الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / الكتب / شروط اتفاق التحكيم وأثاره / مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. باسمة لطفي دباس
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    602
  • رقم الصفحة

    291

التفاصيل طباعة نسخ

مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

  يذهب أنصار النظرية التقليدية إلى أن اتفاق التحكيم والعقد الأصلي يشكلان كلاً لا يتجزأ. 

  وينتج عن تطبيق هذه النظرية أن هيئة التحكيم لا تملك سلطة الفصل مسألة اختصاصها، وعليه فهي ملزمة بوقف السير في إجراءات التحكيم إلى أن يفصل قضاء الدولة بهذه الدفوع.

  وقد تعرضت هذه النظرية لنقد شديد لأنها تقف عائقاً أمام تطــور قضاء التحكيم في التجارة الدولية. وعليـــه فإن هيئة التحكيم تختص بالفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود العقد الأصلى أو بطلانه. 

مبدأ استقلال اتفاق التحكيم مفهومه - اسمه – مفترضاته 

  يقوم مبدأ استقلال اتفاق التحكيم على فكرة مفادها: عدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي الذي يتضمنه. ومؤدى ذلك عدم تأثر مصير اتفاق التحكيم وجوداً وعدماً بمصير العقد الأصلي. وعليه إذا كان العقد الأصلي باطلاً أو مفسوخاً أو غير ذلك، فإن ذلك لا يؤثر على اتفاق التحكيم الذي يظل موجوداً باعتباره عقداً قائماً بذاته له أركانه الخاصة به.

على أنه يشترط للقول باستقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي توافر الشرطين التاليين

أولاً : أن يكون اتفاق التحكيم كعقد قد أُبرم صحيحاً متوافرة أركان وجوده وصحته القانونية من رضا وأهلية ومحل وسبب، إذ إن الهدف من إعمال مبدأ الاستقلال حماية اتفاق التحكيم الصحيح، وجعله في منأى من أي عيب قد يلحق العقد الأصلي. 

ثانيا: عدم اتفاق الأطراف على ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمـصير العقد  الأصلي ، بحيث يعتبر اتفاق التحكيم جزءاً لا يتجزأ من هذا الأخير. مثل هذه الحالة يجب احترام اتفاق الأطراف، ومن ثم عدم تطبيق استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي.

   هذا ويُلاحظ أن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي يقــوم على عدة أسس أهمها :

أولا: لا يجوز وضع قضاء التحكيم في مرتبة أدنى من قضاء الدولــة مـن خلال ربط مصير المحكم ومهمته المستمدة من اتفاق التحكيم بمصير الأصلي، بحيث يزول المحكم ومهمته بزوال ذلك العقد.

    وترجع هذه الأهمية للتحكيم انطلاقاً من كون المحكم يفصل في النزاع المعروض عليه بحكم حاسم وملزم يتم تنفيذه جبراً في مواجهة مــــن صـــــدر ضده.

  ثانياً: إن اتفاق التحكيم يختلف عن العقد الأصلي من حيث سببه وموضوعه. وهو بهذه المثابة يُعد عقداً له ذاتيته المتميزة والمستقلة عن العقد الأصلي. إذ إن سبب اتفاق التحكيم هو رغبة الأطراف في إقصاء قضاء الدولة عن نظر النزاع، وتخويل مهمة الفصل فيه إلى قضاء التحكيم في حين سبب العقد الأصلي وهو الباعث الدافع إلى التعاقد، فيقاس بمعيار شخصي يختلف مــن شخص إلى آخر باختلاف العقود. 

   أما فيما يتعلق بالموضوع اتفاق التحكيم فهو تسوية النزاع بطريق التحكيم، بينما موضوع العقد الأصلي هو تنظيم حقوق ومراكز قانونية تهم الأطراف. 

   ثالثاً: لا يمكن الوصول إلى تحقيق الاقتصاد في الوقت والإجراءات إلا من خلال تكريس مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي. أما إذا كان مصير اتفاق التحكيم يدور وجودا وعدما مع مصير العقد الأصلي، بحيث إذا كان العقد الأصلي باطلا أو مفسوخا... فإنه يتعين على هيئة التحكيم وقف حة العقد سير إجراءات التحكيم إلى حين فصل قضاء الدولة في مدى صحة العقد  الأصلي من عدمه.

