إذا كان اتفاق التحكيم قد تم بين الدائن والمدين فإنه لا يسري في مواجهة الكفيل الذي لا يعد طرفا في الاتفاق ذلك أن التزام الكفيل ينشأ بعقد يبرم بينه وبين الدائن ولا يسري اتفاق التحكيم على الكفيل إلا إذا كانت الكفالة واردة في نفس عقد المديونية المتضمن شرط التحكيم بيد أنه إذا قام الكفيل بوفاء الدين للدائن فإنه يحل محل الدائن في حقه وفي شرط التحكيم في مواجهة المدين ويكون له الرجوع على المدين بطريق التحكيم.
لذا فقد ذهب جانب آخر من الفقه الحديث إلى الأخذ بمعيار أثر الاتفاق، حيث ميز بين القوة الملزمة لاتفاق التحكيم بوصفه تصرفا قانونيا، والاحتجاج به بوصفه ،واقعة فإذا كان أطراف اتفاق التحكيم هم الملتزمون به وحدهم وأن لهم دون غيرهم الحق في الالتجاء إلى التحكيم، فإن تدخل شخص ثالث لضمان الوفاء بالتزام أحد أطراف العقد المتضمن شرط تحكيم عند عدم الوفاء به سواء أكان التزامه بالضمان تابعا للالتزام الأصلى كالكفيل، أو مستقلا عن الالتزام الوارد في العقد الأصلي في مواجهته ، ومدى حقه فى التمسك به وخاصة أن مركز الضامن سواء أكان ضامنا تابعا أو مستقلا غير واضح الأساس فى القانون الوضعي، فهل هو في نفس مركز المدين أم مدين من الدرجة الثانية أم من الغير.؟ ولكن هل خاصية التبعية التي يتميز بها التزام الكفيل يمكن أن يستنبط منها أن الكفيل مقيد بشرط التحكيم الوارد في العقد الأصلى أم يجب ألا تفقدنا فكرة التبعية إلى أن التزام الكفيل والتزام المكفول له مختلفين لاختلاف مصدريهما، فضلا عن أن آثار اتفاق التحكيم تجاه الكفيل يشوبها بعض الغموض فإذا كان صحيحا أن الكفيل يستطيع أن يدفع بكل الدفوع المتعلقة بالالتزام المكفول ( م ۸۸۲ مدنى) فهل يعتبر الدفع بالتحكيم من الدفوع الملازمة للدين، وبالتالي يمكن أن يتمسك به بنفس الطريقة التي يتمسك بها المدين في مواجهة الدائن، وهل يجوز لهذا الأخير الاحتجاج به في مواجهة الكفيل ؟ وهل يمكن تعميم القاعدة المستمدة من نص المادة ٧٩٤ مدنى إلى الدفع بالتحكيم كدفع إجرائي بغض النظر عن أساس هذه القاعدة المستمد من ضرورة تأثر الكفالة بأسباب انقضاء الالتزام الأصلي؟
أما بشأن خطاب الضمان فهل يختلف مركز مصدر خطاب الضمان بوصفه ضامنا مستقلا أو ضامن مقابل عن مركز الكفيل البسيط أو المتضامن ؟ وخاصة أنه قد ينشأ عن النوع الأول من الضمان عدة روابط قانونية تتميز كل منهما باستقلالها عن الأخرى من الناحية القانونية، وإن كانت ترتبط بعضها بالبعض من الناحية الاقتصادية.
ومن ناحية أخرى فقد يرد شرط التحكيم في العقد الأصلي الذي يربط العميل الأمر والمستفيد ثم يوجد شرط تحكيم آخر في العقد الذي يربط بين البنك الضامن لعميله وبنك آخر ضامن له ويسمى ( بضامن الضامن) أو (بالضامن المقابل)، وقد يعهد بحل النزاع الناشئ عن العقدين إلى مركز تحكيم واحد فتثور مشكلة إمكانية ضمهما، وخاصة أنه يوجد ثمة إرتباط بين التحكيمين ؟.
أما على الصعيد الإجرائي فإن الأصل فى خصومة التحكيم تحول دون إعمال القواعد المعمول بها فى قانون المرافعات فالتحكيم كتصرف إجرائى تنصرف آثاره إلى طرفيه وتنصرف عبارة ( طرفي التحكيم) على أطراف التحكيم ولو تعددوا م ١/٤ من قانون التحكيم.
وهذا التعدد قد يكون قبل بدء خصومة التحكيم كأثر لوجود عقد متعدد الأطراف وهنا يثور التساؤل عن صور هذا التعدد ؟ وما هي آثاره ؟ فقد يلتجئ جميع الأطراف إلى التحكيم فتثور مشكلة كيفية اختيار هيئة التحكيم، وقد ينشأ عن هذا التعدد عدة تحكيمات فتثور المشكلة في كيفية ضمها، وقد يكون التعدد بعد بدء خصومة التحكيم مما يجعل من الصعب انصراف أثر إجراءاتها إلى غير أطرافها، والأخذ بفكرة الخصم التبعي والأمر بادخال الغير وإلزامه بالاشتراك أو المشاركة فيها حتى لو خول أطرافها هيئة التحكيم مثل هذه السلطة، لأن السلطات التي يعهد بها الأطراف للمحكمين لا تصل إلى حد تخويلهم سلطة الأمر، وعلى فرض اتفاق الأطراف على ذلك فإن الغير له دائما أن يرفض الاشتراك في تحكيم لم يشارك في اختيار هيئته ولكن الأمر يتوقف على تحديد مفهوم الغير المتدخل أو المطلوب إدخاله ومدى جواز الاتفاق على ذلك بين الأطراف والغير وهيئة التحكيم، ثم يثور التساؤل حول مدى جواز تدخل وإدخال الغير في خصومة بطلان حكم التحكيم ؟.