مفهوم مبدأ استقلال شرط التحكيم : سـبقت الإشارة إلى أن اتفاق التحكيم قد يكون في صورة مشارطة، أو فـي صورة شرط مدرج ضمن عقد أو كبند من بنوده، والسؤال الذي يظهر هنا العلاقة بين شرط التحكيم والعقد الأصلي؟ وما هو أثر تعرض العقد ماهي الأصـلي إلى سـبـب يـؤدي إلى بطلانه أو فسخه أو إنهائه على شرط التحكيم الموجود فيه ؟
فوفقاً للمبادئ العامة في القانون المدني من تبعية الجزء للكل، وقاعدة ما بني على باطل فهو باطل فالمتصور منطقياً أن أثر العقد يزول بكل ما تضمنه، وبالتالي إذا بطل العقد الأصلي بطل الشرط الذي يتضمنه. ولكن تطور فقه وقضـاء التحكيم انتهى إلى نتيجة أخرى مفادها استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي الذي ورد فيه، فلا يؤدي بطلان أو فسخ أو إنهاء العقد الأصلي – بغير طريق التنفيذ – إلى التأثير على شرط التحكيم إذ يظل الشرط صحيحاً طالما له وجود قانوني باستكماله لأركانه .
ويقصد بهذا المبدأ أن ننظر إلى شرط التحكيم الوارد في عقد على أنه عقداً قائماً بذاته ومستقلاً عنه وعن المؤثرات التي تؤثر في صحته، وأنه إذا بعد بطـل العقد الأصلي الذي تضمنه الشرط فإن الشرط – أي بند التحكيم – يظل قائماً صحيحاً منتجاً لآثاره بشرط أن يكون صحيحاً بذاته .
وقـد بـدأ ظهـور هـذا المبدأ في فرنسا عندما حكمت محكمة النقض الفرنسـية باسـتقلال شـرط التحكيم عن العقد الأصلي في قضية ( GOSSET ) بـتاريخ ٢٧ مايو ١٩٦٧ م ، وأكدت على هذا المبدأ في قضية أخرى ( IEMPEX ) بـتاریخ ۱۸ مایو ۱۹۷۱ م ( ۳ ) ، وتابع القضاء الفرنسي تطوره في هذا الخصوص.