الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / صور اتفاق التحكيم / الكتب / اتفاق التحكيم والدفوع المتعلقة به / صور اتفاق التحكيم

  • الاسم

    د. أحمد إبراهيم عبدالتواب
  • تاريخ النشر

    2009-01-01
  • اسم دار النشر

    دار الجامعة الجديدة للطبع والنشر والتوزيع
  • عدد الصفحات

    605
  • رقم الصفحة

    224

التفاصيل طباعة نسخ

اتفاق التحكيم La convention d'arbitrage قد يتم إبرامه قبل قیام النزاع، فيسمى بشرط التحكيم clause compromissoire، وقد يتم إبرامه بعد قيام النزاع فيسمی مشارطة التحكيم  compromise، وشرط التحكيم قد يكون في صورة شرط إذا ورد في بند من بنود العقد أو في صورة شرط مستقل، سواء أكان الاستقلال لاحق على العقد أو كان بصدد علاقة غير عقدية، أما بعد قيام النزاع فيكون اتفاق التحكيم في صورة مشارطة تحكيم، إذ يحدد الأطراف في مشارطة التحكيم كل عناصر النزاع، وهذه المشارطة قد يتم إبرامها بعد قيام النزاع ودون وجود شرط سابق للتحكيم فيحدد فيها الأطراف عناصر النزاع، كما أنها قد تكون تفصيل لشرط التحكيم السابق وروده في عقد أو في اتفاق مستقل، وهذا الاتفاق يتعين أن يكون مكتوبا وأن يتضمن تحديداً دقيقاً للمسائل المتنازع عليها وإلا كان التحكيم باطلاً Nullite d'arbitrage.

 يلاحظ أن الصورتين السابقتين لاتفاق التحكيم تتعلق باتفاق التحكيم الاختياري، أما غير ذلك من صور التحكيم، مثل التحكيم الإجباري كالتحكيم في منازعات العمل الجماعية والتحكيم في سوق الأوراق المالية والسلع بدولة الإمارات العربية المتحدة، فلا يكون هناك اتفاق تحكيم في صورة شرط أو مشارطة، بل يكون في صورة طلب يقدم للجنة المختصة بالتحكيم في هيئة الأوراق المالية والسلع بالنسبة للتحكيم في سوق المال، أو تظلم من قرار لجنة التوفيق أمام اللجنة العليا للتحكيم بالنسبة لمنازعات العمل الجماعية، فاتفاق التحكيم في منازعات سوق المال لا يكون في صورة اتفاق بين الأشخاص، بل يكون في صورة طلب من أحد الأشخاص، إذ التحكيم في منازعات سوق المال يتم على أساس قبول الأشخاص للتعامل في سوق الأوراق المالية والسلع، إذ تختص تلك الهيئة دون غيرها بنظر المنازعات المتعلقة بنشاطها، وقد نظم القرار رقم (1) لسنة ۲۰۰۱ بشأن نظام التحكيم في سوق الأوراق المالية والسلع لدولة الأمارات العربية المتحدة، إجراءات هذا الطلب وبياناته والمرفقات الواجب تقديمها وشروطه، حيث نصت المادة 6 على أن " يقدم طلب التحكيم للهيئة متضمنا اسم كل من المدعي والمدعي عليه ومحل إقامة كل منهما وعرضا الموضوع النزاع والطلبات المتعلقة بها وأسانيدها والتعويض المطلوب وترفق بالطلب صور من جميع المستندات المؤيدة له مع مذكرة شارحة للنزاع وما يفيد سداد رسوم التحكيم".

التنظيم السابق لطلب التحكيم بالنسبة لمنازعات سوق المال في دولة الإمارات العربية المتحدة، يقوم على أساس طبيعة التعامل في سوق المال، وعدم وجود علاقات عقدية بين المتعاملين في السوق، كما أنه يقوم على أساس اختصاص الهيئة بالفصل في منازعات سوق المال دون غيرها عن طريق التحكيم، وعدم وجود مساحة لاتفاق الأشخاص للالتجاء للتحكيم دون قضاء الدولة، وفقاً للقواعد العامة في القانون، والطبيعة الخاصة لتلك المعاملات لا تمنع في تصوري من قيام المتعاملين من القيام بتحرير مشارطات تحكيم بشان المنازعات التي تثور بينهم، على أن تتضمن المشارطة لكافة عناصر المسائل المتنازع عليها، مع ضرورة تحديد تلك المشارطات لجميع المسائل المتنازع عليها، وترقق تلك المشارطة مع الطلب المقدم من أحد الأطراف للجنة المختصة.

وفي تسوية منازعات العمل الجماعية فقد نصت المادة 160 من قانون العمل الدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 8 لسنة ۱۹۸۰ على أن " تشا بوزارة العمل والشئون الاجتماعية لجنة تسمي لجنة التحكيم العليا لحل منازعات العمل الجماعية..."، كما حدد قرار مجلس الوزراء رقم لسنة ۱۱ لسنة ۱۹۸۲ تنظيم إجراءات التقاضي وغير ذلك من القواعد اللازمة لحسن سير العمل أمام لجان التوفيق ولجنة التحكيم العليا لحل منازعات السل الجماعية، كما نظم القرار الوزاري رقم ۲۰۷ لسنة ۲۰۰۳ الإجراءات المتعلقة بتنظيم حسم تلك المنازعات، وبالرجوع للنصوص المتعلقة بالتحكيم في تلك منازعات العمل الجماعية، يتبين أن التحكيم يتم في صورة طعن أو تظلم من قرار لجنة التوفيق، وأنه لا يوجد اتفاق تحكيم، سواء في صورة شرط أو مشارطة تحكيم، بل يكون التحكيم في صورة طعن إلى لجنة التحكيم العليا بعريضة موقعة من الطاعن، وتشمل هذه العريضة أسباب الطعن ويرفق به المستندات المؤيدة له، خلال ثلاثين يوماً من صدور القرار من لجنة التوفيق في المواد رقم 6، 7، ۹ من قرار مجلس الوزراء رقم 11 لسنة ۱۹۸۲ بشأن تنظيم إجراءات التقاضي).

أما الصورة الثانية لاتفاق التحكيم في المنازعات المتعلقة بسوق الأوراق المالية والسلع أو في تسوية منازعات السل الجماعية، والتي تتمثل في صورة شرط التحكيم، فلا توجد من الناحية العملية إلا على سبيل الاستثناء وفي أحوال خاصة، إذ يقوم التحكيم في منازعات سوق المال على افتراض وجود هذا الشرط بقبول المتعاملين لدخول السوق، وهو أمر لا يتفق مع الأصول القانونية للتحكيم، والذي يقوم على أساس اتفاق الأفراد على الالتجاء للتحكيم في المنازعات التي يجيز فيها المشرع الالتجاء التحكيم، كما له لا يتصور افتراض الاتفاق، في الاتفاق يقوم على تلاقي وردات الأشخاص لتحقيق أثر قانوني، وهو ما لا يمكن اقترانه بمجرد قبول التعامل في سوق المال، لا قبول التعامل في سوق المال پنشن قبول النظام القانوني للتعامل في سوق المال، دون أن تتصرف مباشرة لقبول نظام التحكيم في المنازعات المتعلقة بالسوق، ومع ذلك يتصور وجود شرط التحكيم في الحالات التي يرتبط المتعاملون فيما بينهم بعقود خاصة شظم أعمالهم في سوق الأوراق المالية والسلع، كما يتصور وجود شرط التحكيم في الحالات التي يكثر فيها التعامل بين أشخاص المتعاملين في سوق المال، لا يتصور وجود اتفاقات لاحقة لقبول التعامل في سوق الأوراق المالية والسلع، بالنسبة لحسم المنازعات التي يمكن أن تثور فيما بينهم في المستقبل بسبب التعامل في سوق الأوراق المالية.

اتفاق التحكيم سواء أكان في صورة شرط أو مشارطة التحكيم، قد يكون أحد بنود ورقة رسمية أو عرفية، سواء أكان ذلك في عقد من العقود أو في اتفاق مستقل، كما قد يكون في صورة رسالة بيانات أو Data fnessageمستند الكتروني en ligne، ويقصد برسالة البيانات حسب ما ورد في المادة ۲/ أمن القانون النموذجي (الأونسيترال) للتجارة الالكترونية الصادر عن الأمم المتحدة عام 1996 المعلومات التي يتم إنشاؤها أو إرسالها أو استلامها وتخزينها بوسائل الكترونية أو ضوئية أو بوسائل مشابهة بما في ذلك على سبيل الحصر، تبادل البيانات الالكترونية أو البريد الالكتروني أو البرق أو العكس أو النسخ البرقي"، في هذه الحالة يكون اتفاق التحكيم في صورة رسائل متبادلة بين الأطراف، كما يمكن أن يكون في صورة بند من بنود عقد من عقود التجارة الالكترونية، فيكون اتفاق التحكيم بالتوقيع على التعاقد، أو في صورة اتفاق مستقل أو نتيجة قبول الأشخاص للتعامل بالطريق الالكتروني . الجدير بالذكر أن بعض التشريعات العربية المعاصرة، تستعمل تعبيرات و اصطلاحات قانونية مغايرة أو موازية أو مختلفة عن اتفاق التحكيم في صورتيه السابقتين، حيث يستعمل قانون الإجراءات المدنية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة رقم 11 لسنة ۱۹۹۲، تعبير وثيقة التحكيم للتعبير أحيانا عن اتفاق التحكيم وأحيانا أخرى باعتبارها صورة من صور اتفاق التحكيم، وأحيانا ثالثة بمعنی مشارطة التحكيم، ويستعمل نظام التحكيم بالمملكة العربية السعودية تعبير وثيقة التحكيم بمعنی مشارطة التحكيم والاتفاق بين الأشخاص والمحكمين، حيث نصت المادة 5 من نظام التحكيم السعودي على أن يودع أطراف النزاع وثيقة التحكيم لدى الجهة المختصة أصلا بنظر النزاع ويجب أن تكون هذه الوثيقة موقعة من الخصوم أو من وكلائهم الرسميين المفوضين ومن المحكمين، وأن يبين بها موضوع النزاع وأسماء الخصوم وأسماء المحكمين وقبولهم نظر النزاع وأن ترفق بها صور من المستندات."، كما يستعمل المشرع التونسي في قانون التحكيم رقم 4۲ لسنة ۱۹۹۳ تعبیر اتفاقية التحكيم بمعنی اتفاق التحكيم، وتعبير اتفاق التحكيم بمعنی مشارطة التحكيم، كما يستعمل قانون أصول المحاكمات المدنية اللبناني الجديد تعبير العقد التحكيمي للتعبير عن اتفاق التحكيم، ويستعمل المشرع العراقي تعبير عقد التحكيم للتعبير عن مشارطة التحكيم)، كما استعمل بعض الفقه تعبير عقد التحكيم للتعبير عن اتفاق التحكيم ، كما استعمل بعض الفقه تعبير عقد التحكيم للتعبير عن مشارطة التحكيم، كما استعمل البعض الآخر تعبير وثيقة التحكيم للتعبير - في بعض الأحيان- عن مشارطة التحكيم.

الواقع - بحق - أن الاستعمالات السابقة لا تساعد على توحيد المصطلح القانوني في البلاد العربية، كما أنها تتسم بعدم الدقة والغموض من ناحية ثانية، علاوة على أنها قد تبعث على الغرابة والاختلاف بين الأطراف التحكيم في تلك الدول.

من ناحية أولى، تعبير اتفاقية التحكيم الذي استعمله قانون التحكيم التونسي، تعبير غير دقيق للتعبير عن اتفاق التحكيم؛ لأن تعبير الثقافية من التعبيرات التي تستخدم في فقه القانون الدولي العام للتعبير عن الاتفاقيات الثنائية بين الدول في المجتمع الدولي، ومن المفضل عدم استخدامه للتعبير عن اتفاق التحكيم، خاصة في التحكيم الداخلي والدولي الذي يجري بين الرعايا التونسيين وأقرانهم في البلاد العربية والأجنبية، لما يوحيه هذا التعبير من غرابة في الاستعمال، الأمر الذي قد يثير اللبس والغموض عندما يشير الأطراف الأنفاق التحكيم، ولا يمتد هذا التعبير الشرط التحكيم وفقاً للقانون التونسي، بينما يشمل ذلك بالنسبة لقانون مثل القانون المصري أو الليبي لو العماني او الأردني.

من ناحية ثانية، فإن تعبير وثيقة من التعبيرات التي تستخدم في فقه القانون الدولي والمنظمات والاتفاقات الدولية للدلالة على الأوراق ذاك الطابع الدولي مثل وثيقة إعلان حقوق الإنسان وغيرها، والأجدر أن تعبير وثيقة التحكيم لا قيمة له لا يمكن الاستعمال تعبير شرط التحكيم للدائرة على اتفاق التحكيم قبل قيام النزاع سواء أكان ذلك وارداً في عقد أو في اتفاق مستقل، إذا رغب الأطراف في الاتفاق على التحكيم بعد إبرام العقد وقبل قيام النزاع أو كان التحكيم بصدد علاقة غير عقدية، والاكتفاء باستعمال تعبير مشارطة التحكيم في المرحلة اللاحقة لقيام النزاع، وذلك دون حاجة لاستعمال تعبير وثيقة التحكيم التي قد تثير اللبس، كما أن التعبير عن مشارطة التحكيم بتعبير وثيقة بعد قيام النزاع وإن كان لا يتعارض مع الأصول العلمية، إلا أنه من المفضل استعمال تعبير مشارطة التحكيم، ذلك التعبير المتعارف عليه فقها وقضاء من زمن طويل، كما أن تعبير وثيقة.

ومن ثم، فالأجدر توحيد استعمال التعبيرات القانونية خاصة في التشريع والفقه العربي، إذ لا يفيد استعمال مصطلح أو تعبير غير دقيق، ولا يعبر عن خصوصية لمجتمع معين بقدر تعبيره عن عدم دقة في الاستعمال القانوني، وأن من المفضل توحيد استعمال المصطلح الذي يتفق مع واقعنا العربي، ولا يتعارض مع موروثنا الديني والثقافي والاجتماعي لجميع البلاد والأقطار العربية.