شرط التحكيم، وفي هذه الصورة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى. ومتى اتخذ اتفاق التحكيم شكل الشرط السابق على وقوع النزاع فإنه يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى الذي يلتزم طالب التحكيم بتقديمه إلى هيئة التحكيم على ما سنرى لاحقاً. فلا يتصور أن يتحدد موضوع النزاع في اتفاق التحكيم والنزاع لم يولد بعد. ويرد شرط التحكيم في العقد الأصلي أساس الرابطة القانونية كبند يحيل إلى التحكيم أي نزاع قد يثار في المستقبل بين المتعاقدين حول العقد وأثاره وتنفيذه، وعندئذ يسمى بشرط التحكيم.
لقد اعتبر البعض شرط التحكيم وعدا بالتحكيم، لأنه وإن ألزم طرفيه بالخضوع للتحكيم فإن هذا التحكيم لا يحصل إلا بعد وقوع النزاع، إذ في هذا الوقت يتحدد موضوع النزاع ويمكن لأطرافه تعيين المحكمين المناسبين لحله، إذ لا يتصور قيام تحكيم في نزاع لم ينشأ بعد، كما لا يتصور تسميته قبل نشوء نزاع قد يقع وقد لا يقع. وإذا وقع فقد يكون ذلك بعد فترة طويلة من إبرام العقد الأصلي الذي أثاره وهي فترة قد يكون المحكمون الذي عينوا بالفرض في هذا العقد قد وافتهم المنية أو أصابهم عارض أفقدهم صلاحيتهم للتحكيم، وبالتالي لا يمكن لطرفي العقد عند إبرامه سوى الوعد بالتحكيم .
ويلاحظ أن شرط التحكيم صار هو الأكثر استخداماً في العقود الدولية المعاصرة ولا يوجد تناسب أو مقارنة بين الحالات التي يتفق فيها على شرط التحكيم وتلك التي يبرم بشأنها مشارطة تحكيم. لاسيما بعد أن استقر الرأي على اعتبار شرط التحكيم حتى عند ذكره كبند أو مادة في عقد من العقود، اتفاق تحكم حقيقي أو عقد تحكيم داخل العقد الأصلي، ينتج كامل أثره في حجم الاختصاص عن محاكم الدولة .
وفي الواقع فإن شرط التحكيم كثيراً ما يدرج في العقد، بل أصبح هذا الشرط هو القاعدة في ميدان التجارة الدولية وحجر الأساس الذي يقوم عليه التحكيم، ويمكن القول أن الغالبية العظمى من قضايا التحكيم وخاصة في المجال الدولي تنشأ استناداً إلى شرط سابق على النزاع، وقليلة تلك القضايا التي تنشأ في المجال الدولي استناداً إلى اتفاق تحكيم لاحق على نشوء النزاع.
وما يميز المشارطة أنها تتم بعد نشأة النزاع ويجب أن تتضمن تحديد الطرفين للمسائل التي يشملها التحكيم، فهي تحتوي على البيانات الأساسية لإمكانية السير في دعوى التحكيم، كتحديد أطراف المشارطة وعنوان كل منهم. وتحديد عدد المحكمين وتسميتهم وعنوان كل منهم، بيان العقد الموضوعي، تحديد المنازعات التي تعرض على التحكيم، مكان التحكيم ولغة التحكيم، تحديد القانون الواجب التطبيق علی إجراءات التحكيم وعلى موضوع النزاع، تحديد ميعاد التحكيم، توقيع الأطراف أو توقيع من يمثلهم أو ينوب عنهم مع ذكر صفته . ووفقاً لما تقدم في حالة عدم تحديد المسائل التي يشملها التحكيم في مشارطة التحكيم التي يوقعها الطرفان، يترتب على ذلك بطلان اتفاق التحكيم.
وتوجد هذه الصورة من صور شرط التحكيم بصورة شائعة في حالات العقود الدولية التي تبرم عن طريق التلكس والفاكس وخاصة العقود المتعلقة بالنقل والشحن البحري، ولكنها لا تتضمن بين بنودها شرطاً للتحكيم وتم الإحالة عادة فيها إلى وثائق أخرى تلحق بها كالعقود النموذجية أو الإحالة إلى قواعد خاصة معدة سلفاً والتي تسري على جميع العقود المبرمة بواسطته. أيضا بالنسبة للعقود المرتبطة والتي تتصل بعضها بالبعض الآخر وتهدف إلى تحقيق غاية واحدة مثل عقود المشارطة وبوالص الشحن فقد تم الإحالة من عقد لا يتضمن شرط التحكيم إلى عقد آخر يتضمن الشرط واعتبار العقد الأول بمثابة عقد متضمن لشرط التحكيم عن طريق الإشارة في حالة توافر شروط معينة، وهنا يقال إن شرط التحكيم قد تم دمجه في العقد الثاني .