الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / الكتب / بطلان حكم التحكيم / استقلال شرط التحكيم

  • الاسم

    د. خالد أحمد حسن
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    666
  • رقم الصفحة

    197

التفاصيل طباعة نسخ

 أن استقلال شرط التحكيم، معناه تحرره من الارتباط بالعقد الأصلي، ومقدرته على أن يحيا، ويستمر، حتى لو فسخ، أو أبطل العقد الأصلي، إلا إذا اعترى البطلان كلا من الشرط والعقد الأصلي خذ مثلاً: إذا قام شخص ناقص الأهلية، بإبرام عقد يتضمن شرط التحكيم، ففي هذه الحالة يبطل الإثنان.

ويلاحظ أن عبارة القواعد القانونية.

وتشمل أيضاً - وتتأكد بها فكرة استقلال شرط التحكيم - حالة الاستغناء عن منهج تنازع القوانين التقليدي، والالتجاء إلى تطبيق قواعد موضوعية تعطى حلولاً مباشرة تناسب التحكيم التجاري الدولي، مثل عادات وأعراض التجارة الدولية. وإن كانت تظل هناك مساحة القواعد التنازع التقليدية للعمل، نظراً لأن عادات وأعراف التجارة الدولية، لا تحوي تنظيماً متكاملاً لكافة المسائل المتعلقة بها. وبالإضافة إلى عادات وأعراف التجارة الدولية هناك الاتفاقيات الدولية - القانون الاتفاقي - التي تتضمن أيضاً بعض القواعد، التي تحوي حلولاً مباشرة.

واستقلال شرط التحكيم، يعني بالإضافة إلى كل ما سبق، أن شرط التحكيم يظل بمنأى عن أي قيود قد تكون موجودة في التشريعات الداخلية، وتقف عثرة حجر في سبيل التحكيم..

۔ على أنه في حالة إعمال القانون الأجنبي، أو القواعد الموجودة في أنظمة هيئات ومنظمات التحكيم على موضوع صحة، أو بطلان اتفاق التحكيم، يجب أن يكون في إطار أن كل قاعدة آمرة في القانون، لا يمكن أن يكون بالضرورة متعلقة بالنظام العام، أما القواعد المتعلقة بالنظام العام، فهي بالضرورة قواعد آمرا. وهو ما يتفق مع الفلسفة التي يقوم عليها نظام التحكيم.

ونضيف إلى ذلك أيضاً أن اتفاق التحكيم، يستمد من العقد الأصلي أيضاً صفة التجارية، أو المدنية.

هذا ويثار التساؤل، عن إمكانية تحويل الأطراف، سلطة الاتفاق على ارتباط شرط التحكيم بالعقد -، أي التخلي الإرادي للأطراف عن فكرة استقلال شرط التحكيم -، الذي يتضمنه وجودا وعدما، بحيث إذا فسخ العقد الأصلي، أو أبطل، فإن ذلك ينسحب بالتبعية على شرط التحكيم؟

 أرى أنه وإن كان قانون التحكيم المصري، لم ينص على ذلك، إلا أنه يجوز للأطراف الأنفاق صراحة على استبعاد فكرة استقلال شرط التحكيم، نظراً لعدم مخالفة ذلك للنظام العام، وهناك من القوانين ما ينص على ذلك مثل القانون الإنجليزي الجديد الصادر سنة 1996، فقد خول بمقتضى المادة السابعة من الأطراف إمكانية ذلك، كما أن نظام غرفة التجارة الدولية بباريس، يقضي بأنه، إذا لم يكن هناك اتفاق بين الأطراف، أن يكون شرط التحكيم، مستقلا عن العقد الذي يتضمنه.

ونظراً للفوائد الجمة - السابق الإشارة إليها -، التي يمكن جنيها من جراء إعمال مبدأ استقلال شرط التحكيم، عمل الفقه وتبعه المشرعون في دول أوربا الغربية قاطبة والولايات المتحدة الأمريكية، على تبني مفهوم المبدأ كاملاً، بالرغم من، التردد الفقهي في الأخذ به بداية. كما أن هذا المبدأ أخذ يجتذب قوانين دول أخرى كثيرة، وحل محل الفكرة التقليدية. التي تعتبر شرط التحكيم جزءا لا يتجزأ من العقد، الذي يتضمنه. كما أن هذا المبدأ، شجع القضاء، على تبنيه والعدول عن فكرة عدم استقلاله عن العقد، الذي يتضمنه. هذا بالإضافة إلى النص على هذا المبدأ أيضاً، في قانون اليونسيترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي بصيغته التي اعتمدتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي سنة 1985، والقانون الاتفاقي، ناهيك عن تبني مؤسسات التحكيم قاطبة والمنتشرة على مستوى العالم لهذا المبدأ.

استقلال شرط التحكيم في النظام القانوني الإنجليزي:

قبل صدور قانون التحكيم الإنجليزي الجديد سنة ۹۹، كانت هناك اتجاهات فقهية وفضائية مختلفة بصدد مبدأ استقلال شرط التحكيم، فذهب بعضها إلى الأخذ بالمبدأ. وذهب البعض الآخر إلى مناهضة الأخذ به. بينما ذهب البعض إلى التوسط، بحيث يعامل الشرط معاملة متميزة عن باقي بنود العقد. ولقد تغير هذا الموقف تماماً، بعد صدور قانون التحكيم الإنجليزي الجديد سنة ۹۹، حيث نص صراحة على الأخذ بالمبدأ.

استقلال شرط التحكيم قبل صدور قانون التحكيم الإنجليزي سنة 96 :

تعددت الاتجاهات الفقهية والقضائية في النظام القانوني الإنجليزي بصدد مسألة استقلال شرط التحكيم، فذهب بعضها إلى رفض الأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم. والبعض الآخر الأخذ به، وهناك اتجاه وسط بين الرأيين ذهب إليه القانون الإنجليزي - وذلك قبل قانون التحكيم الجديد الصادر سنة 1996- مقتضاه، تبلى فكرة معاملة شرط التحكيم، معاملة متميزة، بعيدا عن فكرة استقلال شرط التحكيم.

استقلال شرط التحكيم بعد صدور قانون التحكيم الإنجليزي سلة 96:

نستطيع أن نقول بأنه وفقاً للقانون الإنجليزي للتحكيم، قبل ص دور قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة 1996، كان هناك إرهاصات ومقدمات الأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم، وإن لم تصل إلى الأخذ بالمبدأ كله، لأن مبدأ استقلال شرط التحكيم، لم يؤخذ به على نحو كامل، إلا منذ صدور قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة 1996. ويعتبر هذا الأخير، قفزة هائلة، تجاه الأخذ بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم.

 فقد نصت المادة 7 من قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة 1996، تحت عنوان استقلال اتفاق التحكيم على أن أي شرط تحكيم منصوص عليه كجزء من عقد آخر أو ينوي أن يكون جزءاً من عقد آخر (مكتوب أو غير مكتوب)، لا يعتبر باطلاً، أو غير موجود، أو فاقداً لفاعليته، إذا كان هذا العقد الأخير، باطلاً، لم ير النور، أو فقد فاعليته. ولهذا السبب يعتبر اتفاقاً مستقلاً، ما لم يكن هناك اتفاق خلاف ذلك من قبل الأطراف.

ويتضح من نص المادة المشار إليها أننا، أنها نص صراحة على فكرة استقلال شرط التحكيم، بحيث يبقى شرط التحكيم سليما من الناحية القانونية، بالرغم من أي ادعاء بمخالفة العقد الأصلي، الذي يتضمن شرط التحكيم للقانون. كما أن أي زعم ببطلان العقد الأصلي، لا يمتد إلى شرط التحكيم.

ويلاحظ أيضا على نص المادة، أنها خولت الأطراف صلاحية الاتفاق على استبعاد فكرة استقلال شرط التحكيم للتحكيم. وهي بذلك قد خطت خطوة أبعد، من قواعد اليونسيترال. حيث لا ينص الأخير على هذه المكنة.

ويبدو أن نص المادة 7 من قانون التحكيم الإنجليزي محل نظر، لأن تخويل الأطراف سلطة استبعاد مبدأ استقلال شرط التحكيم، بشكل عقبة كبيرة أمام نظام التحكيم الإنجليزي، والذي قطع شوطا طويلا من التردد حتى تبلى هذا المبدأ، كما أنه يخالف بذلك ما أصبح مستقرا في الكثير من قوانين دول العالم من عدم تخويل الأطراف صلاحية استبعاد هذا المبدأ. وقد يكون النص على ذلك راجعاً إلى أن المحاكم العادية قبل قانون التحكيم الصادر سنة 1996، كانت تحتضن، وتشرف إشرافاً كبيراً على التحكيم، لذا كان ذلك مسيطراً على فكر من وضعوا القانون الإنجليزي الجديد للتحكيم.

استقلال شرط التحكيم في النظام القانوني الأمريكي:

 إذا ألقينا الضوء على مبدأ استقلال شرط التحكيم، في قوانين الولايات الأمريكية، نجدها قد اتجهت نحو ما كان معمولاً به في المملكة المتحدة، قبل صدور قانون التحكيم الإنجليزي الجديد في إبريل سنة 96.

