الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • اتفاق التحكيم / الكفالة ( خطاب الضامن ) / الكتب / الاتجاهات الحديثة في ارتباط المنازعات في خصومة التحكيم / امتداد شرط التحكيم إلى الكفيل

  • الاسم

    هدى محمد مجدي
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    54

التفاصيل طباعة نسخ

امتداد شرط التحكيم إلى الكفيل

    ليس من شأن انتقال الالتزام من المدين إلى الكفيل امتداد شرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي إلى عقد الكفالة حتماً، فالكفيل إذا أجاز التصرف المنشئ للالتزام فإنه يصير طرفاً فيه وينصرف إليه شرط التحكيم الوارد به باعتباره جزء من الالتزام إذا انصرفت إرادته إلى ذلك.

     فإجازة الكفيل للتصرف ينصب على العقد الأصلي ويتحدد التزامه في حدود أداء المدين لالتزامه، وهذا ما قبله من تعويض الدائن عن الضرر الناجم عن عدم أداء المدين لالتزامه ،وهذا  بمجرده وذاته لا يجمله طرفاً في خصومة التحكيم ما لم تنصرف إرادته إلى قبول الالتزام برمته مشتملاً على شرط التحكيم.

     فالتنظيم الفني لخصومة التحكيم والأساس الاتفاقي لها يحول دون ولوج الغير لخصومة التحكيم دون رضاء بل وبشرط قبول باقي الخصوم تبعاً لمصالحهم المتباينة والتي قد تتوحد فيما يتعلق بتدخل الكفيل، وترتيباً على ذلك فلا يحق للدائن الاحتجاج بشرط التحكيم في مواجهة الكفيل ما لم يثبت قبول الكفيل لهذا الشرط على نحو أو آخر.

   وقد انتهت محكمة النقض الفرنسية إلى أنه لا يمكن التمسك بشرط التحكيم الوارد في العقد الأصلي أو يحتج به في مواجهة الكفيل لأنه ليس طرفاً في العقد الأصلي، وليس لأنه يجهل وجود شرط التحكيم .

     وهذا مفاده أنها اشترطت صدور رضاء صحيح من الكفيل على نحو يجعله طرفاً في شرط التحكيم، ولا يكفي مجرد العلم بوجود هذا الشرط.

      مع ملاحظة أنه عند قيام الكفيل بالسداد فإنه يحل محل الدائن في جميع ماله من حقوق قبل المدين ويكون للكفيل حق الرجوع على المدين بحق الدائن نفسه بما له من خصائص وما يلحقه من توابع ومنها الدعاوى التي تحميه .

   فالحق في الدعوى ينتقل إلى الكفيل بالحالة التي كان عليها قبل الحلول فهنا يفرض شرط التحكيم نفسه على الكفيل ويلتزم به عند الرجوع على المدين ما لم يتنازل عنه الطرفان .

     هذا من الناحية النظرية أما إذا أخذنا في الاعتبار أن الدائن من الناحية العملية لا يرجع على الكفيل إلا بعد الرجوع على المدين ويكون هذا الرجوع من خلال شرط التحكيم الوارد في العقد المبرم بينهما، فإن هذا الشرط يستنفذ وجوده يصدور حكم التحكيم في موضوع النزاع ولا يكون أمام الكفيل إن لم يتدخل في هذه الخصومة أو يقبل إدخاله فيها سوى الرجوع على المدين بدعوى قضائية ما لم يكن متيناً في عند الكفالة ذاته على اللجوء إلى التحكيم وهذا أمر آخر.

    مع ملاحظة أن الكفيل القانوني والقضائي يكون متضامناً المدين وهنا يكون إدخاله في خصومة التحكيم أمراً مقبولاً بل ومطلوباً من الجميع. أما الكفيل الاتفافي فيختلف مركزه عن المدين المتضامن لأن التزامه تبعياً، كما يلاحظ أنه يحتج على الكفيل بالحكم الصادر في خصومة التحكيم بطبيعية الحال.

    ويقترب من مركز الكفيل مركز البنك مصدر خطاب الضمان، فالبنك يتحمل مباشرة وفي مواجهة المستفيد بالتزام نهائي لا رجوع فيه بعد إصدار خطاب الضمان ووصوله إلى علم المستفيد.

    ولا يملك البنك رفض الوفاء بقيمته عندما يطلبها المستفيد حتى ولو عارض العميل، وهو ما يعرف بأن التزام البنك مجرداً فلا يملك التمسك في مواجهة المستفيد بأية دفوع مستمدة من علاقته بعميله أو من علاقة المستفيد بالعميل باعتبار أن التزام البنك التزاماً أصلياً وليس تابعاً كالتزام الكفيل.

      وفي هذا الصدد قررت محكمة التحكيم في إطار غرفة التجارة الدولية بأنها لا تملك سلطة الحكم إلا في مواجهة الأطراف دون الحكم على البنك الضامن الذي لا يعتبر طرفاً في الإجراءات، فالعقد المبرم بين البنك الضامن والمستفيد يستقل تماماً عن العقد الأصلي، ومن ثم لا يعتبر البنك الضامن أو الضامن المقابل طرفاً في العقد الأصلي أو شرط التحكيم الذي تضمنه ما لم يقبل الانضمام اختياراً  لخصومة التحكيم .

    ومن هنا يثور التساؤل حول القيمة القانونية لتعهد العميل في العقد الأصلي على امتداد شرط التحكيم للمنازعات المتعلقة بخطاب الضمان ومدى الزام البنك مصدر خطاب الضمان بهذا التعهد.

   أجابت محكمة باريس على هذا التساؤل بأن هذا التعهد من العميل بعد موافقة من البنك على اللجوء للتحكيم  ، ولم تعول على تخلف إرادة البنك.

    ونحن نرى أن اتفاق طرفي العقد على عرض كافة منازعاتهم على التحكيم بما في ذلك المنازعات الناشئة عن الكفالة أي الضمان ليس من شأنها إقحام البنك الضامن في هذه الخصومة فهو من الغير الأجنبي ويقتصر جل التزامه على دفع قيمة خطاب الضمان للمستفيد.

    هذا ونظراً لأن نصوص غالبية قوانين التحكيم وبعض لوائح مؤسسات التحكيم للمحكم أو الهيئة التحكيم اتخاذ الإجراءات التحفظية، اعتبرت العديد من الأحكام أن وقف صرف قيمة خطاب الضمان تعد من ضمن هذه الإجراءات التحفظية، رغم أن البنك يعد من الغير بالنسبة لخصومة التحكيم.

     فالتزام البنك مستقل ولا صلة له بشروط تنفيذ العقد الأصلي فلا يملك العميل منع البنك من تنفيذ التزامه حتى ولو صح ادعائه بأنه أوفى جميع التزاماته قبل المستفيد المتعسف.

     فضلاً عما يحتاجه هذا الأمر من سلطات يفتقر إليها المحكم التقيد سلطاته بالمقارنة بسلطة القضاء غير المحدودة إزاء أطراف الخصومة القضائية والغير. ولما يتمتع به من سلطات قسرية.