لكي يكون اتفاق التحكيم نافذاً وينزع اختصاص القضاء ولا يعرض حكم التحكيم للبطلان تقول محكمة النقض المصرية بأنه يشترط في الشرط التحكيمي أن تكون عباراته واضحة وغير عمومية وينم عن إرادة واضحة في تنظيم إجراءات التحكيم وطريقة التعيين للمحكمين، لكي يكون هذا الشرط التحكيمي نافذاً، وإلا فإن الشرط التحكيمي غير الواضح لا ينزع اختصاص القضاء". وفي حكم آخر قالت المحكمة نفسها إن "اتفاق التحكيم هو بيان جوهري لازم لصحة الحكم".
وفي هذا الأمر أيضاً قضت المحكمة العليا في الجمهورية اليمنية أنه "لابد أن يستكمل اتفاق التحكيم أركانه الخاصة التي نص عليها قانون التحكيم من تعيين أسماء المحكمين وتحديد النزاع في وثيقة التحكيم، لا يجوز إثبات التحكيم إلا بالكتابة ".
وفي دولة الإمارات العربية قالت محكمة تمييز دبي أنه " يجب الاتفاق على التحكيم صراحة قلا يفترض ولا يجوز استخلاصه ". ولعل الأمر لا يقتصر فقط على ضوابط صياغة اتفاق التحكيم وتجنب الثغرات والتناقض في مضمونه ولكن لابد من الإشارة أيضاً إلى ضرورة وأهمية تطابق نسختي الاتفاق تطابقاً كاملاً سواء كان هذا الاتفاق في صورة شرط في عقد أو اتفاق منفصل. ولذلك قضي في المملكة الأسبانية بضرورة أن " تكون نسخة الاتفاق التحكيمي شرعية عند مطابقتها للنسخة التي أبرزها الطرف الآخر خلال الإجراءات، ولو كانت هذه النسخة إلكترونية".
ويفهم من ذلك أن هناك ضرورة تقتضي بأن تكون صياغة اتفاق التحكيم صياغة واضحة ودقيقة وأن يتضمن الاتفاق جميع المسائل التي تحصنه من أي إبطال... ومن هذه المسائل تشير على سبيل المثال موضوع أو نقاط النزاع المشمولة بحسب ما يقتضيه القانون الواجب التطبيق وعدد المحكمين وكيفية اختيارهم وإن كانت هناك شروط مطلوبة فيهم مع الإشارة إلى الحل فيها لو حصل الاختلاف على تشكيل هيئة التحكيم بالإضافة إلى تحديد القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع والقانون الإجرائي ولغة ومكان التحكيم.
ولاشك أن الصعوبات في صياغة اتفاق التحكيم تزداد أهمية في حالات التحكيم الحر ( ad hoc) لأنه في حالة التحكيم المؤسسي يستطيع الأطراف الاكتفاء فيما يتعلق بإجراءات التحكيم وتشكيل هيئة التحكيم وأتعابهم ومدة التحكيم وغيرها من المسائل بالإحالة إلى القواعد اللائحية المؤسسة التحكيم، حيث تصبح نصوص هذه اللائحة مكملة لاتفاق التحكيم وجزءا لا يتجزأ منه.
أما في حالات التحكيم الحر، فإن كل التفاصيل الضرورية والتي أشرنا كما سبق إلى بعضها يتطلب شموطا في اتفاق التحكيم حتى يكون هذا الاتفاق نافذاً، ويتغير الحال بين شرط التحكيم، الذي يكون قوامه تعهد الطرفين على طرح النزاعات المحتمل وقوعها بينهما في المستقبل على التحكيم، وبين مشارطة التحكيم التي تنشأ عن نزاع مكتمل وموجود بالفعل، مما يستدعي أن تتضمن المشارطة تفاصيل مختلفة لا نراها عادة في شرط التحكيم الذي يسبق النزاع.