الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / تعريف شرط التحكيم وطببيعته / الكتب / أركان الإتفاق على التحكيم وشروط صحته / طبيعة شرط التحكيم ، وجزاء الإخلال به فى القانون الوضعي المقارن :

  • الاسم

    د. محمود السيد عمر التحيوي
  • تاريخ النشر

    2007-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الفكر الجامعي
  • عدد الصفحات

    790
  • رقم الصفحة

    71

التفاصيل طباعة نسخ

طبيعة شرط التحكيم ، وجزاء الإخلال به فى القانون الوضعي المقارن :

أولا : طبيعة شرط التحكيم، وجزاء الإخلال به في القانون الوضعي الفرنسي :

   الحديث عن جزاء الإخلال بشرط التحكيم فى القانون الوضعي الفرنسي . أى ، الأثر القانوني المترتب على عدم موافقة أحد أطراف شرط التحكيم على إبرام مشارطة التحكيم ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم ، يتطلب منا أن نتحدث أولا عن موقف مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة من هذه المسألة ، ثم بعد ذلك نتطرق للحديث عن مجموعة المرافعات الفرنسية فـــي ظل أحكام المرسوم الفرنسى الصادر في الرابع عشر من شهر مايو سنة ۱۹۸۰ - والخاص بتعديل نصوص التحكيم الداخلى في فرنسا ، لاختلاف طبيعة الأثر القانوني المترتب على عدم موافقة أحد أطراف شرط التحكيم على إبرام مشارطة التحكيم ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم في المجموعتين.

( أ ) - الأثر القانونى المترتب على عدم موافقة أحد أطراف شرط التحكيم على إبرام مشارطة التحكيم ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم فى مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة :

  لم يكن شرط التحكيم فى مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة يعتبر اتفاقا على التحكيم ، وإنما كان وعدا بإبرام هذا الإتفاق في المستقبل ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم . بمعنى ، أن شرط التحكيم يمثل حلقة مؤدية للتحكيم - كنظام قانونى للفصل فى المنازعات بين الأفراد والجماعات ، بدلا من الإلتجاء إلى القضاء العام فى الدولة ، صاحب الولاية العامة ، والإختصاص بالفصل فى كافة منازعاتهم - وأيا كان موضوعها إلا ما استثنى بنص قانونى وضعى خاص - وهو يمهد لإبرام عقد آخر ، هو مشارطة التحكيم .

  وقد ثار التساؤل عن مدى حرية أطراف العقد الأصلي المبرم بين أطراف شرط التحكيم - مصدر الرابطة القانونية ، والمتضمن شرط التحكيم - في إبرام مشارطة التحكيم في المستقبل عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم ؟ . فهل تخضع هذه المسألة لمبدأ سلطان إرادة أطراف شرط التحكيم ؟ . وهل يكون الرد على ذلك بالإيجاب ؟ . فيكون شرط التحكيم عملا إراديا يتضمن الوعد بالتحكيم ، ويترتب على رفض أحد أطراف شرط التحكيم إبرام مشارطة مشارطة التحكيم في المستقبل ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم ، ألا يكون للأطراف الآخرين في العقد الأصلي - مصدر الرابطة القانونية ، والمتضمن شرط التحكيم - سوى مطالبته بالتعويض عما لحق بهم من أضرار ، نتيجة إخلاله بشرط التحكيم ؟ . أم أنه يمكن تنفيذ هذا الإلتزام تنفيذا عينيا ؟

   بحيث يجوز إجبار المتعاقد على تنفيذ التزامه، إما قضاء ، على أساس تنفيذ الإلتزام عينا ، فيقوم القاضى العام في الدولة الفرنسية بمهمة إختيار أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم ، أو رضــــاء فيمتثل الطرف الآخر لإجراءات تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم ، ويقوم عندئذ بالمساهمة في تكوين هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم؟

  وهكذا ، فقد أضفت محكمة النقض الفرنسية على شرط التحكيم طابعا إلزاميا يوجب تنفيذه . فالوعد بالتحكيم هو : مجرد التزاما بعمل ، لا يتخلف عن الإخلال به سوى التعويض ، بل أصبح النظر إليه كالتزام قابل للتنفيذ العيني ' وهو تنفيذا يفرضه قرار القاضي العام في الدولة على الخصم المماطل فرضا ، مادام لم يقم بتنفيذه اختيارا . وبذلك ، فإنه يجوز للطرف صاحب المصلحة في عرض النزاع على هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فيه ، الالتجاء إلى رئيس المحكمة التجارية المختصة أصلا بتحقيقه، والفصل فى موضوعه - لو لم يوجد اتفاقا على التحكيم - إذا لم يستجب الطرف بالمشاركة في تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم خلال مدة معينة ، دون حاجة لصدور حكم قضائى ، يكون حائزا لقوة الأمر المقضى .

  وقد صاغ المرسوم الفرنسى الصادر في الرابع عشر من شهر مايو سنة ۱۹۸۰ - والخاص بتعديل نصوص التحكيم الداخلى بفرنسا - في الباب الأول : إتفاقات التحكيم ، وتبين أن شرط التحكيم - شأنه شأن مشارطة التحكيم - قد أصبح يشكل التزاما مستقلا عن مشارطة التحكيم ، بالإلتجاء إلى إجراءات التحكيم من جانب الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " ، للفصل في النزاع - المحتمل ، وغير المحدد - موضوع شرط التحكيم ، وليس مجرد وعدا بإبرام مشارطة التحكيم في المستقبل ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم

  فالمرسوم الفرنسي الصادر في الرابع عشر من شهر مايو سنة ۱۹۸۰ - والخاص بتعديل نصوص التحكيم الداخلى فى فرنسا . قد أوضح استقلال صورتي الإتفاق على التحكيم " شرط التحكيم ، ومشارطته " . بحيث يمكن لأطراف العقد التجارى الذين يدرجون فيه شرطا للتحكيم ، للفصل في النزاع المحتمل ، وغير المحدد ، والذى يمكن أن ينشأ مستقبلا عن تفسيره أو تنفيذه في المستقبل - وعند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم - الإلتجاء مباشرة إلى إجراءات التحكيم ، عن طريق تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع شرط التحكيم، دون حاجة لإبرام مشارطة تحكيم مستقلة.

