الكفالة هي عبارة عن عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه ، ويلاحظ أن الكفالة تجوز بغير علم المدين وتجوز أيضا رغم معارضته ، أي أن الكفالة من الممكن إجازتها سواء رضي المدين أم لم يرضى.
أيضا فإن عقد الكفالة يختلف عن العقد الأصلي ، وذلك لأن الكفالة هي عقد بين الدائن والكفيل ، وهو يعتبر من الغير النسبه لعقد الدين الأصلي .
أما العقد الأصلى للدين فهو ذلك العقد الموقع بين الدائن والمدين الأصلى ويعتبر الكفيل من الغير بالنسبة لذلك العقد وبالتالي إذا كان العقــــد الأصلي الموقع بين المدين والدائن يوجد فيه اتفاق على التحكيم بشأن أى نزاع ينشأ بينها فإن الكفيل يكون من الغير بالنسبه لهذا الاتفاق ولا يمتد إليه أثر اتفاق التحكيم وهذا وفقا للنظرية التقليديه ومبدأ نسبية أثر العقود ، وباعتبار أن اتفاق التحكيم هو عبارة عن عقد - كما سبق لنا القول – فإنه لا يمتد إلى الكفيل على أساس أنه ليس طرف في عقد الدين وذلك وفقا لمبدأ نسبية العقود .
مدى إمكانية تمسك الدائن باتفاق التحكيم في مواجهة الكفيل
تنص المادة ۷۷۲ من القانون المدني على أن الكفالة هي ( عقد بمقتضاه يكفل شخص بتنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن بأن بالوفاء بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه) أى أن الكفالة هي عبارة عن عقد اتفاق بين الدائن وبين الكفيل على أن يقوم الأخير بالوفاء بالدين نيابه عن المدين وذلك في حالة عدم وفائه بالسداد . ويعتبر الكفيل من الغير بالنسبة للعقد المبرم بين الدائن والمدين أى هو من الغير بالنسبة لعقد الدين الأصلي .
والسؤال إذا كان هناك اتفاق تحكيم منصوص عليه في عقد الدين الأصلي الموقع بين المدين والدائن فهل من الممكن أن يحتج الدائن على الكفيل بموجب اتفاق التحكيم المبرم بينه وبين المدين ؟ أو بمعنى آخر هل يجوز للدائن أن يتمسك باتفاق التحكيم المبرم بينه وبين المدين ) عقد الدين الأصلي ) في مواجهة الكفيل ؟
مما سبق يتضح لنا أن الكفالة هي عقد بين الكفيل والدائن ، ، أما المدين الأصلي فهو ليس طرفا في عقد الكفالة ، بل إن كفالة المدين تجوز بغير علمه ، وتجوز أيضا رغم معارضته وذلك طبقا لما جاء فــي نـص المادة ٧٧٥ من القانون المدني والتي تنص على أنه ( تجوز كفالة المدين بغير علمه ، وتجوز أيضا رغم معارضته ) .
بداية وقبل الحديث عن مدي تمسك الدائن في مواجهة الكفيل باتفاق التحكيم المبرم بينه وبين المدين ، يجب الإشارة إلى أن المشرع لم يشترط في قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنه ۱۹۹٤ إلى أى أحكام بشأن الكفالة في اتفاق التحكيم ، ونظر لذلك فإن الكفالة في التحكيم سوف ينطبق عليها مــا ينطبق على عقود الكفالة بوجه عام والواردة في القانون المدني .
وبناء عليه وطبقا للقواعد العامة في القانون المدني فإنه يجـب التفرقة بين التزام الكفيل و التزام المدين وذلك لوجود إختلاف بين كل منهما عن الأخر .
أولا : بالنسبة لالتزام المدين فإن مصدره هو عبارة عن العلاقـه الأصليه بينه وبين الدائن ، وبالتالى فإن محل الالتزام المدين فهو الدين نفسه .
