الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / صور اتفاق التحكيم / الكتب / اتفاق التحكيم كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية / الحلول القانونية للمشاكل

  • الاسم

    د. أحمد مخلوف
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    544
  • رقم الصفحة

    220

التفاصيل طباعة نسخ

الناتجة عناقترح جانب كبير من الفقه، تعليقا على الأحكام الصادرة في باعوي شركة (DUCTO) أن تترك مسألة تشكيل هيئة التحكيم عند تعدد اطراف الاتفاق إلى محكمة التحكيم وحدها، فهي التي يتعين عليها اختيار المحكمين الثلاثة، أو على الأقل تقوم بتعيين اثنين منهم، وتترك لهما حرية اختيار المحكم الثالث (الرئيس) ويجد الفقه أن هذا الحل بعد نتيجة منطقية لتعدد أطراف الاتفاق في ظل وجود عدد محدد من المحكمين.     وترتيبا على ذلك، أنه إذا توصل بعض الأطراف إلى اختيار محكمه بون البعض الآخر كما هو الحال في الدعوى المطروحة (DUCTO)، فإن محكمة التحكيم تلغى هذا الاختيار، أو على الأقل تحصل على تنازل عنه من الأطراف حتى تقوم هي بتعيين المحكمين الثلاثة، لتحقق المساواة المطلوبة التي أشار إليها حكم النقض الفرنسي.      والأخذ بالاقتراح المتقدم كما يقول انصاره لن يكون غريبا على قضاء التحكيم، إذ غالبا ما يعمل به في اتفاق التحكيم الثنائي عندما يمتنع أحد الأطراف عن اختيار المحكم الخاص به، أو يتغيب عن المشاركة في إجراءات التحكيم.( اتفاق التحكيم متعدد الأطراف

تبين لنا فيما سبق من خلال الدعويين اللتين عرضنا لهما المشاكل القانونية التي يثيرها اتفاق التحكيم متعدد الأطراف، وقد حان الوقت الآن لنتناول الحلول التي قدمها الفقه لهذه المشاكل من أجل أن يتخطى الاتفاق المذكور العقبات التي تعترض طريقه خلال مرحلة الإجراءات، وذلك حتى يؤدى الدور المنوط به في تسوية النزاع الموضوعي. وسوف نبدأ بعرض الحلول المقترحة بالنسبة لصعوبة تشكيل هيئة التحكيم، ثم تلك المتعلقة بمشكلة تعدد التحكيمات، وذلك على النحو التالي: أولا: الحلول المقترحة بالنسبة لصعوبة نشكيل هيئة التحكيم في الاتفاق متعدد الأطراف

رغم أن الفقه يعترف وهو بصدد تعليقه على الأحكام الصادرة في دعوى شركة (DUCTO) بأنه لا يوجد حل مثالي يقضي على مشكلة تشكيل هيئة التحكيم في الاتفاق متعدد الأطراف،    إلا أن ذلك لم يمنع بعض الفقه من تقديم الاقتراحات التي تيسر السبيل نحو تشكيل هيئة التحكيم على نحو صحيح وفعال. وإليك هذه الاقتراحات

