اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / الكتب / التحكيم كوسيلة لفض النزاعات / أثر بطلان العقد على شرط التحكيم وبطلان شرط التحكيم على العقد «استقلال شرط التحكيم
أثر بطلان العقد على شرط التحكيم وبطلان شرط التحكيم على العقد استقلال شرط التحكيم :-
سبق أن ذكرنا أن شرط التحكيم قد يتضمنه العقد عند إبرامه ، وقد يتم الاتفاق عليه فيما بعد في اتفاق مستقل مما يعرف بمشارطة التحكيم ، الأمر الذي يثير التساؤل حول أثر بطلان العقد على شرط التحكيم .
وقد أجابت على ذلك المادة [23] من قانون التحكيم المصري المشار إليه ، حيث اعتبرت شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى . وأردفت ذلك بالنص صراحة على أنه : « لا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته » .
وقد سارت محكمة النقض بدائرة القضاء بإمارة أبو ظبي على ذات النهج ، تطبيقاً لما تلاقت عليه إرادة طرفي الاتفاق بقولها عن بند التحكيم : «كما سلف البيان ينص على أن
كل خلاف قد ينشأ بين الشركاء سواء أثناء مدة الشركة أو بعد انتهائها يحال إلى التحكيم ، وكان من المقرر أن انتهاء العقد المتضمن شرط التحكيم لا يمنع من أن يظل شرط التحكيم
سارياً ومنتجاً لأثره بالنسبة للآثار المترتبة على إنهاء العقد ، وكان قيام الطاعن بالالتجاء إلى القضاء بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بما يدعيه ، وإقامة المطعون ضدها الخامسة
الدعوى رقم [251] لسنة 2002 تجاري أبو ظبي الابتدائية الاتحادية ، على الطاعن یعنی وجود نزاع بشأن التزامات الطرفين ، ومن ثم يجب أن تسوى بطريق التحكيم وفقاً للبند [24] من العقد ، ومن ثم يكون النعي على غير أساس .
كما أوضحت محكمة النقض بدائرة القضاء بإمارة أبو ظبي أثر مخالفة ذلك على الحكم الصادر بإحالة النزاع إلى هيئة التحكيم بقولها : «من المقرر إنه يترتب على بطلان العقد الأصلي الوارد به شرط التحكيم ، بطلان شرط التحكيم تبعاً لذلك ، ويبقى الاختصاص في بطلان العقد مقصوراً للقضاء صاحب الولاية العامة في الفصل في النزاع . كما إن من المقرر قانوناً عملاً بالمادة [2/209] من قانون الإجراءات المدنية إنه إذا عرضت خلال التحكيم مسألة أولية تخرج عن ولاية المحكمة أوقف المحكم عمله حتى يصدر فيها حكم نهائي .
وخلصت المحكمة إلى أنه: « لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن الطاعنة قد تمسكت أمام محكمتي أول وثاني درجة ببطلان العقد المؤرخ 1999/1/17 الوارد به شرط التحكيم ـ بل كان ذلك هو الأساس الذي قامت عليه الدعوى منذ البداية ـ ولم يرد الحكم المطعون فيه على ذلك بما يواجهة ، وقرر خطأ أن ذلك من اختصاص هيئة التحكيم فإنه يكون بذلك قد أهدر دفاع الطاعن مما جره لمخالفة القانون إذ أنه بذلك يكون قد أحال على هيئة التحكيم مسألة ليس من اختصاصها الفصل فيها، وسيكون مؤدى ذلك أن تتوقف هيئة التحكيم وتعيد الأمر مرة أخرى إلى القضاء العادي للفصل فيها عملاً بالمادة [2/209 ] المشار إليها أعلاه مما يعني عدم جدوى قرار الإحالة على التحكيم برمته ، الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه مع الإحالة دون حاجة للبحث في بقية أسباب الطعن »
وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة الاتحادية بدولة الإمارات العربية قد انتهت إلى أن : «بطلان العقد الأصلي مؤداه بطلان شرط التحكيم ، ويترتب على ذلك انعقاد الاختصاص بالفصل في النزاع حول بطلان العقد للقضاء باعتباره صاحب الولاية العامة بالفصل في المنازعات .