أما فيما يتعلق بالقانون الفيدرالي وهو القانون المطبق في مجال علاقات القانون الخاص الدولي فيشير الأستاذ/ Adam Sannuel" قائلاً: بأن المحكمة العليا الفيدرالية قبل الحكم في قضية - .Prirna paints Co. v. Flood & Conklin Manu U, s، facturing corp لم تقبل فكرة استقلال شرط التحكيم، ثم يشير إلى ما نوه عنه الأستاذ/ دوماك من عدم إمكان فصل المحكمين في النزاع، إذا كان العقد الأصلي باطلاً أو غير قابل للتنفيذ بسبب مخالفة القانون، ثم عدولها عن ذلك في الحكم المشار إليه آنفا . وقد عقب قائلا، بأن هذا الأمر يلقي ظلالا كثيفة من الشك وحول اتجاه المحكمة العليا الفيدرالية. «

ويذهب الأستاذان/Alan Redfern - Martin Hunter للقول في هذا الصدد: بأن شرط التحكيم في القانون الفيدرالي، يكون مستقلا عن العقد الذي يتضمنه.

ويعقد الأستاذ/ Adam Samuel مقارنة بين الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية والقانون الإنجليزي قائلا بأنه من خلال مقارنة أسباب عدم صحة العقد في النظم القانونية المختلفة، تتسم بالصعوبة. وأنه وجد من خلال الدراسة أن القانون الإنجليزي، يختلف عن قانون الولايات المتحدة، والعديد من القوانين الأوربية، في حالة تضمن العقد الأصلي شرطة تحكيمية، حيث لا يخول المحكم، أن يقرر ما إذا كان العقد الأصلي ملزما للأطراف.«

وهذه المقارنة كانت قبل صدور قانون التحكيم الإنجليزي الجديد الصادر سنة 96، والذي كرس مبدأ استقلال شرط التحكيم، بجميع أبعاده، إلا أنه يختلف عن قوانين التحكيم في دول أوربا الغربية، والقانون الفيدرالي الأمريكي -، والقانون المصري وهو ما سنعالجه لاحقاً - في نص صراحة على تخويله الأطراف، سلطة الاتفاق على تحية هذا المبدأ.

استقلال شرط التحكيم في القانون المصري:

أثار موضوع استقلال شرط التحكيم، خلافاً فقهياً كبيراً في نطاق المعاملات الوطنية، قبل صدور قانون التحكيم المصري الجديد. فقد ذهب البعض إلى القول باستقلاله.

 وذهب البعض الآخر بعدم استقلاله. ولم يتطرق القضاء المصري إلى ذلك، أما في نطاق المعاملات الخاصة الدولية فقد أجمع فقه القانون الدولي الخاص على استقلاله. أما الموقف بالنسبة للقضاء فهناك تضارب في الأخذ به. وفيما يتعلق بالأحكام التي تبنت المبدأ فقد توصلت إلى ذلك بطرق مختلفة. ثم جاء قانون التحكيم المصري قاطعاً دابر الخلافات الفقهية في هذا الصدد، وذلك بنص صراحة عليه.

استقلال شرط التحكيم قبل صدور قانون التحكيم الجديد

 أولاً: موقف الفقه المصري من مبدأ استقلال شرط التحكيم:

  • الاتجاه غير المؤيد لمبدأ استقلال شرط التحكيم في القانون المصري:

ويترتب على ذلك ضرورة، أن تقوم هيئة التحكيم يوقف الإجراءات إلى أن تفصل المحاكم في المسألة المطروحة. ثم أردف بأن الاشتراك في التحكيم دون الاعتراض على اختصاص هيئة التحكيم، يمكن أن يعد قبولاً لحكم التحكيم، ما لم يتعلق عدم الاختصاص، بانعدام أو بطلان اتفاق التحكيم.

أما في نطاق العلاقات الخاصة الدولية، فيذهب الأستاذ الدكتور عزالدين عبد الله، إلى القول باستقلال شرط التحكيم عن العقد الذي يضمه، رغم اتصاله به مادياً، وذلك لأنه يفترق عنه من عدة وجوه. فموضوعه هو تسوية المنازعات التي يحتمل أن تتولد من العقد الأصلي، وسببه هو الالتزام المتبادل بين الأطراف بانتزاع هذه المنازعات من ولاية المحاكم والالتجاء في شأنها إلى محكمين، وهو بعد يتصف بخاصة «إجرائية»، ثم يبرر فكرة استقلال شرط التحكيم قائلا «... وذلك لأن شرط التحكيم (وهو الاتفاق التحكيمي)، يختلف عن العقد الأصلي بما له من وظيفة اقتصادية وقانونية تبرر خضوعه لقواعد خاصة (غير القواعد التي يخضع لها العقد الأصلي، من حيث شكله ومن حيث سلطة المحكمين ومن حيث مشروعية موضوعه قابلية موضوعه للتحكيم)، وحيث إنه لا تختلف مطلقا وظيفة الاتفاق التحكيمي حسب الصورة التي يجئ فيها، (صورة مشارطة التحكيم وصورة شرط التحكيم)، وليس ثمة شك في أن استقلال شرط التحكيم وما يكفله للأطراف من وسيلة ملائمة وسريعة لتسوية المنازعات بينهم بيسر لهم إبرام العقد الأصلي» أما المرحومة - بإذن الله - الأستاذة الدكتورة سامية راشد فإنها تذهب إلى القول بأنه في حالة انتقالنا من دائرة القانون الداخلي للتحكيم إلى رحاب القانون الدولي الخاص، فإن أول ما نلاحظه هو عدم تعرض الفقه المتخصص لمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم وانعكاسات ذلك بالنسبة للتحكميات في المنازعات ذات العنصر الأجنبي، كما أن المسألة لم تطرح بعد على حد علمنا أمام القضاء الوطني . على أن إغفال الفقه والقضاء لها، لا يعني عدم وجود حلول لتلك المشكلات في القانون الدولي الخاص المصري، ذلك أن ولعل الرأي الذي تقول به الأستاذة الدكتورة / سامية راشد، فيما اعتقد يبدو محل نظر، ذلك أن الاستناد فقط إلى اتفاقية نيويورك، هو استناد معيب، لأن المادة الثانية من اتفاقية نيويورك المتضمن حكماً موضوعياً، يقضي بصحة اتفاق التحكيم رغم خلوه من تعيين أسماء المحكمين. فهي قد اكتفت، بتعريف اتفاق التحكيم، وتأكد وجوب اعتراف القضاء الوطني في الدول المتعاقدة بهذا الاتفاق. فهي لم تتصد لهذه المشكلة، وتطلبت الإسناد إلى القانون المختص، وفقاً لما تشير به قواعد التنازع، التي نصت عليها المادة ۱/5/أ من الاتفاقية. هذا بالإضافة إلى أن اتفاقية نيويورك، لا تنطبق إلا في حالة صدور حكم تحكيم، ويراد تنفيذه في دولة غير التي صدر فيها.

 ولا تنطبق على حكم التحكيم الذي صدر في دولة منضمة للاتفاقية، ويتصف بالدولية ويراد تنفيذه في نفس الدولة التي صدر فيها. ومعنى ذلك أنه، إذا صدر حكم يتصف بالدولية داخل مصر، ويراد تنفيذه داخلها أيضا، فإن اتفاقية نيويورك، تعجز بلا شك عن تغطيته.

ثانياً: موقف القضاء المصري من مبدأ استقلال شرط التحكيم:

 1- الأحكام المؤيدة لفكرة استقلال شرط التحكيم:

أود بداءة أن أشير إلى أن القضاء المصري، لم يتطرق إلى موضوع استقلال شرط التحكيم في النطاق الوطني، قبل صدور قانون التحكيم المصري الجديد رقم ۲۷ لسنة 1994، إلا أنه تطرق إليه في مجال العلاقات الخاصة الدولية.

وأول حكم تعرض لهذه المسالة هو حكم محكمة النقض المصرية (1) وذهبت فيه إلى القول بأنه ليس هناك ما يمنع من الاتفاق على التحكيم في الداخل والخارج». ويعني ذلك جواز أن تتجه إرادة الأطراف، عند إبرام اتفاق تحكيم، إلى تطبيق قانون أجنبي، أو نظام مؤسسة، أو منظمة تحكيم في الخارج، وبالتالي يسري عليه من حيث الصحة، والبطلان، ولا يسرى عليه القانون الوطني.