موقف الأنظمة القانونية الوضعية من مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

موقف القانون الفرنسي من مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

يتعين التفرقة بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي.

أولا: التحكيم الداخلي

   حتى عام ۱۹۲٥ لم يكن ليُثار الحديث عن مبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي. إذ إن القضاء الفرنسي ظل مصرا على رفض الاعتراف بصحة شرط التحكيم.

   وقد مر الاعتراف بصحة شرط التحكيم بمراحل عدة بدأت بصدور تشریع خاص عام ۱۹۲٥ يجيز شرط التحكيم في المسائل التجارية. 

  وبوجه عام ظل شرط التحكيم - أيَّاً كانت الصورة التي يُبْرَم فيها - محظوراً بموجب المادة (٢٠٦٠) من قانون المرافعات الفرنسي في المسائل المتعلقة بالحالة والأهلية والمنازعات المتعلقة بالدولة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة وبوجه عام في كافة المسائل المتعلقة بالنظام العام. 

  فقد برزت قاعدة أن العقد الأصلي يمكن أن يكون صحيحاً في حين قد يبطل اتفاق التحكيم ، ومن ثم فإن بطلان اتفاق التحكيم لا يؤثر على بقاء العلاقة الأساسية، وبالتالي اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها .

   وهكذا فقد برزت قاعدة استقلال العقد الأصلي عن اتفاق التحكيم في الفرض الذي يكون فيه اتفاق التحكيم باطلاً.

ولكن طرح التساؤل المعاكس:

ما أثر بطلان العقد الأصلي على اتفاق التحكيم ؟ .

   انقسم الفقه الفرنسي حول الأخذ بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي في مجال العلاقات الوطنية البحتة إلا أن الرأي الراجح يرى ضرورة الأخذ بهذا المبدأ، وما يترتب على ذلك من اختصاص هيئة التحكيم بنظر الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما فيها تلك المبنية على بطلان العقد الأصلي أو فسخه أو إنهائه .

وقد جرى قضاء محكمة النقض الفرنسية على التأكيد على تبعية اتفاق التحكيم للعقد الأصلي، بحيث يرتبط مصيره وجوداً وعدما مع مصير  العقد الأصلي مع ما يترتب على ذلك من حرمان هيئة التحكيم المنازعات المتعلقة ببطلان العقد الأصلي، بحيث يتعين عليها حين الدفع أمامها ببطلان العقد الأصلي - أن توقف سير إجراءات التحكيم لحين فصل قضاء الدولة في صحة هذا العقد.

   واستطاع المشرع الفرنسي بموجب قانون المرافعات الجديــد حــــســم الخلاف متبنياً مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي بجميع أبعاده.

وهذا ما يستفاد من المادة (١٤٦٦) من قانون المرافعات التي نصت على أنه:

"إذا نازع أحد الأطراف أمام المحكم في أساس أو نطاق سلطته القضائية، فإن المحكم هو وحده الذي يفصل في صحة ونطاق هذه السلطة.

ثانيا: التحكيم الدولي

  بالنظر لمتطلبات البعد الدولي للعلاقات محل اتفاقات التحكیم، فقد لوحظ نشأة تنظيم مغاير لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم وإعطائه مفهوماً جديـداً يتفق ومقتضيات العلاقات الدولية الخاصة . 

   فقد اعترف لهيئة التحكيم باختصاصها في تقرير مسألة اختصاصها حتى لو تمسك أطراف العلاقة بعدم اختصاصها بنظر النزاع استنادا إلى بطلان العقد الأصلي بطلاناً مطلقاً وفقاً لأحكام القانون الفرنسي الواجب التطبيق.

   وفي ۱۹ فبراير سنة ۱۹۳۰ وفي ۲۷ يناير سنة ١٩٣١ أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكمين متعاقبين يقرران قاعدتين هامتين:

1- القاعدة الأولى: إذا كان العقد مرتبطاً بالتجارة الدولية وتضمن شرط تحكيم، فإن هذا الشرط يبقى صحيحا، ولو كان غير مستوف للشروط التــــي حددتها المادة (١٠٠٦) من قانون المرافعات الفرنسي. 

ويرجع ذلك إلى أن القاعدة التي أوردتها هذه المادة لا تُعدُّ في مثل هذه الحالة من النظام العام.