  بل ويظهر إستقلال صورتى الإتفاق على التحكيم " شرط التحكيم ، ومشارطته " في المرسوم الفرنسي الصادر في الرابع عشر من شهر مايو سنة ١٩٨٠ - والخاص بتعديل نصوص التحكيم الداخلي في فرنسا – مــن خلال تخصيصه الفصل الأول من الباب الأول لشرط التحكيم . والفصل الثاني منه لمشارطة التحكيم ، والفصل الثالث منه للقواعد المشتركة لصورتي الإتفاق على التحكيم " شرط التحكيم ، ومشارطته " .

وتنص المادة ( ۱۰۱ ) من القانون المدنى المصرى على أنه:

1- الإتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل ، لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه ، والمدة التي يجب إبرامه فيها.

2- وإذا اشترط القانون لتمام العقد إستيفاء شكل معين ، فهذا الشكل يجب مراعاته أيضا في الإتفاق الذى يتضمنه الوعد بإبرام هذا العقد " .

  وحين تجيز الأنظمة القانونية الوضعية - وعلى اختلاف مذاهبها واتجاهاتها - للأفراد ، والجماعات الإلتجاء إلى نظام التحكيم ، للفصل في منازعاتهم المحتملة ، وغير المحددة ، لحظة إبرام الاتفاق على التحكيم بينهم والتي يمكن أن تنشأ بينهم فى المستقبل، بمناسبة تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلي المبرم بينهم - مصدر الرابطة القانونية - بمقتضى شرط للتحكيم فإن ذلك يمثل حلقة مؤدية إلى التحكيم - كنظام قانوني . فإرادة الأفراد والجماعات في الإلتجاء إلى نظام التحكيم ، للفصل في منازعاتهم المحتملة وغير المحددة ، لحظة إبرام الإتفاق على التحكيم بينهم ، والتي يمكن أن تنشأ بينهم في المستقبل ، بمناسبة تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلي المبرم بينهم مصدر الرابطة القانونية بمقتضى شرط التحكيم تظهر منذ البداية في العقد التجارى ، أو في العقد المدنى ، والذى يرد به شرط التحكيم ، ويضع هذا الشرط على أطراف العقد الأصلي المبرم بينهم - مصدر الرابطة القانونية ، والذى يتضمنه - التزاما بإبرام مشارطة التحكيم التي تتضمن موضوع النزاع الذي نشأ فعلا بينهم ، عن العقد الأصلي المبرم بينهم مصدر الرابطة القانونية ، والذى يتضمنه - وتسمية أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، للفصل فيه ، في حدود طلبات الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " ، ووفقا للقواعد ، والإجراءات التى تكون الأنظمة القانونية الوضعية - وعلى اختلاف مذاهبها ، واتجاهاتها - قد قررتها بخصوص نظام التحكيم ، مالم يتفق الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " على إعفاء هيئة التحكيم المكلفة عندئذ بالفصل فى النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم من الخضوع لها ، إلا مايتعلق منها بالنظام العام L'ordre public في القانون الوضعي المقارن ، وحقوق الدفاع للأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " .

   ويجد تعريف فقه القانون الوضعى المقارن المتقدم ذكره لشرط التحكيم سنده القانوني فيما قضت به المادة ( ۱/۱۰۱ ) من القانون المدنى المصرى ،  والتي تنص على أنه :

  "الإتفاق الذي يعد بموجبه كلا المتعاقدين أو أحدهما بإبرام عقد معين  في المستقبل ، لا ينعقد إلا إذا عينت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها " . فهو الحال في شرط المدرج في العقد الأصلى المبرم بين الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم - مصدر الرابطة القانونية ، والذي تضمنه - حيث يعد كل طرف المحتكم " الطرف فى الإتفاق على التحكيم " الأطراف المحتكمين الآخرين " أطراف الإتفاق على التحكيم الآخرين " بالخضوع لنظام التحكيم ، فيمـــا يثور بينهم من منازعات ، قد تنشأ عن تفسير العقد الأصلي المبرم بينهم - مصدر الرابطة القانونية ، والذي تضمنه - أو تنفيذه في المستقبل . لذلك يصح القول بأن شرط التحكيم - كوعد بالتعاقد - يعتبر عقدا بمعنى الكلمــــة يمهد لإبرام عقد آخر ، وهو مشارطة التحكيم .

  ويستوى في التحليل المتقدم أن يرد شرط التحكيم كبند من بنود العقد الأصلي المبرم بين الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " - مصدر الرابطة القانونية ، والذى يتضمنه - أو فى اتفاق مستقل عنه ، ففي الحالتين يتميز شرط التحكيم - كوعد بالتعاقد عن مشارطة التحكيم - كعقد موعود به . إذ بينما يتضمن الأول " شرط التحكيم " وعدا من كل من الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " للأطراف المحتكمـين الآخرين " أطراف الإتفاق على التحكيم الآخرين " بإخضاع نزاع قد ينشأ بينهم في المستقبل ، بمناسبة تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلي المبرم بينهم مصدر الرابطة القانونية ، والذي تضمنه - لنظام التحكيم ، فإن الثاني " مشارطة التحكيم " يتضمن التزام أطرافه المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " بإخضاع نزاع نشأ فعلا بينهم لنظام التحكيم ، فضلا عن تسمية أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ويثور التساؤل عن مدى حرية أطراف العقد الأصلي المبرم بين الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " - مصدر الرابطة القانونية ، والذي تضمن شرط التحكيم - في إبرام مشارطة التحكيم ، عند نشأة النزاع المحتمل ، وغير المحدد في المستقبل بينهم ، بمناسبة تفسيره ، أو تنفيذه ، فهل تخضع هذه المسألة لمبدأ سلطان إرادة الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " ؟ .