مدى الإحتجاج باتفاق التحكيم فى مواجهة الكفيل في قوانين دول الخليج العربي :
الكفالة هي عبارة عن عقد يتم فيه الاتفاق بين الكفيل والدائن على أن يضمن فيه دين المدين وفي حالة عدم قيام المدين الأصلى بالسداد ينوب هو عنه في السداد ويقوم بأدائه أى أن الكفيل يلتزم بدفع دين المدين الأصلى .
وقد نصت المادة ٤٧٥ من القانون المدني الكويتي على أن (الكفالة عقد بمقتضاه يضم شخص ذمته إلى ذمة المدين في تنفيذ الترام عليه ، بأن يتعهد للدائن بأدائه إذا لم يؤده المدين ) ، ونصت المادة ٧٥٢ من القانون المدني الكويتى على أنه ( تشكل الكفالة الالتزام المكفول وتوابعه ) ، ونصت المادة ٧٥٤ من القانون المدني الكويتي على أنه ( للكفيل أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين ) ، ونصت المادة رقم ٧٦٧ مــن القانون المدني الكويتي على أنه ( يجوز للكفيل المتضامن أن يتمسك بمــا يتمسك به الكفيل غير المتضامن من دفوع متعلقه بالدين ) ، أيضا ونصت المادة رقم ۷۷۰ من القانون المدني الكويتى على أنه ( للكفيل الذي وفي الدين أن يرجع على المدين ، بما أداه من أجل الدين وتوابعه ) .
ونص القانون الإماراتى في المادة رقم ١٠٥٦ على أن الكفالة هي عبارة عن [ ضم ذمه شخص هو الكفيل إلى ذمة المدين في تنفيذ التزامه ) ، ونصت المادة رقم ١٠٦٧ على أنه ( تشمل الكفالة ملحقات الدين ومصروفات المطالبة ما لم يتفق على غير ذلك ) .
وبناء عليه فإنه إذا ما أبرم اتفاق تحكيم بين الدائن والمدين الأصلي ، فإن هذا الاتفاق لا يسري في مواجهة الكفيل الذي لا يعد طرفا في ذلك الاتفاق ، وذلك لأن التزام الكفيل ليس له علاقة بعقد المدينونيه بين الدائن والمدين الأصلى والمتضمن شرط التحكيم ، وأيضا لأن التزام الكفيل ينشأ بعقد خاص يتم إبرامه بينه وبين الدائن . وفي هذه الحالة فإن اتفاق التحكيم لا يمتد إليه .
أما إذا كانت الكفالة منصوص عليها في نفس عقد المديونية الأصلي الموقع عليه من الدائن والمدين الأصلي وكان هذا العقد يحتوي على اتفاق التحكيم وقبل الكفيل هذا العقد كما هو بما فيه اتفاق التحكيم .
فإنه في هذه الحالة يكون من الممكن أن يحتج في مواجهته باتفاق التحكيم كما أنه أيضا يكون له الحق في الإحتجاج باتفاق التحكيم فــــي مواجهة الدائن .
وفي حالة وفاء الكفيل بالدين للدائن فإنه في هذه الحالة أيضا له أن يحل محل الدائن في حقه وفي شرط التحكيم في مواجهة المدين المكفول ، ويكون له الحق أيضا في الرجوع عليه عن طريق التحكيم .
إلا أنه يلاحظ أن هناك جانب من الفقه يري أن مجرد علم الكفيل بوجود شرط التحكيم في العقد الأصلي ليس سببا كافيا لمد أثر اتفاق التحكيم إلى الكفيل ، لأن ذلك يخالف صريح القانون الذي يشترط أن يكون شرط التحكيم مكتوبا ، أى موقعا عليه من قبل الملتزم به .
بالإضافة إلى ما سبق فإنه يجب ملاحظة أن الكفيل المتضامن له أن يتمسك بكافة الدفوع التي تتعلق بالدين وهذا وفقا لنصوص القانون على أنه يجوز للكفيل المتضامن أن يتمسك بما يتمسك به الكفيل غير المتضامن من دفوع تتعلق بالدين ، وذلك لأن الكفيل غير المتضامن له أن يتمسك بجميع الأوجه التي يتمسك بها المدين وذلك لأن الكفيل المتضامن له أن يحتج بأوجه الدفع التي يأتي من ضمنها الدفع بوجود اتفاق التحكيم .
