الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الموقف الفقهي والقضائي في مسائلة امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات / الكتب / أثر إتفاق التحكيم بالنسبة للغير دراسة مقارنة /  اتجاهات القضاء بالنسبة لمد اتفاق التحكيم إلى العقود - اللاحقة الواردة في أحد عقود السلسلة العقدية  إلى العقود اللاحقة :

  • الاسم

    د. فهيمة أحمد علي القماري
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    279

التفاصيل طباعة نسخ

 

 اتجاهات القضاء بالنسبة لمد اتفاق التحكيم إلى العقود - اللاحقة الواردة في أحد عقود السلسلة العقدية  إلى العقود اللاحقة :

   لابد من وجود ما يثبت قبول الطرف الآخر لإتفاق التحكيم حتى يمتد إتفاق التحكيم إلي العقود اللاحقة وهذا هو ما تطلبته محكمة النقض الفرنسية في الحكم السالف الذكر وأعتبرت أن ما يدل علي ذلك هو رضاء الشركة بتنفيذ العقد وذلك بصفتها الشركة الناقلة فاعتبرت المحكمة ذلك دليلاً علي قبولها لكل شروط الإتفاق ومن بينها شرط التحكيم . 

   وهكذا يتضح لنا أن محكمة استئناف باريس قــــد اعتمدت في حكمها على وجود مجموعة من العقود السابقة والمنصـــوص فيها على شرط التحكيم ، وبين نفس الأطراف بالإضافة إلى ذلك نفس الموضوع وهو استيراد وتصدير اللحوم وقد جاء هذا الحكم مؤيد لفكرة امتداد اتفاق التحكيم في مجموعة العقود الصادرة من نفس الأطراف ووفقا لما تم النص عليه في العقود السابقة بينهم المتفق فيها على شرط التحكيم . وبالتإلى يصبح الحكم مبدأ قانونى يتم العمل به وهو امتداد اتفاق التحكيم في سلسلة العقود المبرمة بين الأطراف.

٢ - إتجاهات الفقه بالنسبة إمتداد اتفاق التحكيم في سلسلة العقود المبرمة بين نفس الأطراف:

  وقد اتجه بعض الفقه إلي أنه يجب الرجوع إلي إرادة الأطراف في كل حالة علي حدة فعندما يرد شرط التحكيم في أحد العقود المنفذة للعقد الأصلي دون أن يكون في العقد اللاحق عليه ، وذلك من أجل الوقوف علي إرادتهم الحقيقية بشأن إمتداد آثار إتفاق التحكيم من العقد الأصلي إلي العقد اللاحق عليه التابع له والمنبثق عنه .

   وفي نفس الوقت يشترط هذا الرأي لإمتداد اتفاق التحكيم إلى العقود اللاحقة أن يكون هناك تجانس بين عقود هذه المجموعة حتي يمكن القول بوجود هدف مشترك نحو تنفيذ عملية تجارية واحدة ، فإذا لم يتحقق هذا التجانس. وكان الاختلاف واضحاً بين عقود المجموعة فإنه يشترط في هذه الحالة أن يكون الأطراف على علم بشرط التحكيم . 

  وبناء عليه فإن إمتداد إتفاق التحكيم من عقد إلي آخر داخل المجموعة العقدية يجب أن يستند إلي أسباب قانونية وواقعية وهي أن يرد اتفاق التحكيم في إطار تنفيذ نفس العملية التجارية ، وبالتالي إذا ما تحقق ذلك كان الإمتداد واجباً إلي بقية عقود المجموعة أيا ما كان موقع العقد الذي انبثق عنه .

  إلا أنه يجب ملاحظة أنه على الرغم من أن العادات المتبعة بين الأطراف المتعاملة في إطار العلاقات التجارية الدولية هي إدراج شرط التحكيم في العقود المتبادلة ، فقد يحدث في بعض الأحيان أن يتضمن أحد العقود اللاحقة شرط يمنح الأطراف اللجوء إلى القضاء الوطني بدلاً من التحكيم أو يتضمن العقد اللاحق شرطاً تحكيمياً يختلف عن الشروط المعتاد إدراجها في العقود السابقة ، فإنه في مثل هذه الحالة يجب تفسير الاختيار الجديد علي أنه بمثابة استبعاد لاتفاق التحكيم السابق وبالتالي فإنه لا يمكن الإدعاء بأن اتفاق التحكيم يمتد إلي العقود اللاحقة .

   وبناء عليه يتضح لنا مما سبق أن إتفاق التحكيم لكي يمتد إلى العقود اللاحقة المبرمة بين نفس الأطراف - رغم عدم وجود شرط التحكيم فـــــي تلك العقود - فإنه لابد من توافر شرطين أساسين هما: 

  الشرط الأول : هو أن يكون شرط التحكيم من الشروط التي إعتاد الأطراف علي إدراجها في العقود المبرمة بينهم ، وهذا الشرط من الممكن الوصول إليه من خلال الأعمال السابقة ، والعقود المبرمة بين الأطراف بخصوص تلك الأعمال السابقة ، وأيضاً من خلال العرف السائد بينهم في هذا الشأن وبالتالي إذا ما تخلفت هذه السوابق والعرف ، فلا يمكن القول بامتداد اتفاق التحكيم إلى العقود اللاحقة . 

   الشرط الثاني : هو ألا يكون العقد الأخير المبرم بين الأطراف المطلوب إمتداد إتفاق التحكيم إليه ، ما يشير إلي استبعاد شرط التحكيم السابق، وذلك عن طريق جعل الإختصاص بنظر النزاع إلي قضاء الدولة أو الإتفاق علي وسيلة أخري لفض المنازعات عند حدوثها بما يمكن معـه تفسير هذا الشرط بأنه استبعاد ضمني لشرط التحكيم السابق .

ثانياً : إمتداد اتفاق التحكيم في مجموعة العقود بسبب وحدة الموضوع :

   عادة ما تكون المشروعات الكبيرة التي تتم في التجارة الدولية ، وهي تتميز بضخامتها وتعقيدها ، يكون الاتفاق عليها بين طرفيها عن طريق عقد واحد بداية وهو يمثل عقد الأساس الذي يتم فيه تحديد الحقوق والإلتزامات الأساسية بينهم .

  وقد يحدث أحياناً أن يتم الإتفاق علي التحكيم في بعض العقود الواردة في مجموعة العقود التي تساهم في تحقيق نفس العملية الإقتصادية ولم يرد في العقود الأخري في نفس المجموعة 

  والسؤال هنا هو ما مدي إمكانية امتداد إتفاق التحكيم الوارد في أحد أو بعض هذه العقود إلي باقي عقود المجموعة التي لم يرد بها هذا الإتفاق؟ . 

وللإجابة على هذا السؤال يجب التفرقة بين ثلاثة فروض وذلك على النحو التالي :   

  وتطبيقاً لذلك : فقد صدر حكم من القضاء الفرنسي من محكمة Bobigny التجارية بتاريخ ۲۹ مارس ۱۹۹۰ بمد شرط التحكيم الوارد في العقد الأساسي إلي العقود التابعة له وجاء في سياق هذا الحكم أنه ( من الثابت أن هذه العقود اللاحقة التي كانت قد أبرمت في إطار العلاقات التعاقدية بين الأطراف لتنفيذ الإتفاقين الأساسيين والمؤرخين في ١٦ نوفمبر ۱۹۸۲، ۲۱ ديسمبر ۱۹۸۳ فإنه نتيجة لذلك تكون العقود اللاحقة خاضعة للقواعد الواردة في الإتفاقيات الأساسية وبالتالي لشرط التحكيم الوارد بها.

   مما سبق يتضح لنا أن الفقه والقضاء قد اتجهوا إلي أن شرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي يمتد إلى العقود التنفيذية اللاحقة عليه وذلك عملاً بقاعدة أن الفرع يتبع الأصل وفي نفس الوقت استناداً إلى الإرادة الضمنية للأطراف .

   كأن ينص على جعل الاختصاص للقضاء الوطني في دولة معينة ، حيث أنه في هذه الحالة لا يجوز إمتداد اتفاق التحكيم الوارد في العقد الأصلي إلي العقد التبعي  أو العقد المنفذ للعقد الاصلي .

    الفرض الثاني: في هذا الفرض قد يحدث أحياناً أن يتم النص في كل عقد من العقود المنفذة للمشروع علي اتفاق تحكيم محدد ومستقل عن العقد الآخر التابع أيضاً للعقد الأساسي أو بمعني آخر هو أن تكون جميع العقود المنفذة المشروع يشتمل جميعها على اتفاق تحكيم خاص بها وحدها. هذا الفرض أيضاً لا توجد صعوبة وذلك لأنه في هذه الحالة يتم العمل بشرط التحكيم الوارد في كل عقد على حدة، وبالتالي يتم تعيين هيئة تحكيم للفصل في المنازعات الناشئة عن كل عقد من العقود على حدة .

    وبناء عليه يتضح لنا مما سبق أنه بالنسبة للفرض الثاني فإنه لا توجد صعوبة في إمتداد اتفاق التحكيم وذلك لأن جميع العقود الموجودة في المجموعة العقدية يحتوي علي إتفاق تحكيم خاص بها والصعوبة الوحيدة التي من الممكن أن تثور في هذا الفرض هي تتمثل في السؤال التالي وهو: 

   هل يمكن ضم المنازعات المرتبطة والناشئة عن العقد الأصلي أمام هيئة تحكيم واحدة ، أم أنه يجب تشكيل هيئات تحكيم بمقدار ما يوجد من عقود ناشئة عن هذه العقود حتى وإن كانت مرتبطة ؟ والإجابة تتلخص في احتمالين هما :

   الإحتمال الأول: هو أنه يتم تعيين هيئة تحكيم للفصل في المنازعات الناشئة عن كل عقد من العقود على حدة . 

   الاحتمال الثاني وهو إذا كان هناك نص في القانون الواجب التطبيق علي ضم هذه المنازعات المرتبطة في هذه الحالة فإنه يتم تشكيل هيئة تحكيم واحدة تفصل في كافة هذه المنازعات الناشئة في هذا الإطار التعاقدي .

   وتطبيقاً لذلك قضت محكمة استئناف باريس بأن هيئة التحكيم تكون مختصة بنظر النزاع في مجموعة العقود إذا ظهرت موافقة ولو ضمنية بالرغبة في الإنضمام علي اتفاق التحكيم ).

   الفرض الثالث : هو ذلك الفرض الذي يرد فيه اتفاق التحكيم في أحد العقود المنفذة للعقد الأصلي دون أن يكون هناك اتفاق على التحكيم في هذا العقد الأخير .

    لقد ثار خلاف في الفقه بخصوص هذا الفرض ما بين مؤيد ومعارض الامتداد اتفاق التحكيم الوارد في أحد العقود ولم يكن موجوداً في العقد الأساسي ..

   وبناء عليه فإنه فلا محل للقول بامتداد شرط التحكيم إذا لم يكن هناك سبب قانوني وتجانس يبرر ذلك الإمتداد .

   مما سبق يتضح لنا أنه لإمتداد شرط التحكيم الوارد في أحد العقود المنفذة للعقد الأصلي إلي بقية العقود الأخري ، فإنه يشترط لذلك أن يكون هناك تجانس بين عقود تلك المجموعة ، حتي يمكن القول بوجود هدف مشترك وهو تنفيذ العملية التجارية ، أما في الحالة التي لم يكن فيها تجانس بين هذه العقود فإنه لا مجال للحديث عن امتداد اتفاق التحكيم إلا إذا ثبت علم الأطراف بهذا الشرط .