2- القاعدة الثانية: إن المعيار في دولية العلاقة وفقا لهذا المفهـوم إنمــا بارتباطها بمصالح التجارة الدولية، حتى ولو كان العقد الأصلي وطنيا من حيث أطرافه ومكان انعقاده وسائر عناصره .

   وعليه إذا كانت العلاقة دولية لارتباطها بمصالح التجارة الدولية، فإنه يجوز لأطرافها تضمينها شرط تحكيم يُعتد به دون تقيد بالقواعد الوطنية التي تعالج مسألة الصحة والبطلان، فهذه تسري فقط بشأن المعاملات الوطنية البحتة، ولا أثر لها على العلاقات الدولية، كما أنها لا تنال من صحة اتفاق التحكيم في مجال العلاقات الدولية الخاصة بحسب المعيار المتقدم.

   و بانضمام فرنسا إلى اتفاقية نيويورك حدث تطور قضائي استهدف الاعتراف بصحة اتفاق التحكيم استقلالا عن أي نظام قانوني وطني داخلياً كان أم أجنبياً.

  وعندما صدر تشریع ۱۲ مايو ۱۹۸۱ بشأن التحكيم الدولي لم يتناول هذه المسألة تاركاً إيَّاها لاجتهاد القضاء. حيث ورد في التقرير المقـــدم مـــــن وزير العدل الفرنسي إلى رئيس الوزراء حول التشريع الجديد للتحكـیم الدولي: "أنه لا يتعارض البتة مع المبادئ المستقرة في قضاء محكمة النقض الفرنسية فيما يتعلق بالنظام القانوني للتحكيم الدولي.

   هذا وقد كانت محكمة النقض الفرنسية قد أقرت في حكمها الصادر في 7 مايو سنة ١٩٦٣ مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، وذلك في القضية المعروفة باسم " Gosset" والتي تتلخص وقائعها بأنه: "أثير النزاع حول تنفيذ حكم تحكيم صدر في إيطاليا بناء على شرط تحكيم ورد في عقد بين مستورد فرنسي ومصدر إيطالي، حيث قضى الحكم بالتعويض للمصدر الإيطالي نظراً لخطأ المستورد الفرنسي في تنفيذ التزاماته

التعاقدية. 

   وقد تمسك المستورد الفرنسي بعدم جواز تنفيذ حكم التحكيم، وذلك على أساس أن العقد الذي تضمن شرط التحكيم باطل بطلانا مطلقاً لمخالفته للنظام العام الفرنسي، نظرا لعدم مراعاته للقواعد الآمرة الخاصة بالاستيراد، وتأسيساً على بطلان العقد الأصلي، فإن الأمر يستتبع تقرير بطلان شرط التحكيم، وإهدار حكم التحكيم الذي صدر بناء عليه على أن محكمة النقض الفرنسية قد رفضت هذا الدفع إعمالا لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلى ".

   ومما قالته محكمة النقض الفرنسية لتبرير هذا الاستقلال: "إن اتفاق التحكيم وإن أُدرج في العقد، فإنه يرد على موضوع غير موضوع العقد. 

   وأخيراً أصبح مبدأ استقلال اتفاق التحكيم من المبادئ المستقرة فـــي فرنسا، بل أصبح من المسلمات كقاعدة قضائية مقررة.

موقف القانون المصري من مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

    لم يلق مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي عناية كافية من جانب الفقه المصري.

   فقد ذهب جانب من الفقه - وهو لم يتناول مبدأ استقلال اتفاق التحكيم إلا بصورة ضمنية غير مباشرة عندما تناول جانباً واحداً لمبدأ الاستقلالية في صدد مناقشة أثر اتفاق التحكيم في شأن تنفيذ عقد على الطلبات الخاصة بفسخه أو بطلانه - إلا أن المحكم لا يملك سلطة الفصل في مدى صحة العقد الأصلي، وذلك عند التمسك أمامه ببطلان هذا العقد أو فسخه، ويستند فـــي التحكيم، رأيه هذا إلى أن المحكم يستمد سلطاته من العقد الذي تم الاتفاق فيــه  على التحكيم ، فكيف يمكنه أن يفصل في صحة عقد هو مصدر سلطته. وعليه فهو  لا يملك الحكم بنفسه في شأن توافر صفته كمحكم أو عدم توافرها، وفي شأن مدى جواز طرح التحكيم عليه من عدمه، وفي بطلان أو صحة العقد الأصلي مصدر سلطته.