مدى إمكانية تمسك الكفيل باتفاق التحكيم في مواجهة الدائن
إذا كان من حق الكفيل أن يتمسك في مواجهة الدائن بالدفوع الـتــــي يستطيع المدين التمسك بها ضد الدائن، وذلك وفقا لنص المادة ٧٨٢ من القانون المدني والتي تنص على أنه : ( يبرأ الكفيل بمجرد براءة المدين وله أن يتمسك بجميع الأوجه التي يحتج بها المدين ) .
وبناء عليه يتضح لنا أن الكفيل وفقا للقواعد العامة الواردة فـــي القانون المدني له أن يتمسك في مواجهة الدائن بكافة الدفوع التــــي تكـــــون للمدين الأصلي في مواجهة الدائن ، وذلك ما لم تكن هذه الدفوع متعلقة بشخصية الدائن ، إلا أن هذه الدفوع تقتصر على الدفوع الموضوعيه المرتبطة بالدين التي تؤدى إلى انقضائه أو إنقاصه ، ومن ذلك ( الوفاء - التجديد - الإبراء - المقاصة ، اتحاد الذمة ) .
ولذلك فإن تمسك الكفيل بشرط التحكيم المدرج في العقد المبرم بين الدائن والمدين يرتبط بتحديد مفهوم تلك الدفوع الخاصة التي يجوز للكفيل التمسك بها في مواجهة الدائن .
وطالما أن اتفاقه التحكيم لا يؤدى إلى هذه النتائج ولا يتعلق بالدين المكفول نفسه فإنه لا يجوز للكفيل أن يتمسك به في مواجهة الدائن .
إلا أنه يجب ملاحظة : إذا كان الأصل في الكفيل أنه أجنبيــا عـن اتفاق التحكيم ولا يتقيد به ولا يستفيد منه كما سبق وأن أوضحنا – إلا أن ذلك لا يمنع من إمكان دخول الكفيل طرفا في هذا الاتفاق ، وذلك على نحو يعطى للدائن حق التمسك باتفاق التحكيم في مواجهة الكفيل ، وأيضا يعطى للكفيل التمسك باتفاق التحكيم في مواجهة الدائن في بعض الأحوال كما يلي :
الحالة الأولى : هي تلك الحالة التي ترد فيها الكفالة في العقـد الأصلي المنشىء لعلاقة الدائن بالمدين والمتضمن في نفس الوقـت اتفـاق التحكيم ذاته ، وبناء عليه وفي هذه الحالة فإن الكفيل يعتبر طرفا في اتفاق التحكيم وذلك بمجرد توقيعه على هذا العقد ( العقد الأصلي أى عقد المديونية ) . وبالتالي فإنه يكون ملتزما باتفاق التحكيم ، ويتم الاحتجاج به
في مواجهته وأيضا يستطيع الكفيل أن يحتج به في مواجهة الدائن
الحالة الثانية : وهي تلك الحالة التي قد تكون فيها الكفالة لاحقه على إبرام العقد الأصلي المتضمن لشرط التحكيم ، إلا أنه قد تم الإشارة في الاتفاق على الكفالة إلى هذا العقد المتضمن شرط التحكيم – أو تم الإشارة إلى وجود اتفاق التحكيم الوارد بهذا العقد على وجه الخصوص .
مدى إمكانية تمسك الكفيل باتفاق التحكيم في مواجهة المدين
من المستقر عليه في قواعد القانون المدني أن الكفيل عندما يقوم بالوفاء بالدين إلى الدائن ، فإنه يحل محل الدائن ، وذلك إعمالا للقاعدة العامة الواردة في نص المادة ٣٢٦ مدنى والتي تنص على أنه ( إذا قام بالوفاء شخص غير المدين حل الموفي محل الدائن الذي استوفي حقه ) .
