الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / الكتب / التحكيم الدولي الخاص / مبدأ استقلال لاشرط التحكيم

  • الاسم

    د. إبراهيم أحمد إبراهيم
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    405
  • رقم الصفحة

    105

التفاصيل طباعة نسخ

مبدأ استقلال شرط التحكيم

 يبدو استقلال شرط التحكيم أمراً غير منطقى ، كما يتعارض مع المبادئ العامة التي تقضى بأن " الجزء يتبع الكل" وأن ما بني على باطل فهو باطل. 

وهذا ما ذهب إليه بالفعل القضاء الانجليزى لرفض مبدأ استقلال شرط التحكيم وهو ما تأثرت به بعض الدول الأنجلوسكسونية مثل استراليا وكندا والهند وباكستان .

ثم بدا القضاء الانجليزى يتأثر بالاتجاه نحو الاستقلال الذى ظهر فى الدول الأخرى، فبدا يجيز بقاء شرط التحكيم ولو فسخ العقد الأصلى أو انقضى أو شابه بطلان نسبى أو نزاع حول تفسير إرادة أطرافه، بينما يأخذ شرط التحكيم حكم العقد الأصلى إذا لم يكن له وجود قانونی من الأصل، كما لو كان باطلاً بطلانا مطلقاً، أو لم يكن قد انعقد من البداية .

هذا وقد انتهى الأمر بأن أخذ القانون الانجليزى للتحكيم الصادر عام 1996 بمبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الذى يرد فيه فلا يتأثر بما قد يلحق به من بطلان .

فاستقلال الشرط التحكيم يعنى أن ننظر إلى شرط التحكيم الوارد في عقد على أنه يعتبر عقدا قائماً بذاته، رغم أنه ليس إلا جزءاً من هذا العقد أو أحد بنوده .

وسيترتب على مبدأ الاستقلال تقرير الاستقلال القانونى لشرط التحكيم عن العقد الأصلى، بحيث يمكن إخضاع كلا منهما لقانون مختلف عن القانون الذى يحكم الآخر، كما يترتب على ذلك ألا يؤثر بطلان أيا منهما على الآخر.

وقد أتى الخروج على القواعد العامة التى تجعل شرط التحكيم بدور وجوداً وعدما مع العقد الذى أورده، لتلبية اعتبارات التجارة الدولية .

وتوجت هذه الجهود عام 1923 بتوقيع بروتوكول جنيف في شأن شرط التحكيم مما استتبع اتجاه الكثير من الدول إلى الاعتراف بشرط التحكيم وتسويته باتفاق التحكيم .

وبدأ يبرز الاتجاه إلى دعم شرط التحكيم على الصعيد الدولى في القضاء الفرنسى، فأصدرت محكمة النقض الفرنسية حكمين سنة 1930 وسنة 1931 میزت فيهما فى شأن شرط التحكيم بين المجالين الداخلى والدولى . مقررة عدم ضرورة توافر الشروط التي يتطلبها القانون الفرنسى (م 1006 مرافعات) لصحة شرط التحكيم متي ورد في عقد متعلق بالتجارة الدولية .

وجاعت مراعاة ظروف التجارة الدولية لصالح شرط التحكيم أيضاً فى قضية Gosset  التى أبرزت فيها محكمة النقض الفرنسية سنة 1963 ميلها إلى تقرير استقلالية شرط التحكيم .

" أن اتفاق التحكيم سواء ورد مستقلاً أو مندمجاً فى تصرف قانونی له استقلال قانونی کامل، يستبعد تأثره بما قد يطرأ على التصرف من بطلان، وذلك فيما عدا أي ظرف استثنائى ".

ويبدو أن إشارة الحكم إلى مراعاة الظروف الاستثنائية كان نتيجة الرغبة المحكمة في التحفظ، باعتبار أن استقلال شرط التحكيم يمثل القاعدة العامة، 

وقد استبعدت محكمة النقض الفرنسية سنة 1971في قضايا IMPEX التحفظ المتعلق بالحالات الاستثنائية واكتفت بتقرير القاعدة التى سبق أن أقرتها المحكمة ومؤداها يتمتع اتفاق التحكيم فى القانون الدولى الخاص باستقلال قانونی" 

كما أكدت محكمة النقض الفرنسية دعمها لاستقلال شرط التحكيم على صعيد التحكيم الدولي في قضية Hecht  سنة 1972 مقررة أن "لاتفاق التحكيم استقلال قانونی کامل في مسائل التحكيم الدولى ".

ومن ناحية أخرى فلقد عالج المشرع الفرنسى مسألة أثر بطلان شرط التحكيم على العقد الأصلى الذى يشتمل على الشرط مقرراً أن بطلان شرط التحكيم لا يؤثر على العقد الأصلى الذى تضمن شرط التحكيم .

" إذا كان شرط التحكيم باطلا ، فإنه يعد غير مكتوب "..

وقد أخذت بعض الدول بمبدأ استقلال شرط التحكيم بنصوص صريحة في تشريعاتها، كما هو الأمر في التشريع الأسباني 

وفي مصر كان قد ثار الخلاف في الفقه قبل صدور قانون التحكيم الحالى حول مدى استقلال شرط التحكيم في المعاملات الوطنية .

