اتفاق التحكيم / انعقاد شرط التحكيم وصحته واستقلاله / الكتب / التحكيم التجاري الدولي في ظل القانون الكويتي والقانون المقارن / الشروط المتعلقة بإرادة الطرفين وأهليتهما اللازمة لشرط التحكيم :
الشروط المتعلقة بإرادة الطرفين وأهليتهما اللازمة لشرط التحكيم :
يمكن القول ، بوجه عام، أن معظم الإتفاقيات الدولية قد اكتفت - في هذا الصدد - بالإحالة إلى القوانين الوطنية للدول الأطراف فيها لبيان مدى صحة شرط التحكيم بحسب الشروط التي تتطلبها هذه القوانين فى إرادة طرفى شرط التحكيم وأهليتهما اللازمة لإبرامه ، وعلى هذا الحال سارت إتفاقية جنيف لعام ۱۹۲۳ وإتفاقية جنيف لعام ١٩٢٧.
لايجوز رفض الإعتراف وتنفيذ الحكم بناء على طلب الخصم الذى يحتج عليه بالحكم (التحكيمي) إلا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة في البلد المطلوب إليها الإعتراف والتنفيذ الدليل على أن أطراف الإتفاق المنصوص عليه فى المادة الثانية كانوا طبقا للقانون الذى ينطبق عليهم عديمي الأهلية أو أن الإتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذى أخضعه له الأطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم . والرأى على أن هذا النص قد جعل التحقق مــــــن صحة شرط التحكيم من ناحية توافر الرضا والأهلية اللازمة لإبرامه فى مرحلة لاحقة على التحكيم وصدور الحكم التحكيمي، لأن هذا النص يتضمن خطابا إلى قضاء الدولة التى يطلب إليها الإعتراف بهذا الحكم وتنفيذه وليس إلى هيئة التحكيم التي تصدر هذا الحكم. وعلى ذلك يكون لمن انعدم أو تعيب رضاه أو لمن انعدمت أو نقصت أهليته الدفع أمام تلك المحكمة ببطلان شرط التحكيم الذى عقده كوسيلة لرفض الإعتراف بالحكم التحكيمي أو تنفيذه في إقليم الدولة التي يطلب إليها ذلك .
ومع ذلك نلاحظ أن الدفع بإنعدام الرضاء أو تعيبه بعيب يفسده أو بإنعدام الأهلية أو نقصها يمكن ابداؤه قبل صدور الحكم التحكيمي أو قبل بدء إجراءات التحكيم أصلا، إذ ليس ما يمنع أحد طرفی شرط التحكيم من رفع النزاع الناشيء عن تنفيذ العقد الأصلى إلى المحكمة المختصة أصلا بنظره فإذا أبدى الطرف الآخر الدفع بهذا الشرط (الدفع بالتحكيم ( حاز الرافع الدعوى الدفع ببطلانه بسبب إنعدام رضاه أو تعيبه أو انعدام أهليته أو نقصها عند إبرامه. صحيح أن الدفع ببطلان شرط التحكيم أمام هذه المحكمة لا يحول دون البدء في إجراءات التحكيم أو صدور حكم التحكيم إلا أنه يتصور كذلك صدور حكم المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع ببطلان شرط التحكيم للسبب المتقدم قبل البدء في تلك الإجراءات أو صدور هذا الحكم ، فإذا صار هذا الحكم نهائيا زال شرط التحكيم و انعدمت آثاره مما يحول دون التحكيم أو إستمرار إجراءاته لزوال الأساس الذي استند إليه.
يؤيد ذلك ما نصت عليه المادة ٣/٢ من اتفاقية نيويورك لعام ۱۹۵۸ من أنه " على محكمة الدولة المتعاقدة التي يطرح أمامها نزاع حول موضوع كان محل اتفاق من الأطراف... أن تحيل الخصوم بناء على طلب أحدهم إلى التحكيم، وذلك ما لم يتبين للمحكمة أن هذا الاتفاق باطل أولا أثر له أو غير قابل للتطبيق"، وهو ذات الحكم المقرر بمقتضي المادة ١/٨ من القانون النموذجي للتحكيم التجارى الدولي للجنة الأمم المتحد للقانون التجارى الدولي الصادر عام . . وقد نصت المادة ٢/٨ من هذا القانون على أنه" إذا رفعت دعوى مما أشير إليه فى الفقرة الأولي من هذه المادة فيجوز مع ذلك البدء أو الإستمرار في إجراءات التحكيم، ويجوز أن يصدر قرار التحكيم والدعوى لا تزال منظورة أمام المحكمة المختصة أصلا بنظرها ، و هو نص لا نظير له فى إتفاقية نيويورك وإن كنا نعتقد في أن إعمال حكمه لا يحتاج إلى نص خاص لأنه يعد تطبيقا للقواعد العامة.
وإذا أحالت الإتفاقية الدولية إلى القانون الذى يخضع له الشخص فيما يتعلق با لينه لإبرام شرط التحكيم فيتعين مراعاة هذا القانون فيما يقرره من جواز أو عدم جواز قيام الأشخاص الاعتبارية بإبرامه أو فيما يقرره من قيود على سلطة الشخص الاعتباري فى هذا الخصوص لا سيما إذا كان شخصاً إعتباريا عاما .
ولقد أبرزت هذا المعنى الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجارى الدولي الصادرة في جنيف عام ١٩٦١، إذ بعد أن شرعت إتفاق التحكيم - سواء فى صورة شرط تحكيم أو إتفاق تحكيم - الذي تبرمه الأشخاص الطبيعية والمعنوية نصت الفقرة الأولي من المادة الثانية على أن "الأشخاص الإعتبارية ، التي يعتبرها القانون (الوطني) المطبق عليها من أشخاص القانون العام، يتمتعون بمكنة ابرام هذا الإتفاق. ويكون حينئذ إتفاقا صحيحا . على أن القانون الوطني الذي يحدد سلطة الشخص الإعتباري العام في إبرام شرط التحكيم (أو مشارطة التحكيم ) قد يقصر هذه السلطة على التحكيم الوطنى وقد يكون للدولة التي يتعبها هذا الشخص موقفاً آخر بالنسبة للتحكيم الدولي ، لذا نصت الفقرة الثانية من المادة الثانية من نفس الإتفاقية على أن يكون لكل دولة، عند التوقيع على هذه الإتفاقية أو التصديق عليها أو الإنضمام إليها، أن تعلن أنها تقيد تلك المكنة بالقيود المحددة في هذا الإعلان . وعلى ذا يجوز لكل دولة - وفقا للإتفاقية المذكورة - أن تورد قيودا على سلطة الشخص الإعتباري العام في إبرام شرط التحكيم، كما لو قيدت هذه السلطة بمنازعات معينة دون غيرها سواء من حيث نوع النزاع أو من حيث قيمته المالية أو من حيث أطرافه أو من حيث جنسية المحكمين الذين يشـــــار إليهم في شرط التحكيم أو غير ذلك من المسائل التي قد يتضمنها شرط التحكيم.