بالإضافة إلى ذلك أيضا القواعد الخاصة بالكفالة والتي نص المشرع عليها في المادة ۷۷۹ مدنى ، والتي تنص على أنه ( إذا وفي الكفيل بالدين ، كان له أن يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق قبل المدين ) .
والسؤال هو هل يجوز للكفيل أن يتمسك بشرط التحكيم المبرم بين المدين والدائن في مواجهة المدين ؟ الإجابة على هذا السؤال هي أنه عندما يقوم الكفيل بسداد قيمة الدين إلى الدائن فهو يستطيع الرجوع على المدين
الفرض الثاني : هو رجوع الكفيل على المدين بالدعوى الشخصية أو دعوى الإثراء بلا سبب ، حيث يستند الكفيل في رجوعه على المدين لإستيفاء قيمة ما وفاه للدائن على حقه الشخصي المستمد من عقد الكفالة - إلا أن هذه الدعوي لها شروط يتم النص عليها في المادتين ۸۰۰ ، ۷۹۸ من القانون المدنى ، تنص المادة ٨٠٠ على أنه : ( ١- للكفيل الذي وفي الدين أن يرجع على المدين سواء كانت الكفالة قد عقدت بعلمه أو بغيـر علمه ۲ - ويرجع بأصل الدين وبالفوائد والمصروفات علــــى أنـــه فـــي المصروفات لا يرجع إلا بالذي دفعه من وقت إخباره المدين الأصلي بالإجراءات التي اتخذت ضده - ويكون للكفيل الحق في الفوائد القانونية عن كل ما قام بدفعه إبتداء من يوم الدفع ) .
وتنص المادة ۷۹۸ على أنه ( ١ يجب على الكفيل أن يخطـر المدين قبل أن يقوم بوفاء الدين وإلا سقط حقه في الرجوع على المدين إذا كان هذا قد وفي الدين أو كانت عنده وقت الاستحقاق أسباب تقضى ببطلان الدين أو بإنقضائه -۲ فإذا لم يعارض المدين في الوفاء ، يبقى للكفيل حقه في الرجوع عليه ولو كان المدين قد دفع الدين أو كانت لديه أسباب تقضى
ببطلانه أو بإنقضائه ) .
وهكذا يتضح لنا من خلال هاتين المادتين أن الشروط التي يجب توافرها حتى يباشر الكفيل الدعوى الشخصية المستندة على عقد الكفالة ضد المدين هي 1-انعقاد الكفالة لمصلحة المدين ودون اعتراض منه ۲ -وقيام الكفيل بالوفاء بالدين وعدم دفوع خطأ من الكفيل في الوفـاء سـبب ضررا للمدين 3 حلول أجل الدين .
وقد يرجع الكفيل على المدين بموجب القواعد العامة في القانون المدني إذا لم تتوافر شروط مباشرة دعوي الكفالة السابق الإشارة إليها وذلك وفقا لما هو منصوص عليه في المادة ٣٤٢ والتي تنص على أنه (۱- إذا قام الغير بوفاء الدين ، كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه ۲ - ومع ذلك يجوز للمدين الذي حصل الوفاء بغير إرادته أن يمنـــع رجـــوع الموفي بما وفاه عنه كلا أو بعضا ، إذا أثبت أن لـه أيــه مصلحة فـــي الاعتراض على الوفاء ) .
والخلاصة : أن الكفيل سواء رجع على المدين بالدعوى الشخصية يستند على عقد الكفالة والغير متضمن شرط التحكيم أو بدعوى الإثراء بلاسبب والتي تكون على أساس المسئولية التقصيرية والتي لا شأن لها بشرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي فإنه الكفيل ) في كلتا الحالتين لا يستطيع أن يتمسك في مواجهه المدين بشرط التحكيم الوارد في العقد
الأصلي ، وبناء عليه فإنه يكون من الغير بالنسبة لهذا العقد وبالتالي فإن آثار اتفاق التحكيم لا تمتد إليه .