الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الشروط المتعلقة بمضمون شرط التحكيم / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / الإحالة لوثيقة تتضمن شرط التحكيم

  • الاسم

    د. حمزة أحمد حداد
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    528
  • رقم الصفحة

    107

التفاصيل طباعة نسخ

 

الإحالة لوثيقة تتضمن شرط التحكيم

    وقد لا يرد شرط التحكيم في العقد الأصلي، وإنما بوثيقة أخرى قد تكون عقداً آخر أو غير ذلك، ولكن تكون هناك إحالة في العقد الأصلي لتلك الوثيقة بما تتضمنه من شرط تحكيم، بقصد تطبيق أحكام تلك الوثيقة على العلاقة بين طرفي العقد الأصلي، في كل ما لم ينص عليه هذا العقد. ولتوضيح هذه المسألة، نفترض أن هنالك عقد نقل بين الناقل (أ) والشاحن (ب) لنقل بضاعة عن طريق البحر، وتنص وثيقة الشحن على تطبيق عقد إجارة السفينة بين (أ) و (ج) على العلاقة بين (أ) و (ب) في كل ما هو غير منصوص عليه بوثيقة الشحن. وعادة لا تتضمن وثيقة الشحن شرط تحكيم، في حين يتضمن عقد إجارة السفينة مثل هذا الشرط. ومثال آخر يكثر تطبيقه في الحياة العملية، وهو إبرام عقد مقاولة فرعية من الباطن بين المقاول الرئيسي ( د ) والمقاول الفرعي (هـ) لا يتضمن شرط تحكيم، وينص على تطبيق عقد المقاولة الرئيسي بين المقاول الرئيسي (د) وصاحب العمل (ز) المتضمن لشرط تحكيم. والسؤال الذي يثور في هذين الفرضين، فيما إذا كان شرط التحكيم بين (أ) و (ج) يسري على (ب) في المثال الأول، أو بين (د) و (ز) يسري على (هـ) في المثال الثاني أم لا.

    وفي هذا الصدد، تقضي المادة (763) من القانون اللبناني، بأن شرط التحكيم الوارد في وثيقة معينة، يسري على طرفي العقد إذا تضمن هذا العقد الإحالة لتلك الوثيقة، كما هو الحال في المثالين المشار إليهما. أما القوانين العربية الأخرى، فلا تتضمن حكماً لهذه المسألة. إلا أنه يمكن القول بأن القواعد العامة في هذه القوانين، تقضي بسريان شرط التحكيم في هذه الحالة عملاً بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، وأنه يجب تنفيذ الشروط التعاقدية، ما دام أنها غير مخالفة للنظام العام .

    ولكن نظراً لخطورة التحكيم وما يتضمنه من نزع للاختصاص القضائي ، نرى أن تكون الإشارة أو الإحالة لشرط التحكيم واضحة، بحيث يتبينها الطرف الآخر في العقد الشاحن في عقد النقل والمقاول من الباطن)، كالقول مثلاً في سند الشحن بتطبيق عقد إجارة السفينة بما يتضمنه من شرط تحكيم، أو أي عبارة أخرى من هذا القبيل وهذا هو التوجه في قوانين التحكيم الحديثة .

تقضي المادة (1/203) من القانون الإماراتي، بجواز أن يكون الاتفاق على التحكيم السابق على النزاع في صيغة اتفاق لاحق على العقد الأصلي، وليس فقط في صيغة شرط تحكيم. وعلى ذلك، فإن اتفاق التحكيم السابق على قيام النزاع، قد لا يرد في صيغة شرط تحكيم مدرج في العقد الأصلي على النحو المذكور سابقاً، وإنما بصيغة اتفاق منفصل عن ذلك العقد ، بحيث لا يكون هذا الاتفاق جزءاً منه. ومثال ذلك أن لا يتضمن العقد شرط تحكيم، ولكن يبرم الطرفان اتفاقاً منفصلاً موضوعه إحالة خلافاتهما المستقبلية الخاصة بالعقد الأصلي إلى التحكيم. ومثل هذا الاتفاق قد يرفق بالعقد ويلحق به، وقد يبرم في وقت لاحق له ولكن قبل وقوع النزاع. وعلى غرار شرط التحكيم، لا يشترط في الاتفاق المنفصل أي صيغة معينة. 

   ولا يوجد في قوانين الدول العربية الأخرى، أحكاماً تنص صراحة على جواز أن يكون اتفاق التحكيم السابق على قيام النزاع، في صيغة اتفاق منفصل عن العقد الأصلي، كما هو الحال في القانون الإماراتي، ولكن القواعد العامة لا تمنع ذلك فهذه القوانين، أجازت الاتفاق على التحكيم قبل نشوب النزاع، دون أن تقصر ذلك على شرط التحكيم، مما يعني جواز أن يكون هذا الاتفاق في صيغة اتفاق منفصل حسب القواعد العامة. بل المتفحص للأحكام الخاصة بالتحكيم في قوانين هذه الدول، يستخلص منها بسهولة جواز ذلك. إذ كما تقدم، أجازت قوانين السعودية وسوريا والبحرين وقطر اتفاق التحكيم السابق على نشوب النزاع، دون تمييز بين كون هذا الاتفاق ورد في صيغة شرط تحكيم في العقد الأصلي، أو في شكل اتفاق مستقل عنه ، مما يعني جواز أن يرد الاتفاق بإحدى هاتين الصورتين حسب ما يراه الطرفان مناسباً.

  وقد يجتمع شرط التحكيم مع اتفاق التحكيم اللاحق له ولكن السابق على نشوب النزاع. أي أننا نكون هنا أمـام شـرط تحكيم، وأيضاً اتفاق تحكيم. ومثال ذلك أن يرد في العقد شرط تحكيم. وبعد إبرام العقد ، يتفق الطرفان على شروط وأحكام التحكيم المستند أساساً لذلك الشرط، مثل مكان ولغة التحكيم وإجراءاته وأسماء المحكمين. وبطبيعة الحال، لا يجبر الطرفان على إبرام اتفاقية تحكيم جديدة على هذا النحو. إلا أنهما قد يتفقان على غير ذلك في العقد الأصلي. كالقول مثلاً في شرط التحكيم أن خلافاتهما العقدية ستحال إلى التحكيم، وفق الأحكام والشروط التي سيتفقان عليها فيما بعد. فإذا اتفقا على ذلك، يسري عليهما هذا الاتفاق. وإن لم يتفقا ، فلا يكون شرط التحكيم لاغياً، وإنما يبقى قائماً ونافذاً بحقهما. وفي هذه الحالة، يتم ملء الفراغ في شرط التحكيم بأحكام القانون التي تكفلت بذلك، مثل تعيين المحكمين، والإجراءات أمام هيئة التحكيم، وشروط حكم التحكيم، وغير ذلك من أحكام. كل ذلك ما لم يتبين من إرادة الأطراف، أن إعمال شرط التحكيم مرتبط بإبرام اتفاق تفصيلي لاحق عليه. وفي هذه الحالة، فإن عدم إبرام هذا الاتفاق، يؤدي إلى عدم نفاذ شرط التحكيم، ومن حيث النتيجة إلى سقوطه.

   وإذا اجتمع اتفاق التحكيم المنفصل مع شرط التحكيم على هذا النحو، واستند الأول في وجوده على الثاني فيترتب على ذلك القول أن اتفاق التحكيم المنفصل، يتبع شرط التحكيم من حيث العدم وليس الوجود. بمعنى أنه إذا كان شرط التحكيم باطلاً، أو تم إنهاؤه لأي سبب مثل الفسخ الاتفاقي، يسقط تبعاً له اتفاق التحكيم. ولكن العكس غير صحيح، بمعنى أن شرط التحكيم قد يكون صحيحاً ونافذاً ، في حين يكون اتفاق التحكيم المنفصل باطلاً. فقد يكون كل من الطرفين كامل الأهلية عند إبرام شرط التحكيم، في حين يصبح أحدهما

 عديم الأهلية عند إبرام اتفاق التحكيم اللاحق في هذا الفرض، يكون الأول صحيحاً في حين يكون الثاني باطلاً، وبطلانه لا يؤثر على شرط التحكيم، لأنه تابع لهذا الشرط وليس العكس. ومع ذلك، يمكن القول بأن العلاقة ما بين شرط التحكيم واتفاق التحكيم المبرم لاحقاً له، هي مسألة تفسير لإرادة الأطراف وفقاً للظروف. فقد يكون القصد من الاتفاق اللاحق تبعيته لشرط التحكيم على النحو المذكور. وقد يكون قصد الطرفين من إبرامه إلغاء شرط التحكيم والاستعاضة عنه بالاتفاق الجديد. وفي الحالة الأخيرة، يعتبر شرط التحكيم منتهياً، في حين يكون اتفاق التحكيم قائماً، ويستند التحكيم عندئذ للثاني وليس للأول.