اقترح جانب كبير من الفقه، تعليقا على الأحكام الصادرة في باعوي شركة (DUCTO) أن تترك مسألة تشكيل هيئة التحكيم عند تعدد اطراف الاتفاق إلى محكمة التحكيم وحدها، فهي التي يتعين عليها اختيار المحكمين الثلاثة، أو على الأقل تقوم بتعيين اثنين منهم، وتترك لهما حرية اختيار المحكم الثالث (الرئيس) ويجد الفقه أن هذا الحل بعد نتيجة منطقية لتعدد أطراف الاتفاق في ظل وجود عدد محدد من المحكمين.     وترتيبا على ذلك، أنه إذا توصل بعض الأطراف إلى اختيار محكمه بون البعض الآخر كما هو الحال في الدعوى المطروحة (DUCTO)، فإن محكمة التحكيم تلغى هذا الاختيار، أو على الأقل تحصل على تنازل عنه من الأطراف حتى تقوم هي بتعيين المحكمين الثلاثة، لتحقق المساواة المطلوبة التي أشار إليها حكم النقض الفرنسي.      والأخذ بالاقتراح المتقدم كما يقول انصاره لن يكون غريبا على قضاء التحكيم، إذ غالبا ما يعمل به في اتفاق التحكيم الثنائي عندما يمتنع أحد الأطراف عن اختيار المحكم الخاص به، أو يتغيب عن المشاركة في إجراءات التحكيم.( ذا وقد تبنت القواعد الجديدة لغرفة التجارة الدولية الصادرة في أول يناير ۱۹۹۸ هذا الاقتراح، كما سنعرض له في حينه.  

الاقتراح الثاني: تفويض الغير في تشكيل هيئة التحكيم

لم ينل الاقتراح السابق تأييد الجانب الآخر من الفقه، الذي ذهب إلى انتقاده لما فيه من مساس بحرية الأطراف في اختيار محكميها. فالفرض هنا كما يقول أصحاب هذا الاقتراح أن أطراف النزاع غير ممتنعين عن اختيار المحكمين أو المشاركة في إجراءات التحكيم، حتى يسوغ لمحكمة التحكيم تعيينهم من تلقاء نفسها، بل العكس هو الصحيح، إذ يتمسك كل طرف من أطراف النزاع باستعمال حقه في اختيار محكمة الخاص كأحد الأسس التي يقوم عليها التحكيم التجاري الدولي. فالمحكم على حد تعبير محكمة النقض الفرنسية هو القاضي الذي يختاره الأطراف، والذي يستمد سلطته في الفصل في الخصومة من إرادة الأطراف وحدهم.  لذلك ينادي هذا الفقه، بقيام أطراف النزاع بتفويض أو إنابة الغير، کی يتولى بدلا منهم اختيار المحكمين إزاء صعوبة مشاركتهم جميعا على قدم المساواة في هذا الاختيار، وهو ما يحقق لهم في النهاية تمثيل إرادتهم في تشكيل هيئة التحكيم على نحو صحيح وفعال. ويرى هذا الفقه أنه إذا تعذر على الأطراف الاتفاق على اختيار الشخص

الذي ينيب عنهم في تعيين المحكمين، فإنه لا مناص في هذه الحالة .

اللجوء إلى قضاء الدولة ليتولى تشكيل هيئة التحكيم، وهو الحل ان أخذ به قانون التحكيم الهولندي في المادة (۱۰۲۸)، حيث أعطى كل طرف من أطراف النزاع الحق في أن يطلب من رئيس المحكمة الابتدائية تشكل هيئة التحكيم إذا كان لخصمه مرکز متميز بالنسبة لتعيين المحكم أو المحكمين. الاقتراح الثالث: تعدد تشكيل هيئة التحكيم أخيرا، يرى البعض أن أنسب الحلول التي تحقق المساواة بين أطراف النزاع في تعيين المحكمين - بعيدا عن تدخل السلطة العامة - هو أن تتعدد هيئة التحكيم التي تفصل في موضوع النزاع، فمادام هناك أطراف تتعارض مصالحهم، ولم يتفقوا جميعا على تشكيل هيئة تحكيم واحدة، فلا مناص من حدوث هذا التعدد. وبتطبيق ذلك على الدعوى المطروحة، يتم تشكيل هيئة تحكيم أولى تضم محكما عن الشركة المدعية (DUCTO) ومحكما عن الشركة المدعي عليها (BKMI) ومحكما رئيسا تعينه المحكمة، ثم تشكل هيئة تحكيم ثانية، تضم محكما عن نفس الشركة المدعية، ومحكما عن الشركة الأخرى المدعي عليها (SEMIENS)، ومحكما رئيس تعينه المحكمة. وحتى نتجنب

صبور أحكام متعارضة من هيئتي التحكيم، فإن المحكم الرئيس يكون .. واحدا في كل منهما.

ولا يخفى أن هذا الحل يؤدي إلى تشتيت النزاع بين أكثر من هيئة تحكيم، وينتهك مبدأ سرية المداولات عن طريق اشتراك نفس المحكم في كل من هيئتى التحكيم، فضلا عن أنه يزيد من نفقات التحكيم ويلاقي صعوبات كثيرة تعترض تطبيقه

رأينا الخاص في المشكلة المطروحة

الواقع أن أسباب اختلاف الأحكام الصادرة في دعوى شركة (DUCTO) يرجع بصفة أساسية إلى تفسير كل قضاء لمعنى التعدد الوارد في أطراف النزاع. فعلى حين اعتبر حكم التحكيم أن الشركتين المدعى عليهما تمثلان مصلحة واحدة، ومن ثم أقر تعيين محكم واحد عنهما، نجد أن حكم النقض الفرنسي قرر وبحق أنهم اصحاب مصالح متعارضة، ومن ثم ألغى حكم التحكيم مقررا أن ذلك يخل بمبدأ المساواة بين الأطراف. . . ومع ذلك لم يقدم لنا حكم النقض الفرنسى شيئا عن كيفية تشكيل هيئة التحكيم في هذه الحالة، وقد كان يلمس أنها المشكلة الحقيقية التي واجهت محكمة التحكيم، واضطرت بسببها إلى تعيين محكم مشترك. ونعتقد مع جانب كبير من الفقه، أن حكم النقض الفرنسي حينما قرر مبدأ مساواة الأطراف في تعيين المحكمين لم يكن يقصد بذلك أن يختار كل طرف محكما خاصا به، وإنما كان المقصود أن تتحقق المساواة بينهم في تشكيل هيئة التحكيم بمعنى أنه لو شارك الأطراف الثلاثة مجتمعين

الشركة المدعية والشركتان المدعى عليهما) في تعيين محكم واحد أو محكمين، فإن مبدأ المساواة بينهم يكون قد تحقق، أما وقد انفرد أحد الأطراف بتعيين محكم، في حين اشترك باقي الأطراف في تعيين محكم واحد رغم اختلاف مصالحهم - فإن ذلك هو الذي يخل بمبدأ المساواة

وقد يجد هذا الاقتراح اعتراضا يتمثل في وجود مركز متميز للطرف الذي في جانبه المحكم الرئيس أو المرجح. . غير أن هذا الاعتراض من وجهة نظرنا ليس في محله، لأنه ينظر إلى المحكم باعتباره وكيلا أو محاميا يعمل لمصلحة الشخص الذي اختاره، في حين أن المحكم هو قاض تنقطع صلته بأطراف النزاع بمجرد أن يتم تعيينه أو اختيارة. وفي هذا يقول الأستاذ (Camille Bernard) . ان عنه، فإنه لا يؤثر بعد ذلك أن يصبح هذا المحكم رئيسا، إذ لا وما ذلك من قريب أو من بعيد على أنه ترجيح لهذا الطرف في صدور حكم التحكيم لصالحه. ثانيا: إذا كان الاتفاق يضم أكثر من ثلاثة أطراف کأربعة مثلا، فإنه ينظر في هذه الحالة إذا كان يمكن تقسيمهم إلى مجموعتين متعارضتين تتحد مصالح كل منهما، فإذا أمكن ذلك، قامت كل مجموعة باختيار محكم عنها، وعندئذ لا تثور أية مشكلة قانونية حيث تتحقق المساواة بذلك بين الأطراف في تعيين المحكمين. أما إذا كان تحقيق ذلك غير ممكن، شارك الأطراف جميعا في تعيين المحكمين الثلاثة، فإذا لم يكن ذلك ممكنا أيضا فلا مناص من أن يتولى مركز التحكيم تشكيل هيئة التحكيم بمفرده. وتسير القواعد الجديدة لجمعية التحكيم الأمريكية الصادرة في أول مايو ۱۹۹۲ على منح الأطراف الحق في تعيين عدد المحكمين كيفما شاوا، فإذا لم يتفقوا على عدد المحكمين، فإن المادة الخامسة تقضي بتعيين محكم واحد، إلا إذا تبين من قيمة الطلبات أو تعقيد الحالة المطروحة أو أي ظرف أخر ضرورة تعيين ثلاثة محكمين فأكثر. - ثانيا: الحلول المقترحة بالنسبة لمشكلة نعدد التحكيمات: ضم التحكيمات. يذهب غالبية الفقه إلى أنه عندما تتعدد التحكيمات لدعاوى يجمعها الارتباط أو عدم القابلية للتجزئة، فإنه يجب أن تتضم هذه التحكيمات؛ لتنظر أمام هيئة تحكيم واحدة لتفصل في ونحن بدورنا نساير غالبية الفقه في ضم التحكيمات، ونؤيد حكم التحكيم الصادر في دعوى شركة (SOFIDIF)، على الرغم من بطلان هذا الحكم أكثر من مرة من جانب القضاء الفرنسي. فلقد قدر حكم التحكيم أن وجود مجموعة مختفلة من العقود تحقق نفس العملية الاقتصادية، ورد في بعضها - وعلى الأخص الأساس منها - شرط تحکیم غرفة التجارة الدولية بباريس، والبعض الآخر شرط تحكيم غرفة التجارة الدولية بجنيف، يتطلب أن تنظر هيئة التحكيم بباريس النزاع .

بأكمله بين سائر الأطراف وعن مختلف العقود في تحكيم موحد. وقد اعتبر حكم التحكيم أن تعدد الشروط واختلاف بعضها عن البعض الآخر يجعلها في النهاية شروط تحكيم تكمل بعضها البعض، وقد أراد حكم التحكيم أن يصل بذلك من وجهة نظرنا إلى تقرير مبدأهان أن الأساس للفصل في النزاع هو التحقق من وجود اتفاق تحكيم في

حد ذاته؛ أي بلا نعت أو تخصيص لمؤسسة أو مركز تحكيم بعد فلا نستطيع أن ننكر أن مبدأ الاتفاق على التحكيم كان موجودا في كافة العقود، وأن الاختلاف فيما بين شروط التحكيم قد انصب على مكان هذا التحكيم فحسب، أو بمعنى آخر على إجراءات التحكيم، وتلك مسألة تنفصل عن حل النزاع من الناحية الموضوعية. وبالتالي، فإن إرادة الأطراف تكون قد تحققت في تسوية النزاع عن طريق التحكيم وعدم اختصاص قضاء الدولة به، وهذا هو شأن كل اتفاق تحكيم في عمومه وشموله. أما القول بأن إرادة الأطراف لم تذهب إلى ضم التحكيمات أو إدماج إجراءات التحكيم المختلفة في تحكيم واحد، فيجب أن نأخذ بما قرره القضاء الأمريكي في هذا الشأن، إذ اعتبر أن الأصل يجب أن يكون دائما ضم التحكيمات، وأن الاستثناء هو عدم الضم (Non- Consolidation

وهذا الاستثناء کی يعمل به يجب أن تترجمه إرادة صريحة وليست ضمنية من الأطراف، وأن يجد مبررات قوية لدى محكمة التحكيم لإعماله. الأساس القانوني في ضم التحكيمات:

ونرى أن محكمة التحكيم حينما تأمر بضم التحكيمات يجب أن تستمد سلطتها في ذلك من وجود اتفاق التحكيم نفسه، فهو الذي

يرخص لها دائما بأن تقوم بهذا الضم، وهذا هو مايسير عليه القضاء الأمريكي؛ إذ قضى في أحد أحكامه بأن توقيع الأطراف على اتفاق التحكيم كاف وحده کی تستطيع جمعية التحكيم الأمريكية أن تأمر بهذا الضم.   كذلك قرر القضاء السويسرى بأن محكمة التحكيم تستطيع أن من تلقاء نفسها دون أن تعتبر ذلك تجاوزا لاختصاصها، لأن ضم التحكيمات إنما يكون من أجل تحقيق نظام أمثل للعدالة، أو على پیر محكمة جنيف (Bonne administration de la Justice)، حيث يسهل تقديم أدلة الإثبات والوقوف على جميع نقاط النزاع.   وإذا انتهينا إلى أن ضم التحكيمات يجد أساسه في اتفاق التحكيم نفسه، فإنه لايؤثر بعد ذلك في تحقيق هذا الضم، الحكم الذي يرمي إليه القانون واجب التطبيق على إجراءات التحكيم، وإلا كان معنی ذلك أن التحكيم الذي يجري في هولندا ،  أو أمريكا،  أو هنج كونج، أو غيرها من الدول التي تسمح تشريعاتها بالأخذ بالضم، أفضل من التحكيم الذي يجري في فرنسا، أو مصر، أو رومانيا، أو غيرها من الدول التي لاتنص تشريعاتها على ذلك.(5) كيفية تحقيق ضم التحكيمات:

أما عن كيفية تحقيق ضم التحكيمات، فنرى أن هيئة التحكيم التي تختص بالفصل في النزاع أولا هي التي يعهد إليها باتخاذ إجراءات هذا الضم؛ أي يكون لها الاختصاص بنظر النزاع الذي طرح على هيئة التحكيم الثانية، أو الذي يكون في سبيله لأن يطرح عليها، وذلك مالم يتفق الأطراف جميعا على أن تنظر هيئة التحكيم الثانية النزاع بأكمله ويثور التساؤل عن كيفية تحقيق الضم إذا كان قضاء الدولة هو الذي يشارك هيئة التحكيم في الاختصاص بنظر النزاع، وذلك كما لو ورد شرط التحكيم في بعض عقود المجموعة، وشرط الاختصاص القضائي في البعض الآخر. هل يمكن إعمال نفس القاعدة السابقة ونعطى الأولوية للقضاء الذي يختص أولا بالفصل في النزاع، أم يجب تفضيل أحد القضاعين عن الآخر؟ ذهب القضاء الفرنسي في بداية الأمر إلى تفضيل قضاء الدولة في الأخذ بضم الدعاوی، بحيث يتحقق له دائما الاختصاص بنظر النزاع برمته. وفي ذلك قضت محكمة استئناف (Aix en Provence) في حكمها الصادر بتاریخ ۲۷ من يناير ۱۹۷۸ بضم النزاع بين المشتري والناقل - الوارد بشأنه شرط تحكيم - إلى النزاع المطروح على المحكمة التجارية بين هذا المشتري والبائع، حيث نهبت المحكمة إلى: « إنه توجد رابطة غير قابلة التجزئة بين الدعويين، بحيث لايمكن الفصل في أحدهما بوجه مستقل عنالآخر من غير أن يحدث تعارض في الأحكام، الأمر الذي يصعب معه من كل من الحكمين في آن واحد. كما أن رفض الدعويين سيكون بمثابة انکار حقيقي للعدالة، ولذلك يجب الأخذ بهذا الضم حتى في حالة وجود اتفاق تحكيم، وترجيح قضاء الدولة في الأخذ به». 

غير أن هذا الاتجاه سرعان ما تم العدول عنه، وأصبح لايجوز لقضاء الدولة أن يختص بنظر النزاع الوارد بشأنه شرط التحكيم حتى في حالة وجود روابط غير قابلة للتجزئة. ففي الحكم الصادر من محكمة استئناف باريس في ۱۳ مايو ۱۹۸۳، قررت المحكمة أن حكم المادة  46 من قانون المرافعات الفرنسي والذي يجيز للمدعى أن يختصم جميع المدعى عليهم أمام محكمة أحدهم لايسرى في حالة وجود اتفاق تحكيم يرتبط به أحد من هؤلاء مع المدعي، حيث يعني هذا الاتفاق أن الأطراف التي ترتبط به أرادت أن تخرج منازعاتها من قضاء الدولة لتخضعه إلى قضاء التحكيم.   

