الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / شرط التحكيم / الكتب / قانون التحكيم فى القضايا المدنية والتجارية / شرط التحكيم

  • الاسم

    محمد على بني مقداد
  • تاريخ النشر

    2022-11-11
  • اسم دار النشر

    دار الثقافة للنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    263
  • رقم الصفحة

    42

التفاصيل طباعة نسخ

شرط التحكيم:
يقصد بشرط التحكيم الاتفاق الذي يتم عند إتمام العقد وقبل حدوث النزاع وفيه يسبق الأطراف الأحداث بالاتفاق قبل حدوث النزاع على اللجوء إلى التحكيم فيما قد يحتمل نشوئه من نزاعات مستقبلاً وهذا الاتفاق إما أن يدرج مقدماً في العقد المبرم أو يتم إدراجه في اتفاق مستقل لاحق على العقد، سابق على النزاع.

الوضع في الأردن:
وجاء في المادة (9) من قانون التحكيم الأردني أنه اتفاق التحكيم هو اتفاق الأطراف، سواء من الأشخاص الحكمية أو الطبيعية الذين يتمتعون بالأهلية القانونية للتعاقد على أن يحيلوا إلى التحكيم جميع أو بعض النزاعات التي تنشأ أو قد تنشأ بينهم بشأن علاقة قانونية محددة، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية ، وجاء في الفقرة (ب) من نفس المادة و"لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح" .
واتفاق التحكيم يجوز ان يكون سابقاً على نشوء النزاع سواء أكان مستقلاً بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل المنازعات أو بعضها التي قد تنشأ بين الطرفين. كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شانه دعوى أمام أية جهة قضائية، ويجب في هذه الحالة أن يحدد موضوع النزاع الذي يحال إلى التحكيم تحديداً دقيقاً وإلا كان الاتفاق باطلاً، وهذا ما و ورد في المادة (11) من قانون التحكيم الأردني.

والواقع أن شرط التحكيم هو الأكثر شيوعاً في التطبيق من الناحية العملية لأنه بيرم في وقت تسوده روح الود بعكس مشارطة التحكيم التي تبرم بعد وقوع النزاع. مما يصعب معه إبرام اتفاق التحكيم، وجاء في قرار لمحكمة التمييز الأردنية تمييز حقوق رقم 704 1995 (هيئة خماسية) تاريخ 23/5/1995 المنشور على الصفحة 1170 من مجلة نقابة المحامين لسنة 1997 أنه: (احتواء اتفاقية المقاولة في بند منها على شرط التحكيم صحيح وملزم لطرفيه).

لم يرد في قانون التحكيم الأردني ما يشير إلى استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي وهو ما جاء في القوانين العربية والاتفاقات الدولية، وقد جاء في حكم المحكمة التمييز الأردنية، قرار في القضية الحقوقية رقم 87/306 الصادر بتاريخ 1986/12/4 والمنشور في مجلة المحاماة 1988 حيث جاء فيه: إن الخلاف يتعلق ببطلان العقد دائه فإن تقرر البطلان فلا يعمل بأي بند من بنود الاتفاقات) وقد استند في ذلك إلى المادة 168 من القانون المدني الأردني حيث تنص على أنه: (إذا بطل الشي بطل ما في ضمنه)

قد يثور سؤال حول صحة العقد الأصلي في حالة بطلانه أو فسخه ما هو مصير شرط التحكيم وبعبارة أخرى هل أن شرط التحكيم يتبع العقد الأصلي وجوداً. وعدماً، أم أنه مستقل عن العقد الأصلي؟ وبالتالي يبقى صحيحاً ونافذاً إذا توافرت شروطه وإن بطل العقد الأصلي أو تم فسخه؟

كذلك الأمر بالنسبة لبطلان شرط التحكيم كما لو انصب على موضوع النزاع لا يجوز التحكيم فيه، فهل يؤثر ذلك على صحة العقد الأصلي؟ ومن المختص بالنظر في دعوى البطلان؟ وهل أن المحكم مختص بالسير في إجراءات التحكيم من عدمها في حالة الادعاء ببطلان العقد الأصلي أو بطلان شرط التحكيم؟

في حالة التسليم بمبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي تصل إلى النتائج التالية:
أولا: أن بطلان كل من العقد الأصلي أو شرط التحكيم لا يؤثر على صحة أو بطلان الآخر، فإذا بطل العقد الأصلي فعندئذ يمكن التمسك بصحة شرط التحكيم وبالتالي السير في إجراءات التحكيم وحسم النزاع من قبل المحكم وليس من قبل

المحكمة أما إذا كان العقد الأصلي صحيحا وكان شرط التحكيم باطلا ففي هذه الحالة يمكن لكل من الطرفين اللجوء إلى القضاء الوطني للفصل في النزاع، ولا يمكن اللجوء إلى التحكيم بسبب بطلان الشرط الخاص بذلك.