ومن الأحكام التي تزيد أيضاً فكرة استقلال اتفاق التحكيم حكم محكمة النقض المصرية، وذهبت فيه إلى القول بأنه «لم يأت في نصوص المواد ۷۰۲ - ۷۲۷ من قانون المرافعات القديم ما يمنع من أن يكون التحكيم في الخارج على يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم، تنحصر في أن طرفا الخصومة، يريدان بمحض إرادتها واتفاقهما، تفويض أشخاص، ليس لهم ولاية القضاء، أن يقضوا بينهم، أو يحسموا النزاع، بحكم أو بصلح، يقبلان شروطه - . فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم - وكما يجوز لهما الصلح، بدون واسطة أحد، فإنه يجوز لها، تأريض غيرهما في إجراء ذلك الصلح، أو في الحكم في ذلك النزاع، ويستوي في هذا الصدد، أن يكون المحكمون في مصر، وأن يجرى فيها، أو أن يكونوا موجودون في الخارج، وأن يصدروا أحكامهم هناك.

ثم أردفت قائلة بأن «الاتفاق على محكمين يقيمون في الخارج ويصدرون أحكاما هناك، أمر لا يمس النظام العام - المادة 841 مرافعات جديد - المستفاد من نص المادة 841 من قانون المرافعات الجديد، التي أوجبت أن يصدر حكم المحكمين في مصر، وإلا اتبعت في شانه القواعد المقررة للأحكام الصادرة في بلد أجنبي – المستفاد من ذلك أن المشرع المصري و لا يرى في الاتفاق على محكمين يقيمون في الخارج، ويصدرون أحكامهم هناك، أمرا يمس النظام العام  كما قضت محكمة النقض المصرية لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه، قد تطرق بعد أن قضى بسقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم، إلى اعتبار هذا الشرط باطلاً، لعدم تضمنه أسماء المحكمين، طبقا لما أوجبته المادة ۰۲ ۳/5 مرافعات، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بإخضاعه هذا الشرط للقانون المصري دون القانون الإنجليزي الواجب التطبيق، ولا محل للقول باستبعاد أحكام القانون الإنجليزي، لمخالفتها لنص المادة ۳/502 مرافعات على فرض صحته، إذ أن ملاط استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق، وفقاً للمادة ۲۸ مدني مصري - هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر أي  متعارضة مع الأسس الاجتماعية، أو السياسية، أو الاقتصادية، أو الخلقية في الدولة، مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع، بما لا يكفي معه أن تتعارض مع نص قانوني آمر، إذ كانت المادة ۳/502 مرافعات، بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطه التحكيم، أو في اتفاق مستقل لا تتعلق بالنظام العام، على النحو السالف بيانه، فإن مخالفتها، لا تنهض مطلقاً، مبرراً، لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي (الواجب التطبيق).

كما ذهبت محكمة النقض المصرية أيضاً إلى تبنيها مبدأ استقلال شرط التحكيم قائلة بأنه «لما كان الثابت أن شرط التحكيم المدرج في سند الشحن، قد نص على أن يحال أي نزاع ينشأ، عن هذا السند إلى ثلاثة محكمين في مرسيليا، وكان المشرع، قد أقر الاتفاق، على إجراء التحكيم في الخارج، ولم ير في ذلك، ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في أن تقرير صحة شرط التحكيم، وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الفرنسي باعتباره قانون البلد، الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه، طبقاً لما تقضي به المادة ۲۲ من القانون المدني المصري، بشرط عدم مخالفة تلك القواعد للنظام العام في مصر . وكان مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق من القانون المدني المصري، هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر، أي متعارضة مع الأسس الاجتماعية، أو السياسية أو الاقتصادية في الدولة، مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع، بما لا يكفي أن تتعارض مع نص قانوني أمر. وكانت المادة 5۰۲:3 من قانون المرافعات، بما اشترطت من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطه التحكيم، أو في اتفاق مستقل، لا تتعلق بالنظام العام على النحو السالف بيانه فإن مخالفته لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد التزم هذا النظر، واعتبر شرط التحكيم صحيحاً، مرتباً لآثاره، فإنه لا يكون قد خالف القانون، أو أخطا في تطبيقه.

وبالرغم من أن هذا الحكم، قد لجأ إلى قواعد تنازع القوانين التقليدية، إلا أنه أوضح على نحو قاطع وصريح، بأن عدم تسمية المحكمين في اتفاق التحكيم، لا يتعلق بالنظام العام، نظرا لأن عدم تسمية المحكمين باسماهم، لا يترتب عليه تقويض، الأسس الاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والخلقية، في المجتمع المصري.

أنها قد حلت المشكلة عن طريق المبادئ العامة في تنازع القوانين، كما إنها استندت أيضاً إلى ما قررته اتفاقية نيويورك 58، وخاصة في المادة الثانية منها، والتي تقضي باعتراف كل دولة متعاقدة بالاتفاق المكتوب، الذي يتفق الأطراف بمقتضاه، أن يخضعوا للتحكيم كافة وأية خلافات نشأت، أو يمكن أن تنشا بينهم، فيما يتصل بعلاقة قانونية محددة، سواء أكانت، تعاقدية، أم غير تعاقدية، تتعلق بموضوع، قابل للتسوية، عن طريق التحكيم.