  إذا كان الرد على ذلك بالإيجاب ، فإن النظر إلى شرط التحكيم - وباعتباره عملا إراديا يتضمن الوعد بالتحكيم - يقتضى القول بأنه إذا رفض أحد الأطراف المحتكمون " الطرف فى الإتفاق على التحكيم " إبرام مشارطة التحكيم ، عند نشأة النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم ، بمناسبة تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلي المبرم بينهم - مصدر الرابطة القانونية ، والذى تضمن شرط التحكيم - فلايكون للأطراف المحتكمين الآخرين " أطراف الإتفاق على التحكيم الآخرين سوى مطالبته بالتعويض ، عما أصابهم مــن أضرار ، بسبب إخلاله بشرط التحكيم . وينبنى على ذلك القول ، أن عـدم موافقة أحد الأطراف المحتكمون " الطرف فى الإتفاق على التحكيم " على إبرام مشارطة التحكيم ، عند نشأة النزاع موضوع الإتفاق على التحكيم بمناسبة تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلي المبرم بينهم - مصدر الرابطة القانونية ، والذى تضمن شرط التحكيم - يعنى عدم خروج النزاع موضوع شرط التحكيم من ولاية المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه ، والفصل في موضوعه ، واقتصار الأمر على مطالبة هذا الطرف المحتكم " الطرف في الإتفاق على التحكيم " بالتعويض عن إخلاله عندئذ بشرط التحكيم .

   ووفقا للرأى الراجح في فقه القانون الوضعى المصرى ، فإن شرط التحكيم المدرج فى عقد من العقود - وأيا كانت طبيعته ، وباعتباره وعدا بالتحكيم - ليس مجرد التزاما بعمل ، لا يتخلف عن الإخلال به سوى التعويض ، وإنما يجب النظر إليه كالتزام قابل للتنفيذ العينى ، وهو تنفيذا يفرضه القاضي العام في الدولة على الطرف المحتكم " الطرف فى الإتفاق على التحكيم " المماطل فرضا ، مادام لم يقم بتنفيذه اختيارا ، إستنادا إلى ماقضت به المادة ( ۱۰۲ ) من القانون المدنى المصرى ، والتي تنص على أنه:

:

   " إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل وقاضاه المتعاقد الآخر طالبا تنفيذ الوعد ، وكانت الشروط الازمة لتمام العقد وبخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة قام الحكم ، متى حاز قوة الشئ المقضى به مقام العقد .

   ويرى جانب من فقه القانون الوضعى المصرى أن قانون المرافعات المصرى الحالى رقم ( ۱۳ ) لسنة ١٩٦٨ - وفي نصوص التحكيم الملغاة بواسطة قانون التحكيم المصرى رقم ( ٢٧ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية " المواد ( ٥٠١ ) - ( ٥١٣ ) " - لم يعالج قصور نص المادة ( ۱۰۲ ) من القانون المدني المصرى . وخاصة ، بالنسبة لمسألة رفض أحد أطراف العقد الأصلي المبرم بين أطرافه - مصدر الرابطة القانونية ، والمتضمن شرط التحكيم - إبـرام مشارطة التحكيم في المستقبل ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم ، أو عدم مشاركته في تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم ، وحلول القاضى العام في الدولة ، والمختص أصلا بتحقيق النزاع موضوع شرط التحكيم ، والفصل فى موضوعه - لو لــم يوجد اتفاقا على التحكيم - محل إرادة الأطراف المحتكمين " أطراف الإتفاق على التحكيم " في عرض النزاع على هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فيه .

   إذ كانت المادة ( ٣/٥٠٢) من قانون المرافعات المصرى الحالى رقم ( ۱۳ ) لسنة ١٩٦٨ - والملغاة بواسطة قانون التحكيم المصرى رقم ( ٢٧) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية - تنص على أنه:

  " يجب تعيين أشخاص المحكمين في الإتفاق على التحكيم ، أو في اتفاق مستقل ، مما كان يثير التساؤل عن الحل الواجب الإتباع ، فيما لو لم يحصل هذا التعيين ، لاختلاف الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " حول أشخاص أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فـي النـزاع  موضوع شرط التحكيم.

  فضلا عن أن المشرع الوضعى المصرى وفى نص المادة ( ٣/٥٠٢ ) مـن  قانون المرافعات المصرى الحالى رقم ( ۱۳ ) لسنة ١٩٦٨ - والملغاة بواسطة قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية - لم يكن يبين جزاء على مخالفة الالتزام الوارد فيها .

   ومن جانبنا ، نرى أن الموقف الذي سبق أن انتهجته محكمة النقض الفرنسية فى ظل مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة ، كان أكثر حظا من الرأى السائد فقه القانون الوضعي في مصر من مسألة  مدى حرية أطراف العقد الأصلي - مصدر الرابطة القانونية ، والمتضمن شرط التحكيم – في إبرام مشارطة التحكيم في المستقبل ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم بمناسبة تفسير العقد الأصلي - مصدر الرابطة القانونية ، والمتضمن شرط التحكيم - لاتفاق الحل الذي تبنته مع طبيعة نظام التحكيم - كوسيلة مرنة فعالة ، وسريعة للفصل في المنازعات - وهذه الطبيعة لاتتفق مع إمكانية حصول الطرف صاحب المصلحة في عرض النزاع على هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم على حكم قضائي ، مــن القضاء العام في الدولة ، يكون حائزا لقوة الأمر المقضى ، وما يكتنف ذلك من صعوبات ، تتعلق بإجراءات التقاضي العام في الدولة ، وما يستلزم ذلك من وقت طويل نسبي ، مما لا يحقق الغرض المقصود من التجاء الأفراد والجماعات إلى نظام التحكيم ، وهو سرعة الفصل في منازعاتهم ، وتفادى الإلتجاء إلى إجراءات التقاضي العادية ، والتي قد تستغرق وقتا طويلا ولأجل ذلك ، ولتفادى ما يواجه الطرف صاحب المصلحة في عرض النزاع على هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع شرط التحكيم من صعوبة في الحصول على حكم قضائى ، من القضاء العام في الدولة ، يكون حائز لقوة الأمر المقضى ، لما يستغرقه ذلك من وقت قد يطول في بعض الأحيان .

