الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / شرط التحكيم / الكتب / التحكيم في القوانين العربية / شرط التحكيم

  • الاسم

    د. حمزة أحمد حداد
  • تاريخ النشر

    2014-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    528
  • رقم الصفحة

    53

التفاصيل طباعة نسخ

 ومثال ذلك أيضاً أن يشترط اتفاق التحكيم بين البائع والمشتري لإحالة النزاع على التحكيم، أن يتم ذلك خلال فترة معينة، مثلاً ستة أشهر من تاريخ تسليم البضاعة. فلو فرضنا هنا أن المشتري أقام الدعوى التحكيمية بعد هذه المدة، واعترض البائع على ذلك، يتوجب على هيئة التحكيم رد الدعوى لانقضاء مدة اللجوء إلى التحكيم، وإلا كان حكمها عرضة للطعن به بسبب تجاوز الاتفاق والخروج على حدوده.

    ومثال آخر من هذا القبيل يكثر وجوده في الحياة العملية، وهو أن ينص الاتفاق على عدم جواز اللجوء للتحكيم قبل دخول الطرفين في مفاوضات لتسوية نزاعهما ودياً. فإذا انقضت مدة معينة على المفاوضات (ثلاثة أشهر مثلاً) دون الوصول لتسوية، جاز لأي من الطرفين اللجوء للتحكيم. في هذا المثال إذا لجأ أحد الطرفين للتحكيم مباشرة قبل الدخول في مفاوضات مع الطرف الآخر، تكون الدعوى التحكيمية سابقة لأوانها ويتعين ردها ، بناءً على دفع الطرف الآخر .

    وإذا تعذر تطبيق الشرط المسبق للتحكيم لأي سبب، فيمكن اللجوء للتحكيم مباشرة ومثال ذلك بالنسبة لعقود الفيديك، أن ينشب النزاع بين صاحب العمل والمقاول بعد تنفيذ عقد المقاولة، وتنفيذ كل منهما لالتزاماته ، بحيث لم يبق للمهندس وجود لانتهاء مهمته مثلاً، أو وفاته بافتراض أنه شخص طبيعي.

    ففي ظروف معينة، قد تقضي هيئة التحكيم باختصاصها في تسوية النزاع، في حين تقضي الهيئة ذاتها بعدم اختصاصها في نزاع مماثل في ظروف أخرى ، وقد يكون كلاهما مبرراً. ففي مثالنا السابق الخاص بعقد مقاولة الفيديك، قد تجد هيئة التحكيم من ضمن المستندات المقدمة لها، أن المهندس الاستشاري سبق له وبين رأيه صراحة بعدم أحقية المطالبة التي قدمها المقاول مثلاً. في هذه الحالة، قد تخلص الهيئة إلى القول بأن لجوء المقاول للمهندس فيما يتعلق بذات المطالبة ، أصبح لا فائدة منه، وبالتالي فإن اللجوء للتحكيم صحيح، بالرغم من عدم تقديم المطالبة للمهندس بصورة أصولية. لذلك، لا يجوز القول هنا أن عدم توفر الشرط المسبق للإحالة للتحكيم يؤدي دوماً وبصورة مطلقة، إلى أن يصبح حكم التحكيم معيباً، دون الأخذ بالاعتبار لكافة الظروف الأخرى ذات الشأن. 

     كما أنه بالنسبة لشرط المفاوضات السابقة على اللجوء للتحكيم، قد يتبين لهيئة التحكيم من الظروف، أن الطرف الآخر غير معني بأي تسوية ودية، لو عرضت عليه قبل اللجوء للتحكيم، وأن ذلك الطرف، بالرغم من إثارته للدفع الخاص بالمفاوضات، لم يبد أي مبادرة منه للمفاوضات والتسوية الودية طيلة إجراءات التحكيم. لذلك، قد تخلص هيئة التحكيم إلى القول بأن شرط المفاوضات السابقة على اللجوء إلى التحكيم، لا جدوى منه في ظل الظروف المحيطة، وتقضي باختصاصها في الفصل بالنزاع.

    ولكن حتى في الحالة التي يتقدم بها أحد الطرفين بدعوى تحكيم مباشرة قبل تحقق الشرط المسبق للجوء إلى التحكيم، فإننا نرى حل المسالة حلاً عملياً. فمقتضيات العدالة وطبيعة التحكيم، تتطلبان وقف السير في الدعوى التحكيمية، وليس ردها شكلاً، إذا اعترض الطرف الآخر عليها بسبب تقديمها قبل أوانها، بحجة عدم اللجوء للمفاوضات قبل رفع الدعوى. في هذا الفرض، يمكن لمؤسسة التحكيم المقدمة لها الدعوى التحكيمية ، أو لهيئة التحكيم حسب الأحوال، أن تقرر تعليق إجراءات التحكيم، وإعطاء الطرفين فرصة للمفاوضات لفترة معينة ، يتفقان على مدتها، أو تكون هي الفترة المنصوص عليها في اتفاقهم الأصلي. فإذا انقضت الفترة دون توصل الطرفين لاتفاق تسوية، أو اتفقا خلالها على استنفاذ فرصة التسوية وبالتالي فشل المفاوضات، تستمر إجراءات التحكيم بناءً على طلب أحد الطرفين، الذي غالباً ما يكون المحتكم. وإذا نجحت المفاوضات، تقرر الهيئة إنهاء الإجراءات وإغلاق ملف الدعوى التحكيمية.