واكتفى بعض الفقه- بالإشارة إلى الرأي السابق باعتباره الرأي الراجح فقهاً قائلاً: "وفقاً للرأي الراجح فقها، فإن شرط التحكيم لا يستقل عن العقد الذي تضمنه، ونتيجة لذلك، فإنه إذا تم الادعاء أمام هيئة التحكيم ببطلان العقد، فإن هيئة التحكـيم  ذلك هذه بوصفها خارجة عن إطار محاكم الدولة لا تستطيع الفصل فـى الادعاء. ويتعين على هيئة التحكيم عندئذ أن توقف الإجراءات أمامها إلى حين صدور حكم قضائي يفصل في مسألة بطلان العقد من المحاكم القضائية المختصة . 

  إلا أن هذا الفقه وفي نقده لحكم محكمة النقض الفرنسية الصادر بتاريخ ٧ مايو سنة ١٩٦٣ في قضية "Gosset" فيما قالته لتبرير استقلال اتفاق التحكيم في مجال المعاملات الدولية الخاصة : "إن اتفاق التحكيم وإن أُدْرج في العقد فإنه يرد على موضوع غير موضوع العقد. فإذا كان العقــــد بيعا مثلاً وأدْرج فيه شرط التحكيم، فإن العقد يتناول مسائل البيع من تعيين الثمن وزمان تسليم المبيع ومكانه والمطابقة وآثار التخلف عن تنفيذ الالتزامات، وغير ذلك من الأمور المتصلة بالبيع، بينما يرد اتفاق التحكيم على إجراء يتبع عند قيام نزاع بشأن البيع، فالعقد والإجراء وإن كانا يسكنان وثيقة واحدة، فإنهما منفصلان لا يتأثر أحدهما بالآخر، ولا يؤثر فيه". ذهب هذا الفقه إلى أن: "هذا القول سليم، ولكن الغريب في موقف المحكمة أن الحجج التي تستند إليها لتبرير مبدأ الاستقلال تصلح للتحكيم الداخلي كمـــا تصلح للتحكيم الدولي، وليس هناك مبرر لقبول التفرقة بينهما".     

  ويستطرد قائلاً: ويتوقع الكتاب أن تعدل محكمة النقض الفرنسية عن رأيهـا في المستقبل القريب، وتساير قضاء المحاكم الأخرى والقضاء العالمي فــي الاعتراف باستقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي في المعاملات الداخلية والخارجية على السواء نظرا لما يحققه هذا الحل من اقتصاد في الوقت والإجراءات، فبدلاً من أن يوقف المحكم نظر النزاع حتى يفصل القضاء العادي في صحة العقد، فإنه يتولى الفصل في هذه المسألة، فإذا قضى بصحة العقد ظلت الإجراءات سائرة في طريقها المرسوم، وإذا قضى بالبطلان انهار العقد والتحكيم .

  مما تقدم نجد أن هذا الفقه وإن كان قد ذهب بداية إلى اعتبار رأي جانب من الفقه على أنه الرأي الراجح فقها ، وذلك عندما اكتفى بالإشارة إلى هذا الرأي الأخير دون إيراد رأيه الخاص في المسألة-إلا أنه وعلى ما يبدو قد حاول إظهار وجهة نظره ولو بصورة غير مباشرة، وذلك عندما اقتنع بالمبررات ساقتها محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 7 مايو سنة ١٩٦٣ في قضية "Gosset" لتبرير استقلال اتفاق التحكيم على صعيد المعاملات الدولية الخاصة، إلا أنه لم يقنع بالتفرقة التي أقامتها هذه المحكمة بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، ذلك أن هذه المبررات كما تصلح للتحكيم الدولي فإنها تصلح للتحكيم الداخلي ( ومن ناحية أخرى ذكر هذا الفقه أن الكتاب يتوقعون تراجع محكمة النقض الفرنسية عن رأيها فـي المستقبل القريب لتعترف بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي في المعاملات الداخلية والخارجية على حد سواء... مبيناً الأهمية الكبيرة لمبدأ الاستقلال من خلال إبراز مزاياه الكثيرة من الاقتصاد في الوقت والإجراءات. 

وعليه نخلص إلى أن هذا الفقه يؤيد مبدأ استقلال اتفاق التحكيم على صعيد المعاملات الداخلية والدولية على حد سواء.

   وقد أعلن جانب آخر من الفقه  صراحةً ترجيحه لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي بقوله : "وإذا ورد شرط التحكيم في العقد الأصلي، فإنه يستقل عن هذا العقد. فهو تصرف قانوني مستقل، وإن تضمنه هذا العقد. ولهذا فإنه يُتصور بطلان العقد وصحة الشرط إلا إذا كان سبب البطلان يشمل أيضاً شرط التحكيم، كما لو كان العقد قد أُبرم بواسطة شخص عديم الأهلية، وهذا الاستقلال يؤدي إلى إمكان عرض صحة أو بطلان العقد الأصلي أو فسخه أو إنهائه على المحكمين إعمالا للشرط الصحيح الوارد فيه، كما يؤدي إلى احتمال بطلان الشرط لعيب ذاتي فيه رغم صحة العقد الأصلي".

وعليه يتصور بطلان العقد الأصلي دون أن يكون لذلك من أثر على اتفاق التحكيم مع ما يستتبع ذلك من اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في المنازعات الناشئة عن بطلان العقد الأصلي أو فسخه أو إنهائه.

   أما فيما يتعلق بموقف القضاء المصري من مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، فقد ذهب البعض إلى أن الحكم – الذي قضت فيه محكمة النقض المصرية بأن مجرد تحرير مشارطة التحكيم والتوقيع عليها لا يقطع أيهما في ذاته مدة التقادم، لأن المشارطة ليست إلا اتفاقاً على عرض نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم، ولا تتضمن مطالبة بالحق... إلا أنها إذا تضمنت إقراراً من المدين بحق الدائن كما لو اعترف بوجود الدين، وانحصر النزاع المعروض على التحكيم في مقدار هذا الدين، فإن القادم ينقطع في هذه الحالة بسبب هذا الإقرار صريحا كان أو ضمنيا، وليس بسبب المشارطة في ذاتها - قاطع في تحديد اتجاه القضاء المصري نحو إعمال مبدأ استقلال اتفاق التحكيم، حيث إن محكمة النقض تفرق بين اتفاق التحكيم، وكونه يهدف إلى إقصاء قضاء الدولة عن نظر النزاع، وبين موضوع الحق المتنازع عليه، إذ ترى أن لكل منهما ذاتيته المستقلة عن الآخر، والتي تميزه من حيث مجاله وقواعده وآثاره. وإذا كانت محكمة النقض قد أعملت المبدأ المذكور إلا أنها لم تصرح به إذ لم تستخدم عبارة " مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عـــن العلاقة الأصلية وذلك عند تفرقتها بين اتفاق التحكيم والعلاقة الأصلية، حيث يرى هذا الرأي "أنه كان يكفي محكمة النقض أن تقول في الحكم بأنه إعمالاً لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العلاقة الأصلية، فإن إقرار المدين بالدين هو الذي يقطع التقادم ، وليس اتفاق التحكيم، لارتباط هذا الإقرار بالعلاقة الأصلية".

  وأخيراً وبموجب قانون التحكيم رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ فقـد  حسم المشرع المصري هذا الخلاف الفقهي مكرسا مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي. وهذا ما عبرت عنه صراحة المادة (۲۳) من القانون المذكور والتي نصت على أنه: "يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد  الأخرى. ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته".

موقف القانون السوري من مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

  تنص المادة (٥٢٥) من قانون أصول المحاكمات المدنية السوري على أنه: "إذا عرضت خلال التحكيم مسألة أولية تخرج عن ولاية المحكمين أو طعن بتزوير ورقة أو اتخذت إجراءات جنائية عن تزويرها أو عن حادث جنائي آخر وقف المحكمون عملهم ووقف الميعاد المحدد للحكم إلى أن يصدر حكم نهائي في تلك المسألة العارضة".

  وجدير بالذكر أن قانون أصول المحاكمات السوري جاء خالياً من أي نص يقرر مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، ومن ثم يحسم الخلاف بشأن هذه المسألة.

موقف اتفاقية نيويورك من مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

 ويذهب جانب من الفقه  إلى أن المادة الثانية من اتفاقية نيويورك، وإن لم تكن قد تعرضت صراحة لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم ومختلف نتائجه القانونية، إلا أنها أعطته قوة لم تكن له من قبل ذلك أن الاعتراف الوجوبي به دولياً على هدي تنظيم موحد عالمياً يجعل من الممكن اعتبار القواعد التي استقرت أصلاً في القضاء الفرنسي قاعدة دولية بالمعنى الصحيح، بمعنى أنها تعكس مبدأ مقبولاً في الروابط بين مختلف الدول، وليس مجرد اجتهاد مـــــن قضاء وطني. 

  ويرى البعض أن هذا الرأي بعيد عن الحقيقة، ويُحمل نص المادة الثانية من اتفاقية نيويورك أكثر مما يحتمل.

   في حين يرى جانب آخر من الفقه بأن اتفاقية نيويورك لم تتعرض لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم باعتبارها معاهدة للاعتراف بأحكام التحكيم وتنفيذها. ويرى هذا الفقه أنه وإن كانت المادة الثانية من الاتفاقية قد فرضت على الدول الأعضاء التزاماً بالاعتراف باتفاق التحكيم، وبالتالي منع محاكمها من سماع الدعوى التي ترفع إليها بهذا الشأن، وإحالة الأطراف إلى التحكيم، إلا أنها لم تتضمن أي إشارة إلى أن ذلك يمكن أن يتحقق في حالة بطــــلان الاتفاق الأصلي أو فسخه أو إنهائه.

  ويذهب جانب آخر من الفقه - ونحن نؤيده فيما ذهب إليـه إلـــى القول إنه يمكن أن نستخلص من نص المادة { ١/٥ ( أ ) } من هذه الاتفاقية - والتي تنص على أنه: "لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناء علــــى طلب الخصم الذي يُحتج عليه بالحكم إلا إذا قدّم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الاعتراف والتنفيذ، الدليل على أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقاً للقانون الذي أخضعه له الأطراف أو عنـد عـدم النص على ذلك طبقاً لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم"- أن اتفاقية نيويورك تقر إمكانية إخضاع اتفاق التحكيم إلى قانون آخر يختلف عن القانون الذي يطبق على العقد الأصلي، وبالتالي فإن الاتفاقية تكون قد قبلت ضمناً الاعتراف لاتفاق التحكيم بذاتية قانونية مستقلة، ومتميزة عن العقد الأصلي، وبالتالي قبول مبدأ استقلال اتفاق التحكيم.

 وقد انتقد البعض الرأي المتقدم حيث يرى أن تفسير نص المادة { ١/٥) (أ) من اتفاقية نيويورك على النحو المتقدم يعد تفسيرا غير مقنع. "حيث إن هذا النص يتعلق بحالات رفض الاعتراف بحكم التحكيم أو تنفيذه، وإذا كان قد عرض لمسألة القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم، وبالتالي أساس حكم التحكيم نفسه، فإنه لم يتضمن أي بيان بخصوص القانون الذي يحكم العقد الأصلي حتى يمكن القول إن اتفاقية نيويورك قد أقرت مسألة استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي فيما يتعلق بالنظام القانوني الذي يحكمه".

  إلا أننا لا نتفق مع وجهة النظر المتقدمة إذ إن ذكر القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم في معرض بيان حالات رفض التنفيذ لا يقلل من أهمية الرأي القائل إن ذلك يُعدُّ قبولا ضمنيا من جانب اتفاقية نيويورك بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم ،  ولاسيما أن اتفاقية نيويورك لم تورد نــــصــاً صريحاً خاصاً بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم ومن ثم إن إيراد أي دلالة علـى قبول اتفاقية نيويورك لمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، لـه أهمية كبيرة لتحديد موقف اتفاقية من مبدأ استقلال اتفاق التحكيم، ولا يهم بعد ذلك مكان وُرُود هذه الدلالة، ولاسيما أنه لا يوجد نص صريح في  نيويورك بخصوص مبدأ الاستقلال.

نتائج مبدأ استقلال اتفاق التحكيم

عدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي

   إن أولى النتائج المترتبة على مبدأ استقلال اتفاق التحكيم هي عدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلي. فاتفاق التحكيم بوصفه عقداً ضمن عقد آخر له ذاتيته المستقلة والمتميزة عن العقد الأصلي. ومؤدى ذلك أن اتفاق التحكيم لا يتأثر من حيث صحته ووجوده بمصير العقد الأصلي.

   على أن القول باستقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي لا يتحقق إلا إذا كان اتفاق التحكيم صحيحا في ذاته. وهو ما أكده المشرع المصري بصريح المادة (۲۳) من قانون التحكيم بقوله: يعتبر شرط التحكـیم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى. ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته".

   وترتيباً على ذلك إذا كان العيب الذي لحق العقد الأصلي لا يقتصر أثره على هذا الأخير، وإنما من شأنه التأثير أيضاً على اتفاق التحكيم، فعندئذ لا محل للقول باستقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي.

 وفي هذه الحالة فإن

   وإذا كان الفقه يكاد يكون متفقاً على أن اتفاق التحكيم لا يتأثر بمصير العقد الأصلي إذا كان هذا الأخير باطلاً أو مفسوخاً أو منقضياً، فإن من الحالات التي ثار فيها الجدل الفقهي حالة انعدام العقد الأصلي ومـــدى إمكانية التمسك بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم، وعدم تأثره بمصير العقد الأصلي في حالة انعدام هذا الأخير.

   يذهب جانب من الفقه إلى أنه وإن كان اتفاق التحكيم لا يرتبط مصيره بمصير العقد الأصلي عند بطلان هذا الأخير، إلا أنه وعلى العكس من ذلك فإن مصيره يكون مرتبطاً بمصير العقد الأصلي في الفرض الذي يكون فيه هذا الأخير منعدماً.

   وعليه فلا يمكن التمسك بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي إلا في حالة بطلان هذا الأخير، لا انعدامه.

   بينما يرى جانب آخر من الفقه بأن هذه التفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه لا مبرر لها. إذ إن من شأن هذه التفرقة أن تؤدي إلى فتح الباب مرة أخرى أمام الوسائل الاحتيالية التي استهدف مبدأ استقلال اتفاق التحكيم تفاديها. ويتحقق ذلك عند ادعاء أحد الأطراف بانعدام العقد الأصلي مما يترتب عليه زوال اتفاق التحكيم استنادا لتبعية هذا الأخير للعقد الأصلي. وعليه يرى هذا الفقه أنه لا يكفي لاستبعاد اختصاص المحكم بنظر  المنازعات المتعلقة باختصاصه، مجرد الادعاء بعدم وجود العقد الأصلي -أي بانعدامه- وإنما يتعين أن يترك للمحكم سلطة فحص مدى صحة هذا الادعاء. فيتعين عليه أن يقضي بعدم اختصاصه إذا ثبت له أن الانعدام غير قاصر على العقد الأصلي، وإنما أصاب أيضاً اتفاق التحكيم ليس كمجرد نتيجة حتمية مترتبة على انعدام العقد الأصلي، ولكن لأن سبب الانعدام الذي أصاب العقد الأصلي قد أصاب أيضاً اتفاق التحكيم.

  ومع ذلك فقد أكدت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر فـــي ١٠ يوليو ۱۹۹۰ في قضية شركة Cassia" ضد شركة (Pia) على تبعية اتفاق التحكيم في مصيره للعقد الأصلي الذي يتضمنه .

  وعليه فإن محكمة النقض الفرنسية كرست التفرقة بين بطلان العقد وانعدامه، بحيث يترتب على عدم وجود العقد الأصلي زوال اتفاق التحكيم الذي يتضمنه.

  كما ينتقد البعض الرأي المتقدم فيما ذهب إليه من ضرورة التفرقة بين بطلان العقد وانعدامه. ويرى أن هذا الرأي محل نظر لأنه يؤدي إلى استبعاد تطبيق مبدأ الاستقلال ومن ثم فاعلية اتفاق التحكيم، وذلك لمجرد الادعاء اء بعدم وجود العقد الأصلي. فضلا عن أنه لا أثر للتفرقة التي يقيمها الرأي المتقدم بين بطلان العقد وانعدامه .فالبطلان والانعدام كلاهما عدم والعدم واحد لا تفاوت فيه.

   بينما يؤيد جانب الفقه التفرقة المتقدمة بين بطلان العقد وانعدامه على اعتبار أن انعدام العقد يفترض تخلف رضا الأطراف بــه وتخلف الرضا لا يقتصر على العقد الأصلي، ولكن يشمل أيضا اتفاق التحكيم. حيث لا يتصور أن يكون الأطراف قد اتفقوا على اللجوء إلـــى التحكيم بشأن المنازعات المتعلقة بعقد لم يتم التراضي عليه أصلاً.

