الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري دراسة قانونية مقارنة / استقلالية شرط التحكيم

  • الاسم

    شاهر مجاهد الصالحي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    67

التفاصيل طباعة نسخ

استقلالية شرط التحكيم

معنى الاستقلالية :

    جاء في مجلة الأحكام العدلية " التابع تابع.." لأن التابع للشيء في الوجود تابع له في الحكم. وجاء في المجلة أيضاً " إذا سقط الأصل سقط الفرع "  هاتان القاعدتان من القواعد المستقرة في فقه وقضاء الدول العربية.

    أما علاقة ذلك باستقلالية شرط التحكيم، فقد كان المفهوم التقليدي يعتبر أن وجود عقد أصلي بين طرفين يتضمن شرطاً تحكيمياً وأن هذا العقد صار باطلاً لأي ، أو أنه تم فسخه بإرادة الطرفين أو بإرادة أحدهم المنفردة، فإن هذا الشرط التحكيمي يسقط تبعاً للعقد الأصلي وأن انتهاء العقد يؤدي إلى انتهاء شرط التحكيم.

     ولكن تطور قواعد قانون التجارة الدولية أدى بدوره إلى تطور في قواعد التحكيم مما أدى إلى الخروج على المفهوم التقليدي هذا، وإرساء مبدأ جديد يجعل بقاء شرط التحكيم مستقلاً قائماً وصحيحاً ما دام أن البطلان أو الفسخ كان للعقد الأصلي ولم يلحق شرط التحكيم.

     ولذلك فإن المبدأ الذي أصبح معترفاً به ومستقراً في تشريعات التحكيم الحديثة ومنها القوانين محل الدراسة هو أن لشرط التحكيم استقلاليته التامة عن العقد الأصلي، الوارد فيه هذا الشرط، وهذا المبدأ يعني أن شرط التحكيم رغم أنه يعتبر بنداً في العقد الأصلي إلا أنه منفصل انفصالاً تاماً عن هذا العقد، وأن العقد الأصلي المبرم بين الأطراف يحتمل أن يكون له قانون مختلف عن القانون الذي يحكم شرط التحكيم الوارد في العقد.

     ولكن استقلالية الشرط التحكيمي، لا يعني بأي حال أن هذا الشرط لا يمكن أن يبطل أو أن يتم فسخه أو يكون معرضاً للانقضاء بل إن المقصود هو أن شرط التحكيم لا يبطل أو ينقضي تبعاً لبطلان أو انقضاء العقد الأصلي. ولكن قد يلحق البطلان شرط التحكيم بذاته وليس بسبب تبعيته للعقد الأصلي. فإذا افترضنا أن شرط التحكيم يتعلق بمسألة لا يجوز فيها الصلح، في هذه الحالة يعتبر هذا الشرط باطلاً بحكم القانون لأنه لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح .

الاستقلالية في نصوص قوانين التحكيم :

      في قانون التحكيم النموذجي جاء في المادة (۱/۱٦) منه ما يلي "يجوز لهيئة التحكيم البت في اختصاصها، بما في ذلك البت في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو بصحته، و لهذا الغرض، ينظر إلى شرط التحكيم الذي يشكل جزءاً من عقد كما لو كان اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى. وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم".

    وفي قانون التحكيم المصري تنص المادة (۲۳) على الآتي " يعتبر شرط التحكيم الفاقاً مستقلاً من شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهالته أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته".

     وفي قانون التحكيم الأردني تنص المادة  (۲۲) على أنه يعد شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، ولا تترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته".

   وفي نظام التحكيم السعودي تنص المادة (۲۱) على أنه يعد شرط التحكيم الوارد في أحد العقود اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى. ولا يترتب على بطلان العقد - الذي يتضمن شرط التحكيم أو فسخه أو إنهائه بطلان شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته".

    وفي قانون التحكيم اليمني تنص المادة (١٦) على جواز " أن يكون اتفاق التحكيم على شكل عقد مستقل (وثيقة التحكيم) أو على شكل بند في عقد (شرط التحكيم) وفي الحالة الأخيرة يعامل شرط التحكيم باعتباره اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى وإذا حكم ببطلان العقد ذاته أو بفسخه فإنه لا يترتب على ذلك بطلان شرط التحكيم " .

    و في قانون التحكيم السوري تنص المادة (۱۱) على أنه " يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً من شروط العقد الأخرى ولا يترتب على انتهاء العقد أو بطلانه أو نسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم متى كان (هذا الشرط) صحيحا في ذاته ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك ".

    وفي قانون التحكيم العراقي تنص المادة (۹) منه على أنه " يعد شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً من شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على انقضاء العقد أو بطلانه أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك".

     إذا تمثل مسألة مبدأ استقلاليه شرط التحكيم بهذا المفهوم وبنصوص متطابقة تقريباً، نقطة الفاق بين القوانين العربية التي أشرنا إلى نصوصها أعلاه.

