الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / شرط التحكيم / الكتب / التحكيم الكتروني / شرط تحكيم

  • الاسم

    د/عصام عبد الفتاح مطر
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    75

التفاصيل طباعة نسخ

وهي تفترض مبدئيا عدم وجود شرط تحكيم في العقد ويقع النزاع بين طرفي العقد، فبدلا من اللجوء للقضاء، يتفقان على إحالته للتحكيم، ونكون هنافي إطار ما يسمى بمشارطة التحكيم.

فالفرق ما بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم إذن هو أن الأول يتعلق بنزاع مستقبلى محتمل، فى حين تتعلق المشارطة بنزاع أكيد وقع فعلا. ويفترض فى الحالة الأخيرة أن يتضمن الإتفاق ماهية النزاع الذي سيعرض على هيئة التحكيم.

ومن الناحية العملية تبدأ مشارطة التحكيم بحيثيات تتعلق بالنزاع وطبيعته، ومن ثم الإشارة إلى اتفاق الطرفين على إحالته للتحكيم مع بيان أسماءالمحكمين.

وفي إطار الوثائق الدولية فقد نصت المادة الثالثة من إتفاقية عمان العربية للتحكيم التجارى ۱۹۸۷ على أنه:

۱ - يتم الخضوع للتحكيم بإحدى طريقتين الأولى بإدراج شرط التحكيم في العقود المبرمة بين ذوي العلاقة.والثانية: باتفاق لاحق على نشوء النزاع.

وأشارت إلى ذات المعنى المادة الأولى من لائحة إجراءات التحكيم لدى مركز التحكيم التجارى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. على مستوى التشريعات الداخلية، فقد أشارت المادة ۲/۱۰ من قانون التحكيم العماني رقم ٤٧ لسنة ۱۹۹۷٧ على أنه يجوز أن يقع التحكيم في شكل اتفاق منفصل يبرم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت بشأنه دعوی امام جهة قضائية، وفى هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان التحكيم باطلا

وقد تضمنت المادة ١/٧ من قانون التحكيم السوري رقم 1 لسنة ۲۰۰٨أنه يجوز أن يتم الإتفاق على التحكيم بصورة لاحقة لقيام النزاع، ولو كان هذاالنزاع معروضا على القضاء للفصل فيه. وفي السعودية نصت المادة الأولى من نظام التحكيم على أنه يجوز الإتفاق على التحكيم في نزاع معين قائم وفي الإمارات العربية المتحدة قررت المادة ۱/۲۰۳ من قانون الإجراءات المدنية أنه يجوز الإتفاق على التحكيم في نزاع معين بشروط خاصة.

وفي فرنسا، فقد نصت المادة ١٤٤٧ من قانون الإجراءات المدنية الفرنسى على أن مشارطة التحكيم يقصد بها الإتفاق الذى يتفق بمقتضاه أطراف عقد معين على تسوية المنازعات التي نشأت بينهم بشأن هذا العقد عن طريق محكم أو أكثر.

وفي مصر، فقد تضمنت المادة ۲/۱۰ الإشارة إلى مشارطة التحكيم بنصها على أنه يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت ويستفاد من النصوص السابقة أن مشارطة التحكيم لا يتم الإتفاق عليها إلا بعد نشوء النزاع، ووقوع الخلاف بين أطراف العلاقة القانونية. كما أن مشارطة التحكيم تقترب من عريضة الدعوى بالنظر أنها تتم بعد نشأة النزاع، واتضاح معالم نقاط الخلاف بين الأطراف، ولذلك فإنها يجب أن تحتوى على بيان واف عن موضوع النزاع كما تحدده إدعاءات الخصوم وطلباتهم الإضافية والمقابلة.وتبرز أهمية التفرقة بين شرط ومشارطة التحكيم في أن قوانين بعض الدول تطلبت في المشارطة بيان ماهية المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الإتفاق باطلا، ومن هذه القوانين القانون المصرى والقانون العماني.

والنص على ذلك لا يعنى من وجهة نظرنا، ضرورة بيان تفصيلات النزاع وإنما يكفى ذكره بشكل إجمالي، بل ليس هناك ما يمنع من إعطاء الطرف الثانى فى النزاع الحق في الإتفاق في أن يتقدم بدعوى مقابلة أو حتى أصلية ناشئة عن العقد.ومثال ذلك أن يبيع "أ" سلعة إلى "ب" فلا يدفع الأخير الثمن له ويتفقان بموجب مشارطة التحكيم على إحالة نزاعهما الخاص بالثمن إلى التحكيم، وفى الوقت ذاته يدعى "ب" بأن البضاعة غير مطابقة للمواصفات ويريد أن يطالب بالتعويض عن ذلك، فتعطى مشارطة التحكيم "ب" الحق بإحالة هذا النزاع أيضاً إلى التحكيم أمام ذات الهيئة. في هذا المثال تضمنت المشارطة نزاعين أحدهما من جانب "أ" خاص بالثمن والثانى من جانب "ب" خاص بعدم المطابقة مع ما يترتب على ذلك من حقوق بالنسبة لـ "ب" حسب القانون الوطني الواجب التطبيق على النزاع.

 

والأبعد من ذلك فإن قصر التحكيم في المشارطة على مطالبة "أ" بالثمن لا يمنع "ب" بداهة من إثارة كافة الدفوع الناشئة عن العقد أو القانون لرد دعوى "" كليا أو جزئيا، حتى ولو لم تنص المشارطة على ذلك، مثل الدفع بالوفاء بالثمن أو المقاصة، أو القوة القاهرة، أو الدفع بعدم التنفيذ والاحتباس كل ذلك شريطة ألا يتضمن الدفع مطالبة تؤدى إلى الحكم للطرف "ب" بما يزيد على رد دعوى "أ" في مواجهته.

ومن جهة أخرى، تجدر التفرقة بين مشارطة التحكيم واتفاق التحكيم اللاحق على نشوء النزاع المستند أساساً لشرط التحكيم، فقد يكون هناك شرط تحكيم، وبعد وقوع النزاع يتفق الطرفان على أحكام أخرى تتعلق بتسوية النزاع تحكيماً، مثل تحديد طبيعة النزاع على النحو المذكور سابقا.

كما تجدر التفرقة بين مشارطة التحكيم وبين ما يمكن تسميته بتحديد مهمة هيئة التحكيم في بعض الأنظمة التحكيمية الدولية، وهو ما يطلق عليه تجاوزاً بمشارطة التحكيم فغرفة التجارة الدولية مثلا، تطلب من هيئة التحكيم قبل مباشرة مهمتها أن تعد وثيقة، وهذه الوثيقة يتم إعدادها بعد تقديم المحتكم لطلباته والمحتكم ضده لرده على الطلبات والدعاوى المتقابلة إن وجدت ورد المحتكم على هذه الدعوى المتقابلة في هذا الوقت يتكون لدى هيئة التحكيم فكرة أولى عن طبيعة النزاع، فتقوم بإعداد تلك الوثيقة التي تتضمن ملخصاً لوقائع النزاع وطلبات الطرفين، ومن ثم للمسائل الأولية التى ستفصل بها الهيئة في ضوء ذلك، والتي غالبا ما تكون بصيغة أسئلة واستفسارات يتوجب على الهيئة أن تفصل بها، وبعد ذلك تعرض الهيئة على طرفي النزاع للتوقيع، ومن ثم توقعها هيئة التحكيم.

وكما هو واضح فإن مرجعية هيئة التحكيم تختلف عن مشارطة التحكيم من حيث أن الأولى تعد من قبل هيئة التحكيم، في حين تعد الثانية من طرفي النزاع، وإن كان كل منهما يلى نشوء النزاع.