يتضمن العقد المبرم بين الأطراف في العادة كل التفاصيل التي تم الاتفاق عليها، والتي يتم تنفيذ بنودها لاحقاً، بواسطة كل طرف على حسب الالتزامات والواجبات التي تم تضمينها في العقد المبرم و(العقد شريعة المتعاقدين). وعدم الالتزام بالتنفيذ لأي سبب تنجم عنه عدة نقاط، من ضمنها، اللجوء للتقاضي للحصول على الحقوق والتسوية المنازعات التي برزت لعدم الالتزام بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
وعند الاختلاف أو حدوث المنازعات، بين الأطراف المتعاقدة، قد يتم اللجوء للجهات القضائية للفصل في النزاع.
ولكن ونظراً للعديد من الأسباب، التي من أهمها، طول فترة التقاضي أو للبحث عن السرية التجارية أو بسبب الطبيعة الفنية التخصصية للنزاع أو لعدم الارتياح للذهاب للمحاكم الوطنية أو للشك في مقدراتها أو لعدم معرفة القوانين الوطنية أو للشك في استيعابها للمبادئ القانونية السليمة أو لغير هذا وذاك من الأسباب العامة أو الخاصة، ظهرت الحاجة الماسة الأكيدة عند أصحاب الحقوق للبحث عن بدائل أخرى لتسوية المنازعات بعيدا عن القضاء وساحات المحاكم القضائية، شريطة أن تكون البدائل المطروقة مناسبة وكذلك مقبولة ومحازة من الناحية القانونية.
ويحد من ضمن تلك البدائل القانونية المتوفرة لحسم المنازعات، الصلح الودي أو التحكيم التجاري أو التوفيق أو الوساطة.
ولقد تبين من الممارسة وجود العديد من المبررات التي قادت أصحاب الحقوق والمنازعات اللجوء إلى بديل التحكيم، منها أن القرارات النهائية من هيئة التحكيم المحكمة) تصدر في فترة وجيزة مقبولة لرد الحقوق بغض النظر عن مضمونها، وكذلك هيئة التحكيم يتم تعيينها في الغالب من متخصصين لديهم علم بالمسائل الفنية المرتبطة بالنزاع لدرجة تمكنهم من الاستيعاب الكافي لتفاصيل النزاع في أغلب الأحوال، وأيضا في التحكيم يتم الحفاظ على السرية التامة التي تبعد النزاع والخلافات عن أعين وسمع المتطفلين.
ومن أهم اللبنات المطلوبة النجاح السرير في التحكيم، وجود الاتفاق المبدئي فيما بين الأطراف على مبدأ اللجوء للتحكيم لتسوية المنازعات التي قد تظهر بينهما لأي سبب.
وما يهم في هذا الخصوص، من الناحية القانونية، أن (نية الأطراف يجب أن يتم التعبير عنها بإفصاح تام في العقد المبرم بين الأطراف. ولا بد من القول، أن هذا العقد يجب أن يحتوي على بنود أو بند يسمى (بند شروط التحكيم) يتضمن كل التفاصيل المتعلقة بالسير في التحكيم على حسب اتفاق الأطراف المعنية.
ومن الضرورة بمكان، أن يكون بند (شروط التحكيم) متضمنا لعدة نقاط جوهرية من ضمنها هل يكون التحكيم (فردي) أو تحكيم (مؤسسي) عبر مراكز التحكيم المسجلة في البلد أو في خارجه، ما هو القانون الذي تم الاتفاق عليه لتسوية النزاع بين الأطراف وهل هو قانون البلد أو قانون أجنبي، ما هو المكان الذي تم تحديده لإجراء التحكيم وما هي الأوقات المتفق عليها لإجراء التحكيم، ما هي الكيفية الخاصة بتعيين (هيئة التحكيم) وكيفية التعامل معها أثناء سير التحكيم حتى صدور القرار النهائي بما في ذلك العزل أو اعادة التعيين أو غيره، ما هي لغة التحكيم، ما مدى تحديد الالتزام المطلوب في تقديم العون اللازم لمركز التحكيم أو هيئة التحكيم.
لكن بعض الأطراف، ربما لجهل منهم أو لأي سبب آخر، يكتفون فقط بوضع سطر واحد في العقد يشير لرغبتهم في احالة تسوية المنازعات المتعلقة بالعقد للتحكيم وهنا (نية) الأطراف لإحالة النزاع للتحكيم واضحة، ولكنها قد تضر أكثر مما تنفع لأنها وضعت بديل التحكيم في (جهالة) تامة ومن دون تفاصيل مرشدة وكافية تمكن الأطراف من السير في اجراءات التحكيم بصورة سليمة وسلسة.
وبالنسبة لشروط التحكيم وفي هذا الخصوص نضيف أن غالبية مراكز التحكيم، خاصة الاقليمية والدولية المعروفة، تنص من ضمن أنظمتها على شرط التحكيم الخاص بالمركز. وهذا من الفوائد الاضافية التي تعزز اللجوء للتحكيم المؤسسي لأن المركز بنفسه يقوم بتوفير وصياغة هذا الشرط والذي يقوم الأطراف في العادة بإضافته للعقد المبرم بينها إذا قرروا اللجوء للمركز المعني للتحكيم وفق نظامه. وكمثال، نجد شرط التحكيم مضمنا في أنظمة تحكيم غرفة التجارة الدولية بباريس ومركز تحكيم دول الخليج بالبحرين ومركز دبي الدولي للتحكيم... الخ، وعند اتفاق الأطراف على مركز التحكيم يجب الاشارة لشرط التحكيم الوارد في نظام ذلك المركز.