الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / أثار شرط التحكيم / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / آثار شرط التحكيم فى التنظيم الدولى – إحالة :

  • الاسم

    د.حسنى المصري
  • تاريخ النشر

    1996-01-01
  • عدد الصفحات

    665
  • رقم الصفحة

    150

التفاصيل طباعة نسخ

آثار شرط التحكيم فى التنظيم الدولى – إحالة :

   ومع ذلك تجدر الإشارة إلى مسألتين عنيت بهما بعض الإتفاقيات الدولية، وهما تحديد طبيعة الدفع بالتحكيم الدولي وإحتفاظ المحاكم الوطنية المختصة أصلا بنظر النزاع ببعض الاختصاصات ذات الطابع الإجرائي أو الوقتي .

  - فأما عن طبيعة الدفع بالتحكيم فى التنظيم الدولي فلمتعرض لها إتفاقيا جنيف لعام ۱۹۲۳ و ۱۹۲۷ حيث تعلقنا بالاعتراف بشرط التحكيم وتنفيذ أحكام التحكيم دون أن تعرضا لتنظيم إجراءات التحكيم التي يلجأ إليها رعايا الدول الأطراف ومع ذلك فقد تضمنت الإتفاقية الأولى النص على أنه يجب على محاكم الدول المتعاقدة، التي يرفع أمامها نزاع ناشيء عن عقد مبرم بين الأشخاص المشار إليهم فى المادة الأولى من هذه الإتفاقية ويوجد بشأنه مشارطة أو شرط تحكيم صحيح وفقا لهذه المادة ومن الممكن تطبيقه إحالة الأطراف إلى التحكيم متى قدم إليها طلبا بذلك من أحدهم .

   ولقد نقل واضعو إتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ نفس الحكم إلى المادة ٣/٢ منها، إذ نصت أيضا على أنه يجب على محكمة الدولة المتعاقدة، عندما ترفع أمامها دعوى في نزاع أبرم الأطراف بشانه إتفاق تحكيم بالمعنى المبين فى هذه المادة (الفقرة ١) ، إحالة الأطراف إلى التحكيم متى طلب أحدهم ذلك مالم يتبين لها بطلان هذا الإتفاق أو إنعدام أثره أو عدم قابليته للتطبيق .

   وإذا كان يبين من الصنفين المتقدمين أنهما يلزمان محكمة الدولة المتعاقدة بإحالة النزاع إلى التحكيم وإن هذه الإحالة تتوقف على طلب أحد أطراف النزاع ذلك دون أن يكتفى بمجود الدفع أمامها بإتفاق التحكيم سواء ورد فى صورة شرط أو مشارطة تحكيم إلا أنهما لم يبينــــا طبيعة هذا الدفع، أى ما إذا كان دفعا بعدم إختصاص تلك المحكمة أو دفعا بعدم قبول الدعوى. ويمكننا القول بأن واضعى الإتفاقتين المذكورتين قد أرادوا حصر جهودهم في وضع قاعدة موضوعية موحدة بمقتضاها تلتزم محاكم كل دولة متعاقدة بإحالة النزاع إلى التحكيم متى طلب أحد الأطراف إليها ذلك بعد إثباته لوجود إتفاق تحكيم صحيح بشأن النزاع المرفوع أمامها، وذلك دون انشغالها ببيان طبيعة الدفع بالتحكيم بالنظر إلى تباين القوانين الوطنية للدول الأطراف في هذا الشأن، إذ بينما يتكلم بعضها عن الدفع بعدم الاختصاص فإن بعضها الآخر يتكلم عن الدفع بعدم القبول أو الدفع بعدم سماع الدعوى . ومع ذلك يشير الفقه  إلى أن النص على إلزام محاكم الدول المتعاقدة بأن تحيل إلى التحكيم ، في حالة طلب أحد الخصوم ذلك يغلب معه الظن بأن النص يتجه إلى فكرة "عدم الإختصاص : أكثر من أي شيء آخر ، على أن يأخذ عدم الإختصاص : أكثر من أى شيء آخر ، على أن يأخذ عدم الإختصاص بمعنــــــاه النسبي relative وليس المطلق طالما يجوز للخصم النزول عنه بعدم إبدائه من جهة أو عدم طلب الإحالة للتحكيم من جهة أخرى.