   وكذلك ، معالجة قصور المادة ( ۱۰۲ ) من القانون المدنى المصرى ، فقد كان من الازم أن يتدخل المشرع الوضعى المصرى بنص يسمح باتباع الحل المقرر في القانون الوضعى الفرنسي - والمنوه عنه من قبل . ونتيجة لذلك ، فقد خولت المادة ( ۱۷ ) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ۱٩٩٤ فى شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية للطرف ذى المصلحة أن يلجأ إلى القضاء العام فى الدولة ، ويطلب منه تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم - كلهم ، أو بعضهم فيقوم حكم القاضى العام فى الدولة مقام الإتفاق على التحكيم ، حيث يفرض شرط التحكيم على أطراف العقد الذي تضمنه ، بحيث ينفذ فرضا .

   والخلاف الذي قد يثور بين أطراف شرط التحكيم ، ويكون من شأنه الحيلولة دون اضطلاع هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم بمهمتها التحكيمية ، لا ينبغى أن يحول دون تنفيذ شرط التحكيم . بحيث إذا اختلف أطراف شرط التحكيم حول تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم - كلهم ، أو بعضهم – فإنه يجوز لأى منهم أن يطلب من رئيس المحكمة المختصة أصلا بنظر النزاع موضوع شرط التحكيم ، إذا تعلق الأمر بتحكيم داخلى . ولرئيس محكمة استئناف القاهرة - مالم يتفق الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " على اختصاص رئيس محكمة استئناف أخرى في مصر - في حالة التحكيم التجارى الدولى " المادة ( ۹ ) من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ۱۹۹٤ فى شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية "  الأمر بإلزام خصمه بالمشاركة فى هذا التعيين ، في مدة معينة ، وإلا قامت هذه المحكمة بهذا التعيين من تلقاء نفسها ، واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمباشرة هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع شرط التحكيم لمهمتها التحكيمية .

  نطاق صحة شرط التحكيم، ومشارطته في مجموعة المرافعات الفرنسية المعدلة بالمرسوم الفرنسي الصادر في الرابع عشر من شهر مايو سنة ۱۹۸۰ ، وقانون التحكيم المصرى رقم ( ٢٧ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فى المواد المدنية ، والتجارية  .

  بيد أن المادة ( ۱٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة كانت قد قيدت النص القانوني الوضعى الفرنسي المتقدم بما قضت به من أنه:

  " يجب أن تتضمن مشارطة التحكيم تعيين موضوع النزاع وتسمية المحكمين ، وإلا وقعت باطلة " . ومعنى ذلك ، أنه ولئن جاز للأفراد وللجماعات الإتفاق على الإلتجاء إلى التحكيم ، للفصل في نزاع نشأ فعلا بينهم ، حيث يمكن تعيينه ، وتسمية أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فيه في الإتفاق المعروف بمشارطة التحكيم ، فإنه لايجوز الإتفاق مقدما في عقد من العقود - وأيا كانت طبيعته - على الفصل في المنازعات التي يمكن أن تنشأ عن تفسيره ، أو تنفيذه في المستقبل عن طريق نظام التحكيم - دون المحاكم المختصة أصلا بتحقيقها ، والفصل فى موضوعها – وهو ما يعنى بطلان شرط التحكيم .

   إنتقاد مسلك القضاء الفرنسى القائل ببطلان شرط التحكيم في ضوء نص المادة ( ۱۰۰٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة:

:   إنتقد جانب من فقه القانون الوضعى الفرنسي مسلك القضاء الفرنسي القائل ببطلان شرط التحكيم ، في ضوء نص المادة ( ١٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة ، استنادا إلى أن شرط التحكيم لايعد اتفاقا على التحكيم ، حتى يجب أن يكون موضوعه محددا ، وإنما يعتبر وعدا بالتحكيم يلتزم أطرافه بإبرام مشارطة تحكيم ، عند نشأة النزاع موضوع شرط التحكيم بينهم في المستقبل ، بمناسبة تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلي المبرم بينهم مصدر الرابطة القانونية ، الذى تضمن شرط التحكيم .

  فضلا عن أنه - وبعد الحرب العالمية الأولى - قد شاع شرط التحكيم في المعاملات التجارية . خاصة ، ماكان منها ذا صفة دولية ، وتأذى التجار الفرنسيون من الحكم الذى يقضى ببطلان شرط التحكيم ، في ضوء المادة ( ۱٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة ، حيث شعروا أنهم في مركز أدنى من مركز التجار الأجانب الذين يتعاقدون معهم .

   إذ لما كانت معظم التشريعات الأجنبية تجيز أن يدرج الأفراد ، والجماعات شروطا للتحكيم ، للفصل في منازعاتهم المحتملة ، وغير المحددة ، والتي يمكن أن تنشأ عن تفسير ، أو تنفيذ العقد الأصلي - مصدر الرابطة القانونية والذى يتضمن شرط التحكيم - عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية - بعكس المادة ( ١٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة - فإن التجار الأجانب استطاعوا أن يفرضوا على التجار الفرنسيين شروطا للتحكيم . والتي بموجبها ، تخضع المنازعات المحتملة ، وغير المحددة ، والتي يمكن أن تنشأ عن تفسير ، أو تنفيذ العقود المبرمة معهم لنظام التحكيم خارج فرنسا ، دون أن يستطيع التجار الفرنسيون فرض أسلوب المعاملة بالمثل ، لبطلان شرط التحكيم في ضوء المادة ( ۱٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة .

  وقد قضت محكمة النقض الفرنسية بعدم بطلان شرط التحكيم ، إذا كانت العلاقة محل النزاع موضوع شرط التحكيم دولية ، وخاضعة لقانون وضعى أجنبى ، معتبرة بذلك أن البطلان الناشئ عن مخالفة نص المادة ( ١٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة ليس من النظام العام الدولي .

   إجازة شرط التحكيم فى منازعات التجارة الوطنية بفرنسا ، بمقتضى القانون الوضعى الفرنسي الصادر في ( ۳۱ ) ديسمبر سنة ۱۹۲٥ :

   في تطور لاحق ، لاحظ المشرع الوضعى الفرنسي الأهمية العملية لشرط التحكيم فى معاملات التجارة الوطنية، من خلال ماجرى عليه القضاء التجارى الفرنسى من تدعيم وشائج أحكامه الوطنية ، بالقواعد الخاصة بأحكام التحكيم الصادرة في منازعات التجارة الدولية ، والمسبوقة بشرط التحكيم ، وأراد المشرع الوضعى الفرنسي إختصار الطريق أمام التجار الفرنسيين ، فأجاز لهم شرط التحكيم ، والذى يمهد لهم الإلتجاء إلى التحكيم مباشرة ، في منازعات التجارة الوطنية بفرنسا ، دون حاجة للعروج على ساحات المحاكم التجارية ، بالقانون الوضعي الفرنسي الصادر في ( ۳۱ ) ديسمبر سنة ١٩٢٥ ، والذى أضاف الفقرة التالية للمادة ( ٦٣١ ) من المجموعة التجارية الفرنسية :

   " يجوز للأطراف الإتفاق عند التعاقد على إخضاع ماينشأ من منازعات لمحكمين ، متى كانت من بين المنازعات المعدودة فيما سبق " ، وهذه المنازعات هي :

(۱) - المنازعات المتعلقة بالتعهدات ، والمعاملات الحاصلة بين التجار

(۲) - المنازعات التي تقع بين الشركاء ، بسبب شركة تجارية .

   فهذا التشريع الوضعى الفرنسى الخاص - والذي صدر في فرنسا في ( ۳۱ ) ديسمبر سنة ١٩٢٥ - قد قرر للمرة الأولى صحة شرط التحكيم في المواد التجارية . ونتيجة لذلك، فقد ظهرت مع الفقرة المضافة للمادة ( ٦٣١ ) من المجموعة التجارية الفرنسية إمكانية الإعتراف بشرط التحكيم والذي مؤداه ، الإلتجاء إلى تحكيم داخل فرنسا ، في صدد نزاع مستقبلي دون تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم بأسمائهم سلفا - كما تتطلب المادة ( ١٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة.

   دراسة منازعات التجارة الوطنية التى أجاز فيها القانون الوضعي الفرنسي الصادر في ( ۳۱ ) ديسمبر سنة ١٩٢٥ الإلتجاء إلى تحكيم داخل فرنسا ، في صدد نزاع مستقبلى ، دون تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل فى النزاع موضوع شرط التحكيم بأسمائهم سلفا - كما تتطلب المادة ( ١٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة .

   منازعات التجارة الوطنية التى أجاز فيها القانون الوضعي الفرنسي الصادر في ( ۳۱ ) ديسمبر سنة ۱۹۲٥ الإلتجاء إلى تحكيم داخل فرنسا في صدد نزاع مستقبلی ، دون تعيين أعضاء هيئة التحكيم المكلفة بالفصل ،في النزاع موضوع شرط التحكيم بأسمائهم سلفا - كما تتطلب المادة ( ١٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية .

  لم تنص الأنظمة القانونية الوضعية - وعلى اختلاف مذاهبها واتجاهاتها - على الأعمال التجارية بالتبعية ، وإنما استنبطها فقه القانون الوضعى ، وأحكام القضاء المقارن من الفرض الذى يسعى إليه التاجر مــن خلال مباشرته لأعمال تعد في طبيعتها مدنية ، ولكنه يستهدف من ورائها أعمال تجارته.

  ويشترط لاعتبار هذه الأعمال المدنية أعمالا تجارية بالتبعية مايلي :

الشرط الأول :

   أن يباشر هذه الأعمال تاجرا :

    فإذا لم يكن تاجرا ، فإن هذه الأعمال لاتعد تجارية ، بل تظل أعمالا مدنية.

والشرط الثاني :

    أن يباشر التاجر هذه الأعمال بمناسبة ، وبسبب أعمال تجارته :

   أما إذا كانت هذه الأعمال منقطعة الصلة بتجارته ، فإنها تظل مدنية .

فإذا اشترى تاجر سيارة لاستخدامه الشخصي ، إعتبر هذا الشراء عملا مدنيا . كذلك ، إذا اشترى أساسا لتأثيث منزله ، ظل العمل مدنيا .

أما إذا اشترى التاجر سيارة - وهذا التصرف يعد في جوهره من قبيل الأعمال المدنية - وكان غرضه من شراء هذه السيارة هو استخدامها لنقل البضائع الخاصة بتجارته ، فإن الشراء يعتبر من قبيل الأعمال التجارية بالتبعية للعمل التجارى . كذلك ، فإن شراء الأثاث يعد من قبيل الأعمال المدنية – بحسب الأصل . أما إذا تم الشراء بقصد استخدامه – أي الأثاث - لاستقبال العملاء بالمحل التجارى للتاجر ، فإن الشراء ينقلب إلى عمل تجارى بالتبعية .

   ومن المسلم به في فرنسا أن شرط التحكيم ، وكما يجوز بين التجار في الأعمال التجارية الأصلية Les actes principaux ، فإنه يجوز أيضا في الأعمال التجارية بالتبعية Les actes accessoires

   ومثال ذلك ، حالة شراء غير التاجر لبضاعة بغرض إعادة البيع ، وإبرامه لعقد نقل هذه البضاعة إلى السوق ، حيث يعتبر عقد البيع تجاريا بالنسبة للمشترى غير التاجر ، كما يعتبر عقد النقل عملا تجاريا بالتبعية الموضوعية بالنسبة له كذلك .

