الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / الكتب / التحكيم في المعاملات المصرفية / استقلال شرط التحكيم المصرفي

  • الاسم

    د. محمد صالح علي العوادي
  • تاريخ النشر

    2010-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    527
  • رقم الصفحة

    101

التفاصيل طباعة نسخ

استقلال شرط التحكيم المصرفي

   وقد أثار مبدأ استقلال شرط التحكيم جدلا فقهيا وقضائيا كبيرا، حيث كان الاتجاه السائد هو تبعية اتفاق التحكيم للعقد الأصلي ، بحيث يرتبط مصيره وجودا وعدما مع مصير هذا العقد مع حرمان هيئة التحكيم من نظر المنازعات المتعلقة ببطلان العقد الأصلي، بحيث يتعين عليها حين الدفع أمامها ببطلان العقد الأصلي - أن توقف سير إجراءات التحكيم لحين فصل قضاء الدولة في صحة هذا العقد .

   وللقول باستقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي، لابد أن يستوفى اتفاق التحكيم أركانه وشروط صحته، فمتى تخلف أحد الأركان فلا مجال هنا للقول بوجود اتفاق التحكيم.

   وقد أكد المشرع المصري على ذلك من خلال نص م۲۳ تحكيم حيث نصت على أنه يعتبر شرط التحكيم اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته." وقد نصت عليه الكثير من التشريعات .

 أما المشرع الانجليزي فقد نص على ذلك صراحة من خلال نص مامن قانون التحكيم الانجليزي حيث أشار إلى أنه ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك، فإن اتفاق التحكيم الذي يشكل أو كان مقصودا أن يشكل جزءا من اتفاق آخر مكتوبا أو غير مكتوب لا ينبغي اعتباره غير صحيح أو غير موجود أو غير فعال، بسبب أن ذلك الاتفاق الآخر غير صحيح أو غير موجود أو أضحى غير فعال ، و ينبغي أن يعامل من أجل ذلك الفرض كاتفاق مستقل".

   وجاء في حكم آخر "إن للشرط التحكيمي استقلالية قانونية عن العقد الأساسي الوارد فيه، بالتالي فأنه لا يتأثر باحتمالات بطلان العقد الأساسي و لا بعدم قابليته للتطبيق".

  مما سبق فإننا نرى أن الأثر المترتب على استقلال اتفاق التحكيم تتضح معالمه من خلال النتائج التالية:

أولا عدم ارتباط مصير اتفاق التحكيم بمصير العقد الأصلى:

   وقد ذهبت محكمة تمييز دبي إلى القول بأن بطلان العقد المتضمن شرط التحكيم أو فسخه أو إنهاءه، لا يمنع من أن يظل شرط التحكيم ساريا ومنتجا لآثاره، ما لم يمتد البطلان إلى شرط التحكيم ذاته باعتبار أن شرط التحكيم له موضوعه الخاص به والذي يتمثل في استبعاد النزاع المشترط فيه من ولاية المحاكم .

   وقد ذهب القضاء اللبناني إلى تبرير الاستقلال الذي يتمتع به شرط التحكيم بأن هذا الاستقلال هو ما يمكن الفرقاء من تسوية الخلاف المتعلق ببطلان العقد حيث ذهب إلى القول ب " استقلال البند التحكيمي عن العقد الذي يتضمنه، بحيث يبقى البند التحكيمي نافذاً بالرغم من بطلان العقد، ومبرر ذلك يكمن في أن طرح مسألة بطلان العقد من قبل الفرقاء لا يمكن أن يجد حلاً إلا من خلال إعمال البند التحكيمي الذي يولي المحكم الاختصاص للبحث في المسألة المذكورة، بحيث أن البند التحكيمي يبقى متمتعا بكيان قانوني مستقل عن العقد.."

   إلا أن هناك مسألة أثارها الفقه تتعلق بالتساؤل التالي هل يمكن التمسك باستقلال اتفاق التحكيم في حالة انعدام العقد الأصلي ؟

   ذهب اتجاه في الفقه إلى القول بأنه إذا كان اتفاق التحكيم لا يتأثر ببطلان العقد الأصلي، فإن مصيره يكون مرتبطا بمصير العقد الأصلي في الفرض الذي يكون فيه هذا الأخير منعدما.

   ويذهب اتجاه آخر من الفقه إلى القول إن هذه التفرقة بين بطلان العقد وانعدامه تفرقة لا داعي لها ، فاستبعاد مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم بناء على ادعاء أحد الأطراف عدم وجود العقد الأصلي، حيث إنه كما هو معروف أن التفرقة بين البطلان والانعدام من الأمور الشائكة ، وبالتالي يترتب على قبول القول بالتفرقة بين البطلان والانعدام فيما يتعلق باستقلال اتفاق التحكيم ، قبول المخاطرة والسماح لأحد الأطراف بالالتجاء إلى الحيل التسويقية التي يسعى مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي إلى تفاديها .

  فالمشرع المصري قد سلك ذات الاتجاه الذي سار عليه أنصار الفريق الأول بالقول أنه يترتب على انعدام العقد انعدام شرط التحكيم، فمصير الاتفاق يرتبط بمصير العقد في حالة الانعدام.