فالاشتراك في مشروع عام، وإنشاء شبكة مغلقة من العلاقات التعاقدية وتعاون شركات المجموعة الواحدة، يمكن أن يُفترض معه القبول الضمني لشرط التحكيم.
وعليه فإن اتفاق التحكيم الذي تبرمه إحدى شركات المجموعة يلزم الشركات الأخرى الداخلة في هذه المجموعة ، فاتصال الشركات الداخلة في المجموعة بالمعاملة التجارية الدولية ينم عن إرادة ظاهرة لديها في الالتزام بشرط التحكيم الذي أبرمته إحدى شركات المجموعة .
وهو ما أكدته محكمة استئناف "Pau" في حكمهـا الــصادر فـــي ٢٦ نوفمبر ۱۹۸٦ عندما قضت : إنه من المقبول قانونا أن شرط التحكيم الذي قبلته صراحة بعض شركات المجموعة يجب أن يُقيد الشركات الأخرى التي تبدو - وبالدور الذي لعبته في إبرام أو تنفيذ أو فسخ العقود المنطوية على ذلك الشرط، ومن خلال الإرادة المشتركة لكل الأطراف في الإجراءات وكأنها أطراف حقيقية في تلك العقود، أو كأنها معنية في المقام الأول بها وبالمنازعات التي يمكن أن تنشأ عنها .
وتتلخص وقائع القضية التي صدر فيها هذا الحكم في قيام شركة ( Sponsor S.A) وهي إحدى الشركات الوليدة التابعة لمجموعة شركات ( SponsorS.A) السويدية بالتعاقد على شراء بعض أسهم شركة Sodilest) وشركة (Lestrade) و هما شركتان تنتميان إلى مجموعة الشركات الفرنسية.
وعلى إثر إخلال الشركة الوليدة بتنفيذ تعهداتها، لجأت مجموعة شركات ( Lestrade)إلى اتخاذ إجراءات التحكيم ضد كل من الشركة الوليدة، وكذلك ضد شركتها الأم، غير أن الشركتين المدعى عليهما لم تشاركا في إجراءات التحكيم، فقامت مجموعة شركات (Lestrade) حسبما يقضي به شرط التحكيم باللجوء إلى محكمة (Tarbes) التجارية لتعين محكم عن الشركة الأم وعن الشركة الوليدة.
وبتاريخ ٢٨ أبريل ١٩٨٦ ، أصدر رئيس المحكمة أمراً مستعجلاً بإحالة مجموعة شركات (Sponsor) الشركة الوليدة وكذلك الشركة الأم- إلــى التحكيم بالسويد طعنت الشركة الأم في هذا الحكم أمام محكمة استئناف (Pau) تأسيسا على أنها لم تكن طرفا في اتفاق التحكيم بين شركاتها الوليدة والشركة المدعية.
وحسماً لهذه المشكلة، أصدرت محكمة استئناف (Pau) حكمـــاً هامــا فـــي ٢٦نوفمبر ١٩٨٦ يقضي بإدخال الشركة الأم طرفا في إجراءات التحكيم. وجاء في حيثيات هذا الحكم أنه: "إذا كان مما لا شك فيه أن الشركة الوليدة تعد طرفاً في هذا النزاع ، فإن الشركة الأم بما لعبت من دور هام في مرحلة المفاوضات، وحتى تمام إبرام العقد، وكذلك بما كان لها من دور في عدم تنفيذ الشركة الوليدة لتعهداتها، يتضح أنها كانت الرأس المفكر للشركة الوليدة".
أيضاً اتجهت هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية في باريس في حكمها الصادر في ٢٣ سبتمبر ۱۹۸۲، إلى التأكيد على امتداد شرط التحكيم المدرج في أحد العقود، التي أبرمتها بعض شركات المجموعة إلى غيرها من الشركات رغم أنها لم توقع على ذلك العقد ولم تكن طرفا فيه.
وتتلخص وقائع القضية التي صدر فيها هذا الحكم في: "أن شركتين من مجموعة شركات أمريكية (Dow chemical international) تعاقدتا مـــع شركة فرنسية (Boussios-Isolation) لتوزيع منتجاتهما من العوازل الحرارية في فرنسا، وقد بدأت الشركة الفرنسية في تنفيذ العقد بالفعل، ثــم فوجئت بفسخ العقد من قبل إحدى الشركات الوليدة الأمريكية الموجودة في فرنسا(Dow chemical France مع عرضها تقديم تعويض عن الأرباح التي كانت الشركة الفرنسية تستحقها حتى نهاية العام. غير أن الشركة الفرنسية لم تعبأ بذلك، واستمرت في استخدام المنتج التجاري، مما حدا بمجموعة الشركات الأمريكية إلى اتخاذ اجراءات التحكيم ضدها أمام غرفة التجارة الدولية مطالبة إياها بالتعويض عن الأضرار التي لحقتها من جـراء ذلك.
دفعت الشركة الفرنسية المدعى عليها بعدم اختصاص هيئة التحكيم استناداً إلى أن الشركة الأمريكية الأم والشركة الفرنسية الوليدة لم تكونا طرفا في عقد التوزيع المدرج به شرط التحكيم.
وانتهت هيئة التحكيم إلى أن الشركات المدعية، وإن كان بعضها غير طرف في العقد إلا أنها قد ساهمت بطريقة أو بأخرى في إبرامه أو تنفيذه أو فسخه، ومن ثم يمتد إليها شرط التحكيم بحسبان أنها تمثل كلها في النهاية حقيقة اقتصادية واحدة، حتى ولو كانت كل شركة تتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن غيرها .
وقد أيدت محكمة استئناف باريس ما ذهبت إليه هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس في حكمها آنف الذكر .
مما تقدم يمكن القول إن من شأن امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات أن يحقق المزيد من التفعيل لاتفاق التحكيم ذاته، وما يترتب علـــى ذلك من اقتصاد في الإجراءات تتطلبه مصالح التجارة الدولية .
كما أن من شأن امتداد شرط التحكيم أن يحقق الأمان القانوني للعلاقات التجارية الدولية.