الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الإشتراك في كونسورتيوم أو في نشاط اقتصادي واحد / الكتب / شروط اتفاق التحكيم وأثاره / امتداد آثار اتفاق التحكيم في مجموعة العقود

  • الاسم

    د. باسمة لطفي دباس
  • تاريخ النشر

    2005-01-01
  • اسم دار النشر

    دار النهضة العربية
  • عدد الصفحات

    602
  • رقم الصفحة

    504

التفاصيل طباعة نسخ

 

امتداد آثار اتفاق التحكيم في مجموعة العقود

   يتحدد نطاق اتفاق التحكيم بالمنازعات الناشئة عن العقد الأصلي، ولا يمتد إلى المنازعات الناشئة عن عقد آخر. غير أن العقـ الأصلي الذي يتضمن اتفاقا على التحكيم.

أولاً: مجموعة العقود التي تقوم على فكرة وحدة الموضوع:

   ويُطْرَحُ التساؤل عن كيفية امتداد شرط التحكيم في مجموعة العقود التي تهدف إلى تحقيق ذات العملية التجارية؟.

للإجابة على هذا التساؤل نميز بين عدة فروض:

۱ - الفرض الأول : عندما يكون شرط التحكيم وارداً في العقد الأصلي دون العقود الأخرى:

   في هذا الفرض لا تثور أدنى صعوبة، حيث إن شرط التحكيم يمتد في هذه الحالة إلى بقية العقود الأخرى، باعتبارها جاءت تنفيذا للعقد الأصلي.

   وقد اتجه القضاء الفرنسي للقول بامتداد شرط التحكيم في مثل هذه الحالة . وهذا ما أكده في حكمه الصادر في دعوى شركة (Samin)، إذ تعاقدت إحدى الشركات الفرنسية (Sofremines) مع الشركة العربية للمناجم على إعادة تشغيل منجم الكبريت والنحاس بموريتانيا، وفي سبيل ذلك: فقد تم إبرام عقدين أساسيين: الأول في ١٦ نوفمبر ۱۹۸۲ ويهدف إلى دراسة المشروع، والثاني في ٢١ ديسمبر ۱۹۸۳ ويهدف إلى تشغيل المنجم. وقد تضمن كل من هذين العقدين شرط تحكيم غرفة التجارة الدولية، على أن يكون مكان التحكيم بجنيف. وفي فترة لاحقة، أبرمت عدة عقود أخرى بين الطرفين لتنظيم العائد المادي لاستغلال المنجم ، لم يتضمن أياً منها شرط التحكيم. وعلى إثر نزاع نشب بين الطرفين، قامت الشركة الفرنسية برفع دعوی أمام محكمة (Bobiny) التجارية اعتماداً على أن النزاع الحاصل كان بشأن أحد العقود التي لم تتضمن شرط التحكيم. غير أن المحكمة المذكورة قررت في الحكم الصادر عنها بتاريخ ۲۹ مارس ۱۹۹۰ عدم اختصاصها بنظر الدعوى لامتداد شرط التحكيم للعقد الوارد بشأنه النزاع " .

وقد جاء في حيثيات هذا الحكم:

  "ومن حيث الثابت أن هذه العقود اللاحقة كانت قد أُبرمت في إطار العلاقات التعاقدية بين الأطراف، لتنفيذ الاتفاقيتين الأساسيتين والمؤرختين في نوفمبر ۱۹۸۲، ۲۱ ديسمبر ،۱۹۸۳ ، فإنه نتيجة لذلك تكون العقود اللاحقة خاضعة للقواعد الواردة في الاتفاقيات الأساسية وبالتالي لشرط التحكيم الوارد بها.

2-الفرض الثاني : أن تتضمن مختلف العقود شرط تحكيم:

   لا صعوبة أيضاً في هذا الفرض، حيث يعمل بشرط التحكيم الوارد في كـــل عقد على حدة. ومن ثم تعين هيئة تحكيم للفصل في المنازعات الناشئة كل عقد على حدة، ما لم يتبين أن القانون الواجب التطبيق ينص على ضـم المنازعات المرتبطة ، وتشكيل هيئة تحكيم واحدة تفصل في كافة المنازعات الناشئة في هذا الإطار التعاقدي.

