اتفاق التحكيم / امتداد اتفاق التحكيم الى الغير / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / خصومة التحكيم في منازعات عقود التجارة الدولية / امتداد أثر اتفاق التحكيم إلى الغير
إن الاتفاق على التحكيم في صورته العادية هو اتفاق بين الطرفين على فض المنازعات التي قد تنشأ بينهما أو نشأت بالفعل بالطرق السلمية المتمثلة في التحكيم وترك الطريق العادي وهو طريق القضاء، فهل يجوز أن يتعدى أثر اتفاق التحكيم لأطراف آخرين غير موقعين على اتفاق التحكيم؟! إن اتفاق التحكيم متعدد الأطراف هو ذلك الاتفاق الذي يتعدد فيه أطراف التحكيم ويكون لكل طرف في الاتفاق مصالح متباينة عن الطرف الآخر، وهذه المصالح إما أن تكون متماثلة في بعضها وإما أن تكون مختلفة تمام الاختلاف عن مصالح الطرف الآخر.
إن شرط التحكيم ينتقل مع الحق المحال به إلى المحال إليه وذلك مرهون بنفاذ الحوالة في حق المحال عليه (المدين). ويكون نفاذها بانتقال الحق المحال به بجميع صفاته ودفوعه وتوابعه، ويترتب على ذلك أن للمحال إليه أن يلجأ إلى القضاء لمطالبة المحال عليه بالوفاء بالحق المحال به لوجود شرط التحكيم، ومن حق للمحال عليه في هذه الحالة أن يدفع بعدم قبول الدعوى متمسكا بشرط التحكيم، بمعنى أن المحال إليه يصبح طرفاً في اتفاق التحكيم بالحوالة بعد نفاذها في حق المحال عليه (المدين) ويتقيد به، فإن لم تكن الحوالة قد أصبحت نافذة في حق المحال عليه (المدين) فإن شرط التحكيم لا يمتد إلى المحال له، ولا يعد طرفاً في اتفاق التحكيم . وقبول الحوالة لنفاذ الحوالة قد يكون صريحاً وقد يكون ضمنياً بكل عمل أو إجراء يقوم به المحال إليه وإن كانت ظروف الحال لا تدع شكاً في دلالته على القبول أو على الالتزام بالعقد وما يتضمنه من شرط التحكيم .
وهذا التعدد قد يحدث عند بدء الخصومة، والأصل في التعدد عند بدء الخصومة أن يكون اختيارياً للمحتكم، فهو الذي يحدد أطراف اتفاق التحكيم الذين يرفع عليهم الدعوى التحكيمية، ولكن قد يكون هذا التعدد إجبارياً ليس متروكاً لإرادة الأطراف، فالخصومة لا تستقيم والدعوى لا تقبل إلا بأطراف متعددين، ويكون ذلك إذا تطلب القانون اختصام أشخاص معينين كما هو الحال في دعوى قسمة المال الشائع، إذ يجب أن يختصم فيها جميع الشركاء، فلا يجوز إبرام اتفاق تحكيم بين بعض الشركاء فقط لعرض قسمة المال الشائع على التحكيم، وإنما يجب أن يبرم الاتفاق بين جميع الشركاء، فإن تم رفع الدعوى التحكيمية ضد البعض دون البعض الآخر، فإن على هيئة التحكيم تكليفه باختصام الباقين في ميعاد تحدده، فإن لم يفعل فعلى الهيئة أن تقضي بعدم قبول الدعوى. وقد يحدث التعدد بعد بدء الخصومة، من خلال تدخل الغير فيها أو اختصامه من قبل أحد الخصوم أو إدخاله .
ويلاحظ أنه لا توجد مشكلة إذا كان من وقع على اتفاق التحكيم له قانوناً تمثيل باقي الأفراد الذين يراد التمسك باتفاق التحكيم في مواجهتهم، كما هو الحال بالنسبة لقيام أغلبية الملاك على الشيوع ممن لهم قانون حق التصرف في المال الشائع ببيع المال الشائع بأكمله مع الاتفاق على التحكيم بالنسبة للمنازعات التي تنشأ عن هذا البيع، فعندئذ يكون اتفاق التحكيم ملزماً لجميع الملاك على الشيوع بمن فيهم من لم يوافق على العقد أو على اتفاق التحكيم لأن الموضوع لا يقبل التجزئة، ولهذا فإن الدعوى ترفع بالنسبة للجميع أمام هيئة التحكيم . بينما ذهب الفقه الفرنسي على خلاف ذلك، حيث يرى وجوب احترام شرط التحكيم فقط لمن كان طرفاً فيه ولو كان الموضوع لا يقبل التجزئة..
وعلى عكس ذلك ذهبت بعض أحكام القضاء الفرنسي إلى أن الشركة التي لم توقع على شرط التحكيم لا تعد طرفاً فيه ولو كان العقد المبرم بين إحدى الشركات التي تنتمي إليها والغير قد تضمن شرط التحكيم طالما توقع هي عليه وإن كانت قد ساهمت في المفاوضات التي مهدت لإبرام العقد الأصلي ، حتى ولو كانت كل من هذه الشركات تتمتع بشخصية قانونية مستقلة تأسياً على وحدة الرابطة التي تجمع هذه الشركات من الناحية الاقتصادية.