ثانياً : مبدأ الاستقلالية يعطي المحكم سلطة النظر في اختصاصه وهو ان المحكم يستمر في إجراءات التحكيم وهو الذي يقرر كونه مختصاً بالنظر في الموضوع أم لا وإن كان قد جرى الطعن بصحة العقد الأصلي في المحاكم أو الطعن بصحة شرط التحكيم وأن النظر من قبل المحاكم في هذا الموضوع لا يوقف الإجراءات الخاصة بالتحكيم.

ثالثاً : ينتج عن استقلال اتفاق التحكيم عن العقد الأصلي، أن القانون الواجب التطبيق على العقد الأصلي، قد لا يكون بالضرورة هو نفسه الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم.

وقد تأكد ذلك بشكل واضح في عدة قرارت أصدرتها الغرفة التجارية الدولية وأحدث قرار في هذا الصدد القرار الصادر عام 1986 والذي جاء فيه: (للأطراف أن ينصوا في اتفاق التحكيم على رغبتهم في تطبيق القانون الذي يختارونه مرة واحدة على العقد الأصلي وعلى اتفاق التحكيم وقد يكون ذلك أيضاً بالنسبة لإجراءات التحكيم) كما أكد القرار المذكور أيضاً على ما استقر عليه الرأي في قرارات سابقة من أن تقرير صحة اتفاق التحكيم يجب أن يبحث طبقاً لإرادة الأطراف والعادات التي تتفق مع ما تتطلبه التجارة الدولية.
فإذا لم يتضمن اتفاق التحكيم قانوناً معيناً فللمحكم وفقاً لقواعد الغرفة التجارية الدولية أن يقرر صحة الاتفاق المذكور بشكل مستقل عن القانون الواجب تطبيقه على العقد الأصلي.

وإذا أخذنا الحل من القواعد العامة للعقد قد نجده في النظرية المسماة بنظرية انتقاص العقد، وهذه النظرية تفترض أن العقد الأصلي ليس باطلاً بأكمله بل في جزء منه فيزول الجزء الباطل ويبقى الجزء الصحيح، وعليه نستطيع القول بموجب هذه النظرية أنه إذا كان العقد الأصلي تضمن شرط التحكيم باطلاً فإن الشرط الخاص بالتحكيم قد يبقى صحيحاً إذا توافرت شروطه وهو يمثل اتفاقاً مستقلاً. وأن الشرط المذكور لا يتأثر ببطلان العقد الأصلي ويجوز العكس فقد يكون شرط التحكيم باطلاً أما العقد الأصلي فيبقى صحيحاً.
يتضح مما سبق أن نظرية انتقاص العقد يمكن أن تكون أساساً للوصول إلى مبدأ استقلالية شرط التحكيم عن العقد الأصلي، وقد أخذت القوانين العربية بالنظرية المذكورة كالقانون المدني المصري في المادة (143) والقانون المدني السوري في المادة (144) والقانون المدني الليبي في المادة (143) والقانون المدني الأردني في المادة (169).
كذلك أشارت الاتفاقية الأوروبية لعام 1961 إلى المبدأ المذكور في الفقرة الثالثة من المادة الخامسة حيث نصت على أن:(الحكم له سلطة تقرير اختصاصه وتقرير صحة اتفاق التحكيم أو صحة العقد الذي يكون شرط التحكيم جزءاً منه). ويمكن الاستنتاج من هذا النص أنها إشارة إلى أن سلطة المحكم مستمدة من اتفاق التحكيم الذي يعتبر مستقلاً عن العقد الأصلي.
أما قواعد الغرفة التجارية I.C.C فقد تبنت أيضا مبدأ الاستقلالية عندما نصت في الفقرة الرابعة من المادة (8) على أن: (الادعاء ببطلان العقد الأصلي أو انعدامه لا ينفي اختصاص المحكم إذا ارتأى صحة اتفاق التحكيم ويبقى مختصاً حتى في حالة انعدام أو بطلان العقد ...) وعلى هذا الأساس فللمحكم سلطة النظر في اختصاصه تطبيقا لمبدأ استقلالية شرط التحكيم.

