في الكثير من الأحيان تبرم الأطراف العديد من العقود المتتالية المتصلة بالعلاقات التعاقدية المعتادة بينها والتي تتعلق بذات المسائل أو بمسائل متشابهة. وقد يحدث ألا يتضمن أحد هذه العقود شرطاً تحكيمياً بينما تتضمن العقود السابقة عليه شرط التحكيم. ففي العلاقات التعاقدية القائمة بين المورد وأحد عملائه، فإن أحد الطلبات قد يتم من خلال التلكس في كلمات محدودة دون الإشارة إلى شرط التحكيم المعتاد إدراجه في الصفقات التي تتم بين المورد وهذا العميل. فهل تخضع المنازعات الناشئة عن هذه الصفقة الأخيرة والتي لم تتضمن شرط التحكيم، للتحكيم بالنظر إلى أن جميع المعاملات السابقة بين الطرفين تخضع للتحكيم؟
يبدو أن هذا هو الحل الذي يميل إلى اعتناقه القضاء الفرنسي. وأيضاً جانب من الفقه الفرنسي لاعتبار أنه طالما أن المعاملات السابقة كانت من الأهمية بمكان بحيث يمكن أن يستخلص منها القبول الضمني للتحكيم بالنسبة لهذا العقد الأخير، وبالتالي لا مندوحة والحال كذلك، من خضوع المنازعات الناشئة عنه للتحكيم.
ولعله مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد، وهو ما يحدث أيضاً في الواقع العملي، أنه وعلى الرغم من العادات المتبعة بين بعض الأطراف المتعاملة في إطار العلاقات التجارية الدولية ومن تبنيها لشرط التحكيم في العقود المتبادلة التي تبرمها، فقد يحدث أن أحد العقود اللاحقة يتضمن شرطاً مانحاً للاختصاص للقضاء الوطني لإحدى الدول أو يتضمن شرطاً تحكيمياً يختلف عن الشروط المعتاد إدراجها في العقود التالية السابقة. ومثل هذا الاختيار الجديد يتعين تفسيره على أنه بمثابة استبعاد لشرط التحكيم السابق. وبالتالي لا يمكن الادعاء بأن هذا الشرط القديم قد تم تجديده ضمنيا.
وإلى جانب الأثر الإيجابي للاتفاق على التحكيم فإنه يرتب أثراً آخر هو الأثر السلبي.