۳۰  مكرر - ونرى كما سبق أن أوضحنا من قبل أن اتفاق التحكيم يجب أن تتقرر له الأولوية عند التقائه مع شرط الاختصاص القضائی،      فإذا كان كل منهما قد ورد في عقد مختلف عن الآخر، إلا أنهما يندرجان معا تحت عملية اقتصادية واحدة، تبرر أن ينفرد قضاء التحكيم وحده بالفصل في النزاع، على اعتبار أنه القضاء الطبيعي للفصل في منازعات عقود التجارة الدولية، والقول بغير ذلك يعني تشتيت أطراف العملية الاقتصادية الواحدة بين قضاعين مختلفين، مع ما يترتب على ذلك من ساوی بالغة على مصالح التجارة الدولية.

نحو صياغة قانونية لاتفاق تحكيم دولي متعدد الأطراف

ولعل أنسب الحلول التي نخلص منها للتغلب على الصعوبات التي تعترض اتفاق التحكيم متعدد الأطراف يكمن في وجود صياغة قانونية نموذجية لهذا الاتفاق، تعالج الجوانب المختلفة له، وتتسم في نفس الوقت بالاختصار والمرونة والوضوح.  . ونستطيع أن نتخذ من شرط التحكيم النموذجي الصادر عن جمعية التحكيم الأمريكية مع بعض التعديل عليه نموذجا لاتفاق تحكيم متعدد الأطراف وذلك وفقا للصياغة التالية: « كل نزاع ينشأ عن هذا العقد، أو أي عقد أخر يتعلق، أو يرتبط به، يتم حسمه نهائيا عن طريق التحكيم وفقا لقواعد التحكيم الدولي لغرفة / الجمعية / لمركز ۰۰۰۰، على أن يتم تشكيل هيئة التحكيم من محكم واحد أو عدة محكمين يعين أو يعينون باتفاق مشترك من جميع الأطراف، وإلا كان لمركز التحكيم الحق وحده في تشكيل الهيئة. . ويخول الأطراف هيئة التحكيم بموجب هذا الشرط السلطة في ضم كافة المنازعات التي تتعلق أو ترتبط بهذا العقد، على نحو ما تراه ضروريا الحسن سير العدالة».

هذا وقد عالجت القواعد الجديدة الصادرة عن غرفة التجارة البولية بباريس والتي دخلت دور النفاذ اعتبارا من أول يناير ۱۹۹۸ لحالة اتفاق التحكيم متعدد الأطراف، إذ نصت المادة العاشرة من هذه القواعد على مايلي: « ۱- في حالة تعدد المدعيين أو المدعى عليهم، وكان النزاع يخضع لثلاثة محكمين، فإن المدعيين بالاشتراك فيما بينهم والمدعى عليهم بالاشتراك فيما بينهم، يعين كل منهم محكما عنه يتم التصديق عليه وفقا الاحكام المادة التاسعة. .

۲- وفي حالة عدم اتفاق الأطراف على تعيين محكم مشترك أو على أسلوب تشكيل هيئة التحكيم، فإن محكمة الغرفة تستطيع تعيين اعضاء هيئة التحكيم وتختار من بينهم الرئيس. وفي هذه الحالة، فإن المحكمة تتمتع بالحرية الكاملة في اختيار كل شخص تراه مؤهلا وقادرا على أن يقضي في النزاع بصفته محكما مع مراعاة تطبيق القواعد الواردة في المادة التاسعة».    ويتبين من ذلك أن محكمة التحكيم عند اخفاق الأطراف في تعيين المحك