     ومؤدى كل ذلك هو أن الشرط التحكيمي يعتبر مستقلاً تماماً عن بنود العقد الأخرى الوارد به الشرط، ويترتب على ذلك القول بأن بطلان العقد أو فسخه أو انتهائه لا يكون له أي أثر على شرط التحكيم الذي يبقى قائماً ويجب إعماله ما دام أن الشرط التحكيمي بذاته صحيحاً، وفي هذه الحالة، يحال النزاع إلى التحكيم بالرغم من أن العقد ككل باطل أو تم فسخه أو منته.

الاستقلالية في التطبيقات القضائية :

   ومبدأ استقلالية شرط التحكيم عن بنود العقد الأصل هو ما استقر عليه الاجتهاد القضائي العربي.

     ففي لبنان: قضت محكمة استئناف بيروت بأن " استقلال البند التحكيمي عن العقد الذي يتضمنه، بحيث يبقى البند التحكيمي نافذا بالرغم من بطلان العقد، ومبرر ر ذلك يكمن في أن طرح مسألة بطلان العقد من قبل الفرقاء لا يمكن أن يجد حلاً إلا من خلال إعمال البند التحكيمي الذي يولي المحكم الاختصاص للبحث في المسألة المذكورة، بحيث إن البند التحكيمي يبقى متمتعاً بكيان قانوني مستقل عن العقد ".

    وفي حكم آخر قالت محكمة استئناف بيروت إن: "الاجتهاد اعتبر أنه بالنسبة إلى البند التحكيمي الذي يرتبط بعقد أساسي يستمر البند التحكيمي قائماً وسارياً بعد انتهاء العقد المذكور لحل النزاعات الناتجة عن هذا العقد، والتي قد تنشأ بعد انقضائه ".

     وفي دولة الإمارات العربية قضت محكمة تمييز دبي بأن " بطلان العقد الأصلي المتضمن شرط التحكيم أو فسخه أو إنهاته غير مانع من أن يظل شرط التحكيم سارياً ومنتجاً لأثره - ما لم يعتد البطلان إلى شرط التحكيم ذاته - متى تضمن هذا الشرط أن أي نزاع يتعلق بالعقد يحال إلى التحكيم ".  وفي حكم سابق قضت هذه المحكمة بأن " بطلان العقد الأصلي المتضمن شرط التحكيم أو فسخه أو إنهائه غير مانع من أن يظل شرط التحكيم سارياً ومنتجاً لأثره ما لم يمتد البطلان إلى شرط التحكيم ذاته فيكون في هذه الحالة لا أثر له، وذلك باعتبار أن شرط التحكيم له استقلالية وموضوع خاص به ".

     وفي البحرين قضت محكمة التمييز البحرينية بأن " الاتفاق على التحكيم بتلاقي إرادة أطرافه على طرح نزاعهم بشأن تنفيذ عقد معين على محكمين بدلاً من القضاء العادي هو عقد قائم بذاته له كيانه القانوني المستقل عن العقد الأصل محل النزاع سواء ورد ضمن المحرر المثبت لهذا العقد في صورة شرط من شروطه أو ورد في وثيقة خاصة منفردة، فلا يتأثر مصيره بمصير ذلك العقد بطلاناً أو فسخاً طالما وجد النزاع الناشئ عن تنفيذه وهو محل عقد التحكيم " (٤) وفي سلطنة عمان: وعلى عكس ذلك قُضي بأن "شرط التحكيم الذي يرد في العقد مثل سائر الشروط وليست له أي استقلالية عن العقد".

     وملخص القضية أن طرفين كانت تجمعها اتفاقية محددة بأجل معين وبعد انتهاء أجل الاتفاقية نشأ نزاع بين الطرفين. فتقدم أحدهما بدعوى أمام المحكمة التجارية بمسقط ورد الطرف الثاني بدفع بعدم الاختصاص لوجود شرط تحكيم .

     المحكمة التجارية الابتدائية بمسقط قبلت الدفع بوجود شرط التحكيم رغم انتهاء الاتفاقية التي تضمنت شرط التحكيم، وأوردت في حيثياتها أن البند التحكيمي يخلو من أي قيد زمني الاعمال الاتفاق على التحكيم وأن التحكيم إذا ما نص عليه يبقى أثره ناقلاً أثناء فترة سريان الاتفاقية أو بعد انتهائها".

     لكن محكمة استئناف مسقط أبطلت حكم المحكمة الابتدائية وقضت " بعدم استقلالية شرط التحكيم، مثله مثل الشروط الأخرى، بانتهاء مدة الاتفاقية ينتهي شرط التحكيم".

    ومما قالته في حيثياتها "بانتهاء الاتفاقية تنتهي كافة الآثار القانونية الناتجة عنها، إذ لا يمكن أن يفهم أن شرط التحكيم وجد لحكم العلاقة بين الطرفين إلى الأبد". المحكمة العليا بدورها أيدت حكم محكمة الاستئناف قائلة: "إن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يقوم على أساس متين علل قضاؤه تعليلاً سالفاً واقعاً وقانوناً مستوفياً البيان ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق فكان ما تقدم بمنأى عن شائبة الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال ".

 

تجدر الإشارة أن المادة (۲۳) من قانون التحكيم العماني تنص على الآتي: يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته.