فمبقتضى التحكيم ينزل الخصوم عن الالتجاء إلى القضاء مع التزامهم بطرح النزاع على محكم Arbitre أو أكثر ليفصلوا فيه بحكم ملزم للخصوم . وقد يكون هذا الاتفاق تبعا لعقد معين يذكر في صلبة ، ويسمى « شرط التحكيم Clause Compromissoire وقد يكون بمناسبة نزاع معين قائم بالفعل بين الخصوم ، ويسمى في هذه الحالة « مشارطة التحكيم أو اتفاق التحكيم Compiromis .
وفي ذات المعنى قيل أنه « إذا كان المشرع قد نظم قواعد التحكيم ، فإنه ترك للأفراد حرية الالتجاء إليه ، وعلى ذلك فإن التحكيم ينشأ نتيجة اتفاق الخصوم إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة - على عرض النزاع على محكم واحد أو أكثر للفصل فيه دون اللجوء إلى القضاء وفقا للإجراءات العادية للتقاضي » .
وجدير بالذكر أن قانون التحكيم الجديد قد أفرد الباب الثاني منه لإتفاق التحكيم ( المواد ١٠ - ١٤ ) .
وقد عرف اتفاق التحكيم بالمادة ۱/۱۰ بأنه : « اتفاق التحكيم هو أتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن وأن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية »
- يتضح لنا مما سبق أن الاتفاق على التحكيم عقدا ، أيا كانت صورته ، فإنه ينعقد بالتراضى عليه، أي بالرضاء به من جانب عاقدية - أي طرفيه - ومن ثم فإن الاتفاق على التحكيم يعد من هذه الزاوية عقدا رضائيا .
وإذا ما كان التحكيم يتم - كما في سائر العقود - بالتراضي عليه بين طرفيه ، فإنه لا يشترط لصحة هذا الاتفاق أن يتم في زمن معين ،فقد يتم قبل وجود النزاع أصلا بين الاطراف ، كما شرط التحكيم. وقد يتم بعد قيام النزاع بالفعل يبين الأطراف، كما في حالة مشارطة التحكيم ، ولكن يجب قبل رفع الدعوى به ، وقد يصح الاتفاق على التحكيم أيضا حتى بعد رفع الأمر إلى القضاء .
ولقد نصت المادة ٢/١٠ من قانون التحكيم الجديد على ذلك بقولها :
يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء قام مستندا بذاته أو ورد في عقد معين بشأن كل أو بعض المنازعات التي تنشأ بين الطرفين ، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد موضوع النزاع في بيان الدعوى المشار إليهافي الفقرة الأولى من المادة (٣٠) من هذا القانون ، كما يجوز أن يتم اتفاق التحكيم بعد قيام النزاع ، ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية ، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق الأمور التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلا .