يعد اتفاق التحكيم بمثابة الركيزة الأساسية لمباشرة التحكيم كوسيلة لفض المنازعات، وتكاد تجمع التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية على ضرورة وجود اتفاق تحكيم مكتوب.
ويقوم التحكيم أساساً على اتفاق الطرفين للالتجاء إلى التحكيم دون القضاء العادي لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية عقدية، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن إلى القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء العادي، إلا أنه يُبني مباشرة في كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين شرطاً أو مشارطة، فإرادة الطرفين هي التي تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات التي تنشب بين الأطراف وقد أجاز القانون هذا الاتفاق ولو تم في الخارج.
كما أن أساس مشروعية اتفاق التحكيم هي دستوره ومنه يستمد المحكم سلطته في الفصل في النزاع، كما أنه يُعد الأساس القانوني المباشر لإخراج النزاع من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة، وبالتالي فإن عدم وجوده يفضي إلى انعدام حكم التحكيم لانعدام ولاية المحكم في إصداره ولافتتائه في هذه الحالة على السلطة القضائية في الدولة وغصبه ولايتها بما يشكله من اعتداء على النظام العام، وهو نقطة البداية في مسيرة التحكيم ومصدر تميزه عن غيره من أدوات تحقيق الوظيفة القضائية، كما أنه بذلك يخضع بالضرورة للقواعد العامة في العقود التي أودعها المشرع في القانون المدني، بالإضافة إلى مما قد تفرضه ذاتيته من قواعد خاصة، والفقه المدني له دور أساسي في جلاء الغموض الذي يحيط بجوانب الاتفاق .
كما يُعد اتفاق التحكيم التجاري اتفاقاً يدخل في إطار قانوني خاص يهدف إلى إحداث أثر قانوني معين يتمثل في إنشاء التزام على عاتق أطرافه بإحالة النزاع الذي يثار بينهما إلى التحكيم والتنازل عن حقهما باللجوء إلى القضاء، وهو بهذا المفهوم لا يخرج عن كونه عقداً، وبذلك تتحدد طبيعته القانونية، فهو في الواقع تصرف قانوني يصدر عن إرادتين أو أكثر، ولا يمكن أن يُعتد به عملاً إجرائياً على الرغم من أنه يُعد الخطوة الأولى في طرح النزاع على التحكيم، وبالتالي الفصل فيه من قبل المحكم أو المحكمين الذين يتم اختيارهم، والسند في ذلك هو إبرام هذا الاتفاق يتم قبل بدء الخصومة فلا يمكن والحال كذلك اعتباره عنصراً من عناصرها بالشكل الذي يأخذ معه طبيعة أعمال الخصومة وهي أنها بمجملها تُعد أعمالاً إجرائية، ولا تختلف طبيعة اتفاق التحكيم الإلكتروني عن طبيعة اتفاق التحكيم بصورة عامة، فاتفاق التحكيم الإلكتروني يعد بدوره تصرفاً قانونياً من جانبين، إلا أن ما يميزه هو أنه يبرم عبر وسائل الكترونية، فهو يعد عقداً الكترونياً.
كما أنه لا يوجد شرطاً قانونياً يوجب خروج اتفاق التحكيم عن إطار العلاقة القانونية بين الطرفين وأن يكون بالضرورة عنصراً لها، وذلك طبقاً لقانون التحكيم المصري الذي نص على أنه: " ويعتبر اتفاقاً على التحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءاً من العقد".