  إلا أن جانبا من فقه القانون الوضعي الفرنسي قد ذهب إلى عدم جواز الأخذ بها في نطاق شرط التحكيم ، حيث يتعارض ذلك مع ضرورة تفسير نص المادة ( ٣/٦٣١ ) من المجموعة التجارية الفرنسية تفسيرا ضيقا ، وهى تتحدث عن المنازعات المتعلقة بعقود التجار .

  ونتيجة لذلك ، فإن شرط التحكيم الذي يرد في عقد النقل في المثال المتقدم ذكره يعتبر باطلا ، لأن الشاحن غير تاجر . فإذا اشترى غير التاجر بضاعة لأجل البيع من شخص آخر غير تاجر ، كان قد اشتراها لأجل البيع أيضا فإن العقد يكون تجاريا بالنسبة لهما معا . ومن ثم ، يصح شرط التحكيم الوارد في هذا العقد .

   وفيما يتعلق بنطاق تطبيق شرط التحكيم في فرنسا بشأن السند الإذني Bille a ordre ، والمحل التجارى  fonds de commerce ، فإنه يمكن ملاحظة مايلي :

: (۱)

   بالنسبة للسند الإذنى الذى يتضمن شرط الإلتجاء للتحكيم:

   فإنه لاتثور صعوبة فى القانون الوضعي الفرنسي حول إعمال هذا الشرط ، والإعتراف بمشروعيته ، متى كان جميع الموقعين عليه تجـارا فيجوز لأى منهم الدفع بوجود شرط التحكيم ، إذا أقام أحدهم النزاع الناشئ عنه أمام المحكمة التجارية المختصة أصلا بتحقيقه ، والفصل في موضوعه إذ الفرض أن جميع الموقعين عليه تجارا . ومن ثم، يعتبر السند الإذني  عملا تجاريا بالنسبة لهم جميعا ، ويكون النزاع المذكور من بين المنازعات المنصوص عليها في الفقرة المضافة للمادة ( ٦٣١ ) من المجموعة التجارية الفرنسية.

(2) :

بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالمحل التجاري في فرنسا :

   فإن القانون الوضعي الفرنسي الصادر في ( ۱۷ ) مارس سنة ١٩٠٩ بشأن بيع المحال التجارية ، ورهنها قد تضمن قواعد آمرة تتعلق بالنظام العام في القانون الوضعي الفرنسي ، لايجوز الإتفاق على مخالفتها . ولمــا كان ذلك ، وكان شرط التحكيم لايجوز في القانون الوضعي الفرنسي إلا إذا تعلق بالحقوق التي يتمتع فيها الأفراد ، والجماعات بحرية التصرف ، أو التصالح عليها ، فإنه لا يصح شرط التحكيم الذي يرد في عقد بيع المحال التجارية ، أو رهنها ، متى كان الغرض من هذا الشرط هو استبعاد هذا العقد أو ذاك من نطاق القانون الوضعي الفرنسي الصادر في ( ۱۷ ) مارس سنة ۱۹۰۹ بشأن بيع المحال التجارية ، ورهنها .

   القانون الوضعي الصادر في ( ۳۱ ) ديسمبر سنة ١٩٢٥ ، والذي أضاف الفقرة التالية للمادة ( ٦٣١ ) من المجموعة التجارية الفرنسية والذي قرر بموجبها للمرة الأولى في فرنسا صحة شرط التحكيم في المواد التجارية :

   " يجوز للأطراف الإتفاق عند التعاقد على إخضاع ما ينشأ من منازعات لمحكمين ، متى كانت من بين المنازعات المعدودة فيما سبق " يكون ورغم انتقاد فقه القانون الوضعي الفرنسي لمسلك القضاء الفرنسي في الإستقرار على بطلان شرط التحكيم قد أكد مسلك القضاء الفرنسي في هذا الشأن :

   المشرع الوضعى الفرنسي ، ومن خلال القانون الوضعي الصادر في ( ٣١ ) ديسمبر سنة ١٩٢٥ ، والذي أضاف الفقرة التالية للمادة ( ٦٣١ ) من المجموعة التجارية الفرنسية - والذى قرر بموجبها للمرة الأولى فى فرنسا صحة شرط التحكيم في المواد التجارية :

  " يجوز للأطراف الإتفاق عند التعاقد على إخضاع ماينشأ من منازعات لمحكمين ، متى كانت من بين المنازعات المعدودة فيما سبق " يكون - ورغم انتقاد فقه القانون الوضعى الفرنسى لمسلك القضاء الفرنسي في الإستقرار على بطلان شرط التحكيم - قد أكد مسلك القضاء الفرنسي في هذا الشأن ، لأنه إذا لم يكن شرط التحكيم باطلا فى الأصل ، لما كان هناك حاجة لإصدار تشريع وضعی فرنسی خاص ينص على صحة شرط التحكيم وجوازه بالنسبة للمسائل التجارية.

  كما أن المشرع الوضعى الفرنسي قد عاد وأكد ما استقر عليه القضاء الفرنسي - قطعا للخلاف حول بطلان شرط التحكيم - بمقتضى المادة ( ٢٠٦١ ) من المجموعة المدنية الفرنسية - والمضافة بموجب القانون الوضعي الفرنسي رقم ( ٧٢ - ٦٢٦ ) ، والصادر في الخامس من شهر يوليو سنة ١٩٧٢ - والتي تنص على أنه:

   " بطلان شرط التحكيم إلا في الحالات المنصوص عليها قانونا".