ثم أردفت المحكمة أن التنظيم الذي أوردته الاتفاقية في مادتها الثانية «لا يقتضي أن يقوم الأطراف أنفسهم بتسمية المحكمين بأشخاصهم في اتفاق التحكيم ذاته، فقد جاءت خلوا من وجوب اشتراط بيان أسماء المحكمين في تعيين أسماء المحكمين في ذات الاتفاق بالمفهوم الوارد فيها. فمثل هذا القيد، وإن ورد في التشريع الداخلي، فلا يسري على اتفاقات التحكيم ذات الطابع الدولي، والتي تحكمها هذه الاتفاقية دون سواها، ومقتضاها استبعاد تطبيق أحكام التشريعات الوطنية في الدول الأعضاء، واللجوء إلى تطبيق الاتفاقية وقواعدها، دون إضافة شروط تزيد على تلك التي تطلبتها.

ومن الجلي أن حكم محكمة الإسكندرية، لم يكتف بإعمال قاعدة الإسناد فقط، لكي يطبق القانون الفرنسي، والتي لا يستلزم تعيين المحكمين بأسمائهم، وإنما إرتكن أيضاً إلى نصوص اتفاقية نيويورك، والتي لا تشترط لصحة اتفاق التحكيم، أن يكون متضمنا لأسماء المحكمين.

كما قضت محكمة النقض المصرية أيضاً بأنه «وحيث أن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي هذا الصدد تقول أنه يجب الإعمال شرط التحكيم، أن يكون صحيحاً طبقاً للقانون المصري، حتى ولو كان قد اتفق على إجراء التحكيم في الخارج، ولما كان الدفع بعدم قبول الدعوى لسبق الاتفاق على التحكيم هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص وكانت المحاكم المصرية تختص طبقا للمادة ۳۰ من قانون المرافعات الدعاوى، التي ترفع على الأجنبي، الذي ليس له موطن، أو محل إقامة في مصر، فإن على القاضي الوطني طبقا للمادة ۲۲ من القانون المدني، قبل أن يتخلى عن اختصاصه للمحكمين في الخارج، أن يتثبت من صحة شرط التحكيم طبقا لقانونه، ولما كانت المادة ۰۲ ۳/5 من قانون المرافعات، قد أوجبت تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم، فإن الحكم المطعون فيه، إذ اعتبر شرط التحكيم الوارد بسند الشحن صحيحاً رغم خلوه من بيان أسماء المحكمين، ورئب على ذلك قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي، الذي قضى بعدم قبول الدعوى، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعي غير سديد، وذلك أنه، لما كان الثابت في الدعوى أن شرط التحكيم الوارد بسند الشحن، قد نص على إحالة كل ما ينشأ من نزاع، إلى ثلاثة محكمين بمدينة جوتنبرج، وكان المشرع، قد أقر الاتفاق، على إجراء التحكيم في الخارج، ولم ير في ذلك، ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم، وترتيبه الآثار، إلى قواعد القانون السويدي، باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه، بشرط إلا يكون في قواعد ذلك القانون، ما يخالف قواعد النظام العام في مصر. وإذا كانت المادة ۳/502 من قانون المرافعات بما اشترطته، من وجوب بيان أسماء المحكمين في اتفاق التحكيم أو اتفاق مستقل -، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، لا تتعلق بالنظام العام، فإن مخالفته لا تنهض مبررا لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق. وإذ التزم الحكم المطعون فيه، هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون، يكون على غير أساس.

كما ذهبت المحكمة أيضاً وحيث أنه مما تنعى به الطاعنة السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وتأويله. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم، اعتبر، شرط التحكيم الوارد بسند الشحن، باطلا، لعدم تعيين أشخاص المحكمين، أو في اتفاق مستقل، إعمالا لنص المادة ۳/502 من قانون المرافعات. ولما كان شرط التحكيم وقد تضمن الاتفاق على إحالة أي نزاع، ينشأ عن سند الشحن إلى ثلاثة محكمين في لندن، فإن الحكم بتطبيق القانون المصري على تحكيم متفق على إجرائه في لندن، ومن ثم يخضع للقانون الإنجليزي، فإنه يكون قد خالف القانون، وأخطأ في تطبيقه، وتأويله.

وذهبت المحكمة إلى القول بأنه، لما كان الثابت أن شرط التحكيم الوارد بسند الشحن موضوع الدعوى، قد نص على إحالة، ما ينشأ من نزاع إلى التحكيم في لندن. وكان المشرع، قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج، ولم ير في ذلك، ما يمس النظام العام، فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم، وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون الإنجليزي، باعتباره قانون البلد، الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه، بشرط إلا يكون في قواعد ذلك القانون ما يخالف قواعد النظام العام في مصر، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد اعتبر شرط التحكيم الوارد في سند الشحن.

كما ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أنه «إذا كان مناط استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق - وفق المادة ۲۸ من القانون المدني - هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر أي متعارضة مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع بما لا يكفي معه أن تتعارض مع نص قانوني آمر، وكانت المادة ۳/۰۰۲ من قانون المرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم أو في اتفاق مستقل لا تتعلق بالنظام العام على النحو السالف بيانه فإن مخالفتها لا تنهض مبررا مطلقا لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق«.

وقد استندت محكمة النقض في تبريرها لإيرادها القاعدة الموضوعية آنفة الذكر، إلى عدم جواز زعزعة الثقة في المعاملات الدولية، ومساعدة الأشخاص على التنكر لتعهداتهم السابقة، بعمل إرادي محض من جانبهم، يتمثل في إحجامهم عن الموافقة على تعيين شخص يختار كمحكم، كانت من الدوافع القوية، لرفض إهدار القوة الإلزامية لاتفاق التحكيم، بدعوى مخالفته للمادة ۳/502 من قانون المرافعات، على نحو يجعل الاتفاق باطلا.

وهنا نجد أن هذا الحكم قد تبني صراحة فكرة دولية للمنازعة، كي يبرر عدم بطلان اتفاق التحكيم استناداً، إلى مخالفة اتفاق التحكيم لنص المادة ۳/205 وبالتالي بعد هذا الحكم عن مجال تنازع القوانين التقليدي، بالإضافة إلى نصوص معاهدة نيويورك سنة 58 وهو اتجاه محمود في نظرنا.

ويلاحظ بعد كل ما تقدم ذكره، أن إعمال قواعد تنازع القانون التقليدية في مجال استبعاد تطبيق نص المادة

۳/502 يمكن أن يؤدي إلى تطبيق القانون المصري، أو تطبيق أي قانون أجنبي آخر، قد يوجد فيه نصاً مماثلا لنص المادة ۳/502 من قانون المرافعات المصري، بينما تطبيق قاعدة موضوعية تعطى حلاً مباشراً يؤدي إلى صحة اتفاق التحكيم، ما دام بصدد علاقه خاصة دولية، كما يؤدي إلى البعد عن أي قيود تشريعية قد توجد في أي قانون داخلي . وهو ما يفضل تطبيق قواعد تنازع القوانين التقليدية، والتي ينظر إليها البعض على أنها من معوقات التحكيم، وهو ما يعمل على تأكيد مبدأ استقلال شرط التحكيم، خاصة على ص عيد العلاقات الخاصة الدولية.

 وتقف، القيود التشريعية الداخلية، حجر عثرة أمام التحكيم خاصة على صعيد العلاقات الخاصة الدولية، وغالباً ما يقوم الأطراف بإبرام عقودهم، ويضمنوها شرط تحكيم، ويرغبون في حل أي نزاع ينشأ عن طريق هيئات ومؤسسات وغرف التحكيم المنتشرة في أنحاء العالم. وهذه الأخيرة تبين أنظمتها تعيين المحكمين، لأنها معلومة للجميع، فهل من المعقول بعد ذلك أن يقوم الأطراف بالضرب بأنظمة هذه الهيئات عرض الحائط، استناداً إلى قيود تشريعية، مثل ما تنص عليه المادة ۳/502 مرافعات - تكاد الإجابة تنطق بالنفي.

- الأحكام التي رفضت الأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم:

 ومن الأحكام التي رفضت الأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم، ما ذهبت إليه محكمة استئناف القاهرة في حكم لها بتاريخ ۸۳/5/۱۸، باختصاصها في قضية وستلاند ضد الحكومة المصرية وضد غرفة التجارة الدولية بباريس، رغم انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك، وذلك استناداً إلى عدم وجود شرط تحكيم، يسري على الحكومة المصرية في هذا المقام.

 وهنا نلاحظ أنه، بالرغم من اتجاه إرادة الأطراف، إلى تطبيق نظام غرفة التجارة الدولية بباريس، وبالتالي كان يجب سريان نظامها على موضوع صحة أو بطلان اتفاق التحكيم، ولا يجوز تطبيق القانون المصري، إلا أن محكمة استئناف القاهرة تجاهلت ذلك، وقضت ببطلان اتفاق التحكيم.

استقلال شرط التحكيم بعد صدور قانون التحكيم الجديد:

تنص المادة ۲۳ من قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹4 على أن:

يعد شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه، إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته«.

ويتضح من هذا النص استقلال شرط التحكيم في المعاملات الوطنية والخاصة الدولية على السواء بنصها صراحة على مبدأ استقلال شرط التحكيم في المعاملات الوطنية والخاصة الدولية، على السواء، وذلك بجميع أبعاده بالإضافة إلى عدم اشترطها تسمية المحكمين تلك المشكلة، التي أثارت الكثير من الخلاف، سواء في الفقه أم القضاء، وهذا ما يتفق مع ما ورد بالقانون الإنجليزي الجديد للتحكيم. ويتبقى فقط وجه خلاف واحد بين القانون المصري وقانون التحكيم الإنجليزي، يتمثل في أن القانون المصري، لم ينص صراحة على تخويل الأطراف سلطة الاتفاق على استبعاد مبدأ استقلال شرط التحكيم، بينما ينص القانون الإنجليزي على تخويلهم سلطة ذلك.

 وبالرغم من تأييد أستاذ الأجيال الدكتور / محسن شفيق، لرأي العالم الجليل الدكتور أحمد أبو الوفا، في عدم وجود مبدا استقلال شرط التحكيم، قبل صدور قانون التحكيم المصري الجديد، إلا أن هناك رأياً، يذهب إلى القول بعدول الأستاذ الكبير، عن رأيه، نظراً لصدور قانون التحكيم المصري الجديد ۲۷ لسنة 94، وكان الأستاذ الكبير هو رئيس اللجنة التي وضعت مشروعه.

ونعتقد أن هذه الحجة، لا تصمد أمام النقد، إذ أن كون أستاذنا الدكتور / محسن شفیق، كان هو رئيس اللجنة، التي وضعت مشروع قانون التحكيم المصري، لا يعني موافقته على كافة النصوص الموجودة فيه.

موقف القضاء بعد صدور قانون التحكيم الجديد:

وقد ذهبت محكمة استئناف القاهرة في هذا الصدد إلى القول بأنه، رداً على زعم المدعي، بأنه طبقاً لقانون المرافعات، يجب تعيين أشخاص المحكمين في اتفاق التحكيم، وحيث إن هذا السبب، لم يعد له محل بعد صدور قانون التحكيم 94/۲۷، والذي يحكم دعوى بطلان حكم التحكيم، وحيث إن المادة 53 من قانون التحكيم المصري، قد أوردت حالات البطلان على سبيل الحصر، وليس من بينها عدم تعيين أشخاص المحكمين في اتفاق التحكيم.

وحيث إن المدعي، قد وافق على العقد الوارد به شرط التحكيم، والذي يتضمن أن أي نزاع سيتم تسويته عن طريق التحكيم، طبقا لنظام غرفة التجارة الدولية بباريس، وأنه عندما وافق على قبول هذا الشرط، يكون مفترضاً فيه، أنه يعلم نظام غرفة التحكيم الدولية التي قبل أن يكون التحكيم طبقاً لقواعدها، وبمراجعة قواعد الغرفة، نجد أن نظامها يعطي المحكمة التحكيم سلطة كبيرة في تعيين واعتماد المحكمين، سواء أكانوا حكما منفرداً أم هيئة مكونة من ثلاثة محكمين.

وحيث إن مجرد اعتماد قواعد هيئة دولية في اتفاق التحكيم، يكفي لصحة هذا الشرط، وأنه سيتم تعيين المحكمين وطبقاً لقواعد هذه الهيئة الدولية، التي اتفق عليها الأطراف. وحيث إن المدعي قد قبل الخضوع لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس، فإنه يكون قد قبل تحديد أشخاص المحكمين طبقاً لقواعد هذه الغرفة، وطبقاً للاختيار من قوائم المحكمين المعتمدين لدى هذه الهيئة الدولة في اتفاق التحكيم، وبالتالي تعد هذه القواعد مكملة لشرط التحكيم ولاتفاقه، وهي تنص بوضوح على كيفية تعيين أشخاص المحكمين، طبقاً لقواعدها، وقوائم المحكمين المعتمدين لديها، وبتوقيع المدعى على شرط التحكيم المتضمن قواعد غرفة التجارة، يكون قبل تعيين المحكمين، طبقاً لقواعدها، مما يجعل هذا السبب الذي يستند له المدعي خليقاً بالرفض .