اتفاق التحكيم / الاشتراط الى مصلحة الغير / الكتب / الاتجاهات الحديثة في ارتباط المنازعات في خصومة التحكيم / امتداد شرط التحكيم في نظام الاشتراط لمصلحة الغير :
امتداد شرط التحكيم في نظام الاشتراط لمصلحة الغير :
القاعدة في ضوء نصوص التشريع المصري هي حرية التصرف الإرادي طالما لا يصطدم بنص آخر يمنعه لأن كل ما ليس ممنوعاً فهو جائز، ونظراً لتغلفل النظرة الشخصية للالتزام إلى نظرية التصرف القانوني فقد اعتبر المستفيد من الغير، وبالتالي اعتبر خروجاً على مبدأ النسبية.
وعلى خلاف ذلك برى البعض أن ما صور نظام الاشتراط على أنه استثناء على مبدأ النسبية لم يكن المبدأ ذاته وإنما تفسير هذا المبدأ وبصفة خاصة في ضوء صياغة المادة 145 التي قصرت آثار العقد على العاقدين، والمستفيد ليس عاقداً، ومن ثم تكون إفادته من العقد بمثابة خروج على المبدأ.
فمفهوم مبدأ النسبية يعني حظر امتداد اثر قانوني معين لشخص نقضي فمفهوم المبادئ العامة بحمايته من أن يمتد إليه ومن منطلق التفرقة بين مفهوم الطرف والذي يتسع عن مفهوم العاقد، وطالما نشأ حق المستفيد من عقد الاشتراط ذاته يتوقف دخوله في ذمته على قبوله أي إبداء رغبته في الاستفادة من هذا الاشتراط. وإبداء الرغبة هو تعبير عن الإرادة ويكفي هذا التعبير حتى ترتب في حقه الآثار التي تترتب في حق الطرف في العلاقة كان طرفاً وليس غير.
فالمستفيد لا يتلقى أثر التصرف الذي أجراه المتعاقدان بسبب تلاقي إرادتهما التي أنشأت له هذا الحق، ولكن يتلقاه بسبب قبوله له ولا يصبح صاحب حق إلا من لحظة قبوله، وينتهي هذا الرأي في تحليله إلى أن الاشتراط يعد تطبيقاً القاعدة نسبية الاتفاقات وليس استثناء عليها، وأن المستفيد يعتبر طرفاً وليس غيراً بالنسبة لعقد الاشتراط والذي بعد صورة من صور العلاقات الثلاثية في النشأة والاثر .
ويساعد على استيعاب هذا التصور إذا كان المنظور لنظام الاشتراط في نطاق أكثر رحابة من نظرية العقد وهو التصرف القانوني فأثر العقد بين المشترط والمتعهد هو إنشاء الالتزام أما إضافته لذمة المستفيد كحق اكتسبه فيتم بتصرف آخر هو تعبير المستفيد عن إرادته بقبوله حتى ولو كان قبولاً ضمنياً يستفاد من عدم الاعتراض صراحة وبذلك يصبح طرفاً في العقد رغم أنه ليس متعاقداً، فليس من المنطقي اعتبار المستفيد من الغير لأن الآثار التي يرتبها عقد الاشتراط لا تتلاءم مع اعتباره من الغير، فالمشرع في المادة 156 أجاز أن يكون المستفيد شخصاً أو جهة لم يعينا في العقد متى كان تعيينهما ممكناً في وقت إنتاج العقد لأثره.
فالمستفيد ينشأ له حق مباشر في العقد، وطبقاً للمادة 154 / 2، للمستفيد الحق كقاعدة في المطالبة بحقه في مواجهة المتعهد دون حاجة لتدخل المشترط ما لم ينص العقد على خلاف ذلك، فيكون للمشترط وحده حق المطالبة بالتنفيذ، وقد يتفقا على أن يكون لأي منهما حق المطالبة بالتنفيذ.
وهذا الحق الذي ينشأ للمستفيد تحميه الدعوى المباشرة في مواجهة المتعهد المطالبته بالتنفيذ وطبقاً للمادة 154 / 2 للمتعهد أن يتمسك قبله بالدفوع التي تنشأ عن العقد والتي يملك التمسك بها في مواجهة المشترط كبطلان عقد الاشتراط لعدم أهلية المشترط أو نقصها أو تعيب الإرادة أو الدفع بعدم التنفيذ إذا كان المشترط لم ينفذ التزامه قبله.
كما يستطيع المستفيد استعمال التأمينات المقدمة من المتعهد ضماناً لتنفيذ الاشتراط ما لم تكن مقررة لمصلحة المشترط فقط والعبرة في ذلك بالاتفاق. فالمستفيد طرف لأن عقد الاشتراط إن كان صورياً جاز للمتعهد أن يتمسك قبل المستفيد بالصورية حتى ولو كان المنتفع حسن النية لا يعلم بصورية العقد.
ولو اعتبر المستفيد غيراً لتمسك بالعقد الظاهر ولما احتج عليه بالصورية فمفهوم الغير في الصورية يتحدد بأن حقى الغير الذي يريد حمايته ليس مستمداً من العقد الصوري ذاته ولما كان حق المستفيد ناشئ من عقد الاشتراط المدعي صوريته، لذا لا يعتب غيراً بالنسبة له.