    - ويبدو أن هذا النظر هو الذي ساد عند وضع الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري الدولي المبرمة فى جنيف بتاريخ ١٩٦١ ، إذ تناولت تعبير " الدفع بعدم الاختصاص في أكثر من موضوع : فالمادة ٥ تتكلم عن عدم الإختصاص بالتحكيم Declinatioire de compétence arbitrale (الفقرة الأولى) والدفع بعدم الاختصاص به L'exception d'incompétence (الفقرة الثانية، كما يقابل ذلك بالكلام فى المادة ١/٦ - صراحة - عند الدفع بعدم إختصاص المحكمة القضائية Le tribunal judiciaire، وذلك فيما قررته هذه المادة من أنه إذا تعلق الأمر بالدفع بإتفاق التحكيم (شرط) أو مشارطة ( أمام المحكمة القضائية وجب على المدعى عليه La défendeur إثارته قبل إبداء دفاعه فى الموضوع أو عند إبدائه لهذا الدفاع وإلا سقط هذا الدفع، وذلك بحسب ما إذا كان قانون هذه المحكمة يعتبر الدفع بعدم الاختصاص مسألة متعلقة بالإجراءات أو بالموضوع .

    وبالرغم من أن القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى للجنة UNCITRAL لعـــام ۱۹۸۵ قد سار على درب إتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۳ وإتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ في عدم الحديث صراحة عن الدفع بعدم الاختصاص والإكتفاء بإستخدام إصطلاح" الإحالة "إلا أن القانون المذكور قد علق "الإحالة" على شرط عدم خوض الطرف الذي طلبها في موضوع النزاع  مما يعنى إعتبار الدفع بعدم إختصاص المحكمة القضائية به مسألة متعلقة بالإجراءات وحسب، وبالتالي يلزم إبداء هذا الدفع قبل الدخول فى الموضوع

    - هذا فيما يتعلق بطبيعة الدفع بالتحكيم فى التنظيم الدولى، أما فيما يتعلق بما إحتفظ به هذا التنظيم للمحاكم القضائية الوطنية من إختصاصات ذات طابع وقتى أو إجرائي فنشير إلى ماقضت به المادة ٤/٦ من الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجارى الدولى (حنيف) لعام ١٩٦١ من أن تقديم طلب السلطة القضائية (الوطنية) بإتخاذ إجراءات وقتية أو تحفظية لا يتعـــــارض مع هذه الإتفاقية ولا يعتبر إخضاعاً للنزاع لتلك المحكمة. لكن إتفاقية نيويورك لعام ١٩٥٨ قد خلت من مثل هذا النص الذى يترك للمحاكم القضائية الوطنية الإختصاص بالمسائل ذات الطابع الوقتي أو التحفظي، ومع ذلك نعتقد أنها لم تحرم هذه المحاكم من هذا الإختصاص ، لأنها حينما أوجبت عليها إحالة النزاع إلى التحكيم بناء على طلب أحد الأطراف فإنها كانت تقصد بذلك النزاع " الموضوعي" فقط  (المادة الثانية  - الفقرة الثالثة) . وقد يؤيد هذا النظر أن القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولى للجنة un ITRAL لعام ۱۹۸۵، الذي تأثر إلى حد كبير بأحكام الإتفاقية المذكورة قد عالج هذه المسألة صراحة بالنحو المشار إليه، حيث نصت المادة 9 من هذا القانون على أن لا يعتبر مناقضاً لإتفاق تحكيم أن يطلب أحد الطرفين ، قبل بدء إجراءات التحكيم أو في أثنائها من إحدى المحاكم أن تتخذ إجراعًا وقائياً مؤقتاً وأن تتخذ المحكمة إجراءً بناءً على هذا الطلب ، وهو ذات الحكم المقرر في الإتفاقية الأوروبية المشار إليها آنفاً.