مكرر - هذا وقد جاعت صياغة شرط التحكيم النموذجي وفقا للقواعد الجديدة الصادرة عن غرفة التجارة الدولية بباريس بمراعاة جانب تعدد الأطراف في اتفاق التحكيم، حيث جاءت صياغته على النحو التالي:

جميع الخلافات التي تنشأ عن هذا العقد أو عن ذلك الذي له علاقة به يتم حسمها نهائيا وفقا لنظام التحكيم لغرفة التجارة الدولية بواسطة محكم أو عدة محكمين يتم تعينهم وفقا لهذا النظام».    ويلاحظ على هذه الصياغة بالمقارنة بشروط التحكيم السابقة أمران: الأول، إنها تسمح بتحقيق تحكيم موحد عن طريق جعل كل نزاع ناشئ عن عقد له صلة بالعقد الوارد به شرط تحكيم الغرفة خاضعا لنفس التحكيم الذي يجري بها. الثاني: إنها استعاضت عن اصطلاح ثلاثة محكمين إلى عدة محكمين بما يسمح بتعددهم بقدر تعدد الأطراف أصحاب المصالح لي المتعارضة.

نخلص مما سبق أن تعدد الأطراف في اتفاق التحكيم الدولي لايجب أن يحول دون تحقيق دوره كأسلوب لتسوية منازعات عقود التجارة الدولية. فالعقبة التي تعترض هذا الاتفاق أثناء إجراءات التحكيم يستطيع أن يتجاوزها الاتفاق ذاته من خلال ضم التحكيمات والوصول إلى تشكيل هيئة تحكيم موحدة تختص بمفردها بنظر

النزاع الموضوعي. والقول بغير ذلك يجعل اتفاق التحكيم في العقود التجارية الكبيرة غير قادر أن يأخذ دوره في تسوية المنازعات الناشئة عنها، ويصبح بالتالي في مركز أدنى من اتفاق التحكيم الثنائي أو العادي والأصل أن كليهما مرتبط بتسوية المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الدولية. فاتفاق الأطراف إذن - مهما تعددوا - على التحكيم يجب أن يصل بهم إلى تسوية النزاع الناشئ عن عقودهم في التجارة الدولية، فإذا لم يظفروا بذلك اعرضوا عن الأخذ بهذا الاتفاق مستقبلا، وأصبحت الكثرة الكثيرة من عقود التجارة الدولية لاتجد السبيل أمامها في حل المنازعات الناشئة عنها وهو مايهدد مصالح التجارة الدولية بالخطر. ونعتقد أن ماقدمناه من حلول بشأن صعوية تشكيل هيئة التحكيم أو تعدد التحكيمات يكون هو السبيل للتغلب على الصعوبات التي تعترض هذا الاتفاق في مرحلة إجراءات التحكيم ليحقق بذلك الغاية المرجوة منه.

والأشخاص المعنوية العامة ترتب على ممارسة الدولة للنشاط التجاري واعتبارها طرفا أصيلا في عقود التجارة الدولية، مشاكل قانونية عديدة فيما يخص اتفاق التحكيم الوارد بشأن عقودها، سواء مع الأفراد أو المشروعات الأجنبية الخاصة.    ويمكن القول إن هناك مشاكل قانونية ذاتية (شخصية) وهي تلك التي تتعلق بصفة الدولة أو الشخص المعنوي العام كطرف في الاتفاق، ومشاكل قانونية موضوعية، وهي تلك التي تتعلق بطائفة معينة من العقود تتدخل فيها الأشخاص المعنوية العامة لإنشاء أو تسيير مرفق عام أو إشباع حاجات ذات نفع عام، وهذه هي العقود المعروفة بالعقود الإدارية التي تحرص بعض الأنظمة القانونية على خضوع المنازعات الناشئة عنها للقضاء الإداري وحده. وتجسد قضية هضبة الأهرام المصرية واحدة من أشهر القضايا التي تبرز المشاكل القانونية الناتجة عن اتفاق تحكيم الدولة والأشخاص المعنوية العامة في عقود التجارة الدولية.