تتفق قوانين الدول العربية عموماً، على النص على أن حكم التحكيم يجب أن يشتمل على صورة عن وثيقة أو صك التحكيم ، ويقصد بذلك اتفاق التحكيم، سواء ورد في صيغة شرط تحكيم أو اتفاق مستقل سابق على النزاع، أو مشارطة تحكيم بعد وقوع النزاع . وتنفيذاً لذلك، جرت العادة في أحكام التحكيم، أن يفرد المحكم بنداً خاصاً باتفاق التحكيم، يدرج تحته إما موجز عن الاتفاق أو ، وهو الأفضل، كامل الاتفاق. والدافع لهذا الشرط، هو أن يكون لحكم التحكيم ذاتيته الخاصة به، بحيث عند الطعن به أو طلب المصادقة عليه ترجع المحكمة المختصة للحكم ذاته وليس لغيره، لتجد فيه كافة بيانات التحكيم، ومن ضمنها الاتفاق على اللجوء للتحكيم. واستناداً لهذا الاتفاق الموجود في الحكم ذاته، يمكن للمحكمة بسط رقابتها على الحكم، وخاصة للفصل بالدفع بتجاوز الهيئة لاختصاصها حسب الاتفاق، والذي تكثر إثارته في الحياة العملية.
واعتبرت بعض المحاكم أن هذا الشرط جوهري في حكم التحكيم، بحيث يترتب على إغفاله بطلان الحكم . ومع ذلك، نرى عدم المغالاة بتفسير النصوص التشريعية ضد التحكيم. ومفاد هذه النظرة السلبية نحو التحكيم، أن الأصل بالاختصاص في نظر النزاع، هو للقضاء وأن التحكيم هو الاستثناء. لذلك، حيث يكون هناك مجال ضيق للطعن بحكم التحكيم وإبطاله، يميل القضاء لذلك، حتى لو كان هناك، بالمقابل، مجال واسع للتصديق على الحكم. ويكون ذلك ، عادة، تحت غطاء تفسير النصوص العقدية أو التشريعية. فالنص العقدي الخاص بالإحالة للتحكيم، يجب تفسيره بأضيق الحدود ، لإخراج ما يمكن إخراجه من منازعات من إطار التحكيم، وتقديمها للقضاء. والنص التشريعي الخاص بحكم التحكيم، يجب تفسيره حرفياً، إلى درجة القول بأن كافة البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم هي بيانات جوهرية، ويؤدي الخروج على حرفيتها إلى تعرض الحكم للبطلان، وهو مالا نؤيده. ومن جانبنا، نرى النظر للتحكيم بنظرة موضوعية وعقلانية، بعيداً عن الطقوس والإجراءات ما أمكن، بما يحقق الغرض من التحكيم، وهو تسوية النزاع وإعطاء كل ذي حق حقه بأقصر وقت ممكن وفقاً للظروف والمعطيات.
ومهما يكن من أمر ، فإننا نرى أن هناك حالات يمكن القول أن توفر إحداها يكفي لغايات النص بعيداً عن تفسيره الحرفي ومثال ذلك، ذكر اتفاق التحكيم في الحكم بشكل موجز ولكن شامل بما يفي بالغرض منه ، أو إرفاق صورة عن الاتفاق بالحكم، مع الإشارة له في الحكم، كالقول مثلاً، أن الطرفين اتفقا على التحكيم حسب الاتفاق المرفق.