الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / استقلال شرط التحكيم / الكتب / شرط التحكيم بالإحالة / استقلال اتفاق التحكيم في لوائح وأحكام التحكيم البحرى

  • الاسم

    د. محمد عبدالفتاح ترك
  • تاريخ النشر

    2006-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    902
  • رقم الصفحة

    226

التفاصيل طباعة نسخ

استقلال اتفاق التحكيم في لوائح وأحكام التحكيم البحرى

    من الملاحظ أن مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي قد حظي بتأييد لوائح وأحكام التحكيم البحرى مثله مثل الحال بالنسبة للقوانين الوطنية والمعاهدات الدولية:

أولاً : غرفة التحكيم البحرى بباريس 

     حيث تنص المادة العاشرة من لائحة تحكيم هذه الغرفة على أن "المحكم أو المحكمون ما هم إلا قضاة يملكون البت في اختصاص غرفة التحكيم البحرى، وصحة هذا الاختصاص، كما أنهم على وجه الخصوص أهل للفصل حول وجود وصحة اتفاق التحكيم أو العقد الأصلي الذي يشمله عند الاقتضاء، وأيضاً حول نطاق اختصاصهم".

ثانياً: المنظمة الدولية للتحكيم البحرى

    حيث تنص م ٢/٥ من لائحة تحكيم المنظمة الدولية للتحكيم البحرى على أن ما لم يشترط العكس، فإن الادعاء ببطلان أو عدم وجود العقد الأصلى لا يؤثر على اختصاص المحكم والذى يستمده من صحة اتفاق التحكيم، ويبقى المحكم مختصاً أيضاً في حالة عدم وجود أو بطلان العقد الأصلي لتحديد حقوق الأطراف والفصل في طلباتهم".

ثالثاً: لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية (انسترال ١٩٧٦)

    حيث تنص م ٢٢١ من لائحة التحكيم للانسترال ١٩٧٦ على أن "يكون لمحكمة التحكيم سلطة الفصل في وجود أو صحة العقد الذي يشكل شرط التحكيم جزءاً منه".

    ومن ثم ولأجل هذه المادة يعتبر شرط التحكيم جزءاً من العقد والذي ينص على إجراء التحكيم طبقا لهذه القواعد اتفاقاً مستقلاً عن سائر شروط العقد الأخرى. كما أنه في حالة  صدور قرار من محكمة التحكيم ببطلان العقد فإن ذلك لا يستتبع عدم صحة شرط التحكيم

    وهذا يعنى أن هذه، اللائحة تزود المحكم بسلطة الفصل حول وجود أو صحة العقد الأصلى استقلالاً بشرط التحكيم عنه، وبالتالي تعطى المحكمة سلطة الاستمرار في نظر النزاع حتى لو ثبت عدم وجود أو بطلان العقد الأصلي.

الخلاصة:

    يمكن القول أن مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي يعد من المبادئ المستقرة حالياً سواء في إطار القوانين الوضعية أو المعاهدات الدولية ولوائح التحكيم وأساس هذه الاستقلالية هو اختلاف موضوع كل من العقد الأصلي والاتفاق على التحكيم حيث نجد أن الاتفاق على التحكيم ليس مجرد شرط وارد في العقد الأصلى، بل هو عقد ثاني من طبيعة مختلفة وإن كان مندمجاً من الناحية المادية في العقد الأصلى.

    إلا أن موضوع الاستقلالية كان محلا للجدل والنقاش بين أنصار استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلى والمنادين بعدم الاستقلالية. والجدير بالذكر أن تقرير استقلالية اتفاق التحكيم عن العقد الأصلى يؤدى إلى إخضاع العقد الأصلي لنظام قانونى يختلف عن ذلك الذي يحكم اتفاق التحكيم.

    وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر في 7 مايو سنة ١٩٦٣ في قضية Gosset إلى رفض مبدأ تبعية شرط التحكيم للعقد الأصلي وأعملت مبدأ استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي. وقد اتبعت محاكم الاستئناف الفرنسية هذا المبدأ في العديد من أحكامها. ونفس الحال بالنسبة للقضاء الإنجليزى والأمريكي والمصرى.

    وقد كرست المعاهدات الدولية والقوانين الوضعية مبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي. ومن بين هذه المعاهدات الدولية هناك معاهدة نيويورك الموقعة سنة ١٩٥٨ ، ومعاهدة جنيف الموقعة في ٢١ أبريل سنة ١٩٦١ ومعاهدة واشنطن الموقعة في ١٨ مارس ١٩٦٥ والتي أنشأت المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الاستثمار . ومن بين القوانين الوضعية التي أخذت بمبدأ استقلالية اتفاق التحكيم نجد قانون التحكيم المصرى الجديد رقم ٢٧ لسنة ۱۹۹٤ (م (۲۳) والتقنين البلجيكي للمرافعات (م ١٦٩٧)، وقانون الإجراءات المدنية الهولندى طبعة ۱۹۸٦م ١٠٥٣) ، كذلك القانون الدولي الخاص السويسرى الصادر في ۱۹۸۷م) (۳/۱۷۸) هذا بالإضافة إلى القانون الجزائرى الصادر في ٢٥ أبريل سنة ۱۹۹۳ و القانون التونسى الصادر في ٢٦ أبريل ۱۹۹۳.

     والجدير بالذكر أنه بالرغم من استقرار الوضع إلى حد ما في القانون الإنجليزى على مبدأ استقلالية شرط التحكيم إلا أن ذلك الوضـع لـم يـأت إلا بصعوبة شديدة كما أن مبدأ الانفصال بين اتفاق التحكيم والعقد الأصلى من المبادئ التي لم يتم تكريسها بشكل كامل في القانون الإنجليزى. 

   والجدير بالذكر أن لوائح التحكيم تستمد سلطتها من إرادة الأطراف التي تشير إليها. ويرى جانب من الفقه أن تأكيد مبدأ استقلالية اتفاق التحكيم، الذي تشير هذه اللوائح إليه، يتعين تفسيره على أنه يعبر عن إرادة الأطراف، في أن يعامل اتفاق التحكيم على نحو مستقل عن المعاملة التي يلقاها العقد الأصلي.