يجب على من يتولى صياغة اتفاق التحكيم سواء كان في صورة شرط أو في صورة مشارطة عدم إغفال نقاط رئيسية عند صياغة هذا الاتفاق وأهمها :
أولاً : يجب على من يسند إليه صياغة اتفاق التحكيم أن يطلع على العقد الأصلي كاملاً بما في ذلك الملاحق إن وجدت ومعرفة كل ما يحتويه هذا العقد بملاحقه.
ثانياً : إن أول خطوة في تحديد اتجاه أطراف العلاقة القانونية تتمثل في معرفة فيما إذا كان التحكيم سيكون تحكيماً مؤسسياً أم تحكيماً حراً ( AD HOC ).وهذه المسألة بالتأكيد تتطلب أخذ رأي الأطراف فيها، ومعرفة ما إذا كانوا يودون حل نزاعهم المحتمل أو القائم عن طريق الاعتماد على مؤسسة تحكيم معينة يثقون فيها ويستفيدون من خدماتها. وفي هذه الحالة يجب أن يذكر الاسم الكامل والصحيح للمؤسسة التحكيمية والإشارة إلى أن قواعد هذا المركز تطبق على إجراءات التحكيم، أم أنهم يفضلون إدارة حل النزاع بأنفسهم ويضعون له القواعد الإجرائية التي تطبق عليه فيختارون التحكيم الحر.
ثالثاً : تحديد ما إذا كان التحكيم تحكيماً وطنياً أو تحكيماً تجارياً دولياً. ويرجع ذلك في حالة التحكيم التجاري الدولي، أن يحدد مكان ولغة التحكيم والقانون الواجب التطبيق على الإجراءات وعلى موضوع النزاع وجنسيات المحكمين، فقد يفضل الأطراف أن يكون رئيس هيئة التحكيم من جنسية ثالثة غير التي ينتمي إليها كل طرف إن كان كل واحد ينتمي إلى جنسية.
رابعاً : يجب كذلك تحديد نطاق التحكيم. وتعتبر الصياغة المثلى لشرط التحكيم هي طريقة التعميم والشمول حيث ينص في شرط التحكيم على أن : " أي نزاع أو خلاف ينشأ عن هذا العقد أو يرتبط أو يتعلق به يحال إلى التحكيم ... ". ويختلف الأمر في صورة مشارطة التحكيم، حيث يجب أن يشار إلى العقد الأصلي الذي نشأ حوله النزاع وتكون الإشارة مبينة لتاريخ العقد ورقمه وأطرافه وموضوعه ونطاق التحكيم.
خامساً : كما يجب تحديد عدد المحكمين، ويتطلب ذلك الرجوع إلى القانون الإجرائي أو قواعد مركز التحكيم إذا كان التحكيم مؤسسياً، وعلة ذلك أن القانون أو القواعد الإجرائية قد لا تجيز أن يكون عدد المحكمين زوجياً بل تشترط أن يكون العدد وترياً.
سادساً : ذكر طريقة تعيين المحكمين، والشائع هو أن يُعيَّن كل طرف محكمه ويختار المحكمان المعينان من الطرفين المحكم الثالث الذي يكون رئيساً لهيئة التحكيم. ويذكر هنا أيضاً مواعيد تعيين المحكمين كما يشار إلى سلطة تعيين المحكم في حالة رفض أحد الأطراف تعيين محكمه أو فشل المحكمان في اختيار المحكم المرجح. وقد يذكر في الاتفاق أن الأطراف يفوضون مركز التحكيم بإجراء اختيار المحكم أو المحكمين المختلف عليهم.
سابعاً : تحديد المؤهلات المطلوبة في المحكمين ونوع التخصص، حيث أن بعض المنازعات تقتضي نوعاً معيناً من التخصص ... ومثال على ذلك قضايا المنازعات الإنشائية التي قد يفضل الأطراف فيها أن يكون المحكم المرجح مهندساً ... والأمر ذاته في المنازعات المصرفية والتي قد يتفق الأطراف فيها أن يكون رئيس هيئة التحكيم خبيراً مصرفياً.
ثامناً : إذا كان القانون المطبق على النزاع يشترط صدور حكم التحكيم بالأغلبية، فإن ذلك لا يمنع من النص في اتفاق التحكيم على أنه : " في حالة تشتت الآراء يصدر حكم التحكيم برأي رئيس الهيئة " وذلك بغرض الاحتياط حتى لا يفشل التحكيم.
تاسعاً : تحديد بداية إجراءات التحكيم وهل تبدأ من تاريخ اكتمال تشكيل هيئة التحكيم أو من تاريخ انعقاد أول جلسة لها ؟... وكذا تحديد مدة التحكيم وكيفية تمديدها.
عاشراً : تحديد ما إذا كانت هيئة التحكيم ملزمة بتسبيب حكم التحكيم أم أن المطلوب من الهيئة إصدار حكمها بدون تسبيب وذلك بالرجوع إلى القانون المطبق وما إذا كان يجيز للأطراف الاتفاق على ذلك.
حادي عشر : في بعض العقود يرد تناقض واضح في شرط التحكيم. حيث يرد هذا الشرط على النحو الآتي : " ..... يتم حسم النزاع عن طريق التحكيم أو عن طريق القضاء ". ولذلك يجب على من يكلف بصياغة شرط التحكيم الانتباه إلى هذه المسألة وبحيث يذكر أن : " الطريق المتفق عليه هو طريق التحكيم الذي يجوز للطرفين أن يسلكاه وأنه يمتنع على أي منهما سلوك طريق القضاء أو أي طريق آخر ".
تجدر الإشارة إلى أن بعض الأطراف تضمن اتفاق التحكيم التزاماً مسبقاً بتنفيذ حكم التحكيم وبعدم الطعن بالحكم الصادر من قبل المحكمين، وقد يكون هذا الاشتراط مقبولاً لدى الأنظمة القضائية في بعض البلدان لكن ليس في كلها.
وبشأن هذا الاشتراط قالت المحكمة العليا اليمنية إن : " تضمين وثيقة التحكيم عبارات تصف حكم المحكمين بأنه مُلزم بالتنفيذ ولا يقبل الاستئناف أو النقض من أي جهة، إن هذا الاشتراط لا ينتج أثره قبل تحقق نشوء الحق في الادعاء ببطلان حكم التحكيم، ولاسيما إذا شاب حكم التحكيم ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية، أو لصدوره في مسألة لا تقبل التحكيم أو غير ذلك من الأحوال التي يجيز القانون فيها طلب إبطال حكم التحكيم ". وجاء في حكم لمحكمة استئناف بيروت ما يلي: " يبقى ممكناً الطعن في القرار التحكيمي عن طريق الإبطال بالرغم من أي اتفاق مخالف ".
لذلك فإن حكم التحكيم بصفة عامة قابل للطعن عن طريق البطلان حتى وإن اتفق الخصوم مسبقاً على عدم الطعن بالحكم متى كان القانون الواجب التطبيق على موضوع النزاع يسمح بذلك.