي - ومن يتولى القضاء - قاض يعين من الدولة - حيث إن التحكيم قد يباشر من موظف في الدولة بحكم وظيفته – عضو قضائي - مثلما يعين من الدولة - حيث أن التحكيم قد يباشر من موظف في الدولة بحكم وظيفته - عضو قضائي - مثلما هو موجود في "التحكيم القضائي" وفقا للقانون رقم 11 لسنة 1995 فالمسألة ليست قضاء خاصا وقضاء عاما، ولكن العنصر المميز بينهما هو أن التحكيم أداة خصوصية للفصل في نزاع معين يتشكل في كل حالة علي حدة حسب المقتضيات الخاصة للنزاع، بعكس القضاء فهو طريق عام لحماية الحقوق والمراكز القانونية تحكمه قواعد عامة مجردة موضوعة سلفا لأي قضية.

   د- أن الحجية التي تكتسبها أحكام المحكمين تختلف في شروطها ومداها عن حجية الأمر المقضي كأثر ملازم للعمل القضائي بالمعنى الدقيق، وكذلك حكم المحكمين لا يتمتع بقوة تنفيذية في ذاته مثل الحكم القضائي، وإنما يلزم لتنفيذه صدور أمر بذلك من الجهة القضائية المختصة.

  4- لا يمكن اعتبار نظام التحكيم نظاما مختلطا تحكمه القواعد المنظمة للعقود والقواعد المنظمة للقضاء في وقت واحد، لأنه يصب في الواقع توحيد نظامين مختلفين وإدماجهما في نظام واحد، كما أن تطبيق هذا النظام المختلط قد يؤدي إلي نتائج متعارضة أو شاذة، بالإضافة إلى أنه قد تختلف الآراء في تحديد العناصر التي ينطبق عليها النظام القانوني للعقود، وتلك التي تنطبق عليها القواعد المنظمة للقضاء، وخاصة مع تزايد الدور الذي تلعبه إرادة الخصوم على صعيد التحكيم الدولي نظرا لعدم وجود قضاء دولي.

   وقد تعرضت هذه النظرية هي الأخرى لانتقادات عدة، إلا أن الباحث يرى بأن هذه الانتقادات لا ترقى إلى التقليل من قيمة هذه النظرية في أنها الأقرب إلى تحديد طبيعة نظام التحكيم، وهذه الانتقادات كالآتي :

  1- ذهب أنصار هذه النظرية إلى أن التحكيم يقدم عدالة خاصة تختلف عن عدالة القضاء، حيث إنه لا يمكن الوصول إلى طبيعة التحكيم من خلال الأثر الذي يرتبه وإنما من خلال ردة إلي الأصل الذي ينتمي إليه، فإن كان هذا الأصل هو سلطان الإرادة كانت الطبيعة العقدية، أما إذا كان الأصل القضاء كانت الطبيعة القضائية، أما إذا كان غير ذلك فإننا نكون أمام طبيعة مستقلة يجب تأصيلها، الأمر الذي لم تفعله تلك النظرية، ولم تقدم لنا الإجابة عليه.

  2- هذه النظرية ربطت بين مرفق القضاء كأحد السلطات في الدولة، وفكرة القضاء في معناها المجرد البسيط، وهو الفصل في المنازعات طبقا للقانون عن طريق شخص محايد لم توجه إليه القاعدة القانونية التي يطبقها، وهو ربط خاطئ.

  3- أن الاستناد إلى التنظيم التشريعي للقضاء لتمييزه عن التحكيم هو في الحقيقة استنادا إلى عوامل خارجة بعيدة عن جوهر العملية القضائية نفسها، فكون القضاء منظما تنظيما عضوا وإجرائيا بصورة عامة مجردة وكون التحكيم منظما تنظيما خاصا بمعرفة الخصوم أو المحكمين لا يعني اختلافها في الطبيعة، ولكن يعني أن هذا قضاء عام، وذلك قضاء خاص.

  4 - إن اختلاف الوضع القانوني للمحكم عن الوضع القانوني القاضي لا يؤكد استقلال التحكيم، بل يؤكد خصوصية نظام التحكيم، لأن المحكم قاضي خاص، وبالتالي يختلف عن قاضي الدولة ولا يخضع لنفس الشروط والمميزات التي تكون لقاضي الدولة؛ لأن المحكم قاض خاص لا يمثل الدولة ولا يعد عضوا في الأسرة القضائية فيها.