تناولنا فيما سبق من صور اتفاق التحكيم كلا من شرط التحكيم والمشارطة، ويبقى لنا أن نتناول الصورة الثالثة والأخيرة ونعني بها شرط التحكيم بالإحالة (Clause arbitrale par référence) ويقصد بهذا الشرط، إشارة المتعاقدين في عقد من عقود التجارة الدولية مع إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم واعتبارها جزءا لا يتجزء من العقد. وقد نص قانون التحكيم المصري صراحة على شرط التحكيم بالإحالة في الكلمات المادة ۳/۱۰
بقوله: « ويعتبر اتفاقا على التحكيم كل إحالة ترد فيرالمصور العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم، إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار المويه هذا الشرط جزءا من العقد
لتنظيم أو لتكملة ما ورد بالعقد من أحكام. ولأن هذه الشروط أو تلك العقود تتضمن شرط التحكيم، فإن الاحالة إليها هي التي تجعلنا أمام هذا النوع من اتفاق التحكيم، والذي اصطلح على تسميته بشرط التحكيم بالإحالة. وسواء جات الإحالة إلى الشروط العامة، أو العقود النموذجية، أو أية وثيقة أخرى، فهي لاتأتي عبثا، وإنما يحتمها وجود صلة أو ارتباط بين العقد المتضمن الإحالة والوثيقة المحال إليها. والأمثلة على ذلك كثيرة في عقود التجارة الدولية، ففي عقود الأشغال العامة (Travaux publics)، أو عقود المقاولات الدولية، نجد أن المتعاقدين يلجأون إلى الشروط العامة للفيدك(FDIC)، وهذه الشروط فيما تنظمه من أحكام للعلاقات التعاقدية بين رب العمل والمقاول والمهندس المدني تتضمن شرط التحكيم في المادة 67 منها ، كذلك نجد عقودا نموذجية عديدة تنظم أحكام البيع والتأمين واستخراج البترول ونقل التكنولوجيا والمساعدة الفنية إلى غير ذلك من عقود يشير إليها الأطراف عند التعاقد وتكون متضمنة لشرط التحكيم، كذلك يمكن أن نجد الإحالة من عقذ إلى آخر، كأن يحيل عقد المقاولة من الباطن إلى شرط التحكيم الوارد في عقد المقاولة الأصلي، أو يحيل سند الشحن في عقد النقل البحري إلى شرط التحكيم الوارد في عقد إيجار السفينةوتطبيقا لذلك فقد حكم القضاء الفرنسي في دعوى شهيرة تعرف باسم (Bomar oil) بصحة شرط التحكيم بالإحالة، رغم ادعاء الشركة المدعى عليها بأنها لم تكن على علم بهذا الشرط. وتتلخص وقائع هذه الدعوى، في تعاقد شركة بترول تونسية "ETAP" على بيع كمية من البترول الخام لشركة هولندية تدعى (Bornar oil)، وقد تم البيع عن طريق تبادل التلكسات (Telex) التي أشير فيها إلى إعمال الشروط العامة الملحقة من جانب الشركة التونسية، والتي تضمنت فيبأن اتفاقية نيويورك لاتستبعد من مجال تطبيقها شرط التحكيم بالاح مادام قد ورد مكتوبا في وثيقة تتضمنه. وعلى أثر الطعن بالنقض من جديد في حكم الاستئناف، أصدرت محكمة النقض الفرنسية في دوائرها المجتمعة حكما هاما يحسم هذه المسألة، ان قررت صراحة: « أنه في مجال التحكيم الدولى، يصح شرط التحكي بالإحالة المكتوب في وثيقة تتضمنه مثل الشروط العامة أو العقود النموذجية. وإنه مادام قد أشير إلى هذه الوثيقة في العقد الأساسي، وكان الطرف المراد الاحتجاج عليه بها قد علم بفحواها لحظة إبرام العقد، فإن سكوته يدل على أنه قبل إدماجها – بما تتضمنته من شرط التحكيم - في العقد». وبعبارة الحكمويستفاد من جملة الأحكام السابقة أن شرط التحكيم بالإحالة لايفترق عن شرط التحكيم العادي أو مشارطة التحكيم في قوته الإلزامية ، فمجرد أن تتضنه الوثيقة المشار إليها في العقد الأساسي، يصبح وكأنه منصوص عليه في هذا العقد، ولايقدح في ذلك ادعاء أحد الأطراف أنه كان يجهل تضمن الوثيقة له، إذ أنه بحكم تعامله في نشاط تجاري دولي معين، محل تنظیم شروط عامة أو عقود نموذجية، يفترض أنه يعلم به. أما إذا كانت الإحالة إلى وثيقة محل تنظيم خاص من أحد الأطراف أو إلى عقد سابق ليس محررا بينهما، فإنه يشترط اطلاع الطرف الآخر على هذه الوثيقة لحظة إبرام العقد، وقبوله لما ورد بها من أحكام حتى يحتج اعلية بشرط التحكيم الوارد بها عند تسوية النزاع، .
45- وبهذا يحقق شرط التحكيم بالإحالة الغاية المرجوة منه في تلبية حاجات التجارة الدولية (Los besoins du commerce international) التي تتطلب السرعة في انجاز المعاملات بالأخذ بالوسائل المتطورة في الاتصالات، واللجوء إلى الشروط النموذجية عند إبرام الصفقات التجارية الدولية، وهو مالا يكون بالضرورة معمولا به على الصعيد الداخلي حكم المادة 750من القانون المدني المصري بمنع شرط التحكيم في الشروط العامة لوثيقة التأمين وفق القانون تنص المادة ۷۰۰ من القانون المدني المصري على أنه يقع باطلا مايرد في وثيقة التأمين من الشروط الآتيه شرط التحكيم إذا ورد في الوثيقة بين شروطها العامة المطبوعة لا في صورة اتفاق خاص منفصل عن الشروط العامة ومؤدى هذا النص، أن يقع شرط التحكيم بالإحالة باطلا، إذا كانت الوثيقة التي أشار إليها طرفا العقد هي وثيقة التأمين
مدنی أية قوة إلزامية، باعتباره من النصوص الخاصة التي تقيد النصوص العامة) ذلك أن المادة الثالثة من مواد إصدار القانون قد نصت على إلغاء أي حكم مخالف لأحكامه وينبني على ذلك أنه إذا ورد شرط التحكيم بالإحالة إلى الشروط العامة الوثيقة تأمين صادرة عن شركة تأمين مصرية أو أجنبية في عقد داخلي أو دولي، وكان من بين الشروط المطبوعة بها، فإن هذا الشرط يقع صحيحا بطلان فيه.