3- الفرض الثالث: أن يرد شرط التحكيم في أحد العقود المنفذة للعقد الأصلي، دون أن يتضمنه هذا الأخير:

إذ يشترط للقول بامتداد شرط التحكيم، أن يكون هذا الأخير وارداً في إطار تنفيذ ذات العملية التجارية، وأياً كان موقع العقد الذي انطلق منه. فلا محل للقول بامتداد شرط التحكيم إذا لم يكن هناك سبب قانوني يبرر ذلك الامتداد.

   وعليه إن رب العمل يستطيع اللجوء إلى قضاء التحكيم لاختصام كل من المقاول الأصلي والمقاول من الباطن، استنادا إلى شرط التحكيم الوارد في عقد المقاولة من الباطن دون عقد المقاولة الأساسي، وذلك على الرغم من أنه ليس طرفا في العقد الوارد به هذا الأخير . 

  ورغم عدم التجانس بين عقود المجموعة يمكن القول كما سبق أن ذكرنا بامتداد شرط التحكيم إذا ثبت علم الأطراف بشرط التحكيم، وهو ما أخذت به محكمة استئناف باريس في حكمها الصادر في ٢٨ نوفمبر ۱۹۸۹ عندما قررت امتداد شرط التحكيم إلى الشركة الناقلة رغم أنها لم تكن طرفاً في عقد البيع الوارد به هذا الشرط، وذلك لما ثبت علمها بالشروط الواردة عقد البيع ومن بينها شرط التحكيم.

ثانيا: مجموعة العقود المبرمة بين نفس الأطراف:

   وهنا يمكن طرح التساؤل التالي:

   ما أثر شرط التحكيم الوارد في أحد العقود على العقود الأخرى المنتمية إلى السلسلة العقدية ؟ فهل يمتد هذا الشرط إلى العقود اللاحقة والتي لا تتضمن مثل هذا الشرط؟

  ويميل القضاء الفرنسي إلى الأخذ بهذا الحل . وهو ما أكده في حكمه الصادر في ۲٥ مارس ۱۹۸۳. وتتلخص وقائع القضية التي صدر فيها هذا الحكم في أن شركة( Soria) الفرنسية قد تعاقدت على شراء كمية من اللحوم المجمدة من الشركة الأمريكية (Weinstein) بموجب عقدين أُبــرم الأول في يوليو ۱۹۷۹ والثاني في أغسطس من نفس العام. وعلى إثر استلام الشحنة الأولى، وظهور عدم مطابقتها للمواصفات المتفق عليها، أخطرت الشركة الفرنسية الطرف الأمريكي بتأجيل إرسال الشحنة الثانية لحين فـــض النزاع بخصوص الشحنة الأولى، ولكن الإخطار جاء متأخراً حيث كانــت الشركة الأمريكية قد أرسلت بالفعل تلك الشحنة فرفضت الشركة المستوردة استلامها، مما اضطر الشركة الأمريكية المصدرة إلى بيعها بثمن أقل، واتخاذها إجراءات التحكيم ضد الشركة الفرنسية أمام جمعية التحكيم الأمريكية A.A.A، حيث حصلت على حكم لمصلحتها بتعويض يمثل الفارق بين الثمن المتفق عليه مع المحكوم ضدها، والثمن الذي بيعت به الشحنة بعد ذلك، بالإضافة إلى الفوائد القانونية.

  وإذ صدر الأمر بتنفيذ ذلك الحكم ، طعنت الشركة الفرنسية في أمر التنفيذ، استنادا إلى أن العقد الصادر بخصوصه الحكم لم يكن يتضمن شرط تحكيم. رفضت محكمة استئناف باريس ذلك الطعن مقررة أنه :

  إذا كان العقد محل النزاع لم يتضمن شرط التحكيم، فإن العقد الآخر المبرم بين نفس الأطراف من ذات طبيعة الصفقة قد احتوى على مثل هذا الشرط، فضلا عن وجود ثمان وعشرين معاملة سابقة بينهم على استيراد وتصدير اللحوم المجمدة كانت تتضمن شروط تحكيم مماثلة باختصاص جمعية التحكيم الأمريكية .