اتفاق التحكيم / احالة العقد الأصلي الى شرط التحكيم في وثيقة اخرى / الكتب / قانون التحكيم في النظرية والتطبيق / إحالة العقد الأصلي إلى شرط تحكيم في وثيقة اخري
قد لا يرد شرط التحكيم بنصه في العقد الأصلي، بل يكتفي العقد بالإحالة إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم، وهو ما يحدث عادة في عقود الشحن بالسفن أو الطائرات أو عقود التأمين، ويستوي أن تكون الوثيقة المحال إليها اتفاق بين الطرفين، أو وثيقة صادرة من أحدهما أو من شخص آخر أو عقد نموذجي أو لائحة لمركز تحكيم. وهذه الإحالة تعتبر اتفاقًا على شرط تحكيم إذ وفقًا للمادة 10/3 تحكيمات «يعتبر اتفاق على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءًا من العقد.
على أنه يلزم لأعمال شرط التحكيم المحال إليه في عقد سابق أن يكون هذا الشرط نافذًا، فإذا لم يتوافر فيه شرط نفاذه، فإن الإحالة إلى شرط التحكيم الوارد في عقد سابق لا تكفي. والأساس القانوني لاعتبار الإحالة اتفاقًا على التحكيم هو توافر إرادة الطرفين المشتركة بهذه الإحالة في الالتجاء إلى التحكيم. فإذا لم تنطو هذه الإحالة على رضاء الطرفين الواضح بالتحكيم كوسيلة لحل ما قد ينشأ بينهما من منازعات متعلقة بالعقد، فإن الإحالة لا تكون كافية.
ولهذا فإنه يشترط لأعمال أثر هذه الإحالة:
١- أن تكون الوثيقة المحال إليها سابقة في وجودها على العقد المحيل. فلا تكف الإحالة إلى اتفاق لاحق أو عمل قانوني لاحق سيصدر بعد إبرام العقد المحيل.
٢- أن تكون الوثيقة المحال إليها تتضمن صراحة شرط تحكيم.
٣- ان تكون الوثيقه المحال اليها معروفة للطرف الذي يحدث التمسك في مواجهته بالشرط او على الأقل ان تكون الوثيقه معلومة على نطاق واسع فى وسط النشاط الاقتصادى الذى ينتمي اليه الطرفان بحيث لا يمكن الادعاء بعدم معرفته على أنه بلاحظ انه اذا اتفق الطرفان على اجراء التحكيم وفقًا لنظام مركز تحكيم معين دون النص على الشرط مباشرة في الاتفاق، او الاحالة اليه صراحة فإن شرط التحكيم كما ينص عليه نظام المركز يعتبر متفقًا عليه بين الطرفين، ولا يجوز لاى طرف الزعم بانه لم يطلع على لائحة المركز قبل رضائه بالالتجاء الى التحكيم وفقًا له. أن تكون الاحالة واضحة إلى شرط التحكيم الوارد بتلك الوثيقة باعتباره جزءا من العقد.
مرتبط بالعقد السابق، يتضمن لحالة في شرط التحكيم الوارد في العقد السابق. والمثال البارز لهذا هو إبرام عقد إيجار سفينة متضمن شرط تحكيم يمر بعده عقد شحنًا بحري (سند شحن Bill of Lading) يحيل إلى وثيقة إيجار السفينة. وقد قضت محكمة النقض بأنه حيث إن قانون التجارة البحري يوجب ذكر اسم المرسل إليه في سند الشحن، وأن يرسل إليه نسخة من نسخ هذا السند، فإنه يصبح طرف ذو شأن في هذا السند باعتباره صاحب مصلحة في عملية الشحن يتكافأ مركزه - حينما يطالب بتنفيذ عقد النقل - ومركز الشاحن الموقع على السند. فإذا كان سند الشحن قد تضمن الإحالة إلى شرط التحكيم الوارد في مشارطة الإيجار فإن مقتضى هذه الإحالة أن يعتبر شرط التحكيم ضمن شروط سند الشحن فيلتزم به المرسل إليه لعلمه به من نسخة سند الشحن المرسل إليه.
وعلى العكس، فإنه إذا أبرم عقد بيع بضائع، وقدم خطاب اعتماد ضمان لسداد الثمن في المواعيد المتفق عليها في عقد البيع، ولم يتضمن اتفاق الضمان إشارة إلى شرط التحكيم الوارد في عقد البيع أو أحاله إليه فإن شرط التحكيم لا يمتد إلى اتفاق الضمان.
والمعيار لاعتبار الإحالة كافية للقول بوجود اتفاق تحكيم هو ما إذا كانت هذه الإحالة قد تمت واضحة إلى شرط التحكيم الوارد في العقد السابق، أم كانت إحالة عامة إلى بنود العقد السابق دون إشارة محددة واضحة إلى شرط التحكيم الوارد فيه في الفرض الأول فقط، تكون إرادة الطرفين واضحة في الالتجاء إلى التحكيم. وتطبيقًا لهذا، فإنه إذا أحال سند الشحن إلى وثيقة إيجار السفينة التي تتضمن شرط التحكيم وكانت الإحالة واضحة إلى الشرط الموجود في وثيقة الإيجار، فاني هذا الشرط يسرى على سند الشحن، أما إذا كانت الإحالة إحالة عامة مجملة إلى وثيقة الإيجار وليست إحالة واضحة إلى شرط التحكيم بها فلا تكون كافية.
وفي حكم حديث لمحكمة النقض المصرية، قضت المحكمة أن خطاب الضمان وان صدر تنفيذ للعقد المبرم بين البنك وعميله، إلا أن علاقة البنك بالمستفيد الذي صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة عن علاقته بالعميل يحكمها خطاب الضمان وحده بشروطه وقيوده، وكان اتفاق طرفيه على الالتجاء للتحكيم لتسوية الخلافات بشأنه أما أن يرد بنص صريح فيه أو بالإحالة إلى وثيقة يتضمنه تقطع بأنه جزء من شروط هذا الخطاب. لما كان ذلك وكان خطاب الضمان موضوع الدعوى- قد خلت بنودهما من شرط التحكيم أو الإحالة الواضحة إلى اعتبار شرط التحكيم الوارد بالعقد المؤرخ ۱۱ أبريل 1985 المحرر بين العميل الأمر والمستفيد جزءًا من بنود هذين الخطابين فاني النزاع بين الطاعن والمطعون ضدها بشأن صرف قيمتهما تتولى نظره المحاكم).
وإذا أبرم عقدان بين نفس الطرفين، وكان الارتباط بينهما ارتباطًا عضويًا بحيث يعتبر العقد اللاحق مكملًا للعقد الأصلي السابق، فإن شرط التحكيم الوارد في العقد الاصلى يسرى على ما يليه من عقود لاحقة مكملة له.
واستقر القضاء الإيطالي على أنه وفقًا لاتفاقية نيويورك يجب أن يكون التعبير عن الإرادة من الطرفين والمكون لاتفاق التحكيم واضحًا بمعنى أن يتبين على نحو قاطع أن الطرفين عندما اتفقا على الإحالة إلى العقد النموذجي الذي أحالًا إليه كانا يدركان وجود شرط التحكيم كبند في العقد المحال إليه.
وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه إذا حدثت إحالة في اتفاق بين طرفين إلى شروط عامة في وثيقة تتضمن شرط تحكيم، وكان الطرف الذي يحتج عليه بشرط التحكيم عالمًا بهذه الشروط، فإن سكوته يعنى موافقته على هذا الشرط. وكانت محكمة النقض الفرنسية قد تشددت قبل ذلك بالنسبة لتفسير قبول شرط التحكيم فتطلبت المحكمة أن توجد بين الطرفين علاقات عمل سابقة تؤكد علمهم التام بشرط التحكيم.
كما قضى بأنه لما كان الطلب المقدم من المؤمنة إلى شركة التأمين يتضمن اطلاعها على شروط وثيقة التأمين الصادرة منها وموافقتها عليها دون تحفظ، يعتبر إيجابًا بأنا للتعاقد. وقد تلاقى هذا الإيجاب بقبول الشركة، فإن عقد التأمين يكون قد انعقد بينهما وفقًا لشروط الوثيقة المعلنة من قبل ولو لم توقع المؤمنة على الوثيقة النهائية بعد تحريرها، ويكون شرط التحكيم الذي تتضمنه الوثيقة المعلنة ملزمًا لها.
(111).