فبعد أن ذهب رأى إلى أنه " في التحكيم يتلاقي البطلان الموضوعى والبطلان الإجرائى عن مخالفة واحدة ... ولا ينفى أنه يتعين أن تكون فى الاعتبار التفرقة بين بطلان العقد المتضمن شرط التحكيم وبطلان اتفاق التحكيم . 

بينما ذهب اتجاه آخر إلى أنه "رغم ورود شرط التحكيم فى العقد الأصلى، فإنه يجب القول باستقلاله عن هذا العقد ".

وفي مجال المعاملات الدولية غلب الاتجاه نحو استقلال شرط التحكيم. ونحن نؤيد استقلال شرط التحكيم، وبقاؤه نافذاً بالرغم من بطلان الاتفاق الأصلى نظراً لأن حاجة الأطراف إلى التحكيم تزيد في حالة عدم صحة اتفاقهم أو وجود سبب من أسباب بطلانه .

كما أن فى تقرير استقلال شرط التحكيم ما يساعد الأطراف على الوصول إلى حل سريع لخلافاتهم . .

وبذلك يكون المشرع قد اتخذ موقفا واضحا، أكد به تأييده لمبدأ استقلال شرط التحكيم، وعدم تأثره بأى بطلان يطرأ على العقد الأصلى الذى أورده، كما صرح بأن فسخ العقد وإنهائه لا يؤثر على شرط التحكيم الوارد

قد يفسر عدم تعرض التشريع لبيان هذه الحالة، على خلاف تعرضه الحالة بطلان العقد وعدم تأثير ذلك على شرط التحكيم الذي أورده، بما يعني إمكان تأثر العقد ببطلان شرط التحكيم الذى اشتمل عليه هذا العقد .

وهو ما يرتب أيضا عدم تأثر العقد الأصلى بأي عيب يلحق بشرط التحكيم الوارد في هذا العقد .

فبطلان شرط التحكيم يعنى أن اتفاق مستقل عن العقد الأصلى قد أبطل، فيبقى هذا العقد قائمة، طالما لم يلحقه عيب .

وقد أقرت مبدأ استقلال شرط التحكيم - لوائح هيئات التحكيم الدائمة، مثل القواعد التى أقرتها لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولى ، التى تقضى المادة 21 منها أن شرط التحكيم الذى يرد في عقد ينص على التحكيم وفقا لهذه القواعد سيعامل باعتباره اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى.

ويجرى المحكمين فى منزل منازعات التجارة الدولية على إقرار مبدأ استقلال شرط التحكيم ، وتأكيد اختصاص المحكم بتحديد اختصاصه .

أن اختصاص المحكمين يتعارض مع الاختصاص المقصور على المحاكم الإيطالية، مما يفقد حكم التحكيم قيمته التنفيذية فيما لو صدر .

إلا أن هيئة التحكيم رفضت الدفع بعدم اختصاصها. واستندت في ذلك إلى الفقرة الرابعة من المادة الثامنة من نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية، التى تقرر أن بطلان العقد أو انعدامه لا ينفى اختصاص المحكم إذا ارتأى صحة اتفاق التحكيم - طالما لم يوجد اتفاق على غير ذلك .

وقررت أنه حتى في حالة انعدام العقد أو بطلانة، فإن نظام الغرفة يقرر أن المحكم يظل مختصا لتحديد حقوق كلا الطرفين، وللفصل في ادعاءاتهما وطلباتهما. كما رفضت هيئة التحكيم ما تدعيه الشركة الإيطالية

وهو نفس ما قضت به هيئة تحكيم انعقدت فى باريس فى إطار غرفة التجارة الدولية، فى نزاع بشأن عقد بين فرنسيين وشركة فرنسية ادعت بطلان اتفاق التحكيم نتيجة لبطلان عقد العمل الذي تضمن شرط التحكيم .

إلا أن الواقع أن المحكم لن يقرر بحال من الأحوال عدم صحة شرط كم كنتيجة لعيب لحق بالاتفاق الأصلي الذي أورد الشرط. .

فتقرير مبدأ الاختصاص بالاختصاص يعنى ترك تقدير مدى الأخذ بمبدأ استقلال شرط التحكيم للمحكم، ولا شك أنه سيكون أكثر ميلا للأخذ بمبدأ الاستقلال مما يستتبع اختصاصه بالفصل في النزاع .

وكان البعض قد حاول تقرير الأخذ بالمبدأ فى مصر قبل صدور قانون التحكيم الحالى على أساس انطباق القواعد التى أوردتها اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸

والحقيقة أن اتفاقية نيويورك لم تتعرض لمبدأ استقلال شرط التحكيم، ويرجع هذا إلى أنها معاهدة " للاعتراف بأحكام التحكم الأجنبية وتنفيذها ".

مما يدل على أن الدافع إلى الادعاء بنص الاتفاقية على المبدأ ينبع من الرغبة فى التمسك بتطبيقه في مصر، وهو الأمر الذي لم يعد في حاجة إلى تبرير قانونی بعد نص المشرع صراحة عليه في المادة 23 من قانون التحكيم المصرى التى عرضنا لها .

ويذهب البعض إلى اعتبار أن مبدأ استقلال شرط التحكيم من القواعد الموضوعية للقانون الدولي .