شرط التحكيم البحري يقصد بشرط التحكيم اتفاق الأطراف على إحالة كل ما ينشأ عن العقد من منازعات للفصل فيه بواسطة التحكيم ، فهو اتفاق يتم قبل حدوث أي نزاع ، ويرد في عقد من العقود ، ويلتزم الأطراف بمقتضاه بإخضاع ما قد يثار بيـنهم مـن خلافات أو منازعات بمناسبة تنفيذ العقد ، على محكم أو محكمين يفصلون فيـه ، بدلاً من عرضه على القضاء العام. وعرفه آخرون بأنه اتفاق يتم عند إتمام العقد وقبل حدوث النزاع ، فلا ينتظر فيه أطراف العلاقة القانونية نشوب النزاع ، وإنما يسبقون الحوادث ليتفقوا على التحكيم مقدما في العقد الذي يبرمونه ، أو باتفاق مستقل قد يكون لاحقاً للعقد ولكنه على أية حال سابق على قيام النزاع . وهذا ما أدى إلـى شـيـوع شـرط التحكيم في الأعمال التجارية وانتشاره ، بعكس مشارطة التحكيم التي تبرم بعـد وقوع النزاع ، حيث يجد الأطراف صعوبة في إبرام اتفاق التحكيم. وبناء على ذلك يمكن القول بأن شرط التحكيم البحري هو اتفاق أطراف العلاقة البحرية ، بموجب نص صريح في العقد المبرم بيـنهم ، علـى عـرض المنازعات التي من المحتمل أن تنشأ بينهم في المستقبل على التحكـيم . وهـذه الصورة هي الأكثر انتشارا واستخداما من الناحية العملية في العقود المعاصرة ، إذ تبين أن ما يقرب من 80 % من عقود التجارة الدولية ، أصبحت تتضمن شرط تحكيم ، ذلك أن شرط التحكيم يبرم في وقت تسوده روح الود ، بعكس المشارطة التي تبرم بعد وقوع النزاع ، مما يصعب معها إبرام اتفاق التحكيم. وتستخدم هذه الصورة في عقود النقل البحـري ، وفـي عقـود التـأمين البحري ، وفي عقود البيع البحري ، وعقود بناء السـفن وإصـلاحها وشـرائها ، وبصفة عامة في العقود البحرية كافة ، وكذلك في اتفاقات المسـاعدة البحريـة والإنقاذ . واتفاق الأطراف في شرط التحكيم قد يكون كلياً وقد يكون جزئياً ، بمعنى أن يتفق الأطراف على التحكيم في بعض أو في كل المنازعـات التـي تنشـأ ، وعرض البعض الآخر على القضاء حسب ما يقدرونه ويرونه ملائمـا ، سـواء كان هذا النزاع يتعلق بتفسير العقد أو تنفيذه ، وأيا ما كان طابعه ، سواء كـان ذا طابع قانوني أو فني أو مالي إلى غير ذلك .
والاتفاق الجزئي في شرط التحكيم ، مثل أن يبرم صاحب عمل مقاولة م مقاول ، ويقسم العقد إلى قسمين : أحدهما يتعلق بتنفيذ الأعمال ، والثـاني يتعلـق بالكفالات وصيانة الأعمال بعد انجازها ، فيرد شرط التحكيم تحت بـاب القسـم الأول أو الثاني ، مما يفهم منه أنه خاص بذلك القسم دون الآخر. وبناء علـى ذلك ، فإن التحكيم يكون فقط للخلاف الناشئ الذي انصرفت إرادة الأطراف إلى عرضه على التحكيم. ومتى وضحت هذه الإرادة ، وفق الشكل الذي يتطلبـه القـانون ، التـزم الخصوم بحسم النزاع عن طريق التحكيم ، فيفرض عليهم ، ويلتزمون بحكمـه وينتهي أثر إرادتهم عند هذا الحد . فالعبرة إذن أن تكشف إرادة الخصـوم عـن رغبتهم في النزول عن الالتجاء إلى القضاء ، وحسم النزاع بواسطة التحكيم. أما إذا كان الهدف هو التحكيم في كافة المنازعات ، فيجب الـنص علـى ذلـك صراحة ، وأن يتفق الأطراف مسبقاً على ذلك ، فإرادة الخصوم يجب أن تكـون واضحة وجلية ومتطابقة. ويعد شرط التحكيم أهم مصدر من مصادر التحكيم البحـري ، ويصـبح الاختصاص في شأن النزاع البحري عن طريق محكم أو محكمين أو الإحالـة.