والصورة الثانية التي يأخذها شكل اتفاق التحكيم هو مشارطة التحكيم فإذا كان شرط التحكيم يرد في العقد بين الأطراف إلا أن مشارطة التحكيم تكون في شكل اتفاق منفصل ويمكن تعريف مشارطة التحكيم بأنها العقد الذي بمقتضاه يتفق شخصان على فض المنازعات التي تدور بينهما بمعرفة شخص ثالث يطلق عليه اسم المحكم. وإذا لم يوجد شرط تحكـيـم أو اتفاق مبكر على التحكيم فلا يتسنى التحكيم إلا في وجود مشارطة تحكيم، بمعنى أنه يشترط وجود عقد بين الأطراف المتنازعة لفض منازعاتهم عن طريق التحكيم وأن يتضمن هذا العقد كافة الشروط الشكلية والموضوعية المتعلقة بالتحكيم أي لابد من إثبات ذلك بالكتابة ولا يجوز أن يستشف الاتفاق عليه بصورة ضمنية تماماً كما نص عليه بقانون التحكيم المصري والقانون النموذجي ( اليونيسترال ) واتفاقية نيويورك لعام 1958 وقواعد تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي وقضت محكمة النقض المصرية بأن ( خروج المحكمين عن مشارطة التحكيم لا يتعلق بالنظام العام بل يجب أن يتمسك به الخصوم أمام المحكمة وإلا فلا يكون لها أن تقضي من تلقاء نفسها ببطلان الحكم لعدم تعلق ذلك بالنظام العام وقضي أيضاً بأن بطلان مشارطة التحكيم لنقص أهلية أحد العاقدين هو بطلان نسبي لا يتمسك به إلا ناقص الأهلية ).
لأنه لإنفاق التحكيم الإلكتروني وقضت أيضاً، في البطلان المؤسس على انقضاء المشارطة ليس من شأنه أن يمس ما يكون قد صدر من المحكمين من أحكام قطعية في فترة قيام المشارطة. وبالنسبة للتقادم وأثر تحرير مشارطة التحكيم فإن مجرد تحرير مشارطة التحكيم والتوقيع عليها لا يقطع أيهما في ذاته مدة التقادم لأن المشارطة ليست إلا اتفاقاً على عرض نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم ولا تتضمن مطالبة بالحق أو تكليفاً بالحضور للخصوم أمام هيئة التحكيم وإنما يمكن أن يحصل انقطاع التقادم نتيجة للطلبات التي يقدمها الدائن للمحكمين أثناء السير في التحكيم إذا كانت تتضمن تمسكه بحقه وهذا ما أيدته محكمة النقص المصرية ولكن إذا أقر المدين في مشارطة التحكيم بوجود الدين فإنه يقطع التقادم ويتم الاتفاق بين أطراف النزاع في حالة مشارطة التحكيم بذات الوسائل الإلكترونية سواء بين الأطراف أو بينهما وبين مركز التحكيم الإلكتروني الذي تم الاتفاق فيما بين طرفي النزاع على إحالة موضوع النزاع إليه ليفصل فيه . والواقع العملي في عقود التجارة الدولية أنه ينص في العقد على بند الاتفاق على اللجوء للتحكيم لفض ما قد ينشأ من منازعات إضافة إلى تحديد مركز التحكيم والقانون الواجب التطبيق.