من كل ما سبق ذكره يتبين لنا بوضوح كامل أن استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي أصبح مبدأ مستقراً وثابتاً في مجال التحكيم المدني والتجاري، ويجب أن نشير إلى أن بطلان العقد الأصلي وبطلان الشرط يمكن أن يكونا معاً في حالة انعدام أهلية أحد الطرفين المتعاقدين.

الوضع في فرنسا :

لم تواجه نصوص قانون المرافعات الفرنسي قديماً سوى مشارطة التحكيم التي تفترض وجود نزاع قائم بالفعل لكي ترد عليه، فقد نصت المادة 1003 على أنه: (يجوز للأفراد اللجوء إلى التحكيم في جميع الحقوق التي يتمتعون بحرية التصرف فيها) .
كذلك نصت المادة 1006 على أنه : ( يجب أن تتضمن مشارطة التحكيم تعيين موضوع النزاع وتسمية المحكمين وإلا وقعت باطلة).
وفي أعقاب الحرب العالمية الأولى ومع ظهور متطلبات التجارة الدولية فقد أصبحت الحاجة ماسة في مجال العلاقات الدولية بصفة خاصة إلى رفع شرط التحكيم إلى مصاف الاتفاق على التحكيم مما أسفر عن انتهاء عصبة الأمم إلى إبرام بروتوكول جنيف سنة 1923 وهو خطوة مهمة نحو اعتبار شرط التحكيم في مجال المنازعات التجارية الدولية اتفاقاً على التحكيم لا مجرد وعد بهذا الاتفاق وقد انتهى الأمر بإصدار قانون 21 مارس لسنة 1925 الذي أضاف فقرة للمادة 631 من المجموعة التجارية الفرنسية تقضي بأنه: (يجوز للأطراف الاتفاق عند التعاقد على إخضاع ما ينشأ بينهم من منازعات على محكمين متى كانت من بين المنازعات المعدودة فيما سبق). وهذه المنازعات هي:
أ- المنازعات المتعلقة بالتعهدات بين العملاء والتجار وأصحاب المصارف.
ب- المنازعات بين الشركاء في الشركات التجارية.
ج المنازعات الخاصة بالأعمال التجارية بين جميع الأشخاص.
 

الوضع في ظل التشريعات الأنجلو أمريكية (الأنجلو سكسونية) :
اتفاق التحكيم في ظل القانون العام صحيح ولم يثر الخلاف في هذا القانون كما ثار في ظل القانون الفرنسي من تردد و خلاف بشأن مشروعية الاتفاق على التحكيم قبل قيام النزاع.
وقد بدأ التحكيم في إنجلترا في صورة اتفاق مصحوب بشرط جزائي يوقع على الخصم الذي يرجع عن التحكيم قبل صدور قرار المحكم، أما بعد صدور هذا القرار، فلا يجوز للخصوم الامتناع عن تنفيذه إلا إذا نقضته المحكمة لعيب في الإجراءات أو في تطبيق القانون بمعنى أن اتفاق التحكيم غير ملزم للخصوم طالما لم يصدر قرار المحكم بعد، فإذا نقض أحد الخصمين الاتفاق فلا يتعرض بسبب ذلك إلا الدفع مبلغ الشرط الجزائي باعتباره وسيلة لإجبار الخصوم على احترام اتفاق التحكيم.
الوضع في مصر:
نصت المادة 1/10 من قانون التحكيم في المرافعات المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 فقد عرضت لشرط التحكيم بالنص على أنه: (اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي يمكن أن تنشأ بينهما.. إلخ).
ويسمح المشرع بأن يرد شرط التحكيم في صلب العقد ذاته، كما يمكن أن ينشا مستقلا بذاته عن العقد حيث يرد في عقد لاحق يعرف بوثيقة التحكيم ولا يختلف الأثر القانوني للشرط في كلتا الحالتين فهو ملزم الطرفيه.