  وبدورنا نرى على ما ذهب إليه الفقه المتقدم ضرورة التفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه إذ لا محل للحديث عن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم في الفرض الذي يكون فيه العقد الأصلي منعدماً، حيث إن تخلف الرضا يشمل فضلاً عن العقد الأصلي اتفاق التحكيم الذي يتضمنه، وبالتالي فإن اتفاق التحكيم لا وجود له في مثل هذه الحالة.

   فضلاً عن ذلك إن وجهة النظر المتقدمة يمكن أن تستفاد ضمناً مما ذهبت إليه بعض القوانين الوطنية المتعلقة بالتحكيم. فعلى سبيل المثال نصت المادة (۲۳) من قانون التحكيم المصري على أنه : "يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى. ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم.

   فمن هذا النص نلاحظ أن المشرع المصري قد أشار صراحةً إلـــى عدم تأثر اتفاق التحكيم بما قد يلحق العقد الأصلي من بطلان أو فسخ أو انقضاء دون أن يشير إلى الفرض الذي يكون فيه العقد الأصلي منعدماً. ومن هنا يستفاد أنه قد أخذ بالتفرقة بين بطلان العقد الأصلي وانعدامه. بحيث لا محل للتمسك بمبدأ استقلال اتفاق التحكيم إلا في حالة بطلان العقد الأصلي دون انعدامه، وفي هذه الحالة الأخيرة يكون مصير اتفاق التحكيم مرتبطا بمصير العقد الأصلي من حيث وجوده.

إمكانية خضوع اتفاق التحكيم لقانون آخر يختلف عن القانون الواجب التطبيق على العقد الأصلي

  تعد إمكانية خضوع اتفاق التحكيم لقانون آخر غير القانون الواجب التطبيق على العقد الأصلي من النتائج المترتبة على مبدأ استقلال اتفاق التحكيم .

  كان الاعتقاد الراسخ أن القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم هو نفس القانون الذي يحكم العقد الأصلي.

  ولكن ما لبث مبدأ استقلال اتفاق التحكيم بمجاله الجديد يتوضح بصورة تدريجية، وذلك من خلال الأحكام الصادرة عن القضاء.

 فبداية لم يقرر القضاء الفرنسي سوى عدم التلازم بين القانون الذي يحكم اتفاق التحكيم والقانون الذي يحكم العقد الأصلي. وهذا ما أكدته محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ٢٥ يناير سنة ۱۹۷۲ والذي قضت فيه بأن: تنفيذ اتفاق التحكيم لا يخضع بالضرورة إلى القانون الذي يحكم العقد الأصلي الذي ورد فيه شرط التحكيم .

  ولكن سرعان ما تقرر هذا المبدأ صراحة في الكثير من الأحكــام الصادرة عن القضاء. نذكر منها الحكم الصادر عن محكمة النقض الفرنسية في 4 يوليو سنة ۱۹۷۲ في القضية المعروفة باسم "Hecht" "والذي قضت فيه بأنه: "في مسائل التحكيم الدولي يتمتع شرط التحكيم بالاستقلال القانوني التام.

وأيدت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في١٤ ديسمبر ۱۹۸۳ ما قضت به محكمة استئناف باريس " من عدم تطبيق القانون الذي يحكم العقد بصدد تفسير شرط التحكيم المدرج به على نحو ما تمسك بـه الطاعن، وقررت أن شرط التحكيم في مسائل التحكيم الدولي يتمتع باستقلال قانوني كامل تجاه العقد الوارد فيه .

   وعلى الصعيد الفقهي يتجه غالبية الفقهاء للتسليم بإمكانية إخضاع اتفاق التحكيم لقانون آخر يختلف عن القانون الذي يحكم العقد الأصلي كنتيجة مترتبة على مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي.

  وطبقاً لهذا المبدأ الراسخ فقهاً وقضاء فإن صحة اتفاق التحكيم لا تتوقف على حكم القانون الواجب التطبيق على العقد الأصلي. وعليه إذا كان هذا القانون يقرر بطلان العقد الأصلي لأي سبب من أسباب البطلان كعيب الرضا مثلاً، فإن اتفاق التحكيم يظلُّ بمنأى عن هذا الحكم، وبالتالي إن ذلـك  لا يؤثر على صحة اتفاق التحكيم .

  لذلك كان المفهوم الجديد لمبدأ الاستقلال بمثابة طوق نجاة لهذا الاتفاق من تطبيق أحكام قد تؤدي به في أحيان كثيرة إلى بطلانه.