اتفاق الكونسرتيوم لا يهدف إلى عمليات متعاقبة أو متشابهة، وإنما يهدف فحسب إلى تنفيذ مشروع معين بذاته لمصلحة ارب العمل ؛ فهو - بالتالي - وسيلة تعاقدية أو أداة تعاقدية يتم بها تنفيذ عقد مقاولة معين بذاته.
الاتجاه الأول : عدم امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات:
يميل جانب من الفقه إلى عدم الأخذ بامتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات، على أساس أن كل شركة تنتمي للمجموعة لها شخصية معنوية مستقلة عن الأخرى، وأن شرط التحكيم باعتباره قائما على الطابع الإرادي يصعب أن يحتج به على أية شركة داخل المجموعة لم تكن طرفا في العملية التجارية الدولية، وقد عبر أحد أحكام التحكيم عن هذا الاتجاه برفضه امتداد شرط التحكيم من الشركة الوليدة إلى الشركة الأم؛ تأسيسا على أن الشركتين که نتن للمجموعة تشكلان وحدتين متميزتين، لكل منهما شخصية قانونية ان على أن تتعهد بالتزاماتها بوجه منفصل عن الشركة الأخرى، مما لا تسري معه آثار التزام أحدهما تجاه الآخر.
الاتجاه الثاني : امتداد شرط التحكيم في مجموعة الشركات:
ووفقا لهذا الاتجاه، فإن قيام إحدى شركات المجموعة بالاتفاق علی و يجعل الشركات الأخرى تلتزم بهذا الاتفاق على أساس اتصالها سبلة التجارية الدولية، وقد ينكشف هذا الإتصال إما من خلال المشاركة في المفاوضات، أو المساهمة في تنفيذ العقد، وهناك عدة حالات يمكن إيجازها فيما يأتي:
الحالية الأولى: أن تتولي الشركة الوليدة إبرام العقد التجاري الدولي، في حين يقف دور الشركة الأم عند مرحلة المفاوضات أو تنفيذ العقد. "
الحالة الثانية: أن تتعاقد أكثر من شركة وليدة مع الغير، ثم تشارك عدة شركات أخرى من نفس المجموعة في تنفيذ العقد أو الاستفادة منه.
الحالة الثالثة: أن يمتلك شخص طبيعي مجموعة شركات تخضع الرقابته المباشرة، وفي هذه الحالة يمتد شرط التحكيم من الشركة إلى
الشخص الطبيعي نفسه. وفي عقود النفط والغاز فإن محل العقد هو استثمار واستخراج النفط والغاز في الدولة المستضيفة لهذه الشركات الكبرى، وغالبا، تكون هذه الشركات مجموعة من الشركات، وتقوم بالتوقيع على العقد، وبالتالي فإن الشركات النفطية العاملة في اليمن وكذلك في مصر تكون طرفا واحدا مقابل الجانب الحكومي في كل عقود النفط والغاز؛ ولذلك فإن شرط التحكيم الموقع بين الأطراف لا يؤدي إلى تحكيم متعدد الأطراف؛ لأن جميع الشركات المكونة للمقاول أو ما يعرف بالكونسرتيوم الأفقى، قامت بالتوقيع على العقد المتضمن شرط التحكيم مع الجانب الحكومي، وبالتالي فهم جميعا مسئولون أمامه، هذا فضلا أن الحكم الصادر في مواجهة هذه الشركات مجتمعة سيكون حجة على جميع الأعضاء ووفقا لشرط التحكيم يقوم الجانب الحكومي باختيار محكم واحد، وتقوم الشركات مجتمعة باختيار محكم آخر، ويسرى التحكيم وفقا للمركز الذي تم الاتفاق علی اللجوء إليه.
أثر شرط التحكيم بين إحدى الشركات والحكومة اليمنية:
أشرنا إلى أن مفهوم المقاول في عقود النفط والغاز اليمنية يضم أكثر من شركة، وحل النزاع بين أطراف العقد يتم وفقا لشرط التحكيم، ولكن ماذا إن أقدمت إحدى الشركات منفصلة برفع الدعوى ضد الحكومة باسمها، وليس الشركات المكونة للمقاول ؟ هل يعتبر رفع الدعوى من ذي صفة، أم أنه يتم السير في إجراءات التحكيم ؟ وفي قضية كانت الجمهورية العربية اليمنية - قبل توحيد شطري اليمن - طرفا فيها - حيث تعاقدت مع تجمع تحت اسم - Joint Venture ، ويضم شركة فرنسية ومقاولا يمنيا، وذلك بهدف القيام برصف طريق يربط بين شطري اليمن (الجمهورية العربية اليمنية، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، وخلال فترة تنفيذ العقد تقدمت الشركة الفرنسية بعدة
ايات، ولكن لم يتم التجاوب مع تلك الطلبات من قبل مهندس المشروع، مما جدا بالشركة الفرنسية إلى اللجوء إلى التحكيم باسمها؛ استنادا إلى شرط التحكيم الوارد ضمن بنود عقد المقاولة، وعلى إثر ذلك دفعت حكومة الجمهورية العربية اليمنية بعدم قبول التحكيم؛ لأنه لم يرفع بواسطة Joint-Venture والتي كان قد تم تعربيها إلى الشركة التضامنية.
وفيما يخص مجموعة من الشركات التي ترتبط فيما بينها بنشاط صناعي أو تجاری تنفذه أو تقوم به، وتبدو كأنها كيان اقتصادي واحد، مع استقلال كل منها من الناحية القانونية، ومن أمثلتها مجموعة البنوك التي تشترك في جميع الأموال بطريق الاقتراض باليورو، ومجموعة الشركات التي تنفذ منشآت صناعية أو خدمية كمترو الأنفاق، أو المطارات، أو محطات الكهرباء، وغيرها وكذلك مجموعة الشركات التي تعمل في مجال توزيع المنتجات والبضائع، وأخيرا الشركات النفطية التي تعمل على استخراج النفط وتخزينه، ونقله، وتكريره، ومن ثم تسويقه في الأسواق العالمية، فإن من شأن هذا النوع من مجموعة الشركات ما أكدته هيئة التحكيم بغرفة التجارة الدولية بباريس من امتداد شرط التحكيم المدرج في أحد العقود التي أبرمتها بعض شركات المجموعة إلى غيرها من الشركات رغم عدم توقيعها، على ذلك العقد).