ذلك أن شرط التحكيم مستقل عن العقد الأصلي الوارد فيه .
ومن المتصور أن يبطل شرط التحكيم من دون أن يشوب العقد الأصلي البطلان ، كما هو الحال لو كانت المسألة محل التحكيم لا يجوز الاتفاق على التحكيم في شأنها ، وهو ما يطرح السؤال حول أثر بطلان الشرط على العقد .
وقد اعتبرت محكمة النقض بدائرة القضاء بإمارة أبو ظبي الحكم المطعون فيه مشوباً
بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ، ذلك أنه أقام قضاءه على أن عقد استثمار المدرسة قد انتهى في 2007/7/11 ، ومن ثم يكون شرط التحكيم قد انتهى بانتهاء العقد ، وإذ أقيم حكم المحكمين على شرط تحكيم قد سقط بانتهاء العقد الأصلي الذي تضمنه فإن حكم المحكمين يكون باطلاً ، برغم أن العقد امتد لمدة مماثلة حتى 2012/7/11 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وفي معرض رد المحكمة على ذلك استعرضت النص في الفقرة الأولى من المادة [203] من قانون الإجراءات المدنية على أنه: «يجوز للمتعاقدين بصفة عامة أن يشترطوا في
العقد الأساسي أو باتفاق لاحق عرض ما ينشأ بينهم من النزاع في تنفيذ عقد معين على محكم أو أكثر، كما يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة ، والنص في المادة [204] من ذات القانون على :
-1- إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده أو قام مانع من مباشرته له ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم عينت المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع من يلزم من المحكمين ، وذلك بناء على طلب أحد الخصوم بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ، ويجب أن يكون عدد من تعينهم المحكمة مساوياً للعدد المتفق عليه بين الخصوم أو مكملاً له .
-۲ - ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر بذلك بأي طريق من طرق الطعن» .
واستخلصت المحكمة أن ذلك يدل على أنه متى اتفق المتعاقدان على التحكيم للفصل فيما قد ينشأ بينهم من نزاع في تنفيذ العقد المبرم بينهما فإنه يحق لأي منهما الالتجاء إلى القضاء لتعيين أشخاص المحكمين إذا ما نشأ نزاع بينهما في هذا الخصوص يستوي في ذلك أن يكون المتعاقدان قد أغفلا أصلاً الاتفاق على المثار بينهما ....،
وقد صدر حكم المحكمين وحكمت محكمة أول درجة بالتصديق عليه، واستأنف المطعون ضده هذا الحكم ، وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء حكم المصادقة على حكم المحكمين لبطلانه ، تأسيساً على أن العقد الأصلي قد انتهى بتاريخ 2007/7/11 ، ومن ثم يكون شرط التحكيم منتهياً بانتهائه ، ويكون قد سقط بانتهاء العقد الأصلي الذي تضمنه ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم مشوباً بالفساد في الاستدلال لأن انتهاء العقد الأصلي لا يترتب عليه بمفرده سقوط شرط التحكيم بل يظل سارياً ومنتجاً لأثره بالنسبة للآثار المترتبة على إنهاء العقد الأصلي ما دام لم يمتد البطلان إلى شرط التحكيم ذاته ، ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن ، على أن يكون مع النقض الإحالة، ويمكن التمييز في هذا الصدد بين فرضين :
الأول : أن ينص في شرط التحكيم ـ صراحة ـ على أن هذا الشرط جوهري بحيث يبطل العقد إذا ما بطل هذا الشرط . ففي هذه الحالة ، لا مناص من اعتبار العقد باطلاً ببطلان شرط التحكيم. الثاني : ألا يكون قد نص في الشرط أو في العقد على أن شرط التحكيم كان هو الدافع الرئيسي لإبرام العقد الأصلي ، بمعنى أنه لولا هذا الشرط ما أقدم طرفا العقد أو أحدهما على الأقل على الاتفاق. ففي هذه الحالة إذا بطل شرط التحكيم، فلا يؤثر على وجه الإطلاق في صحة وسلامة العقد .
ولا غرو في ذلك ، فبطلان الفرع لا يستتبع بطلان الأصل بحسب الأصل .