التدخل التشريعي بمقتضى القانون الوضعي الفرنسي الصادر في ( ۳۱ ) ديسمبر سنة ۱۹۲٥ فى فرنسا كان مسبوقا بموقف قضائي يناقض نص المادة ( ١٠٠٦ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية السابقة :

   فإن الأطراف الفرنسيين كانوا يستطيعون أن يبرموا عقودا - سواء في خارج فرنسا ، أو في داخلها " عقود التجارة الدولية " - ويدرجوا فيها شروطا للتحكيم للفصل في المنازعات المحتملة ، وغير المحددة ، والتي يمكن أن تنشأ عن تفسير هذه العقود ، أو تنفيذها ، والتي تحيل إلى قانون وضعى أجنبى  يعترف بمشروعية شرط التحكيم.

  في ظل التيار القضائي الفرنسي الذى كان قد تبنى بطلان شرط التحكيم ، وعدم الإعتراف بصحته في فرنسا ، جريا وراء المبدأ الذى قررته محكمة النقض الفرنسية في حكمها الشهير ، والذى أصدرته في ( ۳۰ ) يوليو سنة ١٨٤٣ ، والذي كان قد أجاز فقط الإتفاق الذى يبرمه الأطراف المحتكمون " أطراف الإتفاق على التحكيم " بعد نشأة النزاع ، بالإلتجاء إلى نظام التحكيم ، للفصل فيه ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية - دون المحكمة المختصة أصلا بتحقيقه ، والفصل في موضوعه .

   إجازة المشرع الوضعى الفرنسى شرط التحكيم في بعض المنازعات المدنية :

   أجاز المشرع الوضعى الفرنسي شرط التحكيم في بعض المنازعات المدنية - كعقود العمل الجماعية - حيث يجوز إدراج شرط التحكيم في اتفاقات العمل الجماعية ، تحسبا لقيام أى نزاع عمالي جماعي . حيث نصت المادة ( ٥٢٥ ) من قانون العمل الفرنسي على أنه :

   " يجوز أن ينص اتفاق العمل الجماعى على إجراء تحكيمي تعاقدى . وإعداد قائمة بالمحكمين بموجب اتفاق مشترك بين الأطراف " .

   ولا تقتصر نظرية الأعمال المختلطة على العقود فحسب ، بل تمتد أيضا إلى المسئولية الناشئة عن الأفعال الضارة . فالتاجر الذي ينقل بضاعته في سيارة وتتسبب السيارة فى إصابة شخص ، فإن مسئوليته عن أداء التعويض تعتبر تجارية بالتبعية . أما بالنسبة للمصاب ، فإن المطالبة بالتعويض تعتبر مدنية

ويتعلق بموضوع الأعمال المختلطة مسألتين :

المسألة الأولى :

   الإختصاص القضائي بنظر المنازعات الناشئة بمناسبة الأعمال المختلطة .

والمسألة الثانية :

تعيين القانون الواجب التطبيق على الأعمال المختلطة .

   وفيما يتعلق بالإختصاص القضائى بنظر المنازعات الناشئة بمناسبة الأعمال المختلطة:

     فإنه يثبت بالنسبة للأعمال المختلطة للمحكمة المدنية ، أو المحكمة التجارية ، بحسب صفة العمل بالنسبة للمدعى عليه ، تطبيقا للقاعدة العامة في الإختصاص القضائي المحلى ، والتي تقضى بأن المدعى يجب أن يقيم دعواه أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه . حيث تنص المادة ( ١/٤٩ ) من قانون المرافعات المصرى على أنه:

   "يكون الإختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه مالم ينص القانون على خلاف ذلك .

 وبناء على ذلك ، فإنه إذا كان العمل المختلط مدنيا بالنسبة للمدعى عليه وجب على المدعى أن يقيم دعواه القضائية أمام المحكمة المدنية – باعتبارها المحكمة التى يقع في دائرتها موطن المدعى عليه .

  فإذا رفع التاجر النزاع إلى هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم ، كان للطرف المدنى أن يتمسك ببطلانه . أما إذا كان الطرف المدني قد تمسك بشرط التحكيم - سواء في الدعوى القضائية المرفوعة عليه ، أو في الدعوى التي رفعها هو أمام هيئة التحكيم المكلفة بالفصل في النزاع موضوع شرط التحكيم - فليس لغير التاجر عندئذ أن يتمسك ببطلان شرط التحكيم

   فلا يوجد مبرر للتفرقة بين المنازعات التجارية ، والمنازعات المدنية ، فيما يتعلق بمشروعية شرط التحكيم . ذلك أنه إذا توافرت الضمانات التشريعية التى تحمى حقوق الأفراد ، والجماعات عند التجــائهم لنظام التحكيم ، للفصل في منازعاتهم المحتملة ، وغير المحددة ، والتي يمكن أن تنشأ بينهم في المستقبل ، عن طريق هيئة تحكيم ، تتشكل من أفــراد عاديين ، أو هيئات غير قضائية ، فإنه لا يكون هناك مانعا من إدراج شروط التحكيم في العقود المختلطة.

    والأمر المؤكد أن شرط التحكيم قد أصبح أمرا يستعصى على الإنكار ، بـل إنه أصبح الأمر الأكثر شيوعا في الواقع العملى فى مختلف العقود المدنية والتجارية على حد سواء ، في كافة الأنظمة القانونية الوضعية - وعلى اختلاف مذاهبها ، واتجاهاتها . فشرط التحكيم قد احتل مكانة بارزة في التجارة الدولية ، نظرا لشيوعه فى المعاملات . وخاصة ، الدولية منها.

  والتفرقة بين المنازعات التجارية ، والمنازعات المدنية بخصوص الحديث عن مشروعية شرط التحكيم فى فرنسا تولد صعوبات جمة أمام القضاء الفرنسي ، إذ أنه – وبصدد الفصل في مسألة الإختصاص القضائي - يضطر إلى تمييز الأعمال التجارية عن الأعمال المدنية ، حيث يثور التساؤل عما إذا كان النزاع خاضعا لقضاء التحكيم ، أم للقضاء العام في الدولة . فضلا عن أنها لا تقوم على سبب منطقي ، حيث لايقبل الإعتراف بمزايا نظام التحكيم في بعض المنازعات ، وإنكارها فى البعض الآخر منها . فما دام اختيار الأفراد ، والجماعات لنظام التحكيم - للفصل في منازعاتهم أو المستقبلية ، وغير المحددة - لايتعارض مع النظام العام فـــى القـانون الوضعي الفرنسي ، فإنه لابأس إن هم فضلوا وسيلة على أخرى ، بحســب مايرتاح إليه وجدانهم ، ويتفق ومصالحهم. وحسنا مافعله المشرع الوضعي المصرى حين أجاز التجاء الأفراد ، والجماعات لنظام التحكيم - للفصل في منازعاتهم الحالة ، أو المستقبلية ، وغير المحددة - أي سواء كان في صورة شرط للتحكيم ، يكون سابقا على نشأة النزاع بين الأطراف ذوى الشأن ، والمراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم ، أم في صورة مشارطة تحكيم ، يتم إبرامها بين الأطراف ذوى الشأن ، بعد نشأة النزاع بينهم والمراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم ، ولم يفرق المشرع الوضعي المصري في مشروعية نظام التحكيم بين المنازعات التجارية ، والمنازعات المدنية .

ثانيا :

نطاق صحة مشارطة التحكيم فى مجموعة المرافعات الفرنسية المعدلة بالمرسوم الفرنسي الصادر في الرابع عشر من شهر مايو سنة ۱۹۸۰ :

   عرفت المادة ( ١٤٤٧ ) من مجموعة المرافعات الفرنسية مشارطة التحكيم بأنها :

   " الإتفاق الذي يلتزم بمقتضاه أطراف نزاع معين قائم بالفعل بينهم بعرضه على التحكيم ، للفصل فيه بواسطة شخص ، أو أكثر من اختيارهم " . وقد أجاز القانون الوضعى الفرنسى التجاء الأفراد ، والجماعات إلى إبرام مشارطات تحكيم ، للفصل في منازعاتهم ، مادام أن التحكيم يرد على أحد المنازعات الجائز الفصل فيها عن طريق نظام التحكيم ، وكان متعلقا بعلاقة قانونية محددة - عقدية كانت ، أم غير عقدية .

( ب ) :

نطاق صحة شرط التحكيم ، ومشارطته في قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ۱۹۹٤ فى شأن التحكيم في المواد المدنية ، والتجارية :

التحكيم صورتيه " شرط

فقد كل من شرط التحكيم ومشارطته على قدم المساواة . حيث تنص المادة العاشرة من قانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فـــي المــواد المدنية والتجارية على أنه :

   " إتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الإلتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت ، أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية "

   فالتحكيم يكون جائزا في القانون الوضعى المصرى فى المنازعات المدنية والتجارية على حد سواء ، دون تفرقة بينهما - سواء كان في صورة شرط للتحكيم ، يكون سابقا على نشأة النزاع بين الأطراف ذوي الشأن ، والمـــراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم ، أم فى صورة مشارطة تحكيم ، يتم إبرامها بين الأطراف ذوى الشأن ، بعد نشأة النزاع بينهم ، والمراد الفصل فيه عن طريق نظام التحكيم ، لمسايرة تطور الممارسة العملية ، والتزايد نحو إدراج شروط للتحكيم في جميع العقود التي تبرم بين الأفراد والجماعات - سواء كانت عقودا مدنية، أم تجارية ، أم مختلطة " وطنية ، أم دولية " ، أم إدارية .

الخلاف الفقهى حول الطبيعة القانونية للإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارط :

     إذا كان الإتفاق على التحكيم يتخذ فى العمل إحدى صورتين " شرطا للتحكيم ، أو مشارطته " ، أى سواء كان فى صورة شرط للتحكيم ، يكون سابقا على نشأة النزاع بين الأطراف ذوى الشأن ، والمراد الفصل فيه عـــن طريق نظام التحكيم ، أم فى صورة مشارطة تحكيم ، يتم إبرامها بين الأطراف ذوى الشأن ، بعد نشأة النزاع بينهم ، والمراد الفصل فيـه عـن طريق نظام التحكيم ، فإنه قد ثار الخلاف طبيعته القانونية ، بين اتجاه يسلم بطبيعته العقدية . وآخر يسلم بطبيعته الإجرائية ، ولكل منهما من الحجج والأسانيد التي يستند إليها في تأييد وجهة النظر التي يتبناها .

     فالإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - يمنع القضاء العام في الدولة من نظر النزاع المتفق على الفصل فيه عن طريق هيئة التحكيم المكلفة بالفصل ، ويخول المدعى عليه دفعا بذلك ، وهو مايسمى بالدفع بوجود الإتفاق على التحكيم.

  الإتفاق على التحكيم - شرطا كان ، أم مشارطة - ذو طبيعة تعاقدية .

   فالإتفاق على التحكيم - سواء كان فى صورة شرط للتحكيم ، للفصل في نزاع محتمل ، وغير محدد ، يمكن أن ينشأ بين الأفراد ، والجماعات في المستقبل ، وعن علاقة قانونية محددة - سواء كانت عقدية ، أم غيـر عقدية - أم كان في صورة مشارطة تحكيم ، للفصل في نزاع قائما بالفعل بين الأفراد ، والجماعات لحظة إبرام الإتفاق على التحكيم – يكون عقدا من العقود التي تنظمها النظرية العامة للعقد - شأنه في ذلك شأن أي عقد آخر .

   بالإضافة إلى خضوعه للأحكام الخاصة الواردة بشأنه – سواء وردت فــــي قانون المرافعات المدنية ، والتجارية، ضمن النصوص القانونية المنظمة للتحكيم ، وقواعد الإتفاق عليه ، أم وردت في شكل قانوني خاص كقانون التحكيم المصرى رقم ( ۲۷ ) لسنة ١٩٩٤ في شأن التحكيم فــــي